إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات عسكرية / القيادة والسيطرة، في الدفاع الجوي





منظومة الدفاع الجوي
المكونات الرئيسية لآلة "فون"
حلقات القيادة والسيطرة (3 حلقات)
حلقات القيادة والسيطرة (4 حلقات)
حلقات القيادة والسيطرة (5-6 حلقات)
مركز قيادة رادار الإنذار
مركز السيطرة والإنذار
مركز قيادة قطاع د/ جو
مركز القيادة الرئيسي لقوات د/جو




عـام

المبحث الثاني

تأثير التطور التقني على أنظمة القيادة والسيطرة، في الدفاع الجوي

زاد الاهتمام بالحرب الجوية، بشقيها الهجومي والدفاعي، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. وحدث تطور تقني كبير، في كل من وسائل الهجوم الجوي، ووسائل الدفاع الجوي. وكانت لهذا وذاك تأثيرات واضحة، على تطوير أنظمة القيادة والسيطرة.

أولاً: تطور وسائل الهجوم الجوي

جرى خلال النصف الثاني من القرن العشرين، رفع قدرات وسائل الهجوم الجوي في جميع المجالات. وزوِّدت المقاتلات بالمعدات، التي تُيسِّر لها تنفيذ مهامها بدرجة عالية من الدقة والتأثير، والأمان من نيران الدفاع الجوي، في الوقت نفسه. وازدادت سرعة الطائرات لتتجاوز سرعـة الصوت[1]. بينما لم تكن تزيد عن 350 ـ400 كـم/ ساعة، في الحرب العالمية الثانية. كما زُوِّدت الطائرات بالمعدات الملاحية، وأجهزة الرادار، والنظم الإلكترونية، التي تسمح لها بالطيران على ارتفاعات قريبة للغاية من الأرض، تصل إلى 30 م، وذلك لتجنب الاكتشاف بواسطة الرادار، ومفاجأة الدفاع الجوي، وحرمانه من زمن رد الفعل المطلوب، لتنفيذ اشتباكات ناجحة. كما جُهِّزت طائرات القتال بمعدات الرؤية والتصويب والقصف الليلي. ولزيادة تأمين طائرات الهجوم، سُلحِّت بصواريخ وقنابل جو/ أرض تُطلق من مسافات بعيدة، أي من خارج مدى الأسلحة أرض/ جو، إضافة إلى تزويدها بأجهزة الاستطلاع والإنذار التي تُحدِّد للطيار وقت وأسلوب المناورة، ونوع الإجراءات الإلكترونية المضادة، التي يستخدمها لتفادي نيران الدفاع الجوي المُعادي.

وقد زادت صعوبة مراكز العمليات الجوية، بظهور الطائرات الخفية، التي يتعذر اكتشافها بوسائل الاستطلاع المتيسرة في الوقت الحالي[2]. كما تطورت الإعاقة الإلكترونية لتصل إلى درجة من الكثافة، أو اتساع النطاق الزمني، الذي تعمل عليه، وسرعة رد الفعل، تزيد عشرات المرات عن قدراتها السابقة.

ثانياً: تطور وسائل الدفاع الجوي

لمواجهة تطور وسائل الهجوم الجوي، ظهرت، في الخمسينيات، الصواريخ الموجهة أرض/ جو، بقدراتها العالية على تدمير الطائرات. ثم حدثت تطورات مهمة في قدراتها في الستينيات، من حيث المدى، وطرق التوجيه. ونتيجة لاتجاه الطائرات إلى التحليق على ارتفاعات قريبة من الأرض،ظهرت الصواريخ التي تُطلق من الكتف، وتتميز بزمن رد فعل قصير جداً، مثل الصواريخ Red Eye, Stinger, Mistral، كما اكتسبت وحدات الصواريخ أرض/ جو، قدرة عالية على المناورة، وذلك بتركيب الصواريخ على عربات أو مجنزرات.

وقد أدُخلت عدة تحسينات على المدفعية المضادة للطائرات، أدت إلى زيادة السرعة الابتدائية للمقذوف، وقدرته التدميرية. كما زودت المدفعية المضادة بوسائل تسديد وإطلاق آلية، وأجهزة قيادة نيران إلكترونية.

