إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات دينية / النار









شُبُهات

المبحث الثاني

النار في الأدب العربي وفي الأديان والمعتقدات الأخرى

أولاً: مكانة النار عند العرب

النار لها مكانة مرموقة في المعتقدات الجاهلية؛ فقد اعتقدوا بقواها السحرية، وربما جاءت عبادتهم للأصنام الحجرية؛ لأن النار لا تقدر على إحراقها وإفنائها؛ ومن ثم حرص الرسول r في فتح مكة على إحراق الأصنام، حَدَّثَنَا عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ t قَالَ: ]دَخَلَ النَّبِيُّ r مَكَّةَ وَحَوْلَ الْبَيْتِ سِتُّونَ وَثَلاثُ مِائَةِ نُصُبٍ فَجَعَلَ يَطْعُنُهَا بِعُودٍ فِي يَدِهِ وَيَقُولُ: جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا[ (رواه البخاري، الحديث الرقم 4351)، ثم أمر بها فكفئت على وجوهها، ثم أخرجت من المسجد فأحرقت.

وفي العصر الجاهلي عاش مع العربُ الفرس في اليمن، والحيرة، والبحرين، وكان هؤلاء الفرس على المجوسية يعبدون النار، وقد أشير إلى وجود المجوس في أخبار الفتوح حيث دفع الجزية من أبى منهم الدخول في الإسلام.

وقد اتخذ تقديس النار عند العرب مظاهر مختلفة، ومن أشهر مظاهر تعظيمهم لها.

1. القسم بالنار

القسم دليل على قدسية المُقسَم به، والقسم يمثل التجاء الإنسان إلى مصادر القوة ليحتمي بها ويؤكد صلته بعالمها، وانتماءه إليها، ويكاد الحلف يكون من أعلى درجات التعلق الديني.

وقد أشار المؤرخون إلى "نار اليمن المقدسة" التي كان لها سدنة يعنون بجعل نارها دائما مؤججة، فإذا تفاقم أمر بينهم، وتخاصموا ثم اتفقوا على الصلح والقسم وحلفوا بها انقطع ما كان بينهم من تعاد، وسموها "الهولة" و"المهولة" وكان سادنها إذا أتى برجل هيّبه الحلف بها. و يطرحون فيها ملحا وكبريتا من حيث لا يشعر، يهولون بها عليه، فإذا وقع فيها استشاط وتنفضت[1]، فيقولون له: هذه النار قد تهددتك؛ فإذا كان مذنبا نكل، وإن كان بريئا حلف: " وكان باليمن نار تحكم بينهم فيما يختلفون فيه تأكل الظالم ولا تضر المظلوم ".

وقد أقسم بهذه النار أعشى قيس، قال:

وباللات  نسلم  الحلقة

حلفت  بالملح  و بالنار

ويخضب النبل غرة الدرقة

حتى يظل الجواد معفراً

وحلف بها آخر، قال:

وبالنار واللات التي هي أعظم

حلفت لهم بالملح والجمع شهد

وما يزال البداة حتى اليوم في شرقي الأردن يُحَكِّمون النار، وذلك بأن تحمى حديدة "المقلاة" حتى تقدح شرراً ثم يُؤتى بالحالف فيلحسها بلسانه، فإن كان صادقاً بريئاً لم تضره ـ كما يزعمون ـ وإن كان كاذباً جانياً أحرقت لسانه، ويطلقون على الاحتكام للنار اسم "البشعة".

والامتحان بالنار صورة من الوسائل المتبعة للتحقيق في الجريمة، وهذه الطريقة معروفة في محافظة الشرقية بمصر العربية (قبائل العبايدة والدراجين والحويصات) وتسمى "البُشعة" بضم الباء وكسرها، والذي يقوم بالتبشيع اسمه "المُبَشِّع" وجرت العادة أن يمسح المبشع بيده الطّاس المحمية قبل أن يُكوى بها المتهم دون أن يناله ضرر من هذا المسح.

وهذه الطريقة تشبه "الأورداليا" Ordalie في اليونان والأمم المسيحية في العصور الوسطى وصدر العصور الحديثة، حيث يُؤتى بالمجرم وتحمى قطعة حديد، ويكلف المتهم بالقبض عليها بيده، أو يكلف المشي على جمر الفحم الحجري، فإن لم يصبه ضرر دل على براءة المتهم.

