إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اقتصادية / البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول









الفصل الثاني

مجموعة الدول المستقلة المصدرة للبترول (أيبك)

( Independent Petroleum Exporting Countries (IPEC

         لم يقتصر تعاون الدول المنتجة للبترول على تشكيل أوبك وأوابك بل أُنشئت أيضاً مجموعة أيبك  IPEC  في عام 1988 من الدول المنتجة المصدرة للبترول من غير أعضاء أوبك، بهدف التعاون بين منظمة أوبك ومجموعة أيبك لخفض صادرات البترول ومساندة الأسعار.

         وقد تم عقد اجتماع في القاهرة خلال الفترة 28-29 مايو 1991 ضم ممثلي الجانبين (أوبك وأيبك)، حيث طرح الدكتور حسين عبد الله ـ الخبير البترولي المصري ـ رئيس هذا الاجتماع المشترك عددا من المقترحات أهمها:

  1. فيما يتعلق بتوسيع الطاقة الإنتاجية لمواجهة الطلب المتزايد على النفط، ينبغي أن يتعاون الجانبان في مواجهة الشركات العالمية الساعية للاستثمار في البحث عن النفط وإنتاجه، مع التنسيق بين أيبك وأوبك بشأن الشروط التي تطرح للتعاقد مع تلك الشركات.
  2. فيما يتعلق بالسوق والأسعار، يجب أن يتعاون الطرفان بتنسيق المعروض من النفط. وفي هذا الإطار تضمن الاقتراح أن يطبق على مجموعة أيبك ما توصلت إليه أوبك في اجتماع يوليه 1990 بالنسبة لتوزيع الحصص بين أعضائها. ومن مقتضى ذلك اعتبار ايبك مجموعة متكاملة تلتزم بسقف محدد للصادرات. فإذا عجزت أي دولة من أعضائها عن تصدير جانب من حصتها وُزِّع الجزء الذي لم يُصَّدر بين باقي دول المجموعة ممن تتوفر لديها طاقة تصديرية فائضة. فإذا عجزت أيبك عن الوفاء بسقف صادراتها كمجموعة حلت الأوبك محلها في الوفاء به.
  3. فيما يتعلق بالتعاون في المدى الطويل، تقوم أوبك بتزويد أعضاء أيبك بالمعلومات والبيانات التي تساعدها على القيام بالدراسات المطلوبة لتنسيق موقفها مع أوبك. وذلك باعتبار أن أيبك لا تعدو أن تكون مجموعة غير رسمية ولا يوجد لديها أمانة عامة تخدم أغراضها المشتركة.

         وبديهي أن تعارض المصالح بين المستهلكين والمنتجين، وخاصة فيما يتعلق بسعر النفط الخام والذي يرفض المستهلكون مناقشته في إطار الحوار بين الجانبين، يقتضي أن يظل تنسيق العرض العالمي من البترول محصورا في إطار الحوار بين المنتجين وحدهم.

         غير أن الوكالة الدولية للطاقة (التي أنشأتها الدول المستهلكة في فبراير 1974 خصيصاً لمواجهة نفوذ دول أوبك) والتي كانت تقف موقف المتردد من الحوار مع أوبك وأيبك، فاجأت الدورة الأولي من الحوار بين المنتجين والمستهلكين (يوليه 1991) باقتراح استضافة اجتماع ثلاثي من خبراء أوبك وأيبك والوكالة في باريس، وهو ما تم بالفعل في ديسمبر 1991، حيث تبادلوا خلاله الآراء مع استبعاد موضوع أسعار النفط كطلب المستهلكين.

         وقد فُسِّرت دوافع الوكالة الدولية للطاقة لطرح هذه المبادرة بأنها كانت تستهدف إجهاض الدورة الثانية من الحوار على مستوى الوزراء وخفض مستواه السياسي وهو ما اضطرت الوكالة إلى نفيه في حينه.

