إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / العراق والكويت، الجذور ... الغزو ... التحرير / اللعبة السياسية، وإدارة الأزمة









مقدمة

10. كرت الحرب الاقتصادية

أ. أمرت الإدارة الأمريكية، منذ بداية الاعتداء العراقي، بتجميد الأرصدة وأصول الأموال الكويتية والعراقية في كل من الولايات المتحدة الأمريكية واليابان ودول أوروبا الغربية، وكانت تلك ضربة أولى مباشرة في الحرب الاقتصادية ضد العراق.

ب. فرض العقوبات الاقتصادية والحظر التجاري على العراق مما جعل الشعب العراقي يعلم أنه سيدفع الثمن غالياً بسبب غزو صدام للكويت. وقد تسبب ذلك بالفعل في معاناة شديدة للشعب العراقي، وتعميق الإحساس بالعزلة الدولية.

جدير بالذكر أن عدد السفن التي تم اعتراضها أو تفتيشها أو تغيير مسارها بلغت 8620 سفينة.

ج. مواجهة تهديدات صدام بإلحاق الأضرار الاقتصادية البالغة بالدول المتحالفة، ومواجهة إشعال آبار النفط وضخه في مياه الخليج.

وقد طالبت الولايات المتحدة الأمريكية منذ اندلاع الأزمة الدول المنتجة للنفط، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، بزيادة الإنتاج لإيقاف ارتفاع الأسعار. وعلى الرغم من أن المخزون الأمريكي من النفط يبلغ 590 مليون برميل تعادل 65 يوماً من الاستهلاك الأمريكي، ونحو 90 يوماً من الاستيراد، فإن الإدارة الأمريكية قاومت بشدة الاتجاهات، التي دعت لاستخدام المخزون النفطي، في ذلك الوقت، لإيقاف ارتفاع الأسعار، حيث كان البعض قد دعا إلى أن تبيع الولايات المتحدة الأمريكية بالمزاد نحو مليون برميل يومياً، ولمدة ثلاثة شهور، بما يسهم في زيادة الإيرادات الحكومية الأمريكية من ناحية، ويسهم في إيقاف ارتفاع أسعار النفط من ناحية أخرى، كما أن الاحتياطي الإستراتيجي الأمريكي سوف يبقى على حاله. لكن وزارة الطاقة الأمريكية رفضت هذه الدعوة، وبررت ذلك بعدم وجود أزمة في إمدادات النفط في ذلك الوقت. ومع انعكاس تداعيات الأزمة الخليجية على الولايات المتحدة الأمريكية في مجال النفط تزايدت المطالبة بضرورة رفع الاحتياطي الإستراتيجي الأمريكي من النفط. وفي النهاية أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية قادرة على استيعاب كل الثروة النفطية، دون أن يسبب لها ذلك أي قدر من التضخم أو الارتفاع في الأسعار.

11. كرت الحرب الإعلامية

استغل التحالف شبكات الإعلام العالمية أعظم استغلال، وراح ينقل إلى جماهير العالم، في كل مكان، دعايته ضد صدام، ويصنع الصور والمعلومات التي يريد بثها من خلال أجهزته، ثم يذيع تطورات الأحداث وأخبار المواجهة مشفوعة بكم هائل من التحليلات، ويظهر الشخصيات السياسية والعسكرية من فريق التحالف في صورة ومصداقية كسبت تأييد وتعاطف الجماهير.

وحرصت الولايات المتحدة الأمريكية على إظهار تكاتف الشعب الأمريكي والكونجرس خلف الإدارة الأمريكية.

12. كرت التمويل الدولي

إلى جانب الحجم الهائل من المشاركة السعودية في تمويل الحرب، حيث كانت المملكة العربية السعودية هي العمود الفقري في هذا المجال، وتكفلت الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبا بالإسهام في التمويل، وطلبت من كل من اليابان وألمانيا ـ طالما أنه ليس بمقدورهما المشاركة بالعتاد والأفراد ـ دفع عدة مليارات من الدولارات دعماً للحرب، ومن ثم لم تكن أمام التحالف أية مشكلة في التمويل.