2. التحالف على النار

وكان بعضهم يعقد حلفه عندها. ويذكرون، عند المحالفة، منافع النار، ويدعون بالحرمان والمنع من منافعها للذي ينقض الحلف ويحنث بالعهد، ويقولون في الحلف:الدم الدم، الهدم الهدم (يحركون الدال في هذا الموضع)، (أي: ما هدم لكم من بناء أو شأن فقد هدم لنا، وما أريق لكم من دم فقد أريق لنا) لا يزيده طلوع الشمس إلا شداً، وطول الليالي إلا مداً، وما بَلّ البحر صوفةً، وما أقام "رضوى" في مكانه ـ كان جبلهم يسمى رضوى ـ (وكل قوم يذكرون جبلهم أو المشهور من جبالهم) وربما دنوا منها حتى تكاد تحرقهم، ويهولون على من يُخاف منه الغدر بحقوقها والحرمان من منافعها. ويرددون عندها عبارات خاصة أشبه بتمائم السحر. والدنو من النار وضمها إلى الصدر تعبير عن الاحترام والتقديس، وربما أقسموا وتحالفوا على "الرماد"، وهذا يفسر بكاء الشعراء على "الأثافي" السود التي تركها أسلافه.

وكان عادتهم أن يحضروا في جفنة طيباً أو دماً أو"رماداً"؛ فيدخلون أيديهم عند التحالف ليتم عقدهم باشتراكهم في شيء واحد، ويسمون القسم عندئذ "اليمين الغموس".

3. الاستسقاء بالنار

واستمطر العرب بالنار والبقر، فكانوا إذا تتابعت عليهم الأزمات، واشتد الجدب، واحتاجوا إلى الاستمطار، اجتمعوا وجمعوا ما قدروا عليه من البقر ثم عقدوا في أذنابها وبين عراقيبها[2] السلع والعشر[3] ثم صعدوا بها جبل وعر وأشعلوا فيها النيران، وضجوا بالدعاء والتضرع، فكانوا يرون أن ذلك من أسباب السقيا. وكان المقصود من الصعود للجبال أن يقتربوا من الآلهة؛ حيث تسمع توسلاتهم وشكواهم، وهناك يضجون ويبتهلون، فإذ لم تستجب الآلهة لهم، أشعلوا النيران المقدسة في أذناب البقر كي تأتي بالمطر فتُطفأ النيران، وتحيا الأبقار ويذهب القحط، فإن لم تأت بالمطر فإن الأبقار تستحق ذلك المصير البشع والعقاب الأليم: الحرق بنار الآلهة.

وتشير بعض المصادر إلى أنهم يصعدون البقر في الجبل الوعر إلى جهة الغرب دون غيرها من الجهات الأخرى ولعل ذلك للاقتراب من الآلهة التي ظنوا أنها تسكن السحب الغربية حيث تثور الأمطار.

4. نار الطل

لا ينفك الشعراء الجاهليون يكررون وقوفهم على الأطلال يبكون أحر البكاء، ويندبون "الرماد" التي غادرتها المرأة وقومها، ومضى زمن طويل على خمودها، وكأنهم يبكون النار التي أطفأت، وأطفئ معها الحب الملتهب والوجد المتأجج، ولم يبق منها إلا رماد تذروه الرياح، وذكريات مؤلمة، قال أحدهم:

فأضحت ديارهم كالخلال

دار حي أصابهم سالف الدهر

وبقايا من  دمنة  الأطلال

مقفرات  إلا  رمادا  غبيا

وقال النابغة

إلا الثمام وإلا موقد النار

فما وجدت بها شيئا ألوذ به

ولقد ارتبط العشق عند العرب بالنار، وهذا الارتباط جاء في الشعر المنسوب لعنترة:

ولا القلب في نار الغرام معذب

فلا تحسبي أني على البعد نادم

وهذا الارتباط لم يكن واضحاً في العصر الجاهلي، وإنما أخذ يبرز بوضوح في العصر العباسي

5. نار الِقرى

وهي نار يوقدونها للضيفان وطراق الليل، ممن قذفت بهم الصحراء في متاهاتها، ويختارون وقتا لإيقادها عندما تشح الألبان، كما يتخيرون تلك الليالي ذات الريح العاصف، والصقيع البارد. ويفخرون بإيقاد النيران الضخمة على قمم الجبال لتكون أشهر وأعرف وليبصرها الضالون،فيستدلوا بها على المأوى، وربما يوقدونها بالمندلي الرطب ونحوه مما يتبخر به ليهتدي إليها العميان.

