إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اقتصادية / النقود والبنوك، والمنظمات النقدية الدولية




أقدم صورة للشيك
أقدم صورة لعملة أمريكية
اقدم صورة لعملة ورقية
جون ماينرد كينز
ديفيد ريكاردون

أهداف البنوك التجارية
الأبعاد الاستثمارية
تطور شكل النقود
دورة النشاط الاقتصادي الحديث




القسم الثاني: النظم النقدية الدولية

القسم الثاني: النظم النقدية الدولية

        إن النظام النقدي الدولي "هو ذلك النظام الذي يعمل على إيجاد وحدة لتسوية التعاملات التجارية الدولية، ويقوم بالربط بين الوحدات النقدية القومية لدول العالم المختلفة".

        ولقد شهد العالم على مر التاريخ عدة نظم نقدية دولية، نذكرها في المباحث التالية:

المبحث الأول: قاعدة الذهب

        في منتصف القرن التاسع عشر، كانت إنجلترا أول دولة طبقت نظام أو قاعدة الذهب، ثم تبعتها باقي الدول. وظل نظام الذهب هو النظام السائد في العلاقات النقدية الدولية، حتى بداية القرن العشرين.

        في بداية هذا النظام، أخذت عملية استيراد وتصدير الذهب شكل السبائك أو العملات الذهبية، وأصبحت حرية استيراد الذهب وتصديره، بين الدول التي تستخدم قاعدة الذهب، مكفولة لأي شخص.

        ووفقاً لقاعدة الذهب، تقوم السلطات المالية بشراء وبيع الذهب بكميات محدودة، وبسعر محدد وموحد للبائع المشتري.

        فبالنسبة للمسبوكات الذهبية، يتم تحديد السعر بمقتضى وزن كل منها، ودرجة نقاوته، وتعتبره وحدة للنقود الأساسية لها، ويطلق عليه اسماً كالجنيه والريال والدولار.

        ففي ظل هذا النظام، يستطيع أي شخص أن يسلم دار سك النقود سبيكة ذهبية، ليحصل في مقابلها على عدد من المسبوكات الذهبية، تساويها في الوزن، والعكس صحيح.

        وفي ظل هذه القاعدة، تقوم كل دولة بتحديد سعر للبنكنوت الذي تصدره، ويحق لحامله أن يحصل في مقابله على ما يساويه من مسبوكات ذهبية.

        وظل نظام العملات والمسكوكات الذهبية مطبقاً، إلى أن قامت الحرب العالمية الأولى سنة (1914).

        وباندلاع الحرب العالمية الأولى، اضطرت حكومات الدول المشاركة في الحرب، إلى سحب المسبوكات الذهبية لشراء ما يلزمها من أسلحة وذخيرة، والصرف على المجهود الحربي، وذلك في مقابل التوسع الكبير في إصدار عملات ورقية.

        وخلال فترة الحرب، هرع المودعون إلى البنوك لسحب واسترداد ذهبهم المحفوظ في خزائنهم كأمانة. ولما كانت الحكومات قد أصدرت من نقوداً ورقية ما تفوق ما لديها من غطاء ذهبي، فلم تستطيع البنوك الإيفاء بالتزاماتها تجاه المودعين.

        وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، بدأ هذا النظام في الترنح لعدم قدرة الدول على إيجاد رصيد كامل من الذهب لتغطية البنكنوت المصدر خلال الحرب. وأصدرت التشريعات في مختلف دول العالم، لتحرم على الناس طلب صرف نقودهم الورقية ذهباً من البنوك.

        وتم إيقاف التعامل بالمسكوكات الذهبية، حيث حل محله "نظام السبائك الذهبية". وتقوم الحكومة، في ظل هذا النظام، بشراء الذهب بسعر محدد، وإعادة بيعه في صوره سبائك ذهبية ذات وزن وسعر مرتفع.

        واستهدف هذا النظام تقليل الإقبال على الذهب. وبذلك أصبح الذهب يباع ويشتري ولا يستبدل.

المبحث الثاني: قاعدة الصرف بالذهب

        بدأ تطبيق نظام الصرف بالذهب بناءً على مؤتمر جنوة سنة (1922). ويتم تسوية المدفوعات الدولية، وفقاً لهذه القاعدة، بواسطة عملة أجنبية، ترتبط ارتباطاً مباشراً بالذهب. وذلك يعني أن قيمة العملات ترتبط ارتباطاً غير مباشرٍ بالذهب عن طريق العملة القابلة للتحويل إلى ذهب مباشرة.

        ووفقاً لهذا النظام، فإن السلطات النقدية تستطيع شراء أو بيع ودائع البنوك في الدولة التي يقوم اقتصادها كلية على قاعدة الذهب، أي تتمتع العملة المركزية بغطاء إصدار كامل من الذهب.

        وفي بداية هذا النظام، كانت إنجلترا هي الدولة التي يقوم اقتصادها على الذهب، ولذلك كان الجنيه الإسترليني هو العملة المركزية المرتبطة بالذهب.

        وبذلك، أصبحت الدول المصدرة للبنكنوت تحتفظ بغطاء يمثل نسبة من العملة المصدرة في صورة سبائك ذهبية، أو في صورة العملة الأجنبية التي لها غطاء من الذهب.

        ولم يكتب لهذا النظام أن يعيش طويلاً، فلقد هجرت ألمانيا هذا النظام في يوليو سنة (1931).

        ومع ضعف الاعتماد على الفحم كمصدر للطاقة، وزيادة الاعتماد على البترول، انخفضت أهمية الجنيه الإسترليني في مقابل الدولار. إلي أن أصبح الدولار يمثل العملة المركزية للذهب. وفي سبتمبر عام (1931)، تم إيقاف تحويل الجنيه الإسترليني كلية إلى ذهب.

        وتلا إنجلترا كل من البلاد الاسكندنافية والبرتغال وجنوب أفريقيا، ثم تبعتها باقي دول العالم.

        ولقد كان للحرب العالمية الأولى أكبر الأثر في احتلال الولايات المتحدة الأمريكية مركز القوة الاقتصادية العظمى الأولى في العالم إلى يومنا هذا.

        فقبل الحرب العالمية الأولى، كانت الولايات المتحدة الأمريكية دولة مدينة للعالم الخارجي. حيث تدفقت الملايين من الدولارات إلى اقتصادها في صورة قروض واستثمارات مباشرة.

        وقام العديد من الدول الرأسمالية، خاصة بريطانيا وفرنسا وألمانيا، باستثمار رؤوس أموال ضخمة في الاقتصاد الأمريكي، وذلك لارتفاع الأرباح المحققة فيها، وخاصة في مجال تصنيع السكك الحديدية. ففي نهاية القرن التاسع عشر، كانت الولايات المتحدة تمتلك العديد من المستعمرات مما شجعها على بناء خطوط سكك حديدية، للربط بينها وبين مستعمراتها (انظر جدول حجم وهيكل الثروات القومية لبعض دول العالم عام (1895)). بالإضافة إلى مجال تصنيع السكك الحديدية، اتجهت رؤوس الأموال الأجنبية إلى الأنشطة الزراعية إلى جانب أنشطة التوسع العمراني، لاتساع الأراضي الأمريكية الصالحة للزراعة والغير مستغلة.

        وفي بداية القرن العشرين، بدأت الولايات المتحدة الأمريكية عملية إحلال رؤوس أموال أجنبية برؤوس الأموال الوطنية، وخاصة في شركات السكك الحديدية، التي كانت تعتمد في تمويلها على رؤوس الأموال الأجنبية.

        فلقد كانت معظم الاستثمارات في خمس من اكبر تسع شركات سكك حديد مملوكة لأجانب عام (1896). وفي عام (1905)، لم تزد نسبة استثمارات الأجانب عن 7% من أسهم هذه الشركات.

        وأخذ الاقتصاد الأمريكي في الازدهار، حتى بلغت الاستثمارات الخارجية لها (2.6 بليون دولار سنة 1913)، وبلغت في منتصف عام (1914) 5 بليون دولار. في حين بلغت استثمارات العالم الخارجي في الولايات المتحدة الأمريكية حوالي (7.5 بليون دولار).

        وجاءت الحرب العالمية الأولى، لتدمر العديد من القلاع الصناعية في أوربا وآسيا، مما أعطى الفرصة للولايات المتحدة الأمريكية أن تنمي إنتاجها وتزيد من مواردها المالية والتكنولوجية.

        وبذلك، ارتفعت صادرات الولايات المتحدة الأمريكية إلى العديد من الدول خاصة تلك التي سبق لها إمداد العون لها قبل الحرب العالمية الأولى، وهي بريطانيا وفرنسا.

        وكانت محصلة هذه الحرب هي احتكار الولايات المتحدة الأمريكية للعديد من الصناعات، وامتلاك أمريكا لأكبر رصيد من الذهب في العالم، فأصبحت دائنة للعديد من دول العالم بعد أن كانت مدينة لهم (انظر جدول أصول القروض وفوائدها الواجبة الدفع للولايات المتحدة الأمريكية من الدول المشتركة في الحرب العالمية الأولى).

        ومع حلول عام (1934)، كانت جميع الحكومات متحللة من أي ارتباط بالذهب، باستثناء الولايات المتحدة الأمريكية، صاحبة اكبر رصيد ذهب في العالم في ذلك الوقت. إذ أبقت على قابلية الدولار الأمريكي إلى التحول إلى ذهب، في المعاملات الدولية، وأصبح سعر الأوقية من الذهب معادلاً لـ 35 دولار أمريكي.

المبحث الثالث: قاعدة الصرف بالدولار وسعر الصرف الخاص

        شهد العالم فوضى نقدية عالمية، خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية والفترة التي تخللتهما، وانهارت نقود كثير من الدول.

        ففي ألمانيا، انهار النظام النقدي تماماً، وأُوقف التعامل بالمارك الألماني سنة (1923)، نتيجة إسراف البنك المركزي الألماني في إصدار كميات متزايدة من النقود الورقية، طوال فترة الحرب العالمية الأولى وما بعدها. وفي بريطانيا، ارتفع الرقم القياسي[1] لكمية النقد الورقي المتداول من مائة، عام 1938، إلى مائتين وستين، عام 1947.

        وفي الصين، ارتفع الرقم نفسه من (100) سنة (1937)، إلى (40788) سنة (1945).

        وفي مصر ارتفع الرقم القياسي لكمية النقود الورقية المتداولة من مائة، عام 1939، إلى أربعمائة وستة وعشرين، عام 1945.

        ولقد اثر التضخم تأثيراً سيئاً على معظم دول العالم (انظر جدول الزيادة في كمية النقد الورقي المتداول والتضخم في المستوى العام للأسعار في الصين (من عام 1937 إلى 1947)).

        وكانت الحرب العالمية الثانية، نقطة تحول أخرى لصالح الولايات المتحدة الأمريكية، وكانت عاملاً رئيسياً منشطاً لنشاطها الاقتصادي (انظر جدول أرباح الشركات الأمريكية خلال الحرب العالمية الثانية (1941 - 1945)).

        في عام 1944، تم إنشاء صندوق النقد الدولي، بموجب اتفاقية بروتن وودز (Bretton Woods)  كرد فعل للفوضى التي عمت النظام النقدي الدولي وبمقتضى هذه الاتفاقية تم تحديد القواعد التي يتم على أساسها تحديد أسعار صرف عملات الدول المختلفة متمثلة في أسعار صرف ثابتة.

        حيث تم تثبيت سعر الصرف للدولار عند سعر (35) دولار أمريكي لأوقية الذهب، وتقوم كل دولة بتسوية معاملاتها بالدولارات وهذه الأخيرة يمكن تحويلها إلى ذهب. (انظر القسم الأول من الفصل الثالث).

         وبذلك، استمر اتساع مجال الدولار في التعاملات الدولية فكلما اهتزت ثقة أصحاب الأرصدة النقدية في العملة التي يحتفظون بها[2] بحثوا عن الأمان المتمثل في تحويل أرصدتهم إلى دولارات. وبالتالي ازداد الطلب على الدولار، وارتفعت قيمته في مواجهة عملات باقي الدول.

        وظل الدولار يحتل المكانة الأولى في العالم، ويحتفظ بقوته حتى بداية الستينات. فمع نهاية الخمسينات وبداية الستينات، تزايد معدل النمو في كل من اليابان وألمانيا الغربية بقوة.

        كانت نتيجة ذلك، أن اتجه الفائض في الميزان التجاري الأمريكي للتناقص التدريجي. ويعود ذلك إلى نمو الواردات بمعدلات تفوق معدلات الصادرات. فبينما زادت الصادرات الأمريكية خلال الفترة (1960 ـ 1970) بحوالي (9.8%)، فإن الواردات قد زادت بحوالي (14%). وشهد أيضا معدل النمو السنوي للناتج القومي[3] الأمريكي انخفاضاً من حوالي (7.9%) خلال الفترة (1949 ـ 1959) إلى حوالي 4.6% خلال الفترة (1960 ـ 1970).

        وقد تمكنت الولايات المتحدة الأمريكية من مقابلة هذا العجز الذي شهده ميزان المدفوعات، خلال الخمسينات والستينات، عن طريق تحويل جزء كبير من الرصيد الذهبي الذي تحتفظ به، وزيادة مديونيتها للعالم الخارجي (انظر جدول الاحتياطي الذهبي للولايات المتحدة والأرصدة الدولارية بالخارج).

        ثم جاءت حرب فيتنام، فساهمت في زيادة التكاليف التي تكبدها الاقتصاد الأمريكي. ونظراً لضغوط الانتخابات الرئاسية الأمريكية، فضل المسئولون الأمريكيون عدم فرض ضرائب جديدة، لتمويل نفقات الحرب.

        وقامت الحكومة الأمريكية بتمويل نفقات الحرب، عن طريق زيادة كمية الإصدار النقدي للدولار، دون أن يقابل ذلك زيادة في الناتج القومي. مما أدى إلى انخفاض القيمة السوقية للدولار، واهتزاز الثقة فيه.

        وفي مطلع الستينات، تناقص الفائض في الميزان التجاري الأمريكي مرة أُخري، حيث بلغت الزيادة في الواردات، عام (1971) ( 22 % )، في حين زادت الصادرات بحوالي (13%)، وهكذا أصبح الفائض في الميزان التجاري عاجزاً عن سد الفجوة في ميزان المدفوعات (انظر ملحق ميزان المدفوعات).

        وخلال الفترة (1970 ـ 1973)، بلغت الصادرات الأمريكية (4.2%) من جملة الناتج القومي، بينما بلغت هذه النسبة (10 %) في اليابان. واكتشفت الشركات الأمريكية فرصاً استثمارية واسعة في الخارج، فبدأت هذه الشركات في البحث عن العوامل المشجعة للاستثمار المتمثلة في التسهيلات الائتمانية، وانخفاض الأجور والضرائب.

        وعندما تأكدت الولايات المتحدة الأمريكية بأنها عاجزة عن الوفاء بالتزاماتها الدولية، بتثبيت سعر الدولار عند (35) دولار لأوقية الذهب، أعلن الرئيس نيكسون رسمياً في (15 أغسطس 1971)، تحلل الولايات المتحدة الأمريكية من التزامها بتحويل الدولار إلي ذهب (انظر جدول تطور الحيازة الرسمية للذهب علي مستوي العالم).

        وعقب ذلك القرار، شهدت الأسواق النقدية في العالم، أكبر اضطراب عرفته في تاريخها. فبعد هذا القرار، تابعت أسعار المعادن ارتفاعها بشكل جنوني، فبعد أن كان سعر الذهب مقوماً بالدولار ثابتا‌ً عند (35 دولارا للأوقية) قبل هذا القرار، تجاوز (159 دولار للأوقية سنة 1974).

        وتهافت العالم على الذهب والفضة. فبعد أن كان سعر الفضة (1.5 دولار) للأوقية سنة (1971) قبل قرار نيكسون، بلغ (4.7 دولار) للأوقية سنة (1974) (انظر جدول تطور الأسعار العالمية للذهب والفضة).

        هذا، ولقد كان تخلي الولايات المتحدة الأمريكية عن التزامها بتحويل الدولار إلى ذهب بمثابة انهيار للنظام النقدي العالمي، الذي ارتبط بقاعدة الصرف بالدولار، وانتهاء قاعدة أسعار الصرف الثابتة. وظهور نظام جديد قائم على تعويم أسعار الصرف للعملات.

المبحث الرابع: تعويم العملات

        يقصد بتعويم العملات (أسعار الصرف)، تلك الحالة التي تقوم فيها الدولة بالسماح لسعر الصرف بالتغير بحرية في سوق الصرف.

        وبذلك، فإن تعويم أسعار الصرف، أبعد سوق النقد الدولية من أسعار الصرف المحددة، إلى أسعار الصرف المتغيرة وفقاً لمتغيرات العرض والطلب.

        ولكي نوضح عملية تحديد أسعار العملات في ظل نظام تعويم أسعار الصرف، دعونا نفترض أن سوقاً، تتبادل فيه العملة (أ) مقابل الدولار.

 

        فإذا كان المحور السيني يمثل كمية الدولارات المطلوبة والمعروضة، والمحور الصادي يمثل سعر الدولار مقوماً بالعملة (أ)، فإن التوازن يتحقق في هذا السوق عند التقاء الطلب (ط ط) للدولار مع منحني العرض للدولار (ع ع) عن النقطة م.

        تم تعديل بنود اتفاقية بروتون وودز في عام (1969). وكان الهدف من هذا التعديل هو إنشاء حقوق السحب الخاصة وأصبح هذا التعديل سارياً في (28 يوليه سنة 1969). وتعرف حقوق السحب الخاصة بأنها عبارة عن وحدات نقدية حسابية، تعطي صاحبها الحق في الحصول على تسهيل ائتماني بعملات قابله للتحويل من الدول الأعضاء في الصندوق.

        وكانت وحدة حقوق السحب الخاصة سنة (1969) تعادل الدولار، غير أنها انفصلت عنه بعد تخصيص سعر صرفه وكانت أيضا تعرف بالذهب (35 وحدة سحب خاص للأوقية).

        وتطبيق هذا النظام، في بعض الأحيان، قد يؤدي إلى نتائج سلبية للاقتصاد القومي. وبالتالي قد لا يكون مرغوبا فيه من بعض الحكومات.

        فحالة انخفاض العملة كنتيجة لزيادة الدخل القومي، كما هو الحال في الولايات المتحدة سنة 1977، تعتبر من الأمور الدالة على قوة الاقتصاد القومي للدولة صاحبة هذه العملة، حيث كانت معدلات النمو المرتفعة في الولايات المتحدة الأمريكية بالمقارنة ببقية الدول سبباً في انخفاض قيمة الدولار، وذلك يرجع إلى زيادة الاستهلاك الناتج عن ارتفاع الدخل، وبزيادة الواردات تنخفض قيمة عملة الدولة المستوردة في مقابل عملة الدولة المصدرة. أما إذا انخفضت قيمة العملة كنتيجة لارتفاع معدلات التضخم، فإن ذلك يعتبر من العوامل الدالة على ضعف الاقتصاد القومي للدولة صاحبة العملة.

        وقد تتدخل بعض الدول لخفض قيمة عملتها في مواجهة عملة أخرى وذلك لزيادة صادراتها كنتيجة طبيعية لانخفاض قيمة السلع المصدرة.

        وأكبر مثال على ذلك، ما تقوم به الحكومات والمؤسسات المالية اليابانية من محاولات لخفض قيمة الين في مقابل الدولار، بهدف زيادة الصادرات اليابانية نتيجة انخفاض تكلفة الين في مقابل الدولار.

        وتتدخل الحكومات، عن طريق بنوكها المركزية، في قوي العرض والطلب لكمية النقود، في ظل نظام تعويم العملات ويسمى بالتعويم المدار (Managed Floating) أو التعويـم القذر (Dirty Floating).

        أمّا في حالة عدم تدخل السلطات النقدية والحكومات فإن تعويم العملات يطلق عليه (Clear Floating) أو التعويم النظيف.

وتم تعديل اتفاقية بروتن وودز في عام (1974)

        بموجب هذا التعديل، أصبحت حقوق السحب الخاصة هي الاحتياطي الأساسي في النظام النقدي الدولي. فبعد قرار نيكسون الشهير في ديسمبر عام (1971)، وما تلاه من انخفاض شديد في قيمة الدولار، تم تعديل الأساس الذي يجب على أساسه احتساب قيمة حقوق السحب الخاصة. فبعد أن كانت وحدة السحب الخاصة تعادل (1.20635 دولار) في (فبراير سنة 1974)، أصبحت قيمة وحدة السحب الخاصة، بعد تعديل الاتفاقية، في (يونيه سنة 1974)، تحدد على أساس المتوسط المرجح لقيم عملات الست عشرة دولة الأعضاء في صندوق النقد الدولي.

        واستحدث صندوق النقد الدولي قواعد جديدة في عام (1974)، بموجبها أصبح للدول الأعضاء الحق في الاستفادة من التسهيلات الجديدة التي يقدمها الصندوق.

        وتمثل هذه التسهيلات، تسهيلات متوسطة الأجل ترتبط بحصة العضو لدى الصندوق ولا تخضع للشروط السابقة الخاصة بمفهوم الاختلال المؤقت في ميزان المدفوعات، وكان من أهداف الصندوق، قبل تعديل بنوده، القيام بعملية تمويل تعويضي لسد احتياجات الدولة (Compensatory Financing) في حالة التدهور في الصادرات، نتيجة ظروف طارئة، لتفادي مشاكل العجز المؤقت في ميزان المدفوعات.

        أما المفهوم الجديد لقواعد التسهيلات الائتمانية للصندوق، بعد تعديل بنوده، فيهدف إلى علاج العجز في موازين مدفوعات الدول الأعضاء التي قد يحتاج علاجها فترة طويلة.

        وفقاً لهذا التعديل، يكون من حق الدول الأعضاء الحصول على قرض من الصندوق، في شكل دفعات سنوية لمدة لا تتجاوز ثلاث سنوات، على أن موافقة الصندوق على هذا النوع من الاقتراض المتوسط الأجل، إنما يخضع لشرط جوهري، ألاّ وهو إذعان الدولة العضو لنظام التسهيلات الموسعة، والتي بمقتضاه يحق للصندوق أن يطلب من الدولة العضو، البيانات والمعلومات التي يراها كافية، عن السياسة الاقتصادية التي تنتهجها لإصلاح مسارها الاقتصادي.

        ويقوم الصندوق، بعد ذلك، بدراسة جدوى هذه السياسة الاقتصادية التي تتبناها الدولة لإصلاح مسارها الاقتصادي. وتتعهد بتنفيذ هذه السياسة بغية إصلاح العجز في ميزان المدفوعات. وبعد ذلك، يدخل الصندوق مع الدولة العضو في اتفاق، تمنح الدولة العضو بمقتضاه التسهيلات الائتمانية الموسعة.

        ولقد احتوت تعديلات اتفاقية بروتن وودز (عام 1974) العديد من النقاط المهمة. فكان أهم ما احتوته هذه التعديلات، هو إنهاء الدور الذي كان يقوم به الذهب في تحديد أسعار الصرف. وبالتالي، الغي السعر الرسمي للذهب، والغي الالتزام بتصفية المدفوعات الدولية بين أعضاء الصندوق بالذهب. إضافة إلى ذلك، فإن هذا التعديل لم يقف معارضاً لقوى العرض والطلب كمحدد لأسعار الصرف وقبِل مبدأ تدخل السلطات النقدية في هذه القوي، في حالة وجود تقلبات عشوائية في أسعار الصرف من شأنها أن تضر بالاقتصاد القومي.

        والآن، وبعد مرور حوالي ربع قرن على تعديل اتفاقية بروتن وودز، أصبحت هناك العديد من العوامل المؤثرة على طلب النقد وعرضه وسعر صرفه.

 



[1] الرقم القياسي، عادة، ما يتخذ سنة أساس يتوافر فيها الاستقرار الاقتصادي لدولة ما.

[2] المثال الأكثر شيوعاً لاهتزاز ثقة المتعاملين في عملة معينة هو التضخم النقدي.

[3] الناتج القومي هو مؤشر يبين مدي ثراء دولة عن طريق قياس مجموع القيم المضافة بواسطة كل فروع النشاط الاقتصادي للدولة.