وكذلك، تطورت قدرات أجهزة الرادار، وظهرت أجهزة الرادار بعيدة المدى، لاكتشاف الطائرات على الارتفاعات العالية والمتوسطة. ورادارات مُخصَّصة للكشف على الارتفاعات القريبة من الأرض. وأجهزة الرادار، التي تقيس الإحداثيات الثلاثة (الاتجاه والارتفاع والمسافة). كما ظهرت رادارات الإنذار المبكر المحمولة جوا، إضافة إلى رادارات الكشف فوق الأفق Over The Horizon OTH. وفي مجال المقاتلات الاعتراضية، ظهرت المقاتلات النفاثة الأسرع من الصوت، وسُلِّحت بأنواع مختلفة من الصواريخ جو/ جو، ووصل مدى هذه الصواريخ، إلى عشرات الكيلومترات.

ثالثاً: تطوير نظام القيادة والسيطرة

أدي التطور في وسائل الهجوم والدفاع الجوي ، وزيادة الاعتماد على عمليات الهجوم الجوي، في الحرب الحديثة، إلى حدوث تغييرات حادة في معركة الدفاع الجوي، من أهمها اتساع مسرح العمليات الجوية، ليشمل ـ ليس فقط جبهات القتال ـ وإنما العديد من الأغراض الحيوية المنتشرة في الدولة. وكذا إمكان حشد أعداد كبيرة من الطائرات للهجوم، في وقت واحد. كما زادت أجهزة الاستشعار التي، يعتمد عليها الدفاع الجوي، للحصول على ما يحتاجه من معلومات. وكل ذلك يؤدي إلى إغراق مراكز القيادة والسيطرة، بكمِّ هائل من البيانات، وعليها أن تُحِّول هذه البياناتData ، إلى معلومات Information مفيدة، تُعبِّر عن الموقف الجوي اللحظي in real time، وأن تُقدِّر الموقف، وتتخذ القرار، وتصدر المهام، وتتابع الموقف أولا بأول. بل عليها، أيضاً، أن تترك وقتا كافيا للوحدات المرؤوسة، لكي تتخذ، هي الأخرى، ما تحتاجه من إجراءات. غير أن تطور الطائرات وقدرتها على التحليق قريباً من الأرض، واستخدام الإعاقة الإلكترونية الكثيفة، إضافة إلى السرعة العالية للطائرات الحديثة، جعل الوقت المتيسر للدفاع الجوي محدوداً للغاية. كما أن الموقف الجوي أصبح يتغير، بشكل حاد ومفاجئ، وبسرعة الطائرة، التي تقترب من ثلاثة أضعاف سرعة الصوت[3].

رابعاً: عيوب النظام اليدوي

مما سبق يتضح، أن الأسلوب اليدوي في القيادة والسيطرة، أصبح قاصراً عن تلبية مطالب إدارة عمليات الدفاع الجوي، في المعركة الحديثة، لعدة أسباب، من أهمها الآتي:

1. تحليل المعلومات، وتقدير الموقف في أنظمة القيادة والسيطرة اليدوية، يتم ذهنياً بواسطة القادة وأطقم القيادة، وهو يحتاج إلى حسابات معقدة، تتداخل فيها مجموعة من العوامل الخاصة بالموقف الجوي، وبإمكانيات وكفاءة الوحدات المرؤوسة، ثم إجراء مقارنات بين الحلول والبدائل المختلفة. وكل هذا يفوق بكثير قدرة العقل البشري، الذي يحتاج إلى مساعدات، ووقت ـ غير متيسر ـ لتنفيذ ذلك.  

2. استخدام وسائل الاتصال التقليدية، والوسائل اليدوية في الرموز، (تشفير)، وفك رموز الأوامر والبلاغات والتعليمات، والتقارير بين مراكز القيادة، يستلزم الكثير من الوقت والجهد، ويؤدي إلى التأخير في الاستفادة من المعلومات، وفي تنفيذ الأوامر.

3. الأسلوب اليدوي في القيادة والسيطرة، يحد من الاستفادة الكاملة بإمكانيات أسلحة الدفاع الجوي الحديثة، نظراً لأن هذه الأسلحة تحتاج إلى حسابات، غاية في التنوع والدقة.

4. النظام اليدوي لا يحقق الاستخدام الآمن للمقاتلات الاعتراضية، داخل مناطق نيران الأسلحة أرض/ جو. ويُعقَّد إجراءات تنظيم التعاون بينهما، بسبب عدم دقه الموقف الجوي ووضوحه، في مراكز القيادة المختلفة.