أما حاتم الطائي فهو أشهر من أوقد نار القرى على الجبال، قال:

بعلياء ناري آخر الليل توقد

وإني لتهواني الضيوف إذا رأت

وقال :

لمستوبص ليلا، ولكن أنيرها

وليس على ناري حجاب يكنها

وقد جاء في محكم التنزيل ما يشير إلى نار القرى في قوله تعالى: ]إِذْ قَالَ مُوسَى لاَهْلِهِ إِنِّي ءَانَسْتُ نَارًا سَآتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ ءَاتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (7) فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ[ (سورة النمل: الآيتان 7، 8).

وفسر قوله تعالى: ]سآتيكم منها بخبر[ (سورة النمل: الآية الرقم 7) ما يخبر به عن حال الطريق لأنه قد ضل. شتاء وجاء موسى النار، وإنما كان نوراً فاعتقده نارا.

قال ابن الجوزي: الشهاب: النار، والقبس: النار تقبس، تصطلون:تستدفئون.

6. نار الحرب

وتسمى نار الأهبة والإنذار، وكان العرب إذا أرادوا حربا أو توقعوا جيشا، وأرادوا الاجتماع أوقدوا ليلا على جبلهم لتجتمع إليهم عشائرهم، فإذا جدوا وأعجلوا أوقدوا نارين، وقيل إنهم كانوا إذا اجتمعوا للحرب دخنوا بالنهار، وأوقدوا بالليل.

ومن هنا جاءت صورة النار مرتبطة بصورة الحرب التي تشب وتغلي مراجلها، وتستعر استعارا يأكل الأخضر واليابس، وإلى ذلك يشير قوله تعالى:  ]كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ[ (سورة المائدة: الآية 64). وفي أمثال العرب "نار الحرب أسعر" و (جاءوا كالحريق المشعل). ودائما نرى وجه الحرب العبوس في الشعر الجاهلي تشعل نارا في رءوس الأسنة والرماح والسيوف، وتحمل العداوة، فجاء في شعرهم:

من الطعن حش النار في الحطب اليبس

لقونا فضموا جانبينا بصادق

وكان تشبيه العرب للجيش بالنار ليس فقط في حركة الزحف والتدافع، وإنما لأن النار فيها القوة والتدمير والإبادة، وهذا المعنى هو الذي أراده العرب للجيش والمحاربين وأسلحتهم.

وبعد الحرب يأتي الفداء، فيوقدون (نار الفداء) وذلك أن الملوك إذا سبوا القبيلة خرجت إليهم السادة للفداء، فكرهوا أن يعرضوا النساء نهارا فيفتضحن، فيوقدون النار ليعرضن

على النار إذ تجلى له فتياتها

نساء بني شيبان يوم اوارة

7. نار الغدر ونار الطرد

سماها بعضهم (نار العار)، وهي نار توقد أيام الحج على جبل أبي قبيس، فإذا استعرت صاح موقدها: هذه غدرة فلان؛ ليحذره الناس، وليعلموا أنه قد غدر بجاره.

وفي نار الغدر قالت صفية بنت عبدالمطلب، عمة رسول الله r:

ولم توقد لنا بالغدر نار

لنا السلف المقدم قد علمتم

وكانوا إذا خافوا شر رجل أو تحول عنهم، أوقدوا خلفه نارا ليتحول شره معه، ويقولون: "أبعده الله وأسحقه، وأوقد نارا في إثره"، ويسمون هذه النار "نار الطرد" و"نار الزائر"، وسماها الجاحظ "نار المسافر"، وذكر أن العرب تدعوا على العدو، فتقول: أبعد الله داره، وأوقد نارا إثره، وهذا المعنى موجود في قول بشار:

ورد عليك الصبا ما استعار

صحوت وأوقدت للجهل نارا

8. نار السليم

وهي نار توقد للملدوغ والمجروح، ومن عضه كلب، حين لا ينام فيشتد به الألم فيهلك، وقيل: كانوا يفعلون بالملدوغ؛ لئلا ينام فيدب السم فيه.

