إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اقتصادية / البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول









الفصل التاسع

الفصل التاسع

مصادر الطاقة البديلة

تتضمن مصادر الطاقة البديلة غير المتجددة:

  • الغاز الطبيعي    (وقد أفردنا له الفصل السابق)
  • الفحم بحالته الصلبة
  • الكهرباء بمصادرها الأربعة وهي:
  • القوى الكهرومائية.
  • الطاقة النووية.
  • المحطات الحرارية التي تعمل بالفحم.
  • المحطات الحرارية التي تعمل بالوقود البترولي.

أما مصادر الطاقة البديلة المتجددة:

  • الطاقة الشمسية.
  • طاقة الرياح.
  • طاقة الأمواج  (المد والجزر).
  • طاقة الحرارة الجوفية.
  • الخشب.

ولكل من هذه المصادر فوائده ومخاطره الاقتصادية والبيئية.

          وسنقصر الحديث عن مصادر الطاقة البديلة التي أصبحت موضع اهتمام العالم في الوقت الحاضر أملاً في التوصل إلى استخدام طاقة بديلة للبترول ـ وهو ثروة ناضبة ـ وحتى لا يتأخر تطوير هذه البدائل أكثر مما ينبغي.

أولاً: الطاقة الشمسية  Solar Energy

          سبق القول عند الحديث عن أهداف الدول المستهلكة من إنشاء الوكالة الدولية للطاقة ـ عقب ارتفاع أسعار البترول عام 1973 ـ (في الفصل الرابع من هذا البحث) ـ أنه من بين هذه الأهداف:

          تطوير مصادر الطاقة الجديدة، والتعاون بين الدول الأعضاء في مجال الأبحاث الخاصة بمصادر الطاقة الجديدة والمتجددة، إلا أنه التعاون لم يكن كافياً بسبب تخوف الدول المتقدمة في مجال أبحاث الطاقة من إفشاء الأسرار الخاصة بدرجة تقدمها في هذه المجالات.

          وقد اهتمت الدول الأوربية منذ ذلك الحين بالطاقة الشمسية عن طريق وضع برنامج لتطوير تكنولوجيا الطاقة الشمسية، من شأنه أن يؤدي إلى إنتاج أجهزة اقتصادية لاستخدام هذه الطاقة، أملاً في أن تحل محل البترول.

          ولكن اهتمام دول غرب أوروبا واليابان بالطاقة الشمسية كان محدوداً بالمقارنة باهتمام الولايات المتحدة الأمريكية التي أنفقت أكثر من 100 مليون دولار على أبحاث الطاقة الشمسية عام 1976. وعلى الرغم من ضخامة هذه الأموال فإن النتائج كانت غير مشجعة من ناحية التطوير التكنولوجي في هذا المجال، لأن أجهزة الطاقة الشمسية كانت عالية التكلفة مما يعوق استخدامها.

مؤتمر القمة العالمي للطاقة الشمسية

          عقد في زيمبابوي خلال يومي 16 ـ 17 سبتمبر 1996 مؤتمر القمة العالمي للطاقة الشمسية وشارك في أعماله عشرة من رؤساء دول وحكومات، ومسؤولون في الأمم المتحدة والمؤسسات المعنية بالطاقة الشمسية، أملاً في إنعاش الإقبال على استخدام  الطاقة الشمسية.

          جدير بالذكر أن التخطيط لعقد هذا المؤتمر بدأ في الاجتماع التأسيسي الذي عقد في باريس في يوليه 1993 وشاركت فيه الوكالة الدولية للطاقة وهيئة الاتحاد الأوروبي ومنظمة اليونسكو.

          أكد المؤتمر تأييد البرنامج الشمسي الذي أعدته منظمة اليونسكو، والذي يهدف إلى توفير الطاقة لنحو 2.4 بليون نسمة محرومين من الكهرباء. وشدد الحاضرون على أهمية توفير الدعم المالي لإمكانية تنفيذ حوالي 300 مشروع تم تقديمها للمؤتمر.

ازدهار أسواق الطاقة الشمسية

          زاد الاهتمام بالطاقة الشمسية في السنوات الأخيرة لأنها الطاقة الجديدة والمتجددة ولأنها تعتبر أنظف أنواع مصادر الطاقة واقلها تأثيراً على المناخ العالمي.

          ومنذ توقيع "بروتوكول كيوتو للتغيرات المناخية" في اليابان في ديسمبر 1997 تحت رعاية الأمم المتحدة، اتجهت دول كثيرة وخاصة الدول الصناعية إلى تطوير سياساتها التكنولوجية بهدف تخفيض تكلفة الاستفادة من الطاقة الشمسية، التي من المتوقع أن تصبح مصدراً مهماً للطاقة في المستقبل لكونها مصدراً غزيراً لا ينضب أبداً.

