إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اقتصادية / منظمة الدول المصدرة للبترول (الأوبك OPEC)





أسعار البترول 1947 - 2003
أسعار الزيت الخام 1869 - 2003
الأوبك وأسعار البترول 1947 - 2003
الأحداث وأسعار البترول 1947 - 1973
الأحداث وأسعار البترول 1973 - 1981
الأحداث وأسعار البترول 1981 - 1998
التكلفة 1973 - 1981




مقدمـــه

المبحث الثاني

الأوبك وأسعار البترول

أولاً: تاريخ تسعير البترول

وضعت في اتفاقية "أكناكاري" معادلة أو قاعدة لتسعير الخام، اتخذ فيها سعر الزيت الخام في خليج المكسيك أساساً لتسعير الخامات المماثلة في أي مكان من العالم، مضافاً إليه نولون الشحن[1] من خليج المكسيك إلى ذلك المكان، بغض النظر عن موقع مصدر الخام. وكان تبرير شركات الكارتل لهذا التسعير أن الإنتاج الأمريكي يمثل 68% من الإنتاج العالمي، وأن الولايات المتحدة الأمريكية كبرى أسواق استيعاب الإنتاج. ومن أجل المحافظة على أسعار الزيوت الخام الأمريكية ثابتة، ولمنع المنتجين الآخرين في الولايات المتحدة الأمريكية من تخفيض أسعارهم عن أسعار الكارتل، كان لابد، من احتكار الكارتل لصادرات الولايات المتحدة الأمريكية وتحديد معدلات التصدير على النحو الذي يكفل الاستقرار للسوق العالمية لصالح أعضائه. ومن هنا أنشأت إدارة شركة نيوجيرسي ستاندرد شركتين هما: شركة ستاندرد أويل للتصدير وتمتلكها نيوجيرسي ستاندرد كاملاً، وشركة اتحاد مصدري البترول وتمتلكها شركة نيوجيرسي ومعها 16 شركة بترول أمريكية أخرى من الشركات المشتغلة بتصدير البترول الأمريكي. وللتغلب على بعض الصعوبات الفنية والمتاعب، التي أثارتها الشركات والأطراف الأخرى خارج الكارتل، لجأت الشركات الثلاث إلى عقد مجموعة من الاتفاقيات التكميلية في الفترة 1930 – 1934، استطاعت، من خلالها، ضم شركة موبيل أويل، وشركة قلف، وشركة تكساكو، وشركة ستاندرد أوف كاليفورنيا إلى الكارتل. وأصبح الكارتل يعرف باسم "الشقيقات السبع". ومن هنا بدأ التكامل الأفقي الجغرافي، جنباً إلى جنب، مع التكامل الرأسي، ليمكن دول الكارتل من السيطرة على العالم بأكمله. وعلى إثر الحرب العالمية الثانية تضاعف الطلب على بترول الشرق الأوسط، لاستخدامه في الأغراض العسكرية، باعتباره أقرب مسافة، وأكثر أمناً من بترول الغرب. ومن هنا جرى الاعتراض على قاعدة التسعير الموضوعة من الكارتل عام 1928، حيث أنه في كثير من الحالات تكون المسافة بين الحقل المنتج ونقطة التسليم أقل كثيراً من المسافة بين خليج المكسيك وهذه النقطة. ومن ثَم، تحقق الشركات أرباحاً خيالية، على أساس غير مشروع، فضلاً على أنه غير واقعي. وبناءً على ذلك، عُدلت قاعدة التسعير لتصبح "السعر في خليج المكسيك، مضافاً إليه مصاريف النقل الفعلية بين ميناء التصدير وميناء التسليم"، وجاء هذا التعديل بطبيعة الحال في صالح الدول المستوردة لبترول الشرق الأوسط.

وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية بدأت مرحلة من التوسع والنمو السريع لبترول الشرق الأوسط، الذي ساعد على ارتفاع تكاليف الإنتاج في الغرب. ومع تزايد قلق الولايات المتحدة الأمريكية من نفاد الموارد المحلية، انتقل ميزان النقل في صناعة البترول العالمية إلى الشرق الأوسط، ومن هنا بدأ الكارتل تعديل قاعدة التسعير، حيث تكون لندن هي نقطة التوازن وذلك عام 1947، لتصبح القاعدة هي (سعر خليج المكسيك + نولون الشحن من خليج المكسيك إلى لندن) - النولون من الخليج العربي إلى لندن شاملاً رسم المرور في قناة السويس = سعر الخليج العربي، وكان الهدف من ذلك خفض أسعار بترول الشرق الأوسط إلى مستوى أدنى كثيراً من أسعار فنزويلا والغرب عموماً، وخصوصاً بعد مشروع مارشال لإعادة بناء الاقتصاد الأوروبي.

