إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / العراق والكويت، الجذور ... الغزو ... التحرير / المواقف وردود الفعل العربية، تجاه الغزو العراقي، خلال الأيام الأولى للأزمة









وثيقة

وثيقة

البيان الرقم (1)

الصادر عن حكومة الكويت الحرة، المؤقتة

في 2 أغسطس 1990

بسم الله الرحمن الرحيم

توكلنا على الله

]وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ[ w

يا أبناء الكويت الأعزاء.

بيان الرقم (1) صادر عن حكومة الكويت الحرة المؤقتة.

    منذ عشرات السنين، ومنذ بزوغ فجر الحرية والاستقلال في ربوعنا العربية، وأهل الكويت يتطلعون إلى الحرية والإسهام في تحقيق أهداف الأمّة العربية، في التحرير والوحدة والنهضة، ويشاركون إخوانهم العرب في مشاعرهم وتطلعاتهم القومية النبيلة، إلى عزة الأمّة العربية، واستعادة الحقوق، وخاصة في فلسطين الحبيبة.

    وكان الكويتيون الغيارى، يأملون في أن يكون الاستقلال، الذي حصلنا عليه، بعد نضال شاق وتضحيات جسيمة، قدمها أبناء الشعب والوطنيون المخلصون، بداية الطريق لتحقيق هذه الآمال والأهداف.

    غير أن المستعمر الأجنبي، الذي حكم البلاد، ونهب ثرواتها، وأذل الشعب، قبل الاستقلال، بصورة مباشرة، أو من خلال أعوانه، من الحكام من بعض آل صباح، سلط هذه الزمرة نفسها على حكم البلاد، بعد الاستقلال، فأقامت هذه الزمرة حكماً عائلياً، مستبداً، فاسداً. ولم تنفع الصيغ الشكلية، التي أقاموها في تمويه الحقيقة، التي كشفها الشعب، منذ البداية، لأنها كانت صيغاً فارغة من المضمون الحقيقي، وغطاءً زائفاً للطابع العائلي المستبد لنظام الحكم. وتأكد للشعب أن هذه الزمرة عازمة على احتكار مقاليد الحكم، ونهب ثروة البلاد، بالتعاون مع عدد قليل ومعزول من المرتزقة، وبارتكاز، بالدرجة الأولى، على القوى الأجنبية.

    وقد تأكدت هذه الحقائق، مع مرور السنوات والتجارب المتلاحقة. فتزوير الانتخابات، وفرض أزلام السلطة، ومطاردة الشخصيات الوطنية ومحاربتها، في حريتها ورزقها، كانت دائماً السمة المميزة لنظام حكم آل صباح وأزلامهم.

    وعندما استطاع الشعب أن يفرض شيئاً من إرادته الحرة، في آخر انتخابات لمجلس النواب، وجاءت إلى المجلس كتلة قوية، من النواب الوطنيين النزيهين، الذين سلطوا الأضواء على استبداد النظام وفساده، وسياساته، المشبوهة والمنحرفة، وعلى تصرفاته في تبديد ثروات البلاد، وربطها بالمصالح والدوائر الاستعمارية، وحتى الصهيونية، وفي توزيع الغنائم على الأبناء والأقارب والأزلام. لم تتحمل السلطة الباغية رأي الشعب، وصوت أبنائه المخلصين، وقول الحق، فعمدت إلى أساليب التهديد والوعيد. وعندما فشلت محاولاتها هذه في إسكات صوت ممثلي الشعب عمدت إلى الاستهتار بالدستور، وحلّت مجلس النواب، وفرضت حالة شاملة، من الإرهاب والقمع وكبْت الحريات، وقطع الأرزاق.

أيها المواطنون.

    يا أبناء الكويت الشرفاء، إن هذه الفئة الحاكمة الباغية، ومرتزقتها وأعوانها، كانت خادمة الأجنبي، قبل الاستقلال. وبقيت، بعد الاستقلال، خادمة لكل القوى الأجنبية، الطامعة في الكويت وفي المنطقة. وقد ربطت هذه الفئة المشبوهة كل مصالحنا الوطنية، وثروات البلاد، بالمصالح الأجنبية. بل حتى ببعض المصالح الصهيونية المعروفة. فبالإضافة إلى النهب العلني لثروات البلاد، وتوزيعها غنائم فيما بينهم، وعلى أعوانهم، وتبديدها في شهواتهم ونزواتهم، التي أساءت إلى سمعة شعب الكويت الأبي، وأخلاقه العربية والإسلامية الأصيلة، فقد أودعوا عشرات، بل مئات المليارات، من ثروات البلاد في البنوك الأجنبية، وربطوا استثماراتنا ببعض المصالح المشبوهة، المرتبطة بالدوائر الصهيونية.