خامساً: نظام القيادة والسيطرة الآلي

نتيجة لما سبق ذكره، من عيوب نظام القيادة والسيطرة اليدوي في الدفاع الجوي، أصبح من المحتم استخدام أحدث منجزات العلم، للتغلب على هذه العيوب، وتحقيق درجة عالية من كفاءة القيادة والسيطرة، تضمن التنفيذ الناجح لمهام الدفاع الجوي. وهذا ما يسمي بآلية القيادة والسيطرة، التي تستخدم فيها الحواسب وشاشات العرض الإلكترونية، ووصلات التبادل الرقمي للمعلومات، في مراكز القيادة على جميع المستويات، بما في ذلك مراكز القيادة والعمليات، ومصادر المعلومات.

سادساً: مزايا نظام القيادة والسيطرة الآلي

حقق التحول إلى استخدام القيادة والسيطرة الآلية، طفرة كبيرة في أداء الدفاع الجوي، للأسباب الآتية:

1. زيادة درجة الدقة في نقل وتداول وتحليل المعلومات، ودراسة الموقف الجوي، نظراً لغياب الأخطاء البشرية.

2. يمكن للنظام الآلي الاستمرار في العمل على مدار الساعة، دون أن يتأثر بما يصيب الإنسان من إرهاق، أو ملل، أو ضغوط عصبية، تقلل من كفاءته.

3. يزيح النظام الآلي عن كاهل أطقم مراكز القيادة، الواجبات والأعمال التي لا يجيدونها كبشر، والتي تحتاج منهم إلى وقت، مثل إجراء الحسابات المتشعبة، التي تشمل مجموعة كبيرة من العناصر. ولهذا، يوفر لهم الوقت اللازم، لاتخاذ القرار في الوقت المناسب. وعلى الرغم من أن الحواسب الإلكترونية، ليس لها قدرة العقل البشري على التوقع المسبق، لتطورات أعمال العدو، واحتمالات تغييرها، فإنها تتفوق على العقل البشري في حساب وتحليل وعرض، ما يقوم به العدو في موقف أو لحظة ما، وهذا يساعد أطقم مراكز القيادة على التنبؤ، بأعمال العدو القادمة.

4. يساهم النظام الآلي بفاعلية، وتكلفة زهيدة، في تدريب أطقم مراكز القيادة الرئيسية، ومراكز قيادة الوحدات، حيث يمكنه محاكاة Simulate أعداد كبيرة ومتنوعة من الهجمات الجوية، تتدرج في صعوبتها إلى أن تصل إلى أقصي درجات التعقيد. وبعد انتهاء التدريب يعرض ويحلل جميع البيانات الخاصة بالهجمة الجوية، وأداء وحدات الدفاع الجوي خلالها، ومقارنته بما كان يجب أن يحدث، ويستخرج الأخطاء التي ظهرت في أداء عناصر الدفاع الجوي. وتجري هذه المحاكاة الدقيقة، والتحليل التفصيلي، بتكلفة زهيدة.

5. يقلل النظام الآلي من تكلفة منظومة الدفاع الجوي، حيث يحتاج إلى عدد قليل من الأفراد لتشغيله. كما يقلل الاستهلاك غير المجدي للأسلحة والذخيرة والمعدات نتيجة لصحة القرارات ودقتها.

6. يحقق (يوفر) للدفاع المدني وقت أكثر في زمن الإنذار، مما يؤدي إلى تأمين أكثر للقطاع المدني.

سابعاً: تطور عناصر القيادة والسيطرة الآلية

اعتمد تطور نظم القيادة والسيطرة في الدفاع الجوي، على التطورات، التي حدثت في مكوناتها الأساسية، وشملت مصادر المعلومات، ووسائل الاتصال، والعرض، وكان لتطور الحواسب الإلكترونية فضل كبير في حدوثها. وقد أدت هذه التطورات، بدورها، إلى تطوير أسلحة الدفاع الجوي الإيجابية.

ثامناً: تطور مصادر المعلومات (اُنظر ملحق تطور مصادر المعلومات)

تطورت مصادر المعلومات (رادارات الاستطلاع والإنذار)، لكي تصبح خواصها الفنية والتكتيكية، قادرة على إنتاج المعلومات المطلوبة، والمناسبة للنظام الآلي، وذلك في المجالات الآتية:

1. زيادة مدى الكشف، خاصة على الارتفاعات القريبة من الأرض، وتحقق ذلك باستخدام أجهزة الرادار المحمولة جواً، ورادارات الكشف فوق الأفق.

