إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اقتصادية / البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول









الفصل الثالث

فوائض البترودولار العربية خلال سنوات تراجع الفورة النفطية

         شهد عقد الثمانينات تراجع العائدات النفطية العربية لانخفاض أسعار وصادرات النفط. فقد انخفضت أسعار النفط من حوالي 37 دولاراً للبرميل عام 1981 إلى 28 دولاراً للبرميل عام 1985، ثم تدهور سعر برميل النفط إلى أقل من 9 دولارات للبرميل في يوليه 1986 فيما سمى "الصدمة النفطية المعاكسة".

         وانخفض إنتاج أوبك من 30.7 مليون برميل يومياً عام 1979 إلى 15.9 مليون برميل يومياً عام 1986. أما الدول العربية الأعضاء في أوبك فلم تتجاوز صادراتها النفطية 11 مليون برميل يومياً مقابل 20.3 مليون برميل يومياً عام 1979.

         ونتيجة لذلك، تراجعت العائدات النفطية من حوالي 208 مليار دولار عام 1980 إلى حوالي 51 مليار دولار عام 1986، بالنسبة للدول العربية الأعضاء في أوبك إضافة إلى البحرين وعمان.

         عملت تلك الدول على خفض وارداتها، إلاّ أن الميل الحدي للاستيراد ظل مرتفعاً، الأمر الذي أدى ـ لتناقص صادرات النفط ـ إلى انخفاض الفائض في الميزان التجاري من 127.7 مليار دولار عام 1980 إلى حوالي 26 مليار دولار عام 1985.

         وإذا انتقلنا إلى الحساب الجاري، نجد أن التناقص المستمر في فائض الميزان التجاري ـ لتناقص الصادرات النفطية أساساً ـ ولاستمرار العجز في حساب الخدمات والتحويلات. قد أديا إلى تحول الفائض في الحساب الجاري (خلال سنوات التراجع) إلى عجز منذ عام 1983 بقيمة 11.8 مليار دولار، ثم بقيمة 10 مليارات من الدولارات عام 1984، و2.4 مليار دولار عام 1985، و11.7 مليار دولار عام 1986 وذلك بالنسبة للدول العربية أعضاء أوبك إضافة للبحرين وعمان (عدا العراق).

         وخلال الفترة (1987 ـ 1990) حدث تحسن محدود للعائدات النفطية. كما انخفض العجز في الحساب الجاري للدول العربية النفطية ـ بدءاً من عام 1987. وهكذا فإن الفوائض البترودولارية المحققة في الفترة الأولى (1973 ـ 1981)، تم استنفاد جزء منها خلال الفترة الثانية (1982 ـ 1986) من جراء انخفاض أسعار وحصص الإنتاج.

         ومثلما أدى تراجع العائدات النفطية إلى عجز الموازين الجارية للدول العربية النفطية، تأثرت الموازنات الحكومية بشدة بانخفاض العائدات النفطية، حيث أصابها عجز شديد. وبعد أن كان الفائض في الموازنات الحكومية لهذه الدول هو المصدر الرئيسي للاحتياطيات الدولية، أدى العجز إلى السحب من الاحتياطات الدولية لتتناقص من 45.6 مليار دولار عام 1985 إلى 37.8 مليار دولار عام 1986، إلى 32.4 مليار دولار عام 1989. واضطرت بعض هذه الدول (العراق والجزائر) إلى الاقتراض الخارجي لتمويل العجز، بينما لجأ معظم هذه الدول إلى الاقتراض المحلي عن طريق إصدار أذون وسندات الخزانة.

         لقد كان من المهم التطرق إلى نشأة فوائض البترودولار العربية وحجمها وتطورها. فمن جهة النشأة، كان من الضروري التأكيد على أنها نشأت من تحويل الموجودات النفطية إلى أصول مالية سائلة، أي تسييل موجودات ناضبة غير متجددة. وبذلك تختلف في طبيعتها عن الفوائض المالية للدول الصناعية مثل اليابان وألمانيا التي تعبِّر عن إنتاج ودخل متجدد.

