إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات عسكرية / استيلاء نابليون على موسكو، (يونيه – ديسمبر 1812)





ليبزيغ 1813
معركة سمولنسك 1812م
حملة 1813 (1)
حملة 1813 (2)




استيلاء نابليون على موسكو

3. موقعة بورودينو Borodino

في نهاية أغسطس 1812، استقر عزم القيادة الروسية على إسناد منصب القيادة العليا للقوات الروسية إلى كوتوزوف Kutusoff، بدلاً من باركلاي، وكان كوتوزوف، في ذلك الوقت، في السابعة والسبعين من عمره، محنكاً خبيراً محبوباً من الجنود والضباط. وكان من البدانة بحيث يلزم لحركته عربة خاصة تجرها الخيول. احتفظ كوتوزوف بكل من باركلاي وبجراسيون، قائدين للجيشين الأول والثاني، ورأى أنه لا بد، مع الحيطة والحذر، من مواجهة نابليون، وإحراز شيء من النصر، يرفع الروح المعنوية للروس، ورأى تحسن الأوضاع والظروف المواتية لذلك، ومنها:

أ. إبرام الصلح مع الأتراك، وما نتج عنه من تفرغ الجيش الروسي في منطقة الدانوب، بقيادة الجنرال شيشاكوف، لقطع خطوط إمدادات القوات الفرنسية.

ب. عودة السلام بين السويد وروسيا، ومن ثم اطمئنان الروس على حدودهم الشمالية.

ج. انتصار الجنرال الإنجليزي ولِّنجتون على الفرنسيين، في معركة سلامنكا في أسبانيا.

وقع اختيار كوتوزوف على قرية صغيرة، تسمّى بورودينو، تبعد نحو 120 كم، إلى الغرب من موسكو، تطل على نهر موسكوفا. وهناك أقام تحصينات للمقاتلين والمدفعية على تل مرتفع يشرف على الطرق المؤدية إلى القرية. وعهد إلى الجيش الأول بواجب الدفاع عن الجزء الشمالي من القطاعات المتوسطة، وإلى الجيش الثاني بالدفاع عن بقية الجبهة.

في 6 سبتمبر، وبعد استطلاع الأوضاع، قرر نابليون القيام بهجوم تمويهي تجاه القطاع الشمالي؛ بهدف جذب انتباه كوتوزوف إلى الميمنة، ثم عقب ذلك، توجيه القوات الأكبر ضد جيش بجراسيون، مع حركة التفاف لتطويق الدفاعات الروسية من جهة الجنوب. وكان أشد ما يقلق نابليون هو أن ينسحب الروس هذه المرة كذلك؛ فيحرمونه من فرصة كسب معركة كان يتوق إليها.

بعد ليلة باردة، قضاها أفراد الجيشين، يستدفئون حول النار، بدأت المعركة، في الخامسة صباحاً، بقصف متبادل كثيف من مدفعية الطرفين، وزحف الفيلق الفرنسي بقيادة يوجين، وألقى بثقل هجومه على القطاع الشمالي، واحتل قرية بورودينو. وزحف الفيلق الفرنسي الآخر، بقيادة ناي وموران مهاجماً القطاع الجنوبي، ولكنه لقي مقاومة شرسة مريرة من جانب قوات بجراسيون. وعمد كوتوزوف إلى تعزيز الميسرة ودعم بجراسيون، في ظل اشتداد عنف القصف المدفعي الفرنسي. وطلب ناي وموران الإمدادات من نابليون، ودعمهما بمدفعية الحرس الإمبراطوري. وتردد نابليون أولاً، وكان قد أصيب بحمى شديدة، ثم وافق في النهاية، وانضمت مدفعية الحرس الوطني بقيادة فريان. وفي النهاية تمكن الفرنسيون من إجلاء الروس عن القطاع الجنوبي، وسقط بجراسيون قتيلاً.

عند الساعة الثالثة بعد الظهر، كان النصر قد تحقق للفرنسيين، وأخذ الجيش الروسي ينسحب نحو الموسكوفا، انسحاباً منظماً، وأصدر نابليون أوامره بتعقبهم ومهاجمة مؤخرة الجيش الروسي، وإشعال النيران، ولكن الروس أفلتوا. واشتد تساقط الجليد والعواصف الشديدة. ونظر نابليون فإذا الجثث مكدسة فوق الجليد، ثلاثون ألف فرنسي، وستون ألف روسي تقريباً، وهو لم يكسب إلا الأرض القاحلة والطريق المقفرة إلى موسكو، وقد خسر، إضافة إلى الثلاثين ألف قتيل، ثلاثة وأربعين جنرالاً من خيرة قادته، منهم الكونت منبرون، والكونت كولانكور، ومائة وعشرة من الضباط، بين قتيل وجريح، من بينهم كمبير وبلوسون وماريون. وبينما كان الروس يستطيعون تعويض خسائرهم باستمرار، كان نابليون لا يستطيع بحال تعويض خسائره. ومن ثم يعد إخفاقه في إنزال الهزيمة الكاملة بالروس في بورودينو، عاملاً أساسياً في فشل حملته.