2. تحسين قدرات أجهزة الرادار على الاكتشاف المستمر للطائرات، أمام خلفية كثيفة من الأصداء الثابتة Clutters، سواءً الناتجة عن اصطدام الشعاع بسطح الأرض، أو البحر، أو السحب، أو قطرات المطر.

3. زيادة دقة الرادار، وقدرته على الفصل بين الأهداف المتجاورة Resolution[4].

4. تحسين قدرات أجهزة الرادار،على مقاومة الإعاقة الإلكترونية Electronic Counter Measures ECM.

5. تطور قدرات الرادار على الاكتشاف الآلي للطائرات، باستخدام الدوائر الإلكترونية للمستخِرج الآلي للراصدت، التي تُحلِّل وتقارن باستمرار الإشارات الرادارية، بعد تحويلها إلى إشارات رقمية. ويعرض الحاسب الآلي الأهداف الجوية من هذه الإشارات، طبقا لمنطق رقمي، يزود به يدويا أو آلياً، وذلك مع المحافظة المستمرة على معدل ثابت للإنذار الكاذب.

تاسعاً: تطور الحواسب الإلكترونية

ظهر الحاسب الإلكتروني الأول عام 1946، واستخدمه الجيش الأمريكي. وكان اسمه "ENIAC" وكان وزنه 30 طناً، وشغل مساحة 1500 قدم2، واحتوي على 18 ألف صمام.

وفي عام 1948 ظهر حاسب إلكتروني آخر، أكثر تطوراً، سُمَّي حاسب VON، على اسم مخترعه العالم المجري "Von Neuman"، وتميَّز، عن سابقه، باحتوائه على وحدة لتخزين المعلومات. وكان يتكون من العناصر الرئيسية الآتية، التي مازالت قائمة حتى الآن، وهي: (اُنظر شكل المكونات الرئيسية لآلة "فون")

1. وحدة المعالجة المركزية Central Processing Unit CPU.

2. وحدة الذاكرة Memory.

3. وسائل تخزين البيانات Storage devices.

4. ملحقات الإدخال والإخراج Input/ Out – Put Peripherals.

عاشراً: طريقة عمل الحاسب

يُغذَّي الحاسب بالبيانات، من خلال وحدات إدخال وإخراج البيانات، لتحتل مواضعها في ذاكرته، التي تحتفظ أيضاً بالبرنامج المصمَّم لمعالجة البيانات. وتُنفذ وحدة المعالجة المركزية CPU، وهي بمثابة "مخ" الجهاز، التعليمات الواردة في البرنامج، واحدة تلو الأخرى. وذلك بتحويل هذه التعليمات، إلى ما يقابلها من العمليات الحسابية المنطقية الأولية، من جمع وطرح ومقارنات بين قِيمَ الأعداد. وتُنفَّذ كل من هذه العمليات، في دائرة إلكترونية متخصصة، داخل وحدة المعالجة المركزية. وتحتفظ بالنتائج، التي توصَّل إليها البرنامج، في ذاكرة الحاسب، تمهيداً لحفظها على وسائل التخزين Storage devices كمرحلة وسيطة، أو نقلها مباشرةً إلى وحدات الإخراج Output، مثل شاشات العرض، أو الآلات الطابعة.

1. في عام 1958

ظهر الجيل الثاني من الحواسب الإلكترونية، وفيه حل الترانزيستور Transistor ـ وهو مكونِّ صغير جداً من أشباه الموصلات Semiconductors ـ محل الصمام الإلكتروني، ليصبح الحاسب أصغر حجماً وأكفأ عملاً، وأسرع إنجازاً. كما قل، إلى حد كبير، معدل استهلاكه للطاقة الكهربائية.