وبالنظر إلى الكارتل على أنه المالك لـ 95% من بترول الخليج العربي وفنزويلا والشرق الأوسط، يتضح أن تعديل القاعدة كان يهدف إلى إعادة بناء الاقتصاد الأوروبي على حساب الخليج العربي، بحكم وفرة الإنتاج ورخص التكاليف، ولإحلال البترول محل الفحم في أوروبا، وزيادة مبيعات الكارتل، وتدعيم مشروع مارشال الذي تتحمله الولايات المتحدة الأمريكية.

وبعد تحول الولايات المتحدة الأمريكية من مصدر إلى مستورد عام 1948، أصبحت نيويورك نقطة لموازنة أسعار بترول الشرق الأوسط مع أسعار الخام الفينزويلي، وأصبحت المعادلة هي: سعر الخليج العربي "فوب"[2] = سعر خام فنزويلا " سيف"[3] نيويورك – النولون من الخليج العربي إلى نيويورك.

وبهذا التعديل أصبحت هناك نقطتان لتوازن الأسعار، وهي لندن وتطبق على واردات أوروبا الغربية، والثانية نيويورك وتطبق على واردات الساحل الشرقي للولايات المتحدة الأمريكية، ووفقاً لذلك التعديل أصبحت أسعار بترول الشرق الأوسط ترتبط بأسعار خام فنزويلا بدلاً من خليج المكسيك، ومن هنا انتهت العلاقة التاريخية بين أسعار البترول الأمريكي وأسعار المناطق الأخرى.

ثانياً: منظمة الأوبك وأسعار البترول

مَثّلت السنوات من (1971 – 1973) نقطة تحول في تاريخ الشرق الأوسط، حيث انتهى في هذا التاريخ عهد الطاقة رخيصة الثمن، وتحكمت الدول المنتجة في أسعار البترول، وأخذت الشركات العالمية الكبرى دور الوسيط في نظام التوزيع بدلاً من دور المسيطر.

وكانت التوقعات في هذه الفترة تشير إلى زيادة أسعار البترول إلى الحد الأقصى في المستقبل القريب، بما يؤدي إلى تعاون الدول العربية، وتوحيد قواها الاقتصادية والعسكرية والسياسية.

الآثار المترتبة على ارتفاع أسعار البترول:

1. زيادة تدفق الموارد من الدول المستهلكة إلى الدول المصدرة للبترول.

2. انخفاض الناتج المحلي المتبقي للدول المستهلكة بعد تسديد قيمة البترول، من خلال التجارة بنفس مقدار الزيادة في التكاليف المالية للبترول.

3. تخلي الدول المستهلكة عن كميات كبيرة من الموارد، مقابل كل وحدة تستوردها من البترول.

4. تؤدي زيادة عوائد البترول إلى إعادة توزيع مهمة في الموارد النقدية، وزيادة مشاكل ميزان المدفوعات للدول، التي لا تتمكن من زيادة صادراتها، أو تخفيض وارداتها غير البترولية.

5. الدول غير البترولية من دول العالم الثالث، كانت أكثر تأثراً من الدول الصناعية غير البترولية.

6. أدى ارتفاع أسعار البترول إلى ارتفاع أسعار الأسمدة، والمنتجات البلاستيكية، والأدوية، والأسفلت، والمطاط، والمبيدات الحشرية، وغيرها، مما أثّر على دول العالم الثالث.

7. بزيادة السعر، أمكن التنبؤ بالتحول لاستخدام مصادر بديلة للطاقة مثل: الفحم، والأخشاب، والغاز الطبيعي.

8. انخفاض معدلات النمو الصناعي في الدول الرئيسية المستوردة للبترول.

9. انخفاض امتداد العمران ونمو الضواحي.

وتمثلت الزيادة في ازدياد عائدات دول الأوبك من 23.5 بليون دولار عام 1973 إلى 91.9 بليون دولار عام 1974، مع انخفاض الصادرات البترولية بمعدل 2.5%

كما أسهم رفع أسعار البترول في الركود الاقتصادي العالمي في الفترة من (1974 – 1975). وبينما زادت عائدات البترول لدول الأوبك، بمعدل سريع عام 1974، إلا أنها انخفضت واستقرت عند مستويات عالية نسبياً، غير أن الواردات استمرت في الارتفاع بمعدل ثابت نسبياً حتى عام 1976، حيث قلّل من تدفقها ضيق الموانئ وقلة وسائل النقل لديها.