          إن التحدي الرئيسي أمام الطاقة المتجددة على وجه العموم، والطاقة الشمسية على وجه الخصوص، يتمثل في مشاكل التمويل والاستثمار وفي تطوير التكنولوجيا لتخفيض تكلفتها، بالإضافة إلى ما تقدمه الحكومات من دعم لإزالة العوائق أمام تنمية صناعة خلايا الطاقة الشمسية.

          ويعتقد العلماء المتخصصون في هذا المجال أنه يمكن تخفيض تكلفة الخلايا الشمسية من 4000 دولار حالياً إلى نحو 1000 دولار لكل كيلووات خلال العقد القادم. ويصبح هذا السعر منافساً لأنواع الوقود الأحفوري المستخدمة في توليد الكهرباء خاصة في المناطق الحارة التي يتزايد فيها الطلب على أجهزة التكييف.

          ويبدو أن الاستثمارات الكبيرة، التي تبلغ حوالي بليون دولار سنوياً، قد جذبت شركات الطاقة الكبرى مثل إنرون وأموكو وبريتش بتروليم وشل رويال داتش لإنشاء وحدات جديدة لتوليد الطاقة الشمسية. وقد أعلنت المصانع عن قدرتها على مضاعفة إنتاج الخلايا الشمسية خلال السنوات القليلة القادمة.

          وتجدر الإشارة إلى أن شركتي أموكو وبريتش بتروليم بعد اندماجهما قد أسستا مؤخراً واحدة من أكبر شركات الطاقة الشمسية في العالم.

          وقد بدأ استخدام الطاقة الشمسية في قطاع الإسكان، حيث يوجد حالياً بعض الشركات في الدول الصناعية تقوم بتجميع الخلايا الشمسية فوق أسطح المباني أو في النوافذ الزجاجية لتوليد الطاقة اللازمة للسكان.

          والدليل على ذلك ارتفاع مبيعات الخلايا الشمسية في أسواق الطاقة خلال عام 1997 لتتعدى نسبة 40% نتيجة لتزايد نمو الطاقة الشمسية خلال السنوات الأخيرة بنسبة 16%. وهي بذلك تحتل مرتبة متقدمة بين مصادر الطاقة.

          الجدير بالذكر أن النمو الحالي في مبيعات الطاقة الشمسية كان حافزاً على تطبيق برامج مشابهة على المستوى المحلي .

          ويعتبر اليابان رائدة في هذا المجال حيث تم خلال عام 1997 بناء حوالي 9400 نظام للطاقة الشمسية المنزلية، هذا بالإضافة إلى 13800 نظام في عام 1998.

          وقد كان لارتفاع أسعار الكهرباء بالإضافة إلى الضرائب المرتفعة في اليابان أثر كبير على تشجيع اليابانيين على إقامة خطوط جديدة لوحدات الطاقة الشمسية المنزلية.

          أما الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية فقد وافق كل منهما على تصميم برامج للطاقة الشمسية بحلول عام 2010.

          وعلى المدى الطويل من المتوقع أن تصبح الطاقة الشمسية ومصادر الطاقة المتجددة الأخرى هي الممول الأساسي في العالم. وقد أكدت دراسة لشركة شل رويال داتش أن الطاقة الشمسية ومصادر الطاقة الأخرى قادرة على إمداد العالم بنصف احتياجاته من الطاقة في منتصف القرن القادم.

ثانياً: الطاقة النووية  Nuclear Energy

          وكذلك سبق الإشارة (في الفصل الرابع من هذا البحث) إلى زيادة الاعتماد على الطاقة النووية تنفيذاً لأهداف الوكالة الدولية للطاقة، فيما يتعلق بتشجيع وتطوير مصادر الطاقة البديلة المتوافرة لدى الدول الأعضاء، وخاصة الفحم والوقود الصناعي والطاقة النووية لكسر احتكار دول الأوبك إنتاج البترول وتصديره.

          وضعت الدول الصناعية الأوروبية برنامجاً لزيادة نصيب الطاقة النووية لديها في إجمالي استهلاك الطاقة عن طريق بناء محطات الكهرباء النووية. وقد بلغ نصيب شركات البترول الأمريكية بعد تكثيف عمليات البحث عن اليورانيوم عام 1981 نحو 48 %من احتياطياته العالمية كما قامت بعض هذه الشركات بتشييد محطات نووية مثل شركة "جلف اويل".