    ولا يخفى على أهل الكويت الأباة، أن عدداً من أفراد هذه الفئة الباغية، ممن عرفوا بالغلو في نزعة التسلط والفساد، من أمثال صباح أحمد جابر، كانوا من بين أوثق رجال الاستعمار، لا في بلادنا فحسب، بل في المنطقة كلها، ينسقون معه، ويحوكون المؤامرات والدسائس، بوسائل خبيثة، ومبتكرة، ضد الأمّة العربية وقضاياها النبيلة. وآخر ما قاموا به تلك المؤامرة اللئيمة، التي أدمت قلب كل كويتي حر شريف، ضد العراق الشقيق الأبي، الذي تحمل شرف الدفاع البطولي المرير عن البوابة الشرقية للوطن العربي، وعن الكويت، وعن كل دول الخليج العربي، وقدّم التضحيات الغالية، للحفاظ على الأرض والعِرض والكرامة.

يا أبناء الكويت النشامى.

    لقد خسئ الخاسئون. إن شعب الكويت العربي الأبي، لا يمكن أن يقبل بهذا التدبير الخبيث. ولا يقبل باستمرار الظلم. ولا يمكن أن يرضى بأن تكون بلاده رهينة للأجانب، ومزرعة يعبث بها المفسدون، المالكون ومرتزقتهم. لقد عبّر الشعب عن رأيه بشتى أشكال الرفض والمعارضة الشرعية. وكانت الندوات، التي عقدت في الديوانيات، والمظاهرات، التي خرجت عنها، والتي ضمت أغلبية المتنورين من أبناء الشعب، خير تعبير عن إرادة شعب الكويت الحقيقية. غير أن الفئة الحاكمة الباغية، التي اعتادت على الاستبداد، والتحكم برقاب الناس، مستندة إلى تحالفاتها مع القوى، الاستعمارية والصهيونية، لجأت، مرة أخرى، إلى الإرهاب والقمع وتزييف إرادة الشعب، فأقامت تلك المهزلة المكشوفة، التي أسمتها بالمجلس الوطني، الذي قابله الشعب بالمقاطعة والاحتقار.

    وبهذه المؤامرة اللئيمة، التي تخدم أهداف الاستعمار والصهيونية، في فك عرى العلاقات مع الأهل والأشقاء، وإضعاف الكيان العربي، والمقاومة العربية ضد العدوان الصهيوني، أسفر ذلك النفر من آل صباح، ومَن سار في ركبهم من المرتزقة، عن عدائهم للكويت، وللأمّة العربية، وعن عمالتهم للاستعمار والصهيونية.

أيها المواطنون.

    إن الأزمات، السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية، التي يعاني منها شعبنا، ليست سوى خطة مدبّرة، من الفئة الباغية ومرتزقتها، هدفها إضعاف الكويت وإبقاؤه كياناً هزيلاً، تعبث به القوى الأجنبية الطامعة، حتى يبقى الكويتيون في دوامة مستمرة، من الخوف والقلق والبلبلة، فلا يلتفتون إلى مفاسد الحكم ودسائسه الحقيرة، وينصاعون إلى حكم الفئة الباغية، وتبقى الكويت رهينة للقوى الأجنبية، سياسياً وعسكرياً واقتصادياً.

أيها المواطنون.

    يا أبناء الكويت الأعزاء. لقد بلغ السيل الزبى. ولم يبقَ في القوس ثمة منزع. ولم يعد شعبنا قادراً على تحمل هذه الدرجة من البغي والفساد والتزييف والتآمر.

    إن القوى الوطنية، التي رفضت البغي والاستبداد والفساد، وقاومت النظام المرتبط بالدوائر، الاستعمارية والصهيونية، قد قررت، وبعد الاتكال على الله، وعلى إرادة الشعب الحرة وممثليه الخيرين، قررت تسلم زمام المسؤولية، والإطاحة بالنظام المستبد الفاسد العميل.

أيها الكويتيون الأعزاء.

    باسم الشعب، نعلن عزل جابر أحمد جابر، وسعد عبدالله سالم، وكل مرتزقتهم، من مناصبهم، وحل ما يسمى بالمجلس الوطني. كما نعلن تشكيل حكومة الكويت الحرة، المؤقتة، التي تتولى كل المسؤوليات والصلاحيات، التشريعية والتنفيذية، في البلاد، خلال الفترة الانتقالية. وستتولى حكومة الكويت الحرة، المؤقتة، بعد تأمين الاستقرار الضروري في البلاد، إقامة انتخابات حرة نزيهة، لانتخاب مجلس، يمثل الشعب، يتولى تقرير نظام الحكم، والقضايا الأساسية في البلاد. وتعتبر حكومة الكويت الحرة، المؤقتة، من أولى واجباتها ومسؤولياتها، الوطنية والقومية والأخلاقية، إصلاح الأذى والعدوان، الذي ألحقه النظام الفاسد السابق بأهلنا وإخواننا في العراق؛ فهُم سندنا وظهيرنا في الملمات، على أساس الأخوّة التي تجمعنا، وبأمانة الشرفاء في التصرف إزاء مسؤولياتهم، وسنعمل على معالجة مسألة الحدود، والعلاقة مع العراق العزيز، على قاعدة الأخوّة بيننا، ووفق ما تتطلبه المصلحة القومية العليا.

    أيها المواطنون الأحرار. في هذا اليوم المجيد، من شهر محرم المبارك، يبدأ عهد جديد، عهد العمل المخلص، الجاد لإرساء أُسس الحرية والديموقراطية والعدالة والرفاهية الحقيقية في المجتمع. يبدأ العمل الجاد للمساهمة المخلصة في خدمة أهداف الأمّة العربية، والارتباط الحقيقي بقضاياها المصيرية.

أيها الإخوة العرب، المقيمون في الكويت.

    إن حكومة الكويت الحرة، المؤقتة، تحيّيكم، وتدعوكم إلى تفهّم ومساندة هذه الانتفاضة المباركة، التي قام بها إخوانكم الأحرار. فأنتم الأهل، لكم ما لنا، وعليكم ما علينا. وتؤكد حكومة الكويت الحرة، المؤقتة، للمقيمين الأجانب، حرصها التام على حماية حقوقهم ومصالحهم وأمنهم وكرامتهم، وتدعوهم إلى الانضباط والالتزام بالقرارات والتعليمات والأوامر، التي تصدر عن الحكومة. كما تحذر الحكومة من أنها ستضرب بيد من حديد، كل مَن تسوّل له نفسه الإخلال بالأمن والاستقرار، وتنفيذ مخططات القوى الأجنبية الطامعة. إن حكومة الكويت الحرة، المؤقتة، تؤكد التزامها بكل المواثيق، التي يرتبها انتماؤها، العربي والإسلامي والدولي، وخاصة ميثاق جامعة الدول العربية، ومعاهدة الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي بين الدول العربية، وميثاق هيئة الأمم المتحدة، وميثاق منظمة المؤتمر الإسلامي، واتفاقية مجلس التعاون الخليجي. كما تؤكد الحكومة التزامها بكل الاتفاقيات المعقودة مع الدول الأخرى، عدا ما هو سري منها، مما يتعارض مع سيادتنا ومع التزاماتنا القومية، وعلى قاعدة التعامل بالمثل.

    كما تؤكد الحكومة تمسّكها بكافة الالتزامات المالية، إزاء الدول والمؤسسات، وعلى قاعدة التعامل بالمثل، والوفاء بالالتزامات المتقابلة أيضاً. وتحذر حكومة الكويت الحرة، المؤقتة، بكل حزم، أية جهة أجنبية من التدخل في شؤوننا الداخلية، بأي وسيلة كانت، وعلى هذه القوى الأجنبية، التي تواطأت مع الفئة الباغية المعزولة، أن تعلم بأن أهل الكويت، ومعهم أبناء العروبة المقيمون في البلاد، سيدافعون عن الأرض والكرامة، وعن انتفاضة الشعب المباركة، حتى آخر قطرة من دمائهم، ولن ترهبهم تهديدات القوى الأجنبية ودسائسها ومؤامراتها.

    وفي هذا الإطار، يرفض شعب الكويت، وحكومته الحرة، المؤقتة، أي ذريعة أو غطاء، يمكن أن يستخدم لإحياء آمال القوى المشبوهة في التدخل، المباشر أو غير المباشر، سواء بجيوشها أو أساطيلها أو أية وسائل أخرى. وعلى هذه القوى، التي قد تسوّل لها نفسها الاعتداء على البلاد، وفرض الوصاية عليها، أن تدرك بأن أهل الكويت جزء من الأمّة العربية، ولهم إخوانهم النشامى المجرّبون، الذين سيقفون إلى جانبهم، إذا ما تعرّضوا إلى أي أذى أو اعتداء، أو تدخل خارجي.

يا أبناء الكويت الأعزاء.

    هذا يومكم. هذا عهدكم، وعهد كل العرب. عهد الحرية والكرامة والعزة.

]وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ[ w

والله الموفق.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

حكومة الكويت الحرة، المؤقتة

الحادي عشر من محرم 1411هـ

الثاني من أغسطس 1990م