9. نار السلامة

تستقبل كثير من الشعوب المحاربين المنتصرين، والمسافرين السالمين، بأكاليل الورد والياسمين، أما العرب فكانون يوقدون نارا إذا عاد المسافر غانما سالما، ويسمونها "نار السلامة" أو "نار الإياب"، وقد يسجرونها بالغار والصندل، قال شاعرهم:

إن من تهوين قد حار

يا لبيني أوقدي النارا

تقضم الهندي و الغار

رب  نار بت أرمقها

10. نيران أخرى

وأوقد العرب نيراناً أخرى مثل:

التي يسمون به إبلهم، أي يعلمون بها الإبل.

"نار الرسم"

لتغشاها الظباء فيصطادونها.

"نار الصيد"

إذا رآها الأسد استهالها وابتعد عنهم.

"نار الأسد"

التي يوقدها الصعاليك والهاربون.

"نار الخلعاء"

وقد عبر العرب بـ "النار" مجازا للدلالة على الإحراق والتدمير، والأشواق، والحب الملتهب، والوجد واللوعة، وما يتبعها من آلام جسدية ونفسية، فقالوا:

(نار اللوعة) و(نار الهوى) و(نار الهجر) و(نار الغرام) و(نار القلب) و(نار الوجد) و(نار الحب) و(نار النفاق) و(نار الهجاء) و(نار الصبابة) و(نار الحشا).

ثانياً: النار في اللغة

للنار في اللغة ألفاظ خاصة بأوصافها، وأجزائها، صوتها، وحرها، واحتراقها، وهناك ألفاظ أخرى لموادها، وأدواتها، ما يتخلف من رمادها، ودخانها.

جاء في فقه اللغة

1. النار:

قد تذكر، والجمع أنوار، ونيران، ونيرة، ونيار، ونار منيرة: إذا رفع ضياؤها.

النار:

النار، والوقود الحطب.

الوقد:

حجارة يوقد بها.

الكبريت:

ما تثقب به النار: أي توقد.

الثقوب والثقاب:

لهب النار وما أشعلت فيه من الحطب، والمشعل: الموضع الذي تستوقد فيه.

الشعلة:

الشعلة الساطعة ذات اللهب الشديد.

المارج من النار:

الطائفة المشتعلة من النار، والجمع شهب.

الشهاب:

نفس النار، والاحتراق والحريق تأثيرها في الشيء.

الحرق والحريق:

اللهب الخالص.

اللظى:

اشتعال النار إذا خلص من الدخان، ولهبانها: ذكاء لهيبها واضطرابه.

اللهب واللهبان:

لهب لا دخان له.

الشواذ:

شديدة تحطيم كل شيء.

نار الحطمة:

ضرمت النار: التهبت.

الضرم:

كالتضرم، والسعير الحريق، والسعار: حر النار وذكاؤها.

التسعر:

النار شديدة التأجج.

الجحيم:

نس الحطب: إذا أخرجت النار زبده على رأسه.

النسوس:

2. تقوية النار:

نفخ النار: قواها بالنفس، والنفيخ الموكل بنفخ النار، والمنفاخ: الذي ينفخ به.

النفخ:

عود تحرك به النار عند الإيقاد، وحضب النار: أي رفعها.

المحضب:

ما توقد به النار، وشببت النار: إذا أذكيتها.

الشبوب:

ما ألقيته على النار من حطب أو نحوه.

الذكية:

حصبت النار: ألقيت فيها حطبا.

الحصب:

حضأ النار: أوقدها، أو، فتحها؛ لتلتهب.

الحضء:

ألهبتها، وتأججت النار: إذا سمعت للهبها صوتا.

أحجت النار:

حششت النار: رددت إليها ما تفرق عنها من الحطب.

الحش:

3. صوت النار:

ما يسمع من صوتها إذا اشتد التهابها.

معمعة النار:

إذا اشتد صوت النار في اللهب.

الزفير:

صوت الحطب في النار.

النقيص:

صوت الحطب في النار.

الكصيص:

صوت التهاب النار.

الحرات:

صوت الحطب في النار إذا اشتد.

الفرقعة:

صوت النار، والأجة لفحتها، وأججت النار: ألهبتها.

الأجيج:

4. حر النار:

اشتد حرها.

احتدمت النار:

حر النار، وتوهجت: توقدت، ولها وهيج: أي توقد.