         كما أرتبط حجم وتطور فوائض البترودولار العربية بارتفاع أسعار النفط مرتين في أوائل ونهاية السبعينات من جهة، وبالطاقة الاستيعابية المحدودة للاقتصاديات النفطية العربية من جهة أخرى، بما يعني أن تراكم الفوائض المالية العربية لم يكن نتيجة لتطور وتوسع هياكل الاقتصاديات العربية مثلما حدث بالنسبة للاقتصاديات المتطورة.

         إضافة إلى ذلك، فإن القيمة الاسمية الحقيقية لفوائض البترودولار العربية تحددت وستظل تتحدد بالتطورات التي تحدث في البيئة الدولية الخارجية، سواء من ناحية تأثير الطلب على النفط وأسعاره على القيمة الاسمية للفوائض، أو من ناحية تأثير معدلات التضخم في الدول الغربية الصناعية وتقلبات أسعار صرف عملاتها على القيمة الحقيقة لهذه الفوائض.

         ويبقى بعد هذا العرض، أن الدول العربية صاحبة هذه الفوائض البترودولارية، قد تجاوزت منذ سنوات فترة التراكم للفوائض، إلى فترة استنفاد جزء منها كلما احتاجت إليها، بما يطرح قضية مصير تلك الفوائض البترودولارية، التي تتعرض لعديد من المخاطر التي سبق الإشارة إليها. والحل الوحيد أمام هذه الدول العربية هي الإعداد منذ الآن لدراسات الجدوى بهدف إقامة قاعدة اقتصادية ضخمة لدول مجلس التعاون الخليجي على سبيل المثال.

ثانياً: الاستثمارات العربية في الخارج

         حققت الدول العربية المنتجة للنفط (خاصة أعضاء الأوبك) فوائض بترودولارية نتيجة للطفرة النفطية خلال الفترة (1973 ـ 1981) قامت هذه الدول بتوظيف قسم هام من فوائض البترودولار في أسواق الدول الصناعية المتقدمة، في ظل اعتبارات مختلفة أهمها:

  • ضيق الطاقة الاستيعابية لأسواق رأس المال (البنوك ـ شركات الاستثمار ـ بورصات الأوراق المالية) في الدول العربية النفطية، ومحدودية تلك الأسواق بوجه عام في معظم الدول العربية.
  • وفرت أسواق الدول الصناعية ـ نسبياً  ـ لهذه الفوائض عناصر الجذب مثل الحرية والأمان والعائد، ووجود مؤسسات مالية على درجة عالية من الكفاءة والخبرة، إضافة إلى تنوع أدوات الاستثمار.
  • إلاّ أن أهم الاعتبارات وراء هذا التوجه هو توليد عائد مالي يحل محل العائد النفطي تدريجياً. ومع ذلك فإن الفوائض البترودولارية العربية في الأسواق الدولية لم تكن دائماً مأمونة أو مجزية العائد، وباتت أقرب إلى وضعية "الارتهان" والتآكل كما أُشير إلى ذلك من قبل.

أوجه استثمار الفوائض البترودولارية

         توزعت استثمارات الفوائض البترودولارية خلال الفترة (1974 ـ 1979) بين الولايات المتحدة الأمريكية ودول السوق الأوروبية ودول أخرى في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

         كما توجه جزء من الفوائض المستثمرة خارجياً خلال تلك الفترة لتنمية احتياطيات دول الأوبك من الذهب والعملات الحرة لدى المؤسسات النقدية الدولية.

