إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اقتصادية / البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول









الفصل الأول

دستور البترول

أهم المبادئ التي تضمنها اتفاق أشناكاري:

·    تقسيم مناطق الاستغلال والأسواق البترولية بين الشركات المستثمرة، وتجميد المركز الدولي لها في علاقاتها مع بعضها البعض، بمعنى أن لا يتم توسعها في المستقبل إلاَّ بنسب معينة على أساس مقدار أعمالها وقت إبرام الاتفاق.

·    وضع طريقة لتحديد وتوحيد سعر البترول في العالم أجمع، على أساس سعر البترول في خليج المكسيك.

         وتعليقاً على هذه المبادئ، يتضح أن أساس سعر البترول في خليج المكسيك لم يُراع تكاليف إنتاج ونقل البترول الصادر من المناطق الأخرى خارج الولايات المتحدة.

         خلاصة القول أن اتفاق أشناكاري أقام اتحاداً احتكارياً دولياً بين شركات البترول المستثمرة "وذلك بعد انضمام الشركات الأربع الأمريكية: جلف وتكساس وسوكوني موبيل أويل وستاندارد أويل أوف كاليفورنيا" للتخفيف من وطأة التنافس فيما بينها، ويضمن لها القدرة على السيطرة التامة على منابع وصناعة وتسويق البترول في العالم. وظلت هذه الظاهرة قائمة طوال سنوات عديدة حتى بدا الضعف يدب في أوصال هذا الاتحاد الاحتكاري نتيجة لتصاعد نفوذ الجهتين الأخريين : الدول المستهلِكة والدول المنتِجة.

         جدير بالذكر أن منتجي البترول في منطقة خليج المكسيك "الولايات المتحدة والمكسيك وفنزويلا وجزر البحر الكاريبي" قد استفادوا من تحديد سعر البترول على النحو المشار إليه، إذ كان من شأنه منع بترول الشرق الأوسط ـ الذي يتميز بانخفاض تكاليف إنتاجه ـ من منافسة بترول خليج المكسيك في الأسواق الأوروبية، وهي كبرى الأسواق المستهلكة للبترول في العالم.

الحرب العالمية الثانية وإعادة النظر في سعر البترول

         إن شكوى السلاح البحري البريطاني أثناء الحرب العالمية الثانية من ارتفاع أسعار بترول الشرق الأوسط، هي التي أدت إلى انخفاض سعره. ولكن هذا الخفض كان يسيراً في حد ذاته، إذ أنه لم يتناول سوى تكاليف النقل. وبقي سعر البترول موحدا عند المصدر، بمعنى أن يخضع بترول الخليج العربي للسعر نفسه الذي يُباع به بترول المكسيك عند مواني التصدير، مضافاً إليه تكاليف النقل.

         ولكن هذا النظام لم يدم طويلاً نظراً إلى زيادة إنتاج بترول الشرق الأوسط زيادة هائلة، ونظراً لأن الولايات المتحدة الأمريكية أصبحت منذ عام 1948 من الدول المستوردة للبترول بعد أن كانت أكبر دولة مصدِّرة لهذه السلعة في العالم. وقد أدى ذلك إلى انخفاض سعر البترول العربي عند المصدر لأول مرة، فبينما حدَّد هذا النظام سعر بترول خليج المكسيك في ديسمبر 1947 بمبلغ 2.45 دولار للبرميل  عند مصدره، حدَّد سعر بترول الخليج العربي في الوقت نفسه بمبلغ 2.22 دولار للبرميل عند مصدره أيضاً. وقد توالت التخفيضات لسعر بترول الشرق الأوسط بعد ذلك، الأمر الذي ألحق أضراراً بالغة بالدول العربية المنتجة. ذلك لأن الولايات المتحدة، فضلاًِ عن أنها أقامت العراقيل أمام بترول الشرق الأوسط لمنعه من الوصول إلى اسواقها، لا تسمح لأسباب تتعلق بالدفاع عن العالم الغربي بإضعاف صناعة البترول في البحر الكاريبي.

         لذلك استنكر مؤتمر البترول العربي الثاني، الذي عُقد في أكتوبر 1960، لجوء شركات البترول المستثمرة إلى تخفيض أسعار البترول الخام ومنتجاته الصادرة من الدول العربية دون الحصول على موافقة حكومات البلاد العربية المنتجة.