         وسواء كان أمر تنسيق المعروض من النفط في السوق العالمية مطروحاً بين المنتجين وحدهم، أو بينهم بمشاركة المستهلكين، فإن ما حدث على أرض الواقع على مدى سبع سنوات جعل الصورة تختلف بشكل جذري عما كانت عليه عندما أنشئت مجموعة أيبك عام 1988، وهو ما نوجزه فيما يلي:

  1. انخفضت الصادرات النفطية للاتحاد السوفييتي "سابقاً" منذ 1988 حتى 1994 من نحو 4.3 مليون برميل/ يوم إلى 2.3 وبذلك يكون قد قدم لغيره من المصدرين نحو مليوني برميل/ يوم. وإذا أضيف إلى ذلك ما تعانيه جمهورياته التي استقلت من مشاكل سياسية واقتصادية معقدة، وهو ما ينعكس على الانخفاض المطرد في إنتاج النفط، فإن روسيا وبقية الجمهوريات المستقلة، وإن أبدت استعدادها للتعاون مع أوبك في مساندة الأسعار، لا يُتوقع أن تقدم من خفض إنتاجها من البترول أكثر مما هي مُرغمة عليه بحكم الظروف.
  2. ارتفع إنتاج المكسيك خلال الفترة المذكورة من 1988 إلى 1994، ولكن استهلاكها المحلي ارتفع أيضاً بما يتجاوز ارتفاع الإنتاج، وبذلك انخفضت صادراتها بما يعادل 10% من مستواها عام 1988. ومع أن المكسيك تعتبر من الدول متوسطة النمو، إلا أنها مثقلة بديون خارجية تتجاوز 100 مليار دولار، ولا يزال معدل نموها السكاني عالياً عند 2% وهو ما يبتلع جل النمو الاقتصادي، كما أن دخولها مع الولايات المتحدة وكندا في اتفاقية  NAFTA  سوف يفرض عليها التزامات لم تكن قائمة عند تطوعها في 1988 بخفض صادراتها النفطية مساندة لأوبك.
  3. كذلك انخفضت صادرات الصين النفطية خلال الفترة المذكورة إلى النصف تقريباً، ومن المتوقع أن تتحول إلى مستورد للنفط خلال فترة وجيزة.يضاف إلى ذلك أن متوسط الدخل فيها لا يزال منخفضاً عند 370 دولاراً كما تبلغ ديونها الخارجية أكثر من 60 مليار دولار. والنتيجة أنه يصعب تصنيفها في الوقت الحاضر بين مجموعة أيبك المستعدة لتنسيق المعروض من النفط في الأسواق العالمية.
  4. ويدخل في تصنيف عدم القدرة أيضاً على مساندة أوبك في تخفيض إنتاجها كل من مصر وأنجولا وكولومبيا حيث أن كلا من انجولا وكولومبيا تعانيان من حروب أهلية طاحنة تعجزهما اقتصادياً وتؤدي أحياناً إلى توقف الإنتاج النفطي. وفي جميع الأحوال فإن ما يدخل الأسواق من صادرات تلك المجموعة هو من الضآلة بحيث لا يكاد يؤثر على مستوى الأسعار.

أما اليمن فقد تزايدت صادراته النفطية منذ عام 1988، إلا أنه كدولة حديثة العهد بالانتاج والتصدير يتزايد أيضاً نصيب الشريك الأجنبي من تلك الصادرات استرداداً لنفقاته وهو ما يحد من قدرتها على تحجيم هذا النصيب. ومن ناحية أخرى، فقد جرت العادة على إفساح المجال للمصدرين الجدد لتنمية حقولهم حتى تبلغ ذروتها قبل أن يُطلب إليهم تحجيم الإنتاج، وهو ما ينطبق أيضاً على سورية.

  1. يبقى من مجموعة أيبك القادرة عملياً على الخفض سلطنة عمان وماليزيا. فقد ارتفعت صادرات عمان خلال الفترة المذكورة، عرضت بالفعل استعدادها لخفض صادراتها النفطية.

أما ماليزيا فقد ارتفع إنتاجها النفطي أيضاً، إلا أن استهلاكها المحلي ارتفع أيضاً بنفس القدر تقريباً وبذلك لم تزد صادراتها زيادة تذكر.