          وعلى الرغم من حماس الدول الصناعية للتوسع في إقامة محطات للطاقة النووية فقد ثارت عقبات في طريق إنشاء المزيد منها بسبب معارضة الرأي العام لإقامة المفاعلات النووية والارتفاع الكبير في تكاليف بنائها. وقد أدى ذلك إلى إلغاء الكثير من مشروعات بناء المفاعلات النووية خلال السبعينات.

          هذا إضافة إلى معارضة الولايات المتحدة التوسع في أبحاث الطاقة النووية. كما طلبت من الدول الصديقة مثل إنجلترا وألمانيا وفرنسا أن توقف بيع مفاعلات نووية لدول مثل باكستان والبرازيل وغيرها من الدول ذات القدرات النووية.

          وفي عام 1995 تم السماح بإقامة وحدة مفاعل نووي في أرمينيا وربطها بشبكة المفاعلات النووية الجديدة، التي بدأ تشغيلها بالفعل في خمس دول هي: كوريا الجنوبية، الهند،اليابان، المملكة المتحدة، أوكرانيا.

          وفي إيران تم استئناف العمل مرة أخرى في الأعمال الإنشائية في محطة القوى كما تعاقدت كل من الصين وكوريا الجنوبية وكوريا الشمالية لإنشاء مفاعلين جديدين لكل منها.

كذلك بدأت سبع دول بيع مفاعلاتها النووية خارج أسواقها المحلية

قامت الولايات المتحدة الأمريكية ببيع           48 مفاعلاً إلى           16 دولة

روسيا                                         34  مفاعلاً إلى           7  دول

فرنسا                                          9  مفاعلاً إلى            4  دول

كندا                                           7  مفاعلاً إلى            4  دول

ألمانيا                                         4  مفاعلاً إلى            4  دول

السويد                                        2  مفاعلاً إلى            دولة واحدة

المملكة المتحدة                               1  مفاعلاً إلى            دولة واحدة

          وتجدر الإشارة إلى أن الدول ذات السوق المحلية الأكثر ديناميكية هي الأكثر تصديراً للطاقة النووية.

ثالثاً: الفحم

          منذ قيام النهضة الصناعية في أواخر القرن الثامن عشر، تركزت الصناعات حول مناجم الفحم، التي ازدادت هجرة العمال إليها. وقد ظل الفحم أهم مصدر للقوى اللازمة للصناعات زمناً طويلاً. وعندما تم اكتشاف البترول بدأت أسواق الفحم في الانكماش، واستمرت المنافسة بينهما.

          وعند ارتفاع أسعار البترول في 1973 ـ 1974 وكان من أهداف الوكالة الدولية للطاقة ترشيد استهلاك الطاقة والحد من استيراد البترول، أخذت معظم الدول الصناعية تنظر إلى الفحم كوسيلة لتخفيض اعتمادها على البترول المستورد، إلا أنه في أعقاب ارتفاع أسعار البترول مجدداً أثناء الفورة النفطية الثانية في 1979 ـ 1980 أصبح من الضروري التحول بجدية إلى صناعة الفحم.

          ولكن ابتداءً من عام 1982 ـ عندما أخذت أسعار البترول في الانخفاض ـ وبدأت تظهر الوفرة البترولية في السوق العالمي، تراجع استهلاك الفحم، وعادت الدول الصناعية إلى الاعتماد إلى استهلاك البترول مرة أخرى. وذلك بعد أن أصبحت شركات البترول العالمية تسيطر على 53% من مناجم الفحم في الولايات المتحدة الأمريكية.

          وقد اعتادت الدول الصناعية الأوروبية، التي كانت تعتمد اعتماداً كلياً على الفحم قديماً، أن تعمل على تدعيم صناعة الفحم للتشجيع على استخدامه وتفادي زيادة البطالة بين عمال التعدين. والغريب أن الفحم ظل يتمتع بهذه المحاباة حتى اليوم، إلا أن القيود البيئية أدت إلى تراجع نصيب الفحم نتيجة لانبعاث غازات ضارة من استخدامه تؤدي إلى تلوث البيئة.

          وفي عام 1991 أجريت دراسة على ثلاث دول أوروبية استهلكت نحو 65% من الفحم المستهلك في الجماعة الأوروبية وهي ألمانيا 111 مليون طن والمملكة المتحدة 66 وأسبانيا 20 مليون طن من الفحم. وتبين أنه كان من الممكن أن ينخفض استهلاك الفحم في الدول الثلاث إلى 109 مليون طن لو تم إلغاء الدعم بكامله.