2. في عام 1964

ظهر الجيل الثالث من الحواسب الإلكترونية، واستخدم الدوائر المتكاملة "IC" Integrated Circuits، حيث حلَّت شريحة سليكون Chip واحدة، مقام العديد من وحدات الترانزيستور والمقاومات، والمكثفات، وغيرها، والتي اندمجت بصورة مكثفة ومتكاملة داخل البنية البللورية، لهذه الشريحة. ومع زيادة رهافة المكوِّنات الإلكترونية، انخفض معدَّل استهلاكها للطاقة الكهربائية، بصورة كبيرة. الأمر الذي أمكن معه الاستغناء عن الموصِّلات المعدنية، التي تربط هذه المكوِّنات، لتحل محلها خطوط رفيعة للغاية من النحاس، يجري طبعها بطرق كهروكيمائية، في الغالب، على ألواح الدوائر المطبوعة Printed Circuits.

3. في عام 1982

ظهر الجيل الرابع، وهو بشكل عام، لا يختلف عن سابقه إلا في كثافة العناصر الإلكترونية، التي أمكن دمجها في شريحة السليكون IC، التي بلغت عام 1984، خمسين ألف وحدة أولية bit، في الشريحة الواحدة، وقد اصِطُلح على تسميتها الدوائر المتكاملة الكبيرة جداً VLSI Very Large Scale IC.

4. في التسعينات

ظهرت الحواسب "الذكية" من الجيلين الخامس والسادس. وهي قادرة على التحليل، والتركيب، والاستنتاج المنطقي، وحل المسائل، وبرهنة النظريات.

ويمكن تلخيص أهم التطورات، التي أُدخلت على الحواسب الإلكترونية في الآتي:

1. زيادة السرعة والسعة

حيث تعد سرعة وحدة المعالجة CPU، وسعة الذاكرة، أهم مؤشرين للدلالة على قدرة الحاسب. وتقاس سرعة الحاسب، عادة، بعدد العمليات الحسابية، التي يمكن إنجازها في الثانية. وقد تضاعفت هذه السرعة بمعدل أربع مرات، كل ثلاث سنوات تقريباً. ومن المتوقع الوصول إلى سرعة توازي خمسة آلاف مليون عملية حسابية في الثانية، وكثافة تكامل 200 مليون ترانزستور في الشريحة الواحدة Chip، وذلك بنهاية عام 2000.

وتُعد السرعة والذاكرة ضروريتان، لحل الحسابات المعقَّدة، والتعامل مع الكم الهائل من البيانات، التي تُغذِّي الحاسب، وتعكس ديناميكية عمليات الدفاع الجوي.

2. صغر الحجم

نتيجة لما سبق ذكره، من استخدام الترانزستور والدوائر المتكاملة، صغر حجم الحواسب الإلكترونية بوضوح، وظهرت الحواسب (المُشغِّلات) الدقيقة Microprocessors، وهي الأساس الذي بنيت عليه العديد من شاشات العرض، في مراكز القيادة، خاصة المنصات (الكونسولات).

3. وسائط التخزين الضوئية

حتى وقت قريب، تركزت جهود التصغير على وحدة المعالجة المركزية، وعناصر الذاكرة، من دون معدات تخزين البيانات، التي استخُّدمت فيها الأشرطة والأقراص الممغنطة. ثم كانت النقلة النوعية بظهور الوسائط الضوئية Optical Media، مثل الأقراص المدمجة CD Compact Disk، ذات السعة الهائلة في تخزين البيانات. حيث يمكن تسجيل المادة الكاملة لألف كتاب، في حجم القرآن الكريم، على قرص لا يتعدى وزنه 15 جراماً، وقطره 12سم.

ومن ثمّ يسهل تخزين وحفظ جميع المعارك، التي يخوضها الدفاع الجوي، وتحليلها بعد ذلك، والخروج بالدروس المستفادة منها، ومن ثم، وضع وتطوير برامج التدريب لرفع مستوى الأطقم، والتغلب على السلبيات، التي ظهرت أثناء العمليات.

حادي عشر: تطور وسائل الاتصال

تطورت وسائل الاتصال بوضوح. وساعد ذلك على تحقيق الاتصالات اللازمة، لنظم الدفاع الجوي الآلية. كما أن دخول الدوائر الرقمية، والحواسب الإلكترونية، في نظم الاتصالات بجميع أنواعها، حقَّق سرعة تبادل الكمّ الهائل من البيانات والمعلومات، التي تتطـلبها شبكة الدفاع الجوي.

وقد تحقق تطور الاتصالات في المجالات الآتية:

1. زيادة عدد قنوات الاتصال، على وسيلة الاتصال الواحدة Multiplexing.