  1. يأتي بعد ذلك من المجموعة التي كانت تشارك في اجتماعات أيبك، المصدرون القادرون عملياً على خفض الإنتاج ولكن انتماءهم السياسي يحول دون مساندة الأوبك. ونبدأ باستبعاد ولايات تكساس وآلاسكا الأمريكيتين وولاية ألبرتا الكندية التي كان ممثلوها يشاركون في اجتماعات أيبك كمراقبين وأبدوا منذ البداية أن قوانين بلادهم تمنعهم من الاتفاق على تحجيم الإنتاج.

         أما النرويج ـ التي تشارك أيضاً في اجتماعات أيبك كمراقب ـ فقد أبدت عام 1988 أنها قررت منفردة، وليس التزاماً منها أمام أوبك أو أيبك، تعطيل 7.5% من طاقتها الإنتاجية النفطية والتي كانت تبلغ وقتها نحو 1.4 مليون برميل / يوم. وقد ارتفع إنتاج النرويج خلال الفترة المذكورة من نحو 1.2 إلى نحو 2.9 مليون برميل / يوم، بينما انكمش استهلاكها المحلي إلى 215 ألف برميل / يوم حيث تعتمد النرويج أساساً على الطاقة الكهرومائية. بذلك ارتفعت صادراتها النفطية من 955 ألف برميل / يوم إلى نحو 2.7 مليون برميل / يوم. غير أن النرويج صارت ترفض صراحة خفض الإنتاج تلبية لدعوة الأوبك.

         وأما بريطانيا التي كان يبلغ إنتاجها نحو 2.7 مليون برميل / يوم فتبلغ صادراتها النفطية نحو مليون برميل / يوم بعد مواجهة استهلاكها المحلي الذي ثبت في السنوات الأخيرة حول 1.78 مليون برميل / يوم. فقد رفضت منذ البداية المشاركة في اجتماعات أيبك، كما ترفض خفض الإنتاج وذلك تمشياً مع موقفها المعلن والذي يساند التوسع في تطبيق المنافسة في قطاع الطاقة داخل الاتحاد الأوروبي.

         ونخلص مما تقدم أن ما فقدته مجموعة أيبك (التي لا تنتمي إلى المجموعة الصناعية الغربية) من صادراتها خلال الفترة 1988 ـ 1994 ويقدر بنحو 2.20 مليون برميل / يوم، إضافة إلى ما تحقق من ارتفاع في الطلب العالمي على النفط خلال نفس الفترة ويقدر بنحو 1.5 مليون برميل / يوم قد آل إلى حصة الأوبك. فقد ارتفع إنتاج أوبك خلال الفترة المذكورة من نحو 21.74 مليون برميل/ يوم إلى نحو 27.28 مليون برميل / يوم (بما في ذلك سوائل الغاز الطبيعي والتي تقدر بنحو مليوني برميل / يوم ولا تدخل في نظام الحصص). وبذلك ارتفعت سيطرة الأوبك على الصادرات العالمية من النفط الخام خلال الفترة المذكورة من 13.7 إلى 18.4 مليون برميل/ يوم مع ثبات صادراتها من المنتجات المكررة عند 3.4 مليون برميل / يوم.

         وهكذا يبدو أن الأمر يعتمد على ما تقرره أوبك لمساندة الأسعار وعليها أن تستمر في حوارها مع باقي المنتجين المصدرين خارج المجموعة الصناعية الغربية وذلك لتنسيق ما يعرض من النفط في الأسواق العالمية.

العلاقة بين أوبك والدول المستقلة المصدرة للبترول (أيبك)

         ولكن هل استمرت أحوال مجموعة دول أيبك على هذا المنوال، بعد أن أفسحت المجال في السوق العالمي للبترول لدول أوبك؟

الإجابة على هذا السؤال تقتضي استكمال الحديث عن دول هذه المجموعة فيما يتعلق بما يلي:

  • تطور إنتاج هذه المجموعة من الدول.
  • مدى تعاون دول هذه المجموعة مع أوبك.