وتوزعت الاستثمارات من حيث طبيعتها ـ كما يلي:

ودائع مصرفية في بنوك الدول الصناعية       بنسبة     48.5 %

محافظ مالية واستثمارات مباشرة               بنسبة      20.9 %

أوراق حكومية من سندات وأذون خزانة        بنسبة     12.1 %

قروض للدول النامية                           بنسبة     13.9 %

قروض لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي     بنسبة      4.6 %

         خلال فترة تراجع العائدات النفطية (1982 ـ 1986) انخفضت الفوائض البترودولارية المستثمرة في الخارج. وبعد تحسن أسعار النفط والعائدات النفطية بدءاً من عام 1987، عاودت الفوائض العربية التزايد بمعدل أكبر لتصل إلى 588 مليار دولار عام 1989، وارتبط ذلك بتطورات فبعد أن كانت الولايات المتحدة تمثل المكان الأفضل للاستثمارات خلال السبعينات، حدث تحول واضح نحو المملكة المتحدة ودول السوق الأوروبية الأخرى، كما تزايد الاهتمام بأسواق دول الشرق الأقصى. كما تغيرت نسب توزيع الاستثمارات.

         جدير بالذكر أن الدول العربية التي تستثمر فوائضها البترودولارية تتصف بالتحفظ بطبيعتها، حيث تفضل الابتعاد عن قنوات الاستثمار غير الآمنة (مثل المضاربة على المعادن الثمينة والسلع والعقود الأجلية)، وعن الأسواق غير المألوفة لها (وذلك ما يعكس تفضيل الأسواق الأمريكية والأوروبية).

         كما تُفضل أن تتكون حافظتها الاستثمارية من أصول سائلة (الودائع المصرفية والأسهم والسندات) وقد تضحي بالعائد المرتفع مقابل التملك المأمون والمضمون ولو بعائد أقل (الاستثمارات في العقارات) وذلك إضافة إلى الحرص على "السرية" التي تدفعها للاستثمار في الودائع والسندات.

تجربة الاستثمارات الكويتية الخارجية

         عندما تمكن العراق من السيطرة على آبار النفط الكويتية ـ بعد الغزو ـ ثم إحراق معظمها، كانت الاستثمارات الكويتية الخارجية بديلاً للنفط الذي توقف تصديره وعائداته. وتحولت الأصول والاستثمارات الكويتية في الخارج إلى "اقتصاد منفي" مركزه لندن، خارج الإقليم الجغرافي للدولة حيث تمول أصوله وعائداته مصروفات الدولة. وقد سعت الحكومة الكويتية إلى الحصول على موافقة الدول الغربية بالسماح لها بإدارة الأموال الكويتية وذلك ما تم في 26 أغسطس 1990. فأصبح بمقدورها إدارة الأرصدة والاستثمارات في الخارج، عبر مكتب الاستثمار الكويتي في لندن وعبر فروع شركات الاستثمار في الخارج. كما باشر بنك الكويت المركزي في لندن أعماله لتسوية المعاملات بين البنوك الكويتية من جهة وبينها وبنوك العالم من جهة أخرى.

         وبمساعدة بقية دول مجلس التعاون الخليجي، تحركت مؤسسة البترول الكويتية لضمان توفير النفط الخام اللازم لتزويد محطات التكرير والتوزيع المملوكة لها في أوروبا حتى يستمر تشغيلها لتزويد المترددين عليها والوفاء بعقودها.

         وخلال الاحتلال العراقي للكويت، وحتى بعد انسحاب العراق، ظلت الاستثمارات الكويتية في الخارج تقوم بتدوير أصوله الرأسمالية خارج الكويت ويمول من خلال تسييل جزء من تلك الأصول ومن عائداتها تغطية جزء من نفقات قوات التحالف الدولي ضد العراق. ومساعدة الدول التي تضرَّرت من فرض الحصار الاقتصادي على العراق.

         وقد نشرت صحيفة "فاينانشيال تايمز" اللندنية (7 يوليه 1992) نقلاً عن مصادر مكتب الاستثمار الكويتي أن حقيبة المكتب تقلصت منذ الغزو العراقي في أغسطس 1990 بنسبة 50% لاضطراره لتمويل نفقات الحرب حتى أنه كان في فترة يدفع رواتب موظفي الحكومة الكويتية.