13. كرت بريطانيا

كانت بريطانيا تشعر بالقلق على مصالحها في منطقة الخليج بصفة عامة، وفي الكويت بصفة خاصة، منذ توقف الحرب العراقية ـ الإيرانية، وكانت لندن من أكبر العواصم الغربية إثارة للضجيج حول خطورة السياسة التي ينتهجها العراق في مجال التسليح، ومن أكثرها تشهيراً بسياسة العراق تجاه المعارضة والأقليات. وبانتهاكه لحقوق الإنسان بصفة عامة، وبسبب استخدامه لأبشع الأساليب في قمع حركة المقاومة الكردية. ففي يوم 9 مارس ألقت السلطات العراقية القبض على صحفي إيراني، يحمل جواز سفر بريطانياً، ويعمل مراسلاً لصحيفة "الأوبزرفر" اللندنية، بتهمة التجسس ودخول مناطق عسكرية محظورة. وقدم هذا الصحفي للمحاكمة بعد أن أذاعت وسائل الإعلام العراقية اعترافاته الكاملة. لكن الصحافة البريطانية شنت حملة ضخمة على السلطات العراقية، واتهمتها بتلفيق التهمة، وجرت محاولات عديدة للإفراج عنه، لكن الحكم صدر عليه بالإعدام ونفذ فيه فعلاً يوم 15 مارس 1990. وفي يوم 22 مارس، اغتيل الدكتور "جيرالدبول" الذي اشتهر بخبرته في صنع مدافع عملاقة، وتناولت الصحافة البريطانية بالتفصيل الشائعات، التي حامت حول تعاونه مع السلطات العراقية لتصنيع مدفع عملاق. وأعلنت السلطات البريطانية في 29 مارس، أنها عثرت على قطعة من مواسير هذا المدفع العملاق، وحذرت العراق من التورط في مغامرات من هذا النوع، وجددت الصحافة حملتها على سياسة العراق التسليحية.

وفي هذا المناخ العدائي للعلاقات البريطانية- العراقية لم يكن غريباً أن يأتي رد الفعل البريطاني على الغزو العراقي للكويت حاداً وغاضباً. ولم تكن حدة رد الفعل تلك مجرد انعكاس لمرحلة توتر مؤقت، ولكنها كانت تتسق مع طبيعة العلاقات التاريخية التي ربطت بريطانيا بمنطقة الخليج عموماً وبالكويت خصوصاً، فقد كانت هذه المنطقة منطقة نفوذ خالصة لبريطانيا على مدى عدة قرون متصلة، بسبب موقعها الإستراتيجي الفريد على طريق إمبراطوريتها في الهند. وكانت بريطانيا هي التي لعبت أخطر الأطوار في تشكيل خريطة هذه المنطقة، وحدودها السياسية، وفي تصميم وهندسة العلاقات الاجتماعية والقبلية فيها. وعلى الرغم من أن النفوذ البريطاني تراجع في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية لصالح النفوذ الأمريكي، إلا أن بريطانيا ظلت تتمتع بمكانة خاصة في هذه المنطقة، وكانت الحكومة البريطانية خاصة هي التي سارعت بإرسال قواتها إلى الكويت، عندما أعلن عبد الكريم قاسم عام 1961 رفضه لاستقلال الكويت، وعزمه على ضمها إلى "الوطن الأم"، وفي هذا السياق لم يكن غريباً، أن جاء رد الفعل البريطاني على الغزو العراقي للكويت، في أغسطس عام 1990، حاداً وعنيفاً، من منطلق الإحساس بأن المحافظة على استقلال الكويت هو الضمان الرئيسي للمحافظة على المصالح البريطانية ذاتها، أو على ما تبقى منها في المنطقة.