         بالنسبة لإنتاج مجموعة دول أيبك فقد زاد إنتاجها تدريجياً لدرجة أنها أصبحت منافساً خطيراً لدول أوبك على النحو التالي، وللأسباب الآتية:

كان ارتفاع أسعار البترول في السبعينات حافزاً للدول الصناعية الغربية لبذل الجهود من أجل تنمية البترول في دول كثيرة خارج نطاق أوبك عن طريق تطوير تكنولوجيا الحفر والإنتاج وتخفيض تكاليف إنتاج البرميل من البترول، إلى أقل من الثلث (5 دولارات فقط في حقول بحر الشمال) الأمر الذي رفع معدلات الإنتاج في دول كثيرة دخلت في عداد الدول المنتجة، إما لتحقيق الاكتفاء الذاتي في البترول أو الحد من استيراده، أو تصديره للحصول على العملات الحرة.

وقد صاحب تزايد إنتاج الدول خارج أوبك تزايد صادرتها على حساب صادرات أوبك.

وعلى الرغم من كثرة عدد الدول المستقلة المنتجة للبترول (أيبك) وأهمها:

الصين والمكسيك والاتحاد السوفيتي (سابقاً) وبريطانيا ومصر والنرويج واستراليا والهند والبرازيل وسلطنة عمان، وحوالي أربعين دولة أخرى.

إلا أن إمكانيات زيادة إنتاج وصادرات هذه الدول تختلف من دولة إلى أخرى وفقاً لظروفها الخاصة، ولكن يبدو بوجه عام أن معدلات إنتاجها وصادراتها محدودة.

         ومن الأسباب التي أدت إلى مساندة دول مجموعة أيبك، سياسات الطاقة في الدول الغربية، التي تجمعها لقاءات مع المصدرين من خارج أوبك، كدول بحر الشمال وروسيا وغيرها من دول أوربا الشرقية.

         وعلى الرغم من تفاوت المصالح بين دول أوربا الموحدة، فقد خرج إلى الوجود ميثاق جديد للطاقة يرتقي إلى صفة العالمية، حيث وقَّعت عليه 36 دولة من أوربا الغربية والشرقية، والجمهوريات السوفيتية سابقاً والولايات المتحدة الأمريكية واستراليا واليابان.

وقد أقر مؤتمر الأمن والتعاون الأوربي في ديسمبر 1991 ميثاق الطاقة الجديد.

         ويقضي البروتوكول الرئيسي لميثاق الطاقة الأوروبي بإقامة سوق مفتوحة للطاقة بين أوربا الموحدة وجميع الدول الصناعية الأخرى في صناعات البترول والغاز والطاقة النووية وضمان تبادل المعلومات على نطاق واسع والتعاون في مجال تحسين كفاءة الطاقة وتطوير المصادر الجديدة والمتجددة.

         وتعتبر جمهوريات الاتحاد السوفيتي (سابقاً) ودول أوربا الشرقية أول مستفيد من التعاون التكنولوجي مع الغرب. حيث يعطي الميثاق أولوية لهذه المجموعة من الدول لرفع كفاءة استخدام الطاقة، وخلق فرص جديدة وتوفير المناخ المناسب لشركات البترول الكبرى لاستكشاف وتنمية مصادر البترول والغاز.

         وهكذا تتحول هذه المنطقة إلى مركز ثقل في تجارة البترول العالمية ومنافس خطير لبترول الخليج العربي.

         وفي عام 1997 ارتفعت صادرات البترول الروسية للدول خارج الجمهوريات السوفيتية سابقاً من حوالي 105.4 مليون طن عام 1996 إلى حوالي 109.8 مليون طن عام 1997 (بما يعادل 2.2 مليون ب/ ي) كما ارتفعت صادرات المنتجات من حوالي 55.02 مليون طن إلى حوالي 58.4 مليون طن.

         وإضافة إلى ما شهده عام 1997 من تحسن إنتاج الاتحاد السوفيتي سابقاً بعد الانخفاض الملحوظ الذي تحقق منذ عام 1989، فقد زادت إمدادات الدول خارج أوبك وخاصة من بحر الشمال وأمريكا اللاتينية، مما يحد من الطلب على بترول أوبك. ويرجع ذلك إلى زيادة مستوى الاستثمارات في عمليات التنقيب والإنتاج.