فرص ومخاطر الاستثمارات العربية في الخارج

         تكْشِف نشأة فوائض البترودولار العربية في الخارج وتطورها وتوزيعها عن درجة عالية من الارتباط بالسوق الدولية. فمن ناحية، ارتبطت نشأة الفوائض النفطية وأرصدتها بتطورات سوق النفط الدولية (الطلب والسعر). كما يتحدد مستقبل الفوائض المالية في الخارج بسوق النفط التي تتحكم تطوراتها في حجم العائدات النفطية نقصاً وزيادة.

         ومن ناحية أخرى. أرتبط توظيف الفوائض المالية العربية بأسواق المال الدولية، وبالتالي فإن القيمة الحقيقة لتلك الفوائض، تتوقف على استقرار أو تغيُّر أسعار العملات ومستويات الفائدة ومعدلات التضخم في الدول الصناعية المتقدمة، وتتأثر باهتزاز البورصات العالمية.

         وأخيراً تواجه الفوائض المالية العربية في الخارج، المتمركزة في الدول الصناعية المتقدمة، ما يمكن وصفه بالمخاطر السياسية، المتمثلة في احتمالات التجميد. كما حدث بالنسبة لإيران من قبل الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1979 وكذلك ما حدث لليبيا في عام 1986، أو كما حدث للممتلكات العراقية والكويتية في الولايات المتحدة وأوروبا واليابان في عام 1990.

ثالثاً: تدوير فوائض البترودولار في المنطقة العربية

1. التدفقات المالية من الحكومات ومؤسسات التمويل العربية

إن فوائض البترودولار العربية هي في واقع الأمر إيرادات حكومية يرجع أمر التصرف فيها إلى حكومات الدول المعنية. ويعتمد ذلك على سياسات هذه الحكومات في تيسير حركة هذه الفوائض المالية.

وقد بدأت الكويت محاولة مبكرة تكفل تدفق رؤوس الأموال النفطية داخل المنطقة العربية، بتأسيس الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية في 31 ديسمبر 1961. وذلك لمساعدة الدول العربية في تنمية اقتصادها، وبوجه خاص مدِّها بالقروض اللازمة لتنفيذ المشروعات الإنمائية بها.

ومنذ مؤتمر القمة العربي الثاني، ظهرت المساعدات العسكرية من دول الفائض النفطية إلى دول المواجهة العربية مع إسرائيل، كاتجاه حديث في العلاقات الاقتصادية بين الدول العربية. ما لبث أن تأصّل بعد هزيمة 1967 والقمة العربية التي انعقدت في الخرطوم في أغسطس من السنة نفسها.

ثم جاء تأسيس الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي عام 1968، التي ساهمت بأكثر من 80% من رأسماله سبع دول نفطية هي:

السعودية والكويت والعراق والجزائر وليبيا والإمارات العربية وقطر. وتلا ذلك تأسيس المصرف العربي الليبي الخارجي عام 1972.

وبعد ارتفاع أسعار النفط في عام 1973، وزيادة العائدات النفطية ساهمت الدول النفطية في تأسيس مجموعة من مؤسسات التمويل القطرية والإقليمية والدولية أهمها:

صندوق أبوظبي للإنماء الاقتصادي العربي           (1971)

الصندوق العراقي للتنمية الخارجية                   (1974)

المصرف العربي للتنمية في أفريقيا                  (1974)

الصندوق السعودي للتنمية                          (1974)

البنك الإسلامي للتنمية                       (1974)

صندوق النقد العربي                       (1976)

صندوق أوبك للتنمية الدولية               (1976)

الصندوق الدولي للتنمية الزراعية          (1976)

وقد بلغ عدد مؤسسات التمويل الجماعية 32

ومؤسسات التمويل القطرية 9

ومؤسسات التمويل المشتركة 34

والملاحظ أن هذه المؤسسات جميعها قد أنشئت خلال السنوات التالية لزيادة العائدات النفطية من عام 1974 إلى 1977.