ثالثاً: فائض ومركز الأوبك في السوق

المقصود هو الفائض المحقق لدول الخليج العربي بصفة أساسية، وهو ما يعني الفائض في ميزان مدفوعاتها الدولي بعد تسديد مستحقات الأجانب (وقد استثمر الفائض عام 1976 في بنوك أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية بنسبة 35%، 28% على التوالي) حيث مَثل ذلك العام فترة تلك الدراسة.

وتتمتع  الأوبك بمركز قوي في السوق، ويدعم ذلك وجود معدات ووسائل نقل تساعد في عمليات النقل والتصدير. ومع زيادة سعر بترول الأوبك، ستتطور بدائل جديدة على المدى البعيد من جهة، ومن جهة أخرى، ستتوصل الدول المستوردة إلى أساليب جديدة تؤدي إلى خفض استخدام بترول الأوبك. فقد زاد اعتماد الدول الصناعية والعالم بأكمله على استخدام البترول كمصدر للطاقة (انظر جدول مصادر الطاقة 1967 – 1976 ومَثَل البترول مع الغاز الطبيعي ثلثي العرض العالمي للطاقة، وظهر ذلك بوضوح في الدول الصناعية المتقدمة، وبذلك تنضح القوة التي تملكها منظمة الأوبك (انظر جدول الحجم النسبي للأوبك وغيرها من المنتجين للبترول 1976، وجدول الاستهلاك العالمي والواردات البترولية (1967 – 1976)).

وتعتمد أوروبا واليابان على منطقة الشرق الأوسط لتزويدها بما يزيد على ثلاثة أرباع احتياجاتها، وتعتبر الولايات المتحدة الأمريكية هي أكبر مستهلك للبترول، وقد زاد اعتمادها على الشرق الأوسط في عقد السبعينيات. وأدى تدهور احتياطيات الولايات المتحدة الأمريكية إلى التأثير المتزايد في منظمة الأوبك، ولم تستطع الولايات المتحدة الأمريكية تعويض النقص في صادرات البترول عام 1973، مثلما عوضته عامي 1956، 1967. ويبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية، ستستمر في الاعتماد على الواردات البترولية، لأن اكتشاف مصادر جديدة لها يعتبر أمراً بعيد المنال، وكل ما تقدم يؤكد تزايد الاعتماد على الأوبك في المستقبل القريب.

رابعاً: الأوبك والسعر المناسب

يرى الباحثون أن السعر المناسب هو الذي يوازن بين احتياجات كل من المستهلكين والمنتجين على المديين القريب والبعيد، أي أنه ليس السعر الذي يحقق إيرادات على المدى القريب فقط، وإنما السعر الذي يستوفي المتطلبات التالية:

1. يوفر للمنتجين دخلاً معقولاً من مورد طبيعي معرض للنضوب.

2. يحافظ على وفرة البترول في الأسواق، وقدرته على تلبية الزيادة في الطلب.

3. يوفر دخلاً يضمن وجود صناعة بترول عالمية قادرة على الاستمرار، وتلبية الزيادة في الطلب.

4. يسهل النمو الاقتصادي العالمي.

5. يحافظ على قدرة البترول في التنافس مع مصادر الطاقة الأخرى.

قد تبدو هذه المتطلبات صعبة المنال، ويبرز السؤال الأهم: كيف يمكن معرفة السعر المناسب، خاصة في ظل وجود هذا العدد الكبير من وجهات النظر المتباينة في السوق؟. ومع الصعوبة، إن لم يكن من المستحيل تعريف السعر المناسب بصورة دقيقة، لذلك يُعتقد بأن هناك نطاقاً للسعر يجري من خلاله تلبية احتياجات كل من المستهلكين والمنتجين. ومن خلال التركيز على نطاق السعر بدلاً من سعر واحد، فإن من الممكن إيجاد الظروف، التي تمكن قوى السوق من أداء دورها على المدى القريب. والأسلوب الحالي الذي تتبعه الأوبك، وتحاول من خلاله المحافظة على سعر سلة زيوت "الأوبك" في حدود 22 إلى 28 دولار للبرميل، هو محصلة خبرات طويلة، والدروس المستقاة من فترة الأسعار الثابتة، والأسعار الصافية، والأسعار المستهدفة، وانهيار الأسعار في عامي 1998 1999. فعندما هبط السعر إلى عشرة دولارات في عامي 1998-1999، اتضح أن السعر بهذا المستوى، سيضر بالصناعة وبالدول المنتجة، إذ إنه سيقلل من قدرتها على توفير البترول الذي يحتاجه العالم، مما يؤدي في النهاية إلى حدوث نقص على المدى المتوسط والبعيد، يؤثر سلباً على الاقتصاد العالمي. وقد أَثّرت أسعار البترول المنخفضة عام 1998 وأوائل عام 1999 في سوق البترول بثلاث طرق هي:

أ. إغلاق بعض الحقول ذات الكلفة العالية والأرباح المنخفضة، مما أدى إلى فقدان إنتاج يراوح ما بين 500 ألف برميل و900 ألف برميل في اليوم، معظمه من أمريكا الشمالية، وبعضه فقد بصورة نهائية.