         وفي عام 1997 أيضاً زادت إمدادات الدول خارج أوبك إلى 44 مليون ب/ ي مقابل 42.1 مليون ب/ ي في عام 1996، بينما وصل إنتاج دول أوبك من الزيت الخام 25.8 مليون ب/ ي.

         وقد أشارت الوكالة الدولية للطاقة أنه من أسباب زيادة العرض العالمي للزيت الخام في شهر ديسمبر 1996 ارتفاع إنتاج منطقة بحر الشمال بسبب بدء الإنتاج من الحقول الجديدة، وأدى ذلك إلى زيادة إمدادات الدول خارج أوبك إلى مستوى قياسي جديد وصل إلى 45.4 مليون ب/ ي.

         وعلى ذلك، فمن الحقائق المؤكدة في صناعة البترول تضاعف قدرة الخامات المنتجة من الدول خارج أوبك على المنافسة في الأسواق العالمية خلال السنوات العشر الماضية.

أما من ناحية مدى تعاون دول مجموعة أيبك مع أوبك

         يعتبر الاجتماع الذي عقد في القاهرة خلال الفترة 28 ـ 29 مايو 1991 بين ممثلي دول أوبك ودول أيبك دليلاً على تعاون المجموعتين بصدد اتخاذ مواقف تساعد على تحقيق التوازن في الأسواق والاستقرار للأسعار.

         وقد بدأت أولى مراحل العمل المشترك بين هذه المجموعة من الدول التي أنشئت عام 1988 وعرفت باسم الدول المستقلة المصدرة للبترول (أيبك)، بالاتفاق خلال عام 1989 على خفض معدلات الإنتاج بنسبة 5% واعتماد سعر استرشادي عند مستوى 18 دولاراً للبرميل.

         وفي 23 أبريل 1992 عقد اجتماع مشترك بين منظمة أوبك والدول المستقلة المصدرة للبترول (أيبك) في فيينا بالنمسا، لإعداد تصور تقدمه الدول المصدرة للبترول في مؤتمر قمة الأرض عن البيئة والتنمية الذي تنظمه الأمم المتحدة في البرازيل في شهر يونيه، 1992. (تفصيل هذا المؤتمر موجودة بأحداث عام 1992 فيما بعد).

         كما يُعتبر الاجتماع الوزاري المشترك بين منظمة أوبك ومجموعة دول أيبك، الذي عُقد في مدينة مسقط بسلطنة عمان في 13 أبريل 1993 بداية جديدة للتعاون وتعبيراً عن وحدة الهدف في مواجهة التحديات التي تهدد مصالح الدول المصدرة للبترول.

         ولا شك أن لهذا المؤتمر أهمية خاصة من حيث التوقيت لأنه يأتي في ظروف خاصة تمر بها سوق البترول العالمية في ظل انخفاض ملحوظ لأسعار البترول وعقب متغيرات دولية متلاحقة وهامة.

         وترجع أهميته إلى تجمُّع عدد كبير من وزراء البترول في العالم، الذين يملكون سلطة اتخاذ القرارات المتعلقة بسوق البترول العالمسي، ويتيح ذلك تبادل الرأي والمشورة والأفكار المختلفة الخاصة بصناعة البترول العالمية.

         كما ترجع أهميته إلى نوعية القضايا والموضوعات التي تناولها خاصة وأنها تؤثر بصورة فعالة على اقتصاديات الدول المصدرة للبترول وعلى حاضرها ومستقبلها. كما تؤثر في هيكل موازنات الطاقة العالمية والاقتصاد العالمي.

وقد سبق هذا المؤتمر اجتماعان:

الأول:  لخبراء مجموعة أيبك في لندن في 18 فبراير 1993.

والثاني:  لخبراء مجموعة أيبك مع السكرتارية العامة لمنظمة أوبك في فيينا في 19 فبراير 1993.