ومع هذا نؤكد أن التخلص من استهلاك الفحم كلية يعتبراً أمراً مستبعداً وذلك للأسباب الآتية:

  1. إنه لا يزال المصدر ذو الوفرة الكبيرة إذ تبلغ احتياطياته بما يكفي احتياجات العالم نحو 240 عاماً بمعدلات الإنتاج الحالية.
  2. إن مخاطر الطاقة النووية لازالت عالية، وهو ما يجعل إمكانية إحلالها محل الفحم ضعيفة. كما أن احتياطيات النفط والغاز الطبيعي لا تسمح لهما بتغطية فجوة الفحم.
  3. إن الفحم لا يزال يحتل مركزاً هاماً بين مصادر الطاقة لوجوده بوفرة في مناطق مستهلكة كبيرة مثل الولايات المتحدة والمنطقة السوفيتية (سابقاً) والصين والهند. ولا يُتوقع لهذه المناطق أن تستبدله بطاقة مستوردة وإن توفرت.

الفحم أكثر مصادر الطاقة تلويثاً للبيئة

          في مؤتمر التغير المناخي الذي عقدته الأمم المتحدة في جنيف في يوليه 1996 صدرت توصيات باتخاذ إجراءات تلزم الدول الصناعية بخفض نسبة انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون.

          ومن البديهي أن تنصب هذه التوصيات على الحد من استخدام الفحم باعتباره أكثر مصادر الطاقة تلويثاً للبيئة لارتفاع نسبة ثاني أكسيد الكربون التي تنبعث من احتراقه. ولكن الدول الصناعية فرضت ضريبة الكربون على البترول للحد من استهلاكه، متجاهلة الفحم بل واستمرت في دعمه. فضلاً عن أنها بدأت في تصديره إلى الدول النامية مثل الصين ودول جنوب شرق آسيا وغيرها من الدول. وكان ينبغي على الدول الصناعية أن تستخدم التكنولوجيا المتقدمة للعمل على رفع كفاءة محطات توليد الكهرباء التي تستخدم الفحم تنفيذاً لتوصيات الحد من انبعاث ثاني أكسيد الكربون.

          ويتضح من هذا ـ كما سبق القول ـ أن فرض ضريبة الكربون على البترول لم يكن هدفها بصفة أساسية الحد من انبعاث ثاني أكسيد الكربون فقط، بل كان لزيادة الضرائب المفروضة على منتجات البترول والحد من زيادة الطلب عليه حتى تظل أسعاره منخفضة.

          كما يدل تصدير الفحم إلى الدول النامية على أن الدول الصناعية الغربية ترمي إلى التخلص من بعض ما لديها من احتياطيات الفحم ونقل تلوث البيئة إلى الدول النامية. مع أن النتيجة في الحالتين واحدة وهي انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون في العالم وارتفاع درجة حرارة الجو.

الوقود الصناعي  Synthetic Fuel

          كما تضمنت أهداف الوكالة الدولية للطاقة أيضاً فيما يتعلق بتطوير مصادر الطاقة البديلة إنتاج الوقود الصناعي. وهو تصنيع الوقود الغازي عن طريق توليد الغاز من الفحم Coal gasification، وتصنيع الوقود السائل عن طريق إسالة الفحم Coal liquefaction.

          وتنفيذاً لهذا الهدف وضعت الولايات المتحدة خطة في عام 1975 لإنتاج الوقود الصناعي بواقع مليون برميل/ يوم بحلول عام 1985.

          وقامت مجموعة من شركات البترول والطاقة الأمريكية بالتخطيط لإنشاء مشروعات لإنتاج الوقود الصناعي من الفحم أو من زيت السجيل Shale Oil ولكن سرعان ما توقفت هذه المشروعات في هذا المجال بسبب التكاليف الباهظة وبسبب السعر المتوقع للمنتج النهائي، الذي سوف يكون أغلى بكثير من سعر البترول.

          لذلك فإن صناعة الوقود الصناعي لن يكتب لها النجاح إلا إذا قامت الحكومة الفيدرالية بتقديم الدعم المالي حتى يمكن جعل الاستثمار في هذه المشروعات أمراً مربحاً من الناحية الاقتصادية.

مدى إمكانية إحلال بدائل الطاقة محل البترول في القرن 21؟

          وفي ختام هذا البحث عن البترول وتأثيره على اقتصاد الدول فإن خلاصة القول تقتضي الإجابة على هذا السؤال.