لكن بريطانيا كانت تدرك في الوقت نفسه، أن الدور الذي كان بمقدورها أن تلعبه بمفردها في سياق أزمة 1961، غير قابل للتكرار في سياق أزمة 1990، بسبب اختلاف موازين القوى الإقليمية والعالمية اختلافاً جوهرياً. وكانت على يقين من أن الولايات المتحدة الأمريكية، هي وحدها المؤهلة والقادرة والراغبة في الإمساك بكل خيوط إدارة الأزمة في مواجهة العراق، وأي قوى أخرى قد تقف إلى جانبه. لذلك لم تكن بريطانيا في حاجة إلى أن تلعب دور المحرض للولايات المتحدة الأمريكية. لكنها كانت تدرك في الوقت نفسه أنها تستطيع، بحكم خبرتها العميقة بالمنطقة، أن تحقق كل أهدافها، إذا ارتبطت ارتباطاً واضحاً وعميقاً بالولايات المتحدة الأمريكية وخططها في إدارة الأزمة. كما كانت الولايات المتحدة الأمريكية كذلك في أمس الحاجة إلى الدور البريطاني، ليس فقط للاستفادة من خبرة بريطانيا ومعرفتها العميقة بالدروب السياسية والاجتماعية للمنطقة ولكن كذلك لعرقلة أي نزعة استقلالية قد تتطلع إليها الجماعة الأوروبية، ولم يكن تحقيق التلاحم بين الخطط الأمريكية والبريطانية بالأمر المتعذر، إذا أخذنا في الاعتبار خصوصية العلاقات البريطانية الأمريكية والتي جعلت من بريطانيا أهم حليف أوروبي للولايات المتحدة الأمريكية في العصر الحديث، باستثناء فترات توتر قصيرة ومؤقتة.

تميز الكرت البريطاني بسمتين رئيسيتين:

الأولى: التطابق الكامل أو شبه الكامل مع الرؤية الأمريكية لطبيعة الخطط الأمريكية الرامية إلى تفضيل الحل العسكري، ورفض أي حلول وسط، والتي تمثل هدفها الرئيسي في نهاية المطاف، ليس فقط في تحرير الكويت، وإنما تحطيم القدرة العسكرية العراقية، للقضاء على أي احتمال لتكرار ما حدث في المستقبل، أو وقوع دول الخليج العربي تحت سطوة التهديد أو الابتزاز العراقي، إذا خرج العراق من هذه الأزمة سليماً عسكرياً.

والثانية: الحيلولة دون قيام أوروبا بدور مستقل عن الدور الأمريكي، إلا في حدود ما يمكن أن تسمح به سياسة الاستفادة من لعبة توزيع الأدوار، حتى لا تفسد أوروبا على الولايات المتحدة الأمريكية خططها الرامية إلى استغلال الأزمة للانفراد بقيادة النظام العالمي، وتحسين مركزها التفاوضي مستقبلاً في مواجهة أوروبا واليابان على السواء.

في هذا السياق لم يكن غريباً أن يبدأ التنسيق الأمريكي البريطاني، منذ اللحظات الأولى لوقوع الغزو. ويعتقد كثير من المراقبين أن مارجريت تاتشر لعبت دوراً مهماً في تشجيع الرئيس الأمريكي على اتخاذ خط متشدد منذ البداية، وعندما التقى بها بوش في كولورادو، شهد هذا اللقاء تلاقياً كاملاً في وجهات نظرهما من أوّل لحظة، وفيما بعد تردد أن مارجريت تاتشر قالت في مجلس الوزراء البريطاني عن هذا اللقاء "أنها حاولت أن تقوي من عزيمة بوش، فقد خافت أن تصطك ركبه من الفزع من جراء نصائح بعض الخبراء الأمريكيين الذين يلحون عليه بضبط النفس".

