إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات دينية / النار









مقدمة

مقدمة

عرف الإنسان النار منذ آلاف السنين، ورأى فيها، وفي مظاهر الطبيعة، روحاً وحياة، فهي تحيا وتتحرك وتفعل وتؤثر بقوة هائلة، وتؤذي وتسبب إيلاماً إلى حد الإحراق والموت؛ لذلك حاول الإنسان أن يستأنس النار ويفيد من دفئها وضيائها، الذي يبدد ظلمات ليله الطويل.

ومنذ أن اكتشفها الإنسان، لاحظ أنها من أقوى عناصر الطبيعة تأثيراً في حياته؛ فطالما جلس يرقب لهبها المتأجج، وطالما أفزعته البراكين عندما تلتهم الطبيعة: غاباتها وحيواناتها، لا تُدفع ولا تُرد، وطالما أوقدها في أيام الشتاء الطويلة ناعماً بدفئها، هانئاً بشوائها، آنساً بضيائها.

رآها عنيفة رهيبة، تقتل وتدمر وتبيد، ورآها أنيسة دافئة تلزم لطعامه وشرابه، وتبدد أستار الظلمة الموحشة، وتدفع عنه الوحوش والكائنات الخفية المستترة؛ لذلك سعى الإنسان القديم راغباً راهباً إلى استرضاء النار بالتوسل والتضرع والتذلل، والتعاويذ والسحر، والتقديس والعبادة. وكان لتعاقب النهار والليل، والنور والظلمة أثر كبير في معتقدات الإنسان منذ القدم، فالضوء معه الحياة والبِشر، والظلام معه الفناء والشؤم.

زعم عباد النار من الهنود أن النار أعظم المخلوقات جرماً، وأوسعها حيزاً، وأعلاها مكاناً. وأشرفها جوهراً، وأنورها ضياءً وإشراقاً، وألطفها جسماً وكياناً، والاحتياج إليها أكثر من الاحتياج إلى سائر الطبائع، ولا كون في العالم إلا بها، ولا حياة ولا نمو ولا انعقاد إلا بممازجتها.

وقال أصحاب الكلام: جُمع في النار الحركة والحرارة واليبوسة، واللطافة والنور. ومنفعة النار تختص بالإنسان دون سائر الحيوان؛ ولهذا عظَّمتها المجوس، وقالوا: "أفردتنا بنفعها فنفردها بتعظيمها".

وسيعرض هذا البحث لبيان مكانة النار في المعتقدات الدينية وخاصة في الفكر الإسلامي وبيان قدسيتها في المعتقدات الأخرى كاليهودية والمسيحية وبيان مكانة النار عند الشعوب وخاصة العرب قبل الإسلام، حيث كان لها مكانة في حروبهم وسلمهم وحياتهم الاجتماعية، من غدر ووفاء وسفر وإياب. وكان لها في أمثالهم مكانة بارزة وكذا في أشعارهم.