كذلك أودع البنك المركزي الكويتي لدى بنوك مركزية أفريقية، إضافة إلى ودائعه لدى البنك المركزي المصري والبنوك التجارية المصرية، عام 1974 بلغ 660 مليون دولار بفوائد شبة تجارية.

ويتضح من ذلك أن معظم المساعدات التي قدمتها الدول العربية المنتجة للنفط إلى الدول النامية كانت على أساس ثنائي. ذلك لأن الدول العربية النفطية تتردد في استعمال المؤسسات الجماعية المشتركة لإدارة وتوجيه مساعداتها المالية نحو الدول النامية بسبب ما يتضمنه ذلك من فقدان السيطرة على استخدامات أموالها واوجه صرفها. ولهذا كانت كل دولة عربية تفضل إنشاء مؤسسة تمويل ضمن نطاقها وتحت سيطرتها كتلك الصناديق السابق الإشارة إليها.

ويعزى لهذه الصناديق فوائد منها:

أ. أنها تنشئ المشروعات بسرعة أكبر من إنشائها عن طريق المؤسسات الجماعية.

ب. إنها تكفل للدولة المعنية السيطرة النهائية على استعمال أموال الصندوق.

ج. أنها تتحاشى التكلفة والتأخير اللذين تتعرض لهما عمليات التمويل في حالة إنشاء مؤسسات تمويل قومية أو جماعية.

د. يمكن لهذه الصناديق أن تدعم السياسات والأهداف العامة للجهة التمويلية التي ترتبط بها، إذ تسطيع استعمال موارد الصندوق المذكورة في تنفيذ التوسعات في مشروعات قائمة وسبق لتلك الجهات المساهمة في إنشائها وتمويلها.

وعلى الرغم من ذلك، فقد اشتركت دول النفط العربية في إقامة مؤسسات تمويل تنموي جماعية تهدف إلى استثمار الموارد المالية العربية داخل العالم العربي وخارجه. كما اشتركت مع دول غير عربية بهدف تقديم القروض والمساعدات المالية الممكنة إلى الدول العربية والبلدان النامية الأخرى.

وذلك مثل مساهمتها مع رؤوس أموال أجنبية بغرض استثمار فوائض الدولارات العربية في مجالات عربية وغير عربية مثل:

  • بنك التنمية الأفريقي                         (أبيدحان 1966)
  • اتحاد المصارف العربية والفرنسية     (باريس 1970 ـ 25 مصرفاً عربياً و16 مصرفاً أوربياً)
  • البنك العربي الفرنسي للاستثمارات العالمية    (باريس 1969)
  • البنك العربي الأوروبي                        (لوكسمبرج 1972ـ المساهمة العربية 60%)
  • المصرف العربي الدولي للاستثمار            (باريس 1973)
  • البنك العربي الدولي في باريس               (1974 ـ مساهمة الجزائر وليبيا)
  • شركة التمويل الدولي                         (الكويت 1974)
  • المصرف العربي للاستثمار                   (مدريد ـ 1975 ـ نسبة المساهمة العربية 60%)
  • الشركة العربية البرازيلية للاستثمار           (1975)
  • بنك الجزيرة                                  (1975)
  • المجموعة المالية الكويتية                     (الكويت 1976 ـ المساهمة الكويتية 60%)
  • الشركة السعودية للاستثمار المصرفي         (الرياض ـ 1977 ـ مساهمة السعودية 65%)

وقد بلغ عدد مثل هذه المؤسسات في عام 1977 نحو 34 مؤسسة. ولا شك أن الموارد المالية التي وُضعت تحت تصرف هذه المؤسسات كانت في مجموعها كبيرة. فقد تراوح رأسمالها من مبالغ ضئيلة نسبياً لا تتجاوز 6 ملايين دينار بحراني في حالة المصرف العربي للاستثمارات والتجارة الخارجية، الذي أنشئ عام 1974، إلى 400 مليون دينار كويتي في حالة الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، الذي بدأ عمله في الكويت عام 1973 إلى 1000 مليون دينار كويتي في حالة الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، الذي أنشئ في الكويت عام 1961. وإلى 2000 مليون دينار إسلامي بالنسبة للبنك الإسلامي للتنمية الذي أنشئ في 1974 و2000 مليون دولار بالنسبة لهيئة الخليج للتنمية التي أُعلن عن قيامها في عام 1976 بالاشتراك بين السعودية والكويت وقطر ودولة الإمارات العربية لتمويل بعض متطلبات التنمية في مصر العربية وتغطية بعض العجز في ميزان مدفوعاتها.