العلاقة بين الشركات المستثمرة والدول المنتجة بمنطقة البحر الكاريبي

         حتى الحرب العالمية الثانية كانت شركات "ستاندارد أويل أوف نيوجيرسي" و "شـل" و "جلف" تسيطر على 90 % من إنتاج وصناعة البترول في منطقة البحر الكاريبي. وقد تمتعت هذه الشركات بمقتضى عقد امتياز عام 1922 بمركز ممتاز جداً، حيث أنها لم تُكلَّف إلا بدفع إيجار زهيد للأراضي الشاسعة موضوع الالتزام، بالإضافة إلى 10% فقط من قيمة الإنتاج.

         ولكن على أثر نهضة الروح الوطنية في أمريكا اللاتينية وخصوصاً بعد سابقة تأميم بترول دولة المكسيك عام 1938، وتحت تأثير حوادث الحرب العالمية الثانية، أصدرت حكومة فنزويلا عام 1943 قانوناً ينظم صناعة البترول في البلاد. وقد ظل هذا القانون يحكم العلاقة بين الشركات المستثمرة وحكومة فنزويلا طوال خمسة عشر عاماً حتى عام 1958.

         وقد نص هذا القانون على تحديد مساحة الأراضي موضوع الامتيازات البترولية وإنقاص مدة عقود هذه الامتيازات. كما ألزم الشركات المستثمرة بتكرير جزء من الزيت الخام في فنزويلا نفسها.

         إن أهم نصوص هذا القانون تتعلق بأحكامه المالية. فقد نصَّ ـ لأول مرة في تاريخ البترول ـ على توزيع الأرباح مناصفة بين الشركات المستثمرة والدول المنتجة، وقد لاقت قاعدة ال50% نجاحاً كبيراً، حيث أنها أصبحت القاعدة العامة التي تحكم علاقة الشركات البترولية "أعضاء الاتحاد الاحتكاري الدولي" بالدول المنتجة في سائر أنحاء العالم تقريباً.

         إن كل ما أفادته شعوب الشرق الأوسط منذ الحرب العالمية الثانية، هو امتداد قاعدة مناصفة الأرباح إلى عقود الامتياز التي تربط شركات البترول المستثمرة بالدول المنتجة.

         على هذا النحو، ظلت صناعة البترول العالمية لفترة من الزمن في قبضة عدد قليل من شركات البترول الكبرى. وقد بلغ عدد هذه الشركات سبع هي:

·    خمس شركات أمريكية: إكسون، موبيل، سوكال "شيفرون"، تكساكو، جلف.

·    شركتان أوروبيتان: شركة شل "وهي هولندية / بريطانية وتمثل المصالح الهولندية 60 % من رأس المال والمصالح البريطانية 40%". والشركة البريطانية British Petroleum  "وتمتلك الحكومة البريطانية 51% من رأس المال".

         وأحياناً تضاف الشركة الفرنسية للبترول C F P وتمتلك فيها الحكومة الفرنسية قدراً كبيراً من رأس المال. وكانت تمارس نشاطها بصفة خاصة في شمال أفريقية وخاصة في الجزائر عندما كانت تابعة لفرنسا. ولكن حجم هذه الشركة يعتبر صغيراً بالمقارنة بالشركات السبع الكبرى "التي كان يطلق عليها الشقيقات السبع".

         وقد بلغت سيطرة هذه الشركات الثماني حداً بحيث تكاد تكون شبه تامة على صناعة البترول، وذلك حتى الخمسينات من هذا القرن. ففي عام 1950 أنتجت هذه الشركات كل البترول الذي تم إنتاجه خارج شمال أمريكا والدول الشيوعية السابقة. وقد كانت درجة تحكُّم هذه الشركات الثماني في المراحل المختلفة لصناعة البترول في عام 1953 على النحو التالي:

احتياطي البترول             95.8 %

إنتاج البترول                90.2 %

مبيعات المنتجات البترولية   74.3 %

الطاقة التكريرية             75.6 %

         ولكن مع ازدياد أهمية الشركات المستقلة خلال الخمسينات، فقد تقلَّص نسبياً مركز شركات البترول الكبرى أعضاء الاتحاد الاحتكاري الدولي. ورغم ذلك بقيت هذه الشركات مسيطرة على معظم قطاعات صناعة البترول حتى عام 1973. فمثلاً في عام 1965 كان نصيب الشركات الثماني الكبرى في الإنتاج 76%، وفي التكرير 58%، وفي مبيعات المنتجات البترولية 66%.

ويوضح الجدول التالي: الدخل الصافي لهذه الشركات خلال الأعوام 1978 ـ 1984

(مليون دولار)

تكساكو

سوكال (شيفرون)

شـل الهولندية

موبيل

جلف

إكسون

البريطانية للبترول

السنوات

853

1.106

1.086

1.131

785

2.763

444

1978

1.759

1.785

3.050

2.007

1.322

4.295

1.621

1979

2.642

2.401

2.362

2.813

1.407

5.350

1.435

1980

2.310

2.380

1.989

2.433

1.231

4.826

1.072

1981

1.281

1.377

1.993

1.213

900

4.186

716

1982

1.233

1.590

2.754

1.503

978

4.978

866

1983

1.071

1.534

3.648

1.268

000

5.528

1.402

1984

         يلاحظ أن شركة جلف أصبحت منذ عام 1984 جزءاً من شركة شيفرون ومن ثم فإن الأرباح الخاصة بها لم تظهر عن العام المذكور. كما يُقصد بالدخل الصافي الدخل بعد خصم الضرائب.

ثالثاً: التغيرات الهيكلية في صناعة البترول وأثر ذلك على شركات البترول الكبرى

         يعرض البحث فيما يلي الموقف الخاص بشركات البترول الكبرى ـ قبل وبعد عام 1973 ـ وذلك من ناحية مظاهر الاستراتيجية التي اتِّبعتها هذه الشركات بشأن عمليات الإنتاج والعمليات التالية له Downstream Operations من ناحية، وكيفية مواجهة الموقف الجديد بعد أن فرضت الدول المنتجة للبترول سيطرتها على منابع النفط وبعد أن قامت منظمة الأوبك بالدور الأساسي في تحديد أسعار البترول.

1. مظاهر الاستراتيجية التي اتبعتها الشركات الدولية قبل عام 1973

أ. حرصت هذه الشركات على تحقيق درجة عالية من التكامل الرأسي Vertical integration في عملياتها الإنتاجية التي تشمل أساساً: الإنتاج والنقل والتكرير والتسويق.

ب. تمتعت هذه الشركات بسيطرة تامة على عملية تحديد الأسعار، عن طريق فرض سيطرة شبه تامة على العرض العالمي تتمشى مع ظروف الطلب العالمي، والقيام بدور مؤثر في توجيهه حسب ظروفها.

ج. تحكمت هذه الشركات في التطور التكنولوجي في صناعة البترول والصناعات المتممة والمكملة لها مما يحول دون حدوث أي اضطراب لها في عملياتها المختلفة.

د. وجّهت كل الجهود نحو البترول مع إهمال مصادر الطاقة الأخرى، بحيث كانت تسيطر على المناطق التي تحتوي على كميات كبيرة من احتياطيات البترول حول العالم.س

2. أوجه الضعف في نفوذ الشركات الدولية بعد عام 1973

فقدت شركات البترول الدولية الجانب الأكبر من البترول المعروف باسم: "بترول المساهمةEquity crude "، نظراً لسيطرة الدول البترولية على منابع النفط فيها.

وتقدِّر مؤسسة إيني الإيطالية أن بترول المساهمة الذي تحصل عليه شركات البترول الدولية أصبح يشكل 15 % فقط من البترول الذي يتم إنتاجه خارج الولايات المتحدة، وذلك بعد أن كانت هذه النسبة تصل إلى 90% قبل عام 1973. ومن ثم أصبحت هذه الشركات تعتمد أساساً على شراء البترول لمواجهة احتياجات معامل تكرير البترول الخاصة بها.

فقدت هذه الشركات قوتها في تحديد الأسعار. وذلك بعد أن انتزعت منظمة الأوبك حقها في تحديد أسعار إنتاجها من البترول.

حدث تقليص هام في درجة التكامل الرأسي في صناعة البترول، وذلك بسبب انفصال عملية الإنتاج عن العمليات التالية له. وأصبحت شركات البترول تشتري معظم ما تحتاجه من نفط خام من الدول البترولية ثم تقوم بتكريره في مصافيها وتسويقه بواسطة منافذ التسويق الواسعة الانتشار حول العالم . وأصبح نشاطها يتركز بصورة أكبر على العمليات التالية للإنتاج.

من الجدير بالذكر أن هذه العمليات كانت في الماضي تحقق خسائر، ولكن كان يتم تغطية هذه الخسائر بواسطة الأرباح الكبيرة التي تحققها الشركات من عمليات إنتاج البترول ذاته.

ولكن في السبعينات وبعد تأميم صناعة البترول في الدول المنتجة حُرمت هذه الشركات من الأرباح الطائلة التي كانت تحققها من عمليات إنتاج البترول Upstream Operations. ومنثم أصبحت هذه الشركات لا تمتلك الإمكانيات الكافية لتغطية خسائر عملياتها التالية لإنتاج البترول مثل: التكرير وتصنيع البتروكيماويات والنقل والتسويق.

3. تبنِّي شركات البترول الدولية استراتيجية جديدة لمواجهة الأوضاع الجديدة في صناعة البترول

أصبحت شركات البترول الدولية على اقتناع تام بأهمية وضرورة تبنِّي استراتيجية جديدة في صناعة البترول، وذلك لمواجهة الأوضاع الجديدة في هذه الصناعة. ويرجع ذلك إلى العوامل الآتية:

أ. إن التغييرات الهيكلية في صناعة البترول وفي سوق البترول العالمي هي تغييرات سوف يكتب لها الاستمرار، أي أنها ليست مؤقتة.

ب. إن النمو في الطلب على البترول سوف يكون نموا متواضعاً، الأمر الذي يؤدي إلى عدم استقرار أسعار البترول.

ج. وجود طاقة فائضة في إنتاج البترول وفي الطاقة التكريرية تفوق بكثير احتياجات الطلب الحالي.

د. تَعَرُّض الكثير من شركات البترول والغاز إلى مصاعب مالية ومنافسة حادة في عملياتها الإنتاجية.

هـ. عدم الثقة في موقف الأسعار في المستقبل، ومن ثم فإن عمليات الاستثمار في الصناعة يجب أن تركز على العمليات التي تحقق ربحاً سريعاً.

4. عناصر الاستراتيجية الجديدة

حرصت شركات البترول الدولية على اتباع استراتيجية جديدة في مجال البترول والطاقة لمواجهة الظروف الجديدة، وذلك بهدف التخفيف من حدة سيطرة منظمة الأوبك على صناعة البترول، والعمل على الاحتفاظ بدور كبير في هذه الصناعة.

ويمكن تلخيص عناصر هذه الاستراتيجية الجديدة فيما يلي:

أ. التوسع الكبير في عمليات البحث عن البترول والغاز الطبيعي داخل البلاد الصناعية وخارجها ومنها: الولايات المتحدة وبحر الشمال والمكسيك وأنجولا والهند والصين ومصر وغيرها. وقد أدى ذلك إلى زيادة كبيرة في نصيب مجموعة الدول خارج منظمة الأوبك Non - OPEC، وانكماش كبير في نصيب دول الأوبك في إنتاج البترول، حيث بلغ إنتاج المجموعة الأولى في عام 1984 ـ 27.5 مليون برميل / يوم، وإنتاج المجموعة الثانية 18.5 مليون برميل/ يوم. وقد أسفر عن ذلك فقْد منظمة الأوبك سيطرتها على ظروف السوق البترولي لأول مرة منذ عام 1973.

ومن الجدير بالذكر أن أي ضعف في قوة منظمة الأوبك يعني في الواقع استرداد شركات البترول الدولية لشيء من قوتها السابقة. وذلك على اعتبار أن هذه الشركات تلعب دوراً هاماً في عمليات التنقيب عن البترول في المناطق التي تقع خارج منظمة الأوبك. هذا فضلاً عن أن وجود هذه الشركات في أي منطقة للإنتاج من شأنه أن يشجع المؤسسات المالية الدولية "البنك الدولي والبنوك التجارية وغيرها" على تقديم التمويل اللازم لعمليات الإنتاج.

كذلك قامت هذه الشركات ـ بدعم قوى من حكوماتها ـ إلى تكريس جانب من نشاطها في البحث عن بدائل للطاقة البترولية. فقد عادت بعض هذه الشركات الاحتكارية لتعطي صناعة الفحم اهتماماً كبيراً. وبنهاية عام 1975 كانت هذه الشركات تسيطر على 53% من مناجم الفحم في الولايات المتحدة الأمريكية.

وفي نفس الوقت دخلت هذه الشركات في مجال الطاقة النووية. وعلى سبيل المثال: بلغ نصيب 17 شركة بترول في الولايات المتحدة الأمريكية من عمليات البحث عن اليورانيوم عام 1981 نحو 55 %. كما بلغ نصيبها من السيطرة على احتياطيات اليورانيوم نحو 48% من الاحتياطي العالمي المؤكد. وقامت بعض هذه الشركات بتشييد محطات نووية مثل شركة "جلف أويل".

ب. توسُّع شركات البترول الدولية في شراء البترول الخام من السوق الفورية Spot Market. وأصبحت هذه السوق تشكِّل 40-50 % من مبيعات البترول العالمية، بعد أن كان حجم هذه السوق لا يتجاوز 5% في السبعينات. وقد أدى ازدياد أهمية سوق البترول الفورية أو سوق العمليات قصيرة الأجل أو سوق البضاعة الحاضرة إلى انخفاض أهمية سوق العقود طويلة الأجل بصورة ملحوظة. ويُذكر مثلاً على ذلك أن الشركة البريطانية للبترول British Petroleum اشترت في عام 1983 بترول بضاعة فورية بما يوازي 50% من إجمالي مشترياتها من البترول في العام المذكور.

ج. اعتماد شركات البترول الدولية وخاصة الشركات الأمريكية على إقامة مشروعات مشتركة مع بعض دول الأوبك وخاصة دول الخليج العربي لإنشاء مصافي البترول ومصانع لإنتاج البتروكيماويات والأسمدة والغازات البترولية المسالة وغيرها، والقيام بتسويق هذه المنتجات. ويُعْتبر هذا الوضع في صالح الشركات الدولية والدول الصناعية الغربية للاعتبارات الآتية:

(1) حصول الشركات البترولية على حاجتها من المنتجات البترولية والمواد البتروكيماوية الأساسية اللازمة لصناعاتها بالكميات الكافية وبأسعار مجزية. وهذا يعني قيام الدول البترولية النامية بتقديم إعانة إلى المستهلكين في البلاد الصناعية المتقدمة.

(2) حصول الشركات الدولية على عمولة تسويق مجزية نتيجة لقيامها بعملية تسويق المنتجات البترولية للدول المنتجة.هذا فضلاً عن قيام المقاولين في البلدان الصناعية ببناء المشروعات البترولية مما يعود بالفائدة على اقتصاديات البلدان الصناعية.

(3) تعتبر صناعات التكرير والبتروكيماويات والأسمدة وإسالة الغاز وغيرها من الصناعات الملوثة للبيئة لدرجة أن البلدان الصناعية أصبحت تضع الكثير من القيود على إقامة هذه الصناعات فيها، وذلك حفاظاً على البيئة. ومن ثم فإنه يُسعد هذه البلدان أن تجد هذه الصناعات تقام في البلدان البترولية النامية.

د. تمت حالات كثيرة من الاندماج بين الشركات العاملة في صناعة البترول لحماية نفسها في ظل الأوضاع الجديدة، وللحصول على احتياطيات مؤكدة من البترول بعد أن تناقصت احتياطيات بعض الشركات البترولية الكبرى.

كما تهدف هذه الشركات بهذا الاندماج إلى حسن استغلال الأصول المستثمرة في العمليات التالية للإنتاج Downstream Operations، حيث أن التكامل بين الشركات يحقق ترشيد عمليات التكرير والتسويق والتوزيع، الأمر الذي يؤدي إلى إحراز معدلات معقولة للربح في هذه الاستثمارات.

بعض الأمثلة على عمليات الاندماج الهامة التي تمت في عام 1984:

·    شركة شيفرون وشركة جلف.

·    شركة تكساكو وشركة جيتي.

·    شركة موبيل وشركة سوبيريور.

·    شركة شـل الهولندية وشركة شـل الأمريكية.

          بذلك يتم استعراض تطور الأحداث الخاصة بالشركات المستثمرة للبترول، والظروف التي قامت في ظلها، والأدوار السياسية والاقتصادية التي لعبتها بسبب سيطرتها على مقدرات البترول على مستوى العالم، والنفوذ الذي تمتعت به والأرباح الطائلة التي حصلت عليها، والصراع بينها وبين الدول المنتجة للبترول، والاستراتيجية التي اتبعتها شركات البترول العالمية قبل عام 1973، وكيف تسرب الضعف إلى سيطرة هذه الشركات، الأمر الذي دفعها إلى تبني استراتيجية جديدة لمواجهة منظمات الدول المنتجة كي تستعيد نشاطها وقوتها عن طريق التوسع في عمليات التنقيب عن البترول في المناطق التي تقع خارج منظمة الأوبك، وإقامة مشروعات مشتركة مع دول أخرى لإنشاء مصافي البترول ومصانع لإنتاج البتروكيماويات والأسمدة وغيرها. ولجأت أخيراً إلى التكامل مع بعضها البعض لتحتفظ بقوتها وتأثيرها.




[1] لودندورف ايريخ Ludendorff Erich من بين (1865–1937) جنرال ألماني لمع نجمه في الحرب العالمية الأولى.

[2] ترست Trust: اتحاد احتكاري بين عدد من الشركات للحد من المنافسة.