إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات وأحداث تاريخية / الملك خالد بن عبدالعزيز آل سعود




الملك خالد بن عبدالعزيز





الحس الإسلامي

الحس الإسلامي

هذا الحس العميق بالعدالة يمكننا من فهم كل القرارات التي اتخذها في الخارج والداخل. كانت مناصرته للفلسطينيين تنبع من اعتقاد راسخ أن ظلماً فادحاً وقع بهم، ظلماً يتعين عليه أن يبذل كل جهده إزالته. وكان موقفه من قضية أفغانستان ينبع من نفس المنطق: لا بد من دعم شعب المظلوم، اجتيحت أرضه بغياً وعدواناً. والنظرة نفسها كانت تحكم موقفه من كشمير. لم تكن هناك حسابات ربح وخسارة في موقفه من القضايا الإسلامية. كان أي حيف يقع بالمسلمين في أي مكان من العالم يمس مشاعره على نحو لا يمكن لمن لم يشاهده أن يتصوره. ويواصل القصيبي قوله:

"كثيراً ما رأيت الدموع تترقرق في عينيه وهو يسمع إلى أنباء كارثة ألمت بالمسلمين في هذا الصقع أو ذاك. لا أبالغ إذا قلت أنه لم يكن هناك فرق يذكر، في نظره، بين المواطنين وبقية المسلمين: السعوديون مسلمون، والمسلمون يجب أن يعاملوا معاملة السعوديين. لم أر الملك خالد سعيداً كما رأيته يوم انعقدت القمة الإسلامية برعايته في مكة المكرمة عام 1981م، ولم أره شقياً كما رأيته يوم احتلت مجموعة من الغلاة الحرم المكي الشريف".

لم يكن للسياسة، بمعناها التقليدي، أي علاقة بالفرح أو بالتعاسة. كانت سعادته نابعة من شعور المسلم الفطري بالفرح وهو يرى شمل المسلمين يلتئم، وكان ألمه نابعاً من نفور المسلم الفطري من أي عمل ينتهك حرمة المسجد الحرام.

الإسلام، في نظر الملك خالد، يمثل نقطة البداية ونقطة النهاية. كان يؤمن إيماناً راسخاً أن الدولة السعودية تستمد شرعيتها من الإسلام، وتستمدها من الإسلام وحده. وكان يعتقد أن هذه الشرعية ستبقى ما بقيت الدولة متمسكة بالإسلام. وأذكر، في هذا الصدد، حواراً دار بينه وبين إمبراطور اليابان الحالي، وكان وقتها، ولياً للعهد يزور المملكة زيارة رسمية. قال ولي العهد الياباني: أرجو أن يحدثني جلالتكم عن تاريخ أسرتكم المقدسة. ورد الملك خالد على الفور: "أسرتي ليست مقدسة. أسرتي لا تختلف عن بقية الأسر، وقد أعزّها الله عندما تبنت دعوة الإسلام". واذكر حواراً مماثلاً بينه وبين الرئيس الفرنسي فاليري جيسكار ديستان، الذي سأله عن تاريخ المملكة السياسي. قال الملك: "لم نحقق شيئاً بالسياسة. كل ما تحقق بفضل الإسلام. بدون الإسلام نحن لا شيء".

هذا الحرص على الشريعة الإسلامية يقودنا إلى فهم الأولوية الكبيرة التي كان يعلقها على موضوع الأمن. لا يمكن للاستقرار أن يدوم إلا إذا أمن الضعفاء شر الأشرار. كان يتابع، شخصياً، أخبار كل جناية قتل ترتكب، ولا يهدأ له بال إلا إذا عرف أن المجرمين قد تم القبض عليهم. لم أره يثور في وجه مراجعين إلا مرة واحدة: كان المراجعون يطلبون منه العفو عن مجرم أدانته المحكمة. كان الملك خالد، بطبعه رجلاً عطوفاً رحيماً إلا أن إنفاذ الحدود الشرعية كان عنده فريضة دينية تعلو على أي اعتبار آخر.