ويعتقد مؤلف هذا المرجع (عبدالمنعم السيد علي، "دراسات في اقتصاديات النفط العربي")

أن إنشاء مثل هذا العدد الكبير من مؤسسات التمويل القطرية والجماعية والمشتركة قد يكون فيه شئ من بعثرة الجهد وسبب لفقدان الانسجام والتنسيق بين الجهود التي تبذلها الدول العربية النفطية في سبيل تقديم العون المالي سواء للدول العربية الشقيقة أو للبلدان النامية الأخرى، الأمر الذي يقتضي إعادة النظر في هياكل وأساليب الدعم المالي، إذا أريد له أن يكون أكثر فاعلية وكافياً من حيث نوع الاستثمار وأسلوب التوجيه وطريقة الإدارة. ومن المقترح إنشاء مؤسسة تمويل واستثمار عربية مركزية تحت اسم بنك التنمية العربي، وذلك لتحقيق أمرين:

  • الكفاءة في استخدام الفوائض البترودولارية العربية.
  • توزيع المخاطر المترتبة على استثمارها في مناطق متعددة من الوطن العربي، وضمان الحفاظ عليها رأسمالاً وقيمةً وأرباحاً. وخلق رقابة مركزية على كيفية استخدام هذه الفوائض المالية ووجهة تدفقها وإعادة توجيهها حسب خطط تنموية عربية يتم التنسيق بينها مركزياً. ولعل إنشاء هذا البنك يكون وسيلة من وسائل تحقيق التكامل الاقتصادي العربي في المستقبل.

وقد انتقد كثير من الكتَّاب مؤسسات التمويل والصناديق السابق ذكرها، حيث أن أهم ما يؤخذ عليها يتمثل في ضالة رؤوس أموالها، مع أن معظمها قد أنشئ أثناء فترة الفورة النفطية لارتفاع أسعار البترول. وعلى الرغم من أهدافها الطموحة الخاصة بدعم التنمية الاقتصادية في دول العجز العربية، وتصحيح الخلل في موازين مدفوعاتها وتسوية المدفوعات الجارية بين الدول العربية بما يعزز التبادل التجاري فيما بينها، وتقديم تسهيلات ائتمانية قصيرة ومتوسطة الأجل إلى هذه الدول، فإن مجموع عجز موازين المدفوعات في بعض دول العجز يفوق بكثير رؤوس أموال هذه المؤسسات التمويلية ولا تساير الأهداف المطلوب تحقيقها.

حقيقة الأمر أن هؤلاء الكتُّاب لا يرمون من وراء هذا النقد الضغط على دول الفائض العربية كي تضاعف رؤوس أموال صناديق ومؤسسات التمويل، بل هو مجرد محاولة لمنع ظهور أفكار مغالى فيها أو دعاوى مغرضة يفوح منها شطط إثارة حقد أو كراهية بين الدول العربية، فقد تعالت أصوات كُتَّاب وصحفيين وسياسيين لا حصر لهم، يرفضون رفضاً باتاً أسلوب الضغط الذي مارسه صدام حسين لابتزاز دول الجوار العربية أثناء فترة حرب الخليج الإيرانية ـ العراقية طوال ثماني سنوات مدّعياً أن في ذلك حماية لكافة دول الخليج. كما أنهم لم يؤيدوا ـ بل واستنكروا ـ دعوى العراق المغرضة، التي طالب فيها بإعادة توزيع ثروات الوطن العربي.