2. اتساع النطاق الترددي  لوسائل الاتصال، مما زاد من قدرتها على حمل المعلومات.

3. استخدام الدوائر المختلفة، لمقاومة الإعاقة على الاتصالات، خاصة اللاسلكية، مثل القفز الترددي Frequency Hopping.

4. سهولة التشفير، وفك الشفرة للرسائل، باستخدام الحواسب الإلكترونية.

5. إنشاء شبكات الاتصال المحلية LAN Local Area Network، القادرة على الربط مع كافة وسائل الاتصال الخطية، واللاسلكية، ومتعددة القنوات، والوصلات الرقمية والصوتية.

6. إنشاء شبكات الاتصال، التي تعمل بنظام التحويل الحديث (بالحزمة Packet Switching)،الذي يبحث دائماً عن أفضل طرق تحقيق الاتصال، وإيصال الرسائل خلال الشبكة، وضمان ذلك، حتى ولو لم يكن هناك اتصال مباشر بين الطرفين، كما يسمح بإيصال الرسائل الرقمية إلى أكثر من مستفيد، في وقت واحد.

7. تحقيق الاتصال الرقمي الآمن أرض/ جو/ أرض، مما يسمح بتبادل المعلومات والأوامر، مع الطائرات، سواء الحاملة لأجهزة الرادار، أو المقاتلات الاعتراضية.

ثاني عشر: تطور أسلحة الدفاع الجوي

كان لابد من تطوير أسلحة الدفاع الجوي، بتزويدها بالمعدات، التي تسمح لها باستقبال المعلومات والبيانات رقمياً، سواء كانت عن الأهداف الجوية، أو المهام المخصصة لها، وسرعة عرضها ودمجها مع البيانات والمعلومات الواردة من المصادر المحلية، والاستفادة منها في سرعة وكفاءة الاشتباك. إضافة إلى استخدام الحواسب الإلكترونية الآنية Real time، القادرة على استقبال بيانات ومعلومات الوصلات الرقمية، وكذا البرامج، وقاعدة البيانات، التي تحقق أفضل مساعدة لقادة الأسلحة، عن طريق العرض الواضـح والدقيق والموقوت، لكافة تفاصيل الموقف، اللازمة لاتخاذ القرار.

ثالث عشر: الخطة

يحتاج التحول إلى القيادة والسيطرة الآلية، إلى إعداد خطة متكاملة تُحَّدد فيها مستويات القيادة والسيطرة، ومهام كل مستوى، ودرجة المركزية واللامركزية، التي يسمح بها النظام، ومراكز اتخاذ القرارات المختلفة، وأسلوب تتبع الأنواع المختلفة من الأهداف الجوية، ومتى يكون التتبع بجهاز رادار واحد، ومتى يجري بأجهزة متعددة Multi Radar Tracking، وطرق الربط الملائمة، والتنسيق والتعاون، بين العناصر المختلفة. إضافة إلى الإجراءات الواجب اتخاذها، للمحافظة على صمود النظام Survivability سواء بتحديد المراكز التبادلية لكل مستوى، أو تحديد ما يسمي بأسلوب الفشل المسموح في مكونات المركز Graceful Degradation، أي تحديد إمكانية الاستمرار في العمل على الرغم من حدوث بعض الأعطال، التي تؤثر بدرجة قليلة في كفاءة العمل.

ولا بدّ عند التخطيط، لاستخدام نظام القيادة والسيطرة الآلي للدفاع الجوي، دراسة مدى ارتباطه بالأنظمة الأخرى القريبة في أهدافها، مثل نظم القوات الجوية، ونظم السيطرة على التحركات الجوية المدنية. وتحديد كيفية التعاون والتنسيق، وتبادل المعلومات معها.

ويرتبط كل ذلك بمطالب العمليات الحالية والمستقبلية لهذا النظام، التي تختلف من دولة لأخرى، تبعاً لحجم ونوع وخواص العدائيات المحتملة.

رابع عشر: مستويات القيادة والسيطرة

تُحدَّد مستويات أنظمة القيادة والسيطرة في الدفاع الجوي، طبقا للمستويات التي تقودها. وتنقسم إلى:

1. القيادة العامة (المستوى الإستراتيجي)

وهي التي تقود جميع عناصر الدفاع الجوي عن الدولة، أو عن مجموعة من الدول المتجاورة، ذات المصالح المشتركة، التي تتعرض لتهديد موَّحد، مثل النظام الآلي للقيادة والسيطرة عن أمريكا الشمالية، الذي يشمل الولايات المتحدة، وكندا USA & Canada، ونظام الدفاع الجوي عن دول حلف شمال الأطلسي الأوربية[5]
(14 دولة). وتتسم هذه النظم بدرجة عالية من الثبات.