وهكذا وقفت بريطانيا موقفاً صلباً في مجلس الأمن، ولم تكتف بالموافقة على جميع القرارات التي أصدرها المجلس خلال الأزمة، وإنما لعبت دوراً في حشد التأييد لهذه القرارات من خلال التنسيق مع مجموعة دول الكومنولث ومع حلفائها التقليديين. وكانت بريطانيا من أوائل الدول الأوروبية التي سارعت بإرسال قوات بحرية وجوية إلى المنطقة، وبالتدريج وصل عدد القوات البريطانية التي تم حشدها إلى 35 ألف جندي، من أفضل وحدات الجيش البريطاني، وشاركت بعدد كبير من الطائرات، وبرز خلال الحرب الدور المهم الذي لعبته طائرات "التورنادو" البريطانية. وعلى الرغم من أن القوات البريطانية التي شاركت في العمليات العسكرية لم تشكل إلاّ 5% من حجم القوات المتحالفة، إلاّ أنها كانت تُعد القوة الثانية مباشرة من حيث الحجم بعد القوة الأمريكية.

وقد برز موقف بريطانيا الرافض لإجراء أي تفاوض أو حوار مع صدام حسين منذ اللحظة الأولى، وتأكد بعد ذلك في مناسبات عديدة. وعلى سبيل المثال أعلنت مارجريت تاتشر في مؤتمر حزب المحافظين (12 أكتوبر 1990) أنه "لا يوجد أي شئ يمكن التفاوض بشأنه مع صدام حسين، بل ويتعين بعد استعادة الكويت، إجباره على دفع تعويضات عن الخسائر التي تسبب فيها وتحمل مسؤولية جرائمه". ثم أكدت بعد ذلك مواقفها التفصيلية مرة أخرى عندما قابلت بعد ذلك بأيام قليلة المبعوث السوفييتي بريماكوف، إذ صرحت آنذاك قائلة: "إن انسحاب القوات العراقية من الكويت لا يكفي، إنه من الضروري توجيه ضربة ساحقة إلى العراق وتحطيم العمود الفقري لصدام حسين، وهدم البنية العسكرية، وأيضاً البنية الصناعية، إن أمكن".

وعلى الرغم من أن النغمة البريطانية قد أصبحت أقل غلواً بعد رحيل مارجريت تاتشر وتولي جون ميجور رئاسة الوزارة، إلا أن الموقف البريطاني ظل في جوهره ثابتاً لم يتغير، واختلف عن موقف معظم الدول الأوروبية من نواح عديدة. وأصبحت بريطانيا هي المدافع الأول عن السياسة الأمريكية، بل والمحرض الأول لمزيد من التشدد الأمريكي، داخل الجماعة الأوروبية، ولم يكن رفض أي حوار مع صدام هو محور الخلاف الوحيد بينها وبين موقف العديد من الدول الأوروبية، فقد رفضت بريطانيا وبإصرار أي نوع من الربط بين القضية الفلسطينية والأزمة الكويتية، ورفضت الحديث عن أي مؤتمر دولي للسلام، أو الالتزام بأي شئ من هذا القبيل قبل تحرير الكويت.

وقد استطاعت بريطانيا بنجاح أن تجهض عدة محاولات أوروبية للتحرك الجماعي من أجل البحث عن صيغة للتسوية، وفي اجتماع لوزراء الخارجية عقد في 4 يناير 1991، كانت العديد من دول الجماعة الأوروبية، وخاصة فرنسا وإيطاليا، لا تزال تعتقد أن كل محاولات التسوية الدبلوماسية لم تستنفذ بعد، وأن القنوات الدبلوماسية المتاحة لم تتم تجربتها كلها، حتى في ذلك الوقت المتأخر، وقبل انتهاء المهلة الدبلوماسية الممنوحة للعراق بعشرة أيام فقط، إلا أن بريطانيا، والولايات المتحدة الأمريكية بالطبع كانتا تريان ضرورة إحجام الجماعة الأوروبية عن القيام بأي تحرك دبلوماسي قد يفهم خطأ من جانب العراق على أنه نوع من التردد أو الضعف أو علامة على وجود انقسام بين الدول المتحالفة.

14. الكرت الفرنسي

كانت سياسة فرنسا التقليدية، في مجال الشؤون الخارجية، تتسم، منذ عهد ديجول، بنزعة استقلالية، خاصة عن الولايات المتحدة الأمريكية. وفي الوقت نفسه كانت فرنسا تدرك أنها لا تستطيع، وليس من مصلحتها في جميع الأحوال، أن تتحدى الولايات المتحدة الأمريكية بشكل سافر. كما كانت تدرك أنه ليس من مصلحتها على الإطلاق أن تتجاهل روابطها مع الكويت ودول الخليج الأخرى من أجل إنقاذ أو الحفاظ على مصالحها في العراق، خصوصاً أن العراق ارتكب عملاً يشكل مخالفة صريحة وواضحة لميثاق الأمم المتحدة ولكل القوانين والأعراف الدولية.

في هذا السياق خضعت فرنسا لعوامل شد وجذب كثيرة نجمت عن رغبتها في تحقيق أهداف بات الجمع بينها صعباً في إطار سياسة متجانسة ومتناغمة. فهي من ناحية ليست فقط مضطرة إلى إدانة الغزو، وإنما يتعين عليها كذلك أن تعمل على إنهاء هذا الغزو وتحرير الكويت دون مكافأة المعتدي. لكنها في الوقت نفسه وجدت نفسها غير راغبة في الانسياق وراء الاندفاع الأمريكي والبريطاني وحريصة على استقلالها وعلى أن تبدو سياستها متميزة عن هاتين الدولتين.

ولذلك اتسمت سياستها إلى حد كبير "بالتردد والالتواء"، وحاولت أن تشق لنفسها خطاً وسطاً بين هذه الضغوط المتعارضة، بالعمل على إدانة العدوان، وفي الوقت نفسه البحث عن تسوية سلمية للأزمة، وتشجيع الجماعة الأوروبية على اتخاذ موقف مستقل، وتفضيل معالجة الأزمة في إطار عربي، حتى ولو أدى إلى تقديم بعض التنازلات مثل إيجاد صيغة ما للربط بين حل الأزمة الكويتية والصراع العربي ـ الإسرائيلي.

ويبدو أن رأي فرنسا قد استقر في البداية على أن تساير الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا في إدانة العدوان، والعمل على تكثيف الضغوط على العراق، لإجباره على الانسحاب من الكويت، وفي الوقت نفسه، عرقلة اندفاعهما نحو الحل العسكري للأزمة، لأن التسوية السلمية هي الوسيلة الأنسب للمحافظة على مصالح فرنسا في المنطقة، خصوصاً إذا تمكنت فرنسا من أن تسهم بشكل أو بآخر في التوصل إليها.

في هذا السياق لم يكن من المستغرب أن توافق فرنسا على قرار مجلس الأمن بفرض الحظر الاقتصادي على العراق، بل وأن تقترح على دول السوق الأوروبية المشتركة وقف وارداتها النفطية من العراق، حتى قبل فرض الحظر الاقتصادي على العراق من جانب مجلس الأمن.

ثم وافقت فرنسا، بعد ذلك، على جميع القرارات الصادرة عن مجلس الأمن، وعندما أحست بمرور الوقت أن الحل العسكري لا مفر منه، وأدركت أنه إذا تم هذا الحل العسكري دون مشاركة فرنسية فاعلة، فسوف تفقد قدراً كبيراً من مكانتها الدولية، وربما أيضاً من مصالحها في منطقة الخليج. وربما تستبعد من المشاركة في أي ترتيبات خاصة بالمنطقة بعد انتهاء الأزمة. ولذلك راحت تبحث عن فرصة تبرر بها إرسال قوات ميدانية هجومية، وليس مجرد قوات رمزية دفاعية في مياه الخليج. وتعللت بخرق العراق قواعد الحصانة الدبلوماسية التي تتمتع بها بعثتها في الكويت، وقررت اتخاذ إجراءات انتقامية، كان من بينها إرسال قوات عسكرية إلى المنطقة. وهكذا أعلن ميتران في مؤتمر صحفي بتاريخ 15 سبتمبر قراره "بإرسال لواء من المشاة والطيران، مكون من ثلاثة فيالق ويبلغ إجمالي هذه القوات 4 آلاف مقاتل". وبدأت فرنسا "عملية داجيه" (