          تبين من استعراض احتياطيات الغاز الطبيعي ومعدلات إنتاجه واستهلاكه على مستوى العالم، أن الإقبال على استخداماته في تزايد، ولكنه ما زالت عمليات استثماره باهظة التكاليف وخاصة عمليات إسالته ومد خطوط الأنابيب لتصديره. فضلاً عن أن القيود البيئية التي زاد الاهتمام بها في السنوات الأخيرة للتخفيف من مصادر التلوث هي التي ساعدت على زيادة استخدام الغاز الطبيعي وغيره من الطاقات النظيفة مثل الطاقة الشمسية.

          أما الطاقة الشمسية، فإنه على الرغم من زيادة الاهتمام بها في السنوات الأخيرة أيضاً، فلا يزال أهم التحديات أمامها مشاكل التمويل والاستثمار وتطوير التكنولوجيا لتخفيض تكلفة أجهزتها التي تيسر استخدامها.

          وفيما يتعلق بالطاقة النووية، فإن الهلع الشديد الذي ساد العالم بعد انفجار مفاعل تشيرنوبيل عام 1986، وارتفاع أصوات الشعوب بالتحذير مطالبة بالأمان، قد أرغم الحكومات على عدم التوسع في استخدام الطاقة النووية كمصدر للطاقة. وأدى ذلك إلى توقف الاستثمارات في بناء المفاعلات النووية، بل وإغلاق بعض المفاعلات القائمة خوفاً من تكرار الحادث.

          وعلى الرغم من ذلك فقد أدى التطور التكنولوجي خلال عامي 1995 و1996 ـ أي بعد مرور عشر سنوات على الحادث المشؤوم ـ واتباع شروط أكثر فاعلية، إلى استئناف العمل مرة أخرى في بناء وحدات مفاعلات نووية. ومع ذلك أيضاً فلا تزال التكلفة الباهظة تشكل حجر عثرة في بنائها، فضلاً عن المدة الطويلة التي يستغرقها إنشاء المفاعل النووي وهي عشر سنوات طوال.

          أما الفحم، فعلى الرغم من أن احتياطياته ما زالت وفيرة، فإن مخاطر الطاقة النووية قد جعلت إمكانية إحلالها محل الفحم ضعيفة للغاية. ولكن منافسة كل من الغاز الطبيعي والطاقة النووية للفحم أدت إلى تراجع مكانته في ميزان الطاقة في دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية والدول المتقدمة وانحسر استخدامه ـ بالتالي ـ في الدول النامية والدول المتخلفة.

          كذلك فإن خطة عمليات تصنيع الوقود الغازي والوقود السائل من الفحم التي وضعتها الولايات المتحدة الأمريكية عام 1975 لإنتاج وقود صناعي لم يكتب لها النجاح وسرعان ما توقفت بسبب التكاليف الباهظة أيضاً.

          أضف إلى هذا، أن الاهتمام بتنمية بدائل الطاقة لم ينشأ إلا في فترات أزمات البترول وارتفاع أسعاره. وقد تباطأ معدل النشاط في تطوير تكنولوجيا واقتصاديات مصادر الطاقة البديلة، التي يتطلع العالم إلى إحلالها محل البترول، على الرغم من آلاف الملايين من الدولارات التي تم إنفاقها، حتى توقفت هذه المشروعات لوقف نزيف الخسائر.

          ولا غرابة في ذلك، فإن كافة شركات البترول والطاقة والحكومات تهدف إلى الربح من وراء إقامة المشروعات سواء الخاصة بالبترول أو الخاصة بمصادر الطاقة البديلة. وفي حالة عدم تحقيق الأرباح المستهدفة تتوقف هذه المشروعات ويخبو الاهتمام بها.

          وعلى ذلك فإنه رغم ما قيل عن زيادة الاهتمام بمصادر الطاقة البديلة وعقد المؤتمرات والعمل على تذليل العقبات وتخفيض النفقات.

          فإن البترول سوف يظل سيد الموقف الذي يحتل المركز الأول في ميزان الطاقة طوال القرن القادم، على الرغم من المنافسة التي يتعرض لها من كافة أنواع بدائل الطاقة. ولن تنال منه هذه البدائل إلا إذا اشرف على النضوب، وأصبح تعويض ما يستنزف منه بالإنتاج أمراً مكلفاً. وذلك ـ بطبيعة الحال ـ بعد أن يتم استكشاف جميع مناطق العالم، التي ما زالت بكراً لم تصل إليها أعمال التنقيب، إما لوعورتها أو لبعدها على المناطق الآهلة بالسكان أو لأسباب أو مخاطر أخرى.