2. قيادة القوات (المستوى العملياتي)

ومهمتها السيطرة على مجموعة من عناصر الدفاع الجوي، في عدة قطاعات. وتتميز هذه النظم، غالباً، بدرجة ما من خفة الحركة، ويمكن نقلها بوسائل النقل المختلفة.

3. قيادة القطاع (المستوى التكتيكي)

وهي النظم التي تسيطر على منظومات الدفاع الجوي خفيفة الحركة، في مستويات جبهة القتال والجيوش الميدانية. وترتبط عادة بنظم قيادة وسيطرة تكتيكية أو إستراتيجية.

خامس عشر: تنظيم القيادة والسيطرة لقوات الدفاع الجوي

تتكون نظم القيادة والسيطرة الآلية، من عدة حلقات أو مستويات (اُنظر شكل حلقات القيادة والسيطرة (3 حلقات)) و(شكل حلقات القيادة والسيطرة (4 حلقات)) و(شكل حلقات القيادة والسيطرة (5-6 حلقات))، يختلف عددها من دولة لأخرى طبقا لحجم النظام ومهمته، ودرجة الآلية في مكوناته. ففي بعض الدول يكون التنظيم كالتالي:

1. مركز عمليات القوات الجوية ASOC.

2. مركز قيادة قوات الدفاع الجوي ADCC.

3. مركز قيادة القطاع SCC.

4. مركز عمليات القطاع SOC .

5. مركز قيادة المجموعة GCP .

6. مركز عمليات مجموعة الدفاع الجوي MADOC, ADOC.

وهناك دول تستخدم عدة حلقات، وتراوح بين (3، 5) حلقات، هي:

·   موقع الإنذار Reporting Post RP.

·   مركز السيطرة والإنذار Control & Reporting Center CRC.

·   مركز عمليات القطاع Sector Operation Center SOC

·   مركز قيادة عمليات المنطقة ROCC Regional Operation Command Center.

·   مركز علميات الدفاع الجوي الرئيسي ADOC Air Defense Operation Center.

1. موقع الإنذار CRP (اُنظر شكل مركز قيادة رادار الإنذار)

هو أول حلقات القيادة والسيطرة الآلية، ويتكون من جهاز رادار أو أكثر، ومهمته استطلاع المجال الجوي،  واكتشاف الأهداف، وتتبعها، والإنذار عنها. ويعالج بياناتها إلكترونيا ويحدد هويتها، ويرسل المعلومات رقمياً، عن هذه الأهداف، إلى المستوى الأعلى بصفة مستمرة.

وقد تُزوَّد بعض مواقع الإنذار، بمعدات خاصة، وأجهزة اتصال أرض/ جو/ أرض Ground to Air Transmitter/ Receiver GATR تسمح لها بتوجيه المقاتلات الاعتراضية. وتسمى في هذه الحالة "مواقـع الإنذار والتوجيه  Control & Reporting Post CRP وأحياناً تستفيد مواقع الإنذار والتوجيه هذه، من معلومات مواقع إنذار RPs أخري. وفي هذه الحالة، قد تُعد المستوى الثاني، في القيادة والسيطرة.

2. مركز السيطرة والإنذارCRC (اُنظر شكل مركز السيطرة والإنذار)

هو ثاني الحلقات صعودا، وله أربع مهام، هي:

أ. تجميع معلومات الموقف الجوي، من مراكز الإنذار التابعة له.

ب. تصفية ومعالجة هذه المعلومات، وتحديد هوية الطائرات، وإنشاء صورة الموقف الجوي المميزة (السابق الإشارة إليها).

ج. توجيه المقاتلات الاعتراضية.

د. إدارة عمليات الأسلحة أرض/ جو، الواقعة في نطاق مسؤوليته،عن طريق مراكز القيادة التخصصية لهذه العناصر، والمرتبطة به بوسائل الاتصال المختلفة. إضافة إلى مواقع الإنذار.

3. مركز عمليات القطاع SOC (اُنظر شكل مركز قيادة قطاع د/ جو)

وهو المركز المسؤول عن القيادة والسيطرة في قطاع مُحدَّد من الدولة. إضافة إلى إدارة جميع أنشطة الوحدات المرؤوسة، سواء قبل، أو أثناء، أو بعد، انتهاء الهجوم الجوي.

ويتبع هذا المركز عدد من مراكز السيطرة والإنذار CRCs، يختلف طبقا لحجم القطاع والمسؤوليات، المُكلَّف بها.

4. مركز قيادة عمليات المنطقة ROCC

وينشأ في منظومات الدفاع الجوي الكبيرة، ليقود عددا من قطاعات الدفاع الجوي، يتوقف على حجم المنطقة. وهو يحل محل مركز عمليات القطاع، ويقود مراكز السيطرة والتوجيه مباشرة، في بعض منظومات الدفاع الجوي.

5. مركز عمليات الدفاع الجوي الرئيسي ADOC (اُنظر شكل مركز القيادة الرئيسي لقوات د/جو)

وهو أعلى حلقة في منظومة القيادة والسيطرة. وهو المسؤول الأول عن إدارة وتوجيه كافة أنشطة الدفاع الجوي عن دولة ما، أو أكثر ـ كما هو متبع في أمريكا الشمالية ـ عن طريق مراكز قيادات عمليات المناطق. وقد لا ينشأ هذا المركز في منظومات الدفاع الجوي، التي تشمل عدداً كبيراً من الدول (حلف شمال الأطلسي)، ويُكتفى بالتنسيق المسبق، والفوري بين مراكز قيادات دفاع جوي تلك الدول، التي تًعتبر، في الوقت نفسه مراكز قيادات مناطق، في هذا النظام الكبير.

وعادة ما تُنشأ مراكز قيادة (عمليات) تبادلية، لتنتقل إليها مسؤوليات القيادة والسيطرة، فوراً، في حالة تدمير، أو حدوث خلل، في قدرات المراكز الأساسية.

هذا عن نظم القيادة والسيطرة في المستويات الإستراتيجية، أما النظم التكتيكية، والميدانية، وسريعة الانتشار، فإنها، عادة، تحتوي على حلقتين فقط، من حلقات القيادة والسيطرة، هما موقع الإنذار RP، أو موقع الإنذار والسيطرة CRP، ثم مركز السيطرة والإنذار CRC، الذي يكون مسؤولاً عن القيادة والسيطرة، على جميع عناصر الدفاع الجوي في منطقة مسؤوليته.

ويَكْمُن الاختلاف بين هذه الأنواع، في قدرة النظام على الحركة. فبينما تكون عناصر النظام التكتيكي، قادرة على إعادة التمركز، فإن مكونات النظام الميداني، غالبا، ما تكون خفيفة الحركة، أي مُجهَّزة على عربات ذات إطارات، أو مجنزرة، حتى تكون قادرة على مواكبة القوات، التي تدافع عنها. أما النظام سريع الانتشار فيجب أن يتمشى مع القوات، التي يوفر لها الحماية، من حيث النقل الجوي، أو البحري. كما يجب أن يكون على درجة عالية من الاستقلال، والقدرة على العمل لمدد طويلة، دون حاجة إلى دعم من الخلف، أي من الوطن.



[1] سرعة الصوت: تساوي 1245 كم/ ساعة ، على مستوى سطح البحر، وتقل كلما زاد الارتفاع. وتسمى وحدة سرعة الصوت (ماج Mach) وتُنطق "ماك" في اللغة الإنجليزية.

[2] دخلت الطائرة F-117A خدمة العمليات في القوات الجوية الأمريكية يوم 26/ 10 / 1983، ضمن المجموعة الجوية رقم 445، التي أصبحت، بعد ذلك، لواء المقاتلات التكتيكية رقم 37. أما القاذفة الإستراتيجية B-2 ، فقد أعلن عنها في 22/11/1988.

[3] عند الهجوم تُحلَّق الطائرات بسرعات أقل قليلاً من سرعة الصوت.

[4] القدرة على الفصل، تعني قدرة جهاز الرادار على إظهار الأهداف القريبة من بعضها البعض، كل منها منفصل عن الآخر.

[5] لا يشمل هذا النظام دول أوربا الشرقية التي انضمت إلى حلف شمال الأطلسي مؤخراً (في عام 1999).