الوهج:

شدة بريق الجمر والحر.

الزخيخ:

حرها والمصطلى المتلقي صلاؤها.

صلا النار وصلاؤها:

5. الجمر

النار المتقدة، ومفرده: جمرة.

الجمر:

الجمر الطافيء، ومفرده: الفحمة.

الفحم، والفحيم:

الجمرة المتلظية، والجمع: الذكو. وقيل: الذكوة: الجمرة الملتهبة.

الذكوة:

الرماد الحار والجمر، ولا يقال للجمر ملة حتى يخالط الرماد.

الملة:

6. اقتباس النار:

ما أخذته من النار لتستضيء به.

العشوة:

كالعشوة، وهو ما أخذته من النار لحاجتك.

القبس:

القبسة من النار، أو، الجمرة الملتهبة.

الجذوة:

الخرقة التي توارى بها النار، وتؤخذ بها، والجمع: عطب.

العطبة:

7. همود النار:

خبت النار: سكن لهبها وانقطع.

الخبو، والخبؤ:

باخت النار: سكنت.

البوخ، والبئوخ:

سكن لهبها وبقى جمرها حارا.

خمدت النار:

إذا علاها الرماد، وتحته الجمر.

كبت النار:

إذا ذهب الجمر إلا بقايا منه في الرماد.

المهل:

إذا برد الرماد فلم يبق فيه من الجمر شيء.

الهمود:

8. الدخان:

وجمعه: دواخن، وأدخنة، ودواخين، دخنت النار: ارتفع دخانها، ودّخنت

الدخان:

 إذا فسدت بإلقاء الحطب عليها حتى هاج دخانها.

ودخن الطبيخ: أصابه دخان فأخذ ريحه.

النار:

الدخان، والجمع عواثن. وأكثر ما يستعمل العثان فيما يتبخر به.

العثان:

شبيه بالدخان، أو، الغبرة.

الرهاء:

إذا انقطع الدخان الغليظ البتة، وعاد الحطب جمرا ذاكيا متوهجا.

الأوار:

الدخان الأسود.

اليحموم:

لطخ الدخان بالبيت.

الكتن:  

9. الزند:

العود الأعلى الذي تقدح به النار، والجمع أزند، وأزناد، وزنود، وأزاند.

الزند:

العود الأسفل، ويقال للزندين: زناد.

الزندة:

الخرقة التي تورى بها النار، وتأخذ بها. والجمع عطب.

العطبة:

سريع القدح، كثير النار.

زند خوار:

الذي قد قدح به حتى احترق طرفه.

الدعر من الزناد:

10. الحطب:

ما أعد من الشجر شبوبا للنار، والجمع: أحطاب، ومكان حطيب: كثي الحطب.

الحطب:

الحزمة من الحطب.

الوبيلة:

اليابس من الحطب، أو، ما غلظ منه: وهو ما بقي له جمر كالرمث وما فوقه.

الجزل:

ما دق من الحطب: وهو ما لا يبقى له جمر، إذا طفئ لهبه عاد جمره رمادا.

الضرم:

إذا كان الحطب بطئ الاستيقاد، كثير الدخان.

الدعر:

إذا كان الحطب ضعيفا سريع الاستيقاد.

الخوار:

دقاق العيدان إذا كسرت، وألقيت في النار.

الوقص:

دقاق الحطب.

الزعف:

كل شيء ألقيته في النار فهو حصب كالحطب وغيره.

الحصب:

ثالثاً: النار في الأمثال النجدية والعربية

1. أحر من الجمر

ذكر الزمخشري عن قيس ليلى:

ففرقة من تهوى "أحر من الجمر"

إذا بان من تهوى وأسلمك العزا

وجاء في شعر أحدهم

لفرقتها  لذع  " أحر من الجمر "

فلما دنا وقت الفراق، وفي الحشا

ومن أشعار العرب:

زعموا أن من تشاغل                                         بالذات عمن  يحبه  يتسلى

إن نار الهوى ( أحر من                                      الجمر ) على قلب عاشق يتقلى

2. كنه على جمر

كنه: (بكسر الكاف، وتشديد النون ثم هاء): تحريف كلمة "كأنه".

والمعنى: كأنه على جمر. يضرب للمستعجل.

وأصله مثل عربي قديم لفظه " كأنه قاعد على الرضف

3. حط بينك وبين النار مطوع

حط: ضع، والمراد المعنى المجازي. والنار: نار الآخرة. والمطوع: بتشديد الواو وفتحها: عالم الشريعة، وكأنه مأخوذ من أن الدين طوعه أي: هذبه، أو، لأنه أطاع أوامر الله حتى أصبح مطوعا، أي: طائعا.

والمعنى: ضع بينك وبين دخول النار يوم القيامة عالما، أو، شيخا. والمراد: استفت فيما حاك في صدرك عالم الدين؛ يرد عنك بفتواه عذاب الآخرة.

والعامة في مصر "حطها في رقبة عالم، تصبح سالم"، وفي السودان يقولون: "أسند على عالم، تمرق سالم".

4. النار ما تخلف إلا رماد

يضرب للرجل النجيب، أو، الصالح يخلف أبناء غير نجباء، أو، غير صالحين. وقد جاء في أمثال العرب "وهل تلد النار إلا الرماد"، ولا تزال العامة تستعمله في تونس بلفظ " النار تخلف الرماد" وجاء في شعر العرب.

فكن بابنه سيئ الاعتقاد

إذا  ما رأيت  الفتى  ماجدا

و لا تلد  النار إلا  الرماد

فلست ترى من نجيب نجيبا

5. النار ماعودة ملاها

ماعودة: موعودة.

ملاها: ملؤها.

والمعنى: أن نار جهنم قد وعدت بأن تملئ من بني آدم الذين يعصون الله.

ويضرب عند رؤية من يرتكب المعاصي بدون مبالاة، يريدون: لا عجب من ذلك لأن النار لابد أن تمتلئ من العصاة.

6. النار والملح

أي: هما كالنار والملح. يضرب للشخصين المتنافرين الذين يستحيل اتفاقهما، ولا يمكن الجمع بينهما. وربما كان أصله مستوحي من (نار التهويل) عند العرب، وهي نار كانت توقد للحالف، ويوضع فيها الملح حتى يتفرقع في النار؛ ليهول عليه الحلف فيصدق، قال الشاعر:

كما صد عن نار المهول حالف

إذا استقبلته الشمس صد بوجهه

7. نار، وصنع الكفار

يضرب للموضع المحصن، يريدون أن من يقصد مهاجمته فإنه سيجد نارا حامية، وآلات دفاع قوية من صنع الكفار، وهم الإفرنج.

8. محراث نار

محراث نار: العود ونحوه مما تحرك به النار. أي: يحرك جمرها ليزيد اشتعالها، وحرارتها.

يضرب: لمن يمشي بالنميمة بين الناس، ويسعى بالسوء بين الأصدقاء.

9. المخطر بالنار

المخطر: حديدة مستطيلة كالوتد ، وكان من عادتهم إذا أرادوا كي الحيوان بالنار للوسم: وهو وضع علامة ثابتة عليه، أو، علاجه، أن يجعلوا المخطر المذكور في النار حتى يصير حاميا ثم يكووا الحيوان به. وجاء في أمثالهم " الحديدة حامية ".

يضرب لقرب العقاب عند استحقاقه.

10. شباب نار

شباب: صيغة مبالغة من شب النار، إذا أوقدها.

ويضرب لمدح الرجل الكريم، يريدون أنه دائم إيقاد النار؛ لإعداد الطعام للضيوف. وقد مر في البحث (نار القرى)، ويمدح الرجل بعظم النار، وكثرة الرماد المتخلف عنها.

11. ما تطفا ضوه

وهو بمعنى المثال السابق " شباب نار "

ويضرب للرجل الكريم. وضوه: ناره؛ لأنها ذات ضياء في الليل يهتدي بها الأضياف.

وجاء في الأمثال العربية

كالمستجير من الرمضاء بالنار

وقد ورد بعدة ألفاظ منها: (كالمستجير من الظلماء بالنار) و(كالمستغيث من الرمضاء بالنار).

آكل من النار

أحر من النار

أصبر من الأثافي على النار

ما النار في الفتيلة بأحرق من التعادي للقبيلة

رابعاً: النار في الأديان والثقافات الأخرى

1. النار في التصور النصراني

يعتقد النصارى أن نار جهنم مكان للعذاب، ولذا ورد في القاموس المقدس عن النار ما نصه ( في العهد الجديد أعطيت الهاوية معنى جهنم، أي أرض اللعنات والرجاسات ومسكن العذاب الأبدي ) (إنجيل متى 18:48)، و(مسكن كن العقاب للخطاة  (إنجيل يوحنا 11:9،20:11)، و(الهاوية كمركز لكل أنواع العقاب).

أ. أبدية النار

ورد في متى (إنجيل متى، 41:25) (ثم يقول أيضا للذين عن اليسار: اذهبوا عني يا ملاعين، إلى النار الأبدية المعدة لإبليس وملائكته)، وقوله الأبدية يشعر بأنها لا تفنى، والنصارى يعتقدون أن العذاب الذي يتعذب به الأشرار أبدي لا نهاية له.

وعندهم أن من دخل النار لا يخرج منها أبدا؛ إذ أن (حال الأشرار لا تتغير) و(أنه لا رجاء للهالكين مطلقا)، ويستدلون بنصوص كثيرة على أبدية العذاب لمن دخلوا النار.

ب. عذاب أهل النار

عذاب أهل النار نوعان: حسي ومعنوي:

وعن الحسي جاء في الإنجيل أن العذاب سيكون بالنار والكبريت، وبكاءهم (والعبد البطال اطرحوه إلى الظلمة الخارجية هناك يكون البكاء وصرير الأسنان) (متي ، 30:25).

ويتمثل العذاب المعنوي في غضب الرب، ورد في رسالة بولس إلى أهل رومية (وأمَّا الذين هم من أهل التحزب ولا يطاوعون للحق بل يطاوعون للإثم فسخط وغضب شديد وضيق على كل نفس إنسان يفعل الشر)، وجاء في رسالة بولس الثانية إلى أهل سالونيكي (في نار ولهيب معطيا نقمة للذين لا يعرفون الله والذين لا يطيعون إنجيل ربنا يسوع المسيح، الذين سيعاقبون بهلاك أبدي من وجه الرب من مجد قوته، النار واللهيب للذين لا يعرفون الله ولا يطيعون الإنجيل، والهلاك الأبدي من وجه الرب).

ومع أن نصوص الإنجيل تجمع بين العذاب الحسي والمعنوي، فإن كثيراً من النصارى لا يقولون بالنار الحسية، ويغلبون العذاب المعنوي المتمثل في غضب الله والهلاك الأبدي، بينما البعض الأخر منهم يذهب إلى أن أنهار النار حقيقية؛ لأن تكرار ذكر النار في النصوص الإلهية دليل واضح على حقيقة وجودها.

2. النار في التصور اليهودي

صورت أسفار اليهود الجحيم كأنه مكان مظلم تحت الأرض، وله أبواب، وسكانه يشعرون وكأنهم في وجود بليد جامد، تذهب إليه نفوس الجميع، وفيه القصاص. ومع أن التوراة خلت من الحديث عن الثواب والعقاب، فإن التلمود تحدث عن بعض أوصاف السعير الذي يعذب فيه العصاة.

وتنحصر تصورات اليهود في أمور منها:

أ. أن الجحيم له أبواب ثلاثة هي: باب البرية، وباب في البحر، وباب في أورشليم.

ب. أن نار جهنم ليس لها سلطان على بني إسرائيل؟؟، وقال بعض الحاخامات:

(1) إن الإسرائيليين الذين اقترفوا الذنوب سيذهبون مع الأجانب إلى نار جهنم ويمكثون فيها أثنى عشر شهرا.

(2) أنهم أبناء الله وأحباؤه فإنهم لا يمكثون في النار أبدا ؟؟ وإنما هي فترة وجيزة يخرجون بعدها إلى الجنة.

3. النار في عقائد المجوس

لعل المجوس من أشهر الشعوب التي قدست النار في التاريخ البشري،ويعتقد المجوس أن النار قد جمعت كل عناصر الحياة، الحركة، والحرارة، واليبوسة، واللطافة، والنور، وأن منفعة النار تختص بالإنسان دون سائر المخلوقات؛ ولهذا عظموها، وقالوا: (إذا أفردتنا بنفعها نفردها بتعظيمها)، وسبب تقديس المجوس للنار يعود لقولهم بالأصليين: النور والظلمة، الخير والشر، وزعموا أن الخير من فعل النور وأن الشر من فعل الظلمة.

وعقائد المجوس كلها تدور على قاعدتين اثنتين[4]:

إحداهما: بيان سبب امتزاج النور بالظلمة.

الثانية: بيان سبب خلاص النور من الظلمة.

وجعلوا الامتزاج مبدأ، والخلاص معادا، وإنما يعظمون النار لمعان فيها؛ منها أنها جوهر شريف علوي، وأنها خيرة طاهرة زكية لطيفة، وأنها علوية نورانية، ولا وجود إلا بها، ولا بقاء إلا بإمدادها، وأنها من جنس الآلهة النورية، وهي صورة جرم الشمس، وشعاعها كشعاع الشمس، ورائحتها أطيب رائحة، وألوانها ألوان قوس قزح.

ويرى الزرادشتيون أن الماء والهواء والنار والتراب عناصر طاهرة، وقدسوا النار خاصة، واتخذوها رمزا ـ إلى جانب الشمس ـ لقوة الإله، وحافظوا على شعلة النار مشتعلة في هياكلهم بالمعنى الرمزي والمعنوي، وجعلوها تتأجج في صدورهم إلى جانب تأججها في المعابد، يقدمون لها وقودا من خشب الصندل وأخشاب عطرية أخرى، فتعبق الهياكل بروح قدسية فيها النشوة، والطهر، والخلود.

والحقيقة أن أكثر المجوس يعبدون النار ويقدسونها، ويعتقدون أن ما كان في هذا العالم من خير فهو من النار والنور، وما كان فيه من شر فهو من الظلمة، فالنار عندهم رمز للضياء والطهر والنقاء والخير.

فالإله الإيراني القديم "ميترا" يتخيله أتباعه أنه النور والضياء، وهو دوما في صراع مع قوى الظلام.

4. النار عند شعوب الساميين القدماء

قدس الساميون القدماء النار، وكانوا يضحون بأنفسهم وأولادهم حرقا في النار المقدسة:

قد ضحى "ميشا" ملك مؤاب بابنه البكر في لهيب النار، وانتحر الملك الاشوري "سردنابالس" الذي أسس (طرطوس) في محرقة هائلة، وكانوا يعدون النار مطهرا قويا لأنها تلتهم الجسد الفاني ولا يبقى من الإنسان إلا الروح الإلهة الخالدة. وكانت الوثنية الفينيقية تقدم الضحايا البشرية للنار، وقد يقدمون أعز أبنائهم قرابين تلتهمهم نار الآلهة.

5. النار عند عباد الهند

زعم عباد النار من الهنود أن النار أعظم جرما، وأوسع حيزا، وأعلا مكانا، وأشرف جوهرا، وأنور ضياء وإشراقا، وألطف جسما وكيانا، والاحتياج إليها أكثر من الاحتياج إلى سائر الطبائع، ولا كون في العالم إلا بها، ولا حياة، ولا نمو، ولا انعقاد إلا بممازجتها.

كيفية عبادة النار عند الهنود

كانت عبادة الهنود للنار أن يحفروا أخدودا مربعا في الأرض، ويؤججون النار فيه، ثم لا يدعون طعاما لذيذا، ولا شرابا لطيفا، ولا ثوبا فاخرا، ولا عطرا فائحا، ولا جوهرا نقيا، إلا طرحوه فيها تقربا إليها وتبركا بها، ولكنهم حرموا إلقاء النفوس فيها، وإحراق الأبدان بها ـ خلافا لجماعة أخرى من زهاد الهند ـ وعلى هذا المذهب أكثر ملوك الهند وعظمائهم، يعظمون النار لجوهرها تعظيما بالغا ويقدمونها على الموجودات كلها وبعض زهاد الهند يجلسون حول النار صائمين لا يتنفسون إلا من أنفاسها.

 



[1] تنفضت (بالقاف): صوتت.

[2] العرقوب من الدابة: ما يكون في رجلها بمنزلة الركبة في يديها.

[3] السلع : نبات، وقيل شجر مر له ورقة صغيرة شاكة، والعشر: من كبار شجر العضاة، وهو ذو صمغ حلو وحراق، يقتدح به، عريض الورق له زهرة فيها سكر.

[4] انقسم المجوس فرقا في تفسير هذين المبدأين، ومن هذه الفرق: الكيومرثية، والزروانية، والزردشتية، والمانوية، والمزدكية، وغيرهم.