وقد تم في هذين الاجتماعين اقتراح لجدول أعمال المؤتمر الوزاري تناول الموضوعات الرئيسية التي سيناقشها المؤتمر في مسقط بعمان في 13 إبريل 1993، وهي:

-  التطورات المتوقعة في أسواق البترول العالمية في المدى البعيد.

-  قضايا البيئة والتنمية الاقتصادية.

-  العلاقات الدولية والطاقة.

(تفاصيل هذا المؤتمر مذكورة بأحداث عام 1993 فيما بعد).

وفي 26 ديسمبر 1993

          قام وزير النفط والمعادن العماني سعيد بن أحمد الشنفري بجولة شملت بعض الدول المنتجة للبترول غير أعضاء في أوبك هي:

          اليمن ومصر وسورية وروسيا والنرويج وبريطانيا وماليزيا وبروناي والمكسيك وذلك للتنسيق فيما بينها بهدف التوصل إلى اتفاق شامل للإنتاج للمساعدة في دعم أسعار البترول في السوق العالمي.

وافقت كل من اليمن ومصر وسورية على خفض معدلات الإنتاج

ورفضت كل من روسيا وبريطانيا والنرويج رفضاً قاطعاً أي خطوات لتقييد معدلات الإنتاج

          نستخلص من نتائج هذه الجولة، أنه رغم حضور هذه المؤتمرات والمناقشات، فلا بد من استجلاء النيات الحقيقية لأطراف السوق بصدد العمل جدياً على استقراره.

          وعلى الرغم من ذلك فلا بد أن نشيد بالجهود التي بذلتها السعودية من أجل مبادراتها بشأن أزمة هبوط أسعار البترول خلال عام 1998 واجتماعاتها مع كل من فنزويلا والمكسيك (ليست عضواً في أوبك) ومشاوراتها مع دول مجلس التعاون الخليجي كلها التي لم تتوان عن تأييد هذه الجهود والموافقة على ما تسفر عنه من قرارات. وذلك من أجل حل كافة المشاكل بين الدول أعضاء أوبك وإزالة معوقات الاتفاق الجماعي في الرأي.

          وقد تكررت هذه الجهود قبل الاجتماعات الوزارية العادية لمنظمة أوبك التي نتج عنها الموافقة على خفض الإنتاج مرتين، ثم تكثيف الاتصالات والاجتماعات مع الدول أعضاء أوبك والدول خارج أوبك حتى نجح اجتماع 23 مارس 1999 بالموافقة على الخفض الثالث للإنتاج مع مشاركة بعض الدول المستقلة المصدرة (أيبك) التي وافقت على هذا الخفض تضامناً مع دول أوبك وأهم هذه الدول:

المكسيك والنرويج ومصر وعمان واليمن والصين وروسيا الاتحادية.




[1] جدير بالذكر أن الاتحاد المالي Consortium المشار إليه هو اتحاد شركات النفط الإيرانية، الذي تكوَّن ـ بعد فشل عملية تأميم النفط الإيراني عام 1951 ـ من اندماج معظم الشركات العالمية، إضافة إلى بعض الشركات الأمريكية المستقلة، حيث أصبح هذا الاتحاد المورد المالي والاقتصادي الذي يتولى مهمة إنتاج النفط الإيراني.

[2] يعتبر الطلب على البترول منخفض المرونة (أي ليس هناك مجال لاختيار بديل له) لأنه من السلع الضرورية، التي يصعب الاستغناء عنها, ويعتبر الطلب مرتفع المرونة إذا استطاعت الدول الصناعية التحول عنه إلى استهلاك سلع بديلة أخرى أرخص نسبياً.

[3] من العوامل المشجعة على ذلك ـ خلال تلك الفترة ـ إعلان بعض دول الأوبك وبعض الدول خارج منظمة الأوبك عن عزمها على تخفيض الإنتاج. وتعتبر هذه المبادرة من جانب الدول المنتجة علامة صحية على رغبة الدول البترولية لإيقاف انخفاض أسعار البترول الذي سوف يعود بالضرر على كل الدول المنتجة.