ب. انخفاض الاستثمارات في التنقيب عن البترول وإنتاجه بصورة حادة في مختلف أنحاء العالم، وبلغ هذا الانخفاض 50 % في بعض المناطق قبل أن تعاود الأسعار إلى الانتعاش. ولو استمر ذلك الانخفاض في الاستثمارات لعام آخر، لواجه العالم أزمة بترول حقيقية.

ج. مواجهة مصاعب اقتصادية ومالية للدول المنتجة للبترول، مثل ارتفاع عجز الميزانية، والعجز في ميزان المدفوعات، والديون الكبيرة، وتخفيض قيمة العملات الوطنية.

خامساً: أسباب تذبذب أسعار البترول

1. يأتي المخزون العالمي على رأس العوامل المؤدية لتذبذب أسعار البترول، فمن المعروف أن ضعف الأسعار العالمية أدى إلى تكوين وبناء مخزون كبير من البترول، لدى الشركات المنتجة والدول المستهلكة، حيث تعمل وكالة الطاقة الدولية على زيادة المخزون الإستراتيجي من البترول لكل دولة عضو (90 يوماً من الواردات البترولية الخاصة بكل دولة)، ووضع خطة طوارئ لمشاركة الدول الأعضاء في الاحتياجات البترولية المتوافرة لديها. وقد تجاوز المخزون الإستراتيجي في بعض هذه الدول ذلك الكم بكثير، حيث وصل في كندا مثلاً إلى 342 برميل يومياً.

وكان لهذا المخزون الفضل في إحداث تغييرات هيكلية في سوق البترول لصالح الدول المستهلكة، ومَكَّنها من تخفيض الطلب العالمي على البترول، طوال عقد الثمانينيات، من 84.294 مليون طن من الزيت عام 1986، مقابل 3141.7 مليون طن زيت عام 1979. وكان التحسن، الذي شهدته الأسعار البترولية في بدايات عام 1999، راجعاً إلى انخفاض المخزون العالمي بنسبة كبيرة، خاصة بعدما التزمت دول الأوبك بتخفيض حصص إنتاجها. ونتيجة للتذبذب الذي حدث في سبتمبر 1999، والذي حمل قدراً من الخطورة، فقد أشارت جريدة "Wall Street Journal" الأمريكية إلى أن السبب قد يرجع إلى تحرك وكالة الطاقة الدولية لزيادة مخزون دولها لتقليل الطلب على البترول، ومن ثَم، زيادة المعروض، فتتراجع بذلك أسعار البترول مرة أخرى.

2. عدم التزام الدول، سواء داخل منظمة الأوبك أو خارجها، بقرارات الحماية الخاصة بأسعار البترول الخام وكمياته المعروضة في الأسواق، في محاولة منها لتحقيق بعض المكاسب بشكل فردي. وقد أسهمت تلك المشكلة في زعزعة قوة منظمة الأوبك، وإضعاف قراراتها. ومع بداية عام 1999، وعلى إثر التدهور الخطير في أسعار البترول، نتيجة عدم الالتزام بقوة الإنتاج المحدودة، سعت بعض الدول داخل الأوبك مع دول خارجها إلى إبرام اتفاق، يجري الالتزام بمقتضاه بسقف إنتاجي محدود وقد حدث ذلك بالفعل في مؤتمر فيينا في 23 مارس 1999، وانتهى الأمر إلى تخفيض قدره مليونا برميل، وصلت بسببه الأسعار إلى 18 و19 دولار للبرميل. وهذا التذبذب في السعر جاء نتيجة خرق بعض الدول للاتفاق المشار إليه، فقد انخفضت نسبة الالتزام بالاتفاق في شهر سبتمبر إلى 92.5%. كما رصدت جريدة "القدس العربي" ارتفاعاً في الإنتاج إلى 3.65 مليون برميل يومياً في أغسطس، مقارنة بالحصة الإنتاجية المقررة وهي 3.35 مليون برميل يومياً، كما سجلت ارتفاعات طفيفة في إنتاج الكويت والإمارات وقطر وإندونيسيا وليبيا والجزائر بإجمالي قدره400 ألف برميل. ويتعجب البعض من أن تؤدي هذه الزيادة الطفيفة إلى تذبذب في الأسعار، إلا أن ذلك يعود إلى نظرية مهمة في سوق البترول، وهي نظرية خارج الحصص المقررة، التي تؤكد أن أهم متغير يؤثر في سعر البترول، هو تغير العرض الهامش، أن آخر برميل من البترول يضاف إلى إجمالي المعروض أو ينتقص منه، يشكل مزيداً من الضغط على أسعار البترول أكثر من التدفق الأساسي للبترول ذاته.

3. تلعب الولايات المتحدة الأمريكية دوراً في تذبذب الأسعار، فعلى الرغم من أنها خارج الأوبك إلا أنها تمارس ضغوطاً على السوق البترولية، سواء فيما يتعلق بالإنتاج أو الأسعار. وعلى الرغم من  أنها أكبر المستهلكين للبترول، فهي تستهلك يومياً 17.5 مليون برميل. وتستورد 8.5 مليون برميل، فإنها في الوقت نفسه تُعد أكبر المنتجين للبترول، حيث تنتج يومياً 7.1 مليون برميل. وإستراتيجيتها في مجال البترول هي الإبقاء على سعر البرميل عند حد لا يزيد على 20 دولاراً. وذلك لأكثر من سبب منها أن انخفاض سعر البترول يعني أن الدول الخليجية ستقل وارداتها من أمريكا، وهذا سيضر كثيرا بالاقتصاد الأمريكي، وسبب آخر هو أن انخفاض السعر سيقلل من شراء الدول الخليجية، على وجه التحديد، الأسلحة والصواريخ من الولايات المتحدة الأمريكية، ومن هنا كان قلق أمريكا وضغطها على الشركات والدول البترولية، حتى تستعيد أسعار البترول توازنها.

أ. داخل الأوبك:

(1) تُتخذ قرارات منظمة الأوبك المتعلقة بمختلف سياساتها من قبل المؤتمر، وهو المجلس الذي يضم ممثلي الدول الأعضاء بالمنظمة.
(2) يجتمع المؤتمر مرتين سنوياً، وتؤخذ القرارات في التصويت بالإجماع، ويتمثل دور المؤتمر أساساً في تحديد السعر وكميات الإنتاج.
(3) تمثل منظمة الأوبك، حالياً اتحاداً مرناً، بين أعضاء يجمعهم الاعتقاد المشترك، بأن كل عضو يحظى عن طريق التجمع بوضع اقتصادي وسياسي أفضل مما يكون عليه، من دون ذلك الاتحاد.

ومن بين مقاييس الأوبك لتحديد السعر، يعتبر البترول السعودي الخفيف مقياساً لتحديد سعر البترول، ويشاركه في ذلك البترول الليبي الخفيف.

وتظهر بعض المشاكل في طريقة تحديد السعر بواسطة الأوبك؛ لأن طريقة تحديد السعر لا تعطي أحياناً أعلى أو أقصى عائد لأعضائها.

ب. الخلاف حول سياسة التسعير لمنظمة الأوبك:

فشل مؤتمر الأوبك عام 1976 في سياسة تسعير البترول، حيث وافق أحد عشر عضواً على زيادة 10% لنصف العام الأول، بينما يكون 5% لباقي العام، فعارضت المملكة العربية السعودية والإمارات هذا القدر من الزيادة، واقترحتا أن تكون الزيادة 5% للعام كله، مما أدى إلى فشل المؤتمر.

وتعتمد منظمة الأوبك والسعودية، بصفة خاصة، على تخفيض وزيادة الكميات لتحديد الأسعار والتوازن فيها.

ج. المنتجون والمستهلكون:

تتوقف أحوال سوق البترول الطويلة الأجل على عوامل متشابكة، مثل معدل النمو الصناعي في العالم، ومدى تطور موارد البترول خارج منظمة الأوبك. وتتفق أغلب الدراسات والأبحاث على ضرورة أن يكون هناك زيادة مُطّردة في إنتاج البترول سنوياً، حتى يتوازى ذلك مع زيادة الطلب السنوي للعالم من البترول، ومع افتراض أن معدل نمو الطلب للبترول 3% سنوياً، فإنه يجب زيادة الإنتاج العالمي من 59 مليون برميل يومياً عام 1976 إلى ما يزيد على 76 مليون برميل عام 1985 لاستيفاء هذا الطلب.

سيطرت دول الأوبك على نحو 33 مليون برميل يومياً من الصادرات البترولية العالمية (خام، ومنتجات مكررة) أو ما يعادل نحو 63% من تلك الصادرات، ويتوقع أن تزداد تلك السيطرة مع الوقت. لذلك فإن في مقدور المنظمة، خاصة إذا لقيت المساندة التي وعدت بها الدول المنتجة غير الأعضاء، أن تمارس ضغطاً على أسواق البترول الخام لزيادة أسعاره ولتعويض ما فقدته من إيراداتها البترولية، ولكن دول الأوبك لا تحاول استثمار قدرتها الاحتكارية في هذا المجال، حيث تَخلّت منذ عام 1986 عن أسلوب تحديد أسعار يلتزم بها الأعضاء، وصار السعر يتحدد بقوى السوق، التي تمارس فيها الدول المستهلكة وشركاتها وبورصاتها أدواراً فعالة. بل إن الأوبك أخذت تتطلع إلى توسيع إمكاناتها الإنتاجية، لمواجهة احتياجات العالم المتزايدة من البترول، والاحتفاظ بأسعاره عند مستويات معقولة ومستقرة من حيث القيمة الحقيقية. وتقدر الاحتياجات الاستثمارية اللازمة لمنظمة الأوبك وحدها، بنحو 120 مليار دولار خلال عقد التسعينيات، وذلك للمحافظة على طاقتها الإنتاجية الحالية، ثم زيادتها بنحو 9 مليون برميل/يوم، لكي تواكب الطلب على البترول.

وإذا كان المنتجون قد نبذوا أسلوب المواجهة مع المستهلكين، فلا أقل من أن يقوم هؤلاء بالتخلي عن فرض المزيد من الضرائب، والسماح للأسعار بالارتفاع التدريجي، لتعويض ما تآكل منها، ولتكوين فائض يستثمر في تجديد الطاقة الإنتاجية. ذلك لأن واجب المنتجين في توفير احتياجات العالم المتزايدة من البترول، ينبغي أن يقابله واجب المستهلكين بتوفير المناخ والإمكانات، التي تساند جهود المنتجين، وتوفر لهم الاضطلاع بتلك المسؤولية التي هي في صالح المستهلكين في المقام الأول. وخلاصة القول إن الحوار بين الجانبين ينبغي أن يضع في بؤرة الاهتمام ما يأتي:

(1) خفض الضرائب المفروضة على استهلاك البترول؛ لتحقيق نوع من العدالة بينه وبين الفحم الذي يعتبر أكثر تلويثاً للبيئة من البترول، مع إزالة الدعم الذي يقدم للفحم ممولاًَ من حصيلة الضرائب البترولية، خاصة بعد أن نوقشت مشروعيته في المحكمة الدستورية في ألمانيا.

(2) وفي حالة فرض ضرائب بهدف حماية البيئة، ينبغي أن يعاد النظر في هيكل الضرائب، التي تفرض على مصادر الطاقة عموماً، وأن يعامل كل مصدر، ضريبياً على قدر ما يسببه في تلويث البيئة. وربما يستعان في ذلك بالمدخل الياباني، الذي اختار التركيز على الغاية (وهي الحد من التلوث)، بدلا من التركيز على الوسيلة (وهي الضريبة المباشرة على مصدر الطاقة)، وذلك تطبيقاً لمبدأ "المُلَوِّث يتحمل التكلفة".

(3) إزالة المعوقات الجمركية وغير الجمركية، التي تقف حائلاً أمام انسياب المنتجات البترولية المكررة، والبتروكيماويات العربية، إلى أسواق الدول المستهلكة للبترول، وبصفة خاصة دول الاتحاد الأوروبي.

(4) السماح لأسعار البترول الخام بالارتفاع التدريجي بما يعوض المنتجين عن التدهور، الذي لحق بالقيمة الحقيقية لهذه الثروة الناضبة، وبما يسمح بتوفير استثمارات كافية لتوسيع الطاقة الإنتاجية المطلوبة لمواجهة الطلب العالمي المتزايد على البترول.

(5) توفير قدر متزايد من الشفافية بالنسبة للخطط المستقبلية في مجال إنتاج البترول واستهلاكه، وذلك بما يحقق المبدأ الذي ينادي بتأمين الطلب على البترول في مقابل تأمين عرضه.

(6) أن يتطرق الحوار، بكل صراحة ووضوح، إلى ما يشغل بال المنتجين من مشاكل في إطار الأمور، بعد أن قويت مراكز المستهلكين، وخفت الحساسية بالنسبة لاحتمالات انقطاع الإمدادات البترولية خلال المستقبل المنظور.

د. التعاون بين المنتجين والمستهلكين

هناك، مناطق للتعاون والاهتمام المشترك، بين المنتجين والمستهلكين، بما يساهم في تحقيق توازن عادل بين الدول المنتجة، التي تستورد الآلات والمعدات الصناعية، وبين الدول المستهلكة التي تحتاج البترول كمصدر للطاقة كأساس لرقيها العلمي والتكنولوجي.

ومن مصلحة المنتجين والمستهلكين في التعاون سوياً بما يحافظ على إبقاء الأوبك. إذ إن الاستثمار في البدائل الصناعية، سيؤدي حتماً إلى ضياع رؤوس الأموال، ويضطر المستهلكون إلى الرجوع مرة أخرى للاستثمار في مجال البترول.

سادساً: إخفاق الأوبك في السيطرة على أسعار البترول

نادراً ما تكون الأوبك مؤثرة ككارتل، ففي عامَي 1979- 1980 وأثناء فترة زيادة الأسعار، حذّر وزير البترول السعودي أحمد زكي يماني، أعضاء الأوبك، من أن الأسعار المتزايدة للبترول ستؤدي إلى انخفاض الطلب، ولكن لم يستمع إليه أحد. والارتفاع السريع للأسعار تسبب في ردود أفعال عديدة بين المستهلكين، حيث أن ترشيد استهلاك الطاقة في المنازل والمتمثلة في: العزل الجيد في المنازل الجديدة وزيادة العزل في العديد من المنازل القديمة، وزيادة كفاءة الطاقة في العمليات الصناعية، والسيارات التي تعمل بكفاءة عالية لتقطع أميالاً أكثر، فإن كل هذه العوامل، علاوة على تراجع عالمي، سببت في انخفاض الطلب على البترول، ما أدى إلى انخفاض أسعاره. ولسوء حظ الأوبك فقط، فإن التراجع العالمي في استهلاك البترول كان مؤقتاً.

حاولت منظمة الأوبك تثبيت الأسعار في الفترة من عام 1982 حتى عام 1985، وذلك بتقليل حصص الإنتاج بقدر كاف، إلا أن بعض أعضاء الأوبك لم يلتزم بحصته المقررة، فباءت هذه المحاولات بالفشل. فقد قامت السعودية بقطع الإنتاج لمواجهة الانخفاض في الأسعار، وفي أغسطس 1985 قامت بربط أسعارها بالسوق الفوري للبترول. وفي مطلع عام 1986، عملت على زيادة كمية الإنتاج من 2 مليون برميل إلى 5 مليون برميل/ يوم، وهبطت أسعار البترول إلى أقل من 10 دولار للبرميل عند منتصف العام.

وفي ديسمبر 1986 كان السعر الذي تهدف الأوبك إلى تحقيقه هو 18 دولار للبرميل قد انهار بالفعل في يناير 1987 وظلت الأسعار ضعيفة (انظر شكل الأحداث وأسعار البترول 1981 - 1998).

1. الأوبك وآلية التسعير في سوق البترول العالمية:

تمتعت سوق البترول العالمية بدرجة من الحرية أكبر من أي وقت مضى، ففي الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين، كانت الشركات الكبرى تحدد السعر، وكان الإنتاج يحدد بحيث يوازي الاستهلاك بصورة دقيقة. ولم تكن هناك طاقة إنتاجية فائضة، كما لم تكن هناك قوى سوق حرة. وكان منتجو البترول ينتجون ما يستطيعون بيعه، وفي الوقت نفسه كان السعر محددا بمستوى منخفض، وكان الطلب يزيد بسرعة. وهذا حسب ما يقول العديد من الخبراء، السبب في الطفرة الكبيرة في أسعار البترول، التي شهدتها السنوات الأربع الأولى من السبعينيات، واستخدمت الأوبك النظام نفسه، عندما تولت زمام الأمور خلال السبعينيات، غير أن النجاح الباهر، الذي حققته خلال ذلك العقد وأوائل الثمانينيات، كان يعزى لأحداث غير معتادة، أهمها الثورة الإيرانية والحرب العراقية ـ الإيرانية، وليس نظام تسعير البترول في ذلك الوقت. وبحلول أوائل الثمانينيات كان من الواضح أن هذا النظام لن يصلح، فقد كانت هناك فروق متزايدة بين الأسعار الرسمية والأسعار الفعلية في السوق، بلغت نسبتها 30% في بعض الأشهر , ولجأت الأوبك إلى أسلوب غير واقعي في محاولة لكسب الوقت، عندما قامت بتخفيض المعروض على أمل أن يزيد الطلب خلال فترة قصيرة. غير أن الطلب انخفض بمعدل أكبر من معدل انخفاض العرض، ووقع المنتجون تحت ضغوط كبيرة لمواصلة تخفيض الإنتاج للمحافظة على الأسعار , وانخفض إنتاج الأوبك إلى مستويات متدنية للغاية، مما كان له آثار سلبية على اقتصاديات الدول المنتجة التي انخفضت إيراداتها بصورة حادة.

2. آلية تسعير جديدة

أصبحت تكلفة المحافظة على الأسعار الرسمية أكبر من طاقة احتمال تلك الدول، فقررت الأوبك تغيير تركيزها من المحافظة على الأسعار إلى المحافظة على كميات الإنتاج. ولتحقيق ذلك الهدف الجديد احتاجت الأوبك إلى آلية تسعير جديدة، لتحل محل النظام القائم الذي أثبت فشله، وقامت بعض دول الأوبك على خطة تسعير تعتمد على صافي القيمة.

غير أن ذلك الحل المنشود زاد الوضع سوءاًً، وانهارت الأسعار إلى مستويات أصبحت تهدد استقرار صناعة البترول. وفي مواجهة ذلك الوضع، بُذلت جهود مشتركة لرفع الأسعار حققت قدراً من النجاح، ومرة أخرى أخذت الأوبك تبحث عن آلية تسعير جديدة، لتحل محل النظام القائم الذي أثبت فشله، وفي هذه المرة استقرت الأوبك على نظام تسعير يعتمد على مفهوم الأسعار المستهدفة , وكان السعر المستهدف الأول هو 18 دولاراً في عام 1986، ثم 21 دولارا في عام 1991. ونجحت آلية التسعير هذه في رفع الأسعار من مستوياتها المنخفضة، غير أنها أثبتت أنها لا تتحلى بالمرونة الكافية للمحافظة على استقرار الأسعار. فقد كانت تلك الآلية تنطوي على جانبي ضعف رئيسيين هما تجاهلها لقوى السوق ومحاولتها تحقيق هدف محدد بصورة دقيقة ومبالغ فيها دون توفر الأدوات اللازمة لذلك. ولذلك توقف استخدام طريقة الأسعار المستهدفة بعد فترة قصيرة. وهكذا بدا أن أسواق البترول، خلال التسعينيات، قد أصبحت بلا هدف محدد واضح لما يجب أن يكون عليه السعر، أو للآلية التي ينبغي استخدامها لتحقيق الاستقرار في الأسواق، مما أدى إلى تقلبات كبيرة في الأسعار, وهناك عامل لا يقل أهمية عن ذلك، وهو تبني بعض منتجي الزيت سياسات خاصة[4] بهم، مستقلة عن الآخرين وعن السوق بصورة عامة. وفقدت الأوبك مصداقيتها، وأخذ الفارق بين السقف الرسمي للإنتاج والإنتاج الفعلي يتزايد بصورة مستمرة كل شهر، حتى بلغ أربعة ملايين برميل في اليوم بحلول نهاية عام 1997.

وعندما تزامن ذلك مع الأزمة الاقتصادية الآسيوية وزيادة إنتاج العراق، انهارت الأسعار، وأصبح من الضروري أن يقوم المنتجون بإيجاد نظام يستجيب بصورة أكبر لقوى السوق، بغرض حماية مصالح الجميع. وهناك ثلاثة دروس مستفادة من تلك التجربة، أولُها أن على المنتجين، سواء الأعضاء في الأوبك أو غير الأعضاء فيها، أن يتعاونوا معاً لحماية المصالح الخاصة. ثانياً، أدرك العديد من المستهلكين أن لديهم مصلحة في وجود أسواق أكثر استقراراً, وثالثاً، أصبح من الضروري إيجاد نظام تسعير جديد؛ لتحقيق الثبات والاستقرار في الأسواق. ومن هنا تبنت الأوبك، بموافقة كبار المنتجين، نظام تسعير جديد يقوم على مفهوم نطاق الأسعار والآلية المرتبطة به. كما أدرك العديد من المستهلكين ضرورة وجود ذلك النظام. وربما تكون هناك اختلافات في وجهة النظر بين بعض المنتجين والمستهلكين حول النطاق الملائم للأسعار، أي حديه الأقصى والأدنى، حيث يفضل البعض نطاق أسعار يراوح بين 20 و 25 دولاراً للبرميل، فيما يفضل آخرون نطاقاً من 18 إلى 25 دولاراً للبرميل.

 



[1] نولون الشحن: أجر الشحن.

[2]  FOP: Free on Board

فوب: اسم بيع بحري يتضمن الثمن فيه كافة البضائع وكافة النفقات حتى وضع البضائع على ظهر السفينة، ويتم التسليم ونقل المخاطر إلى المشتري بوضع البضاعة على ظهر السفينة.

[3]  CIF: Cost, Insurance and Freight.                     سيف: ثمن البضاعة يتضمن قيمة البضاعة والتأمين وأجرة النقل.

[4] المقصود بالسياسات الخاصة بهم هي اتجاه هذه الدول لتغليب المصلحة الخاصة لهذه الدول على المصلحة العامة لباقي الدول الأخرى بما في ذلك عدم مراعاة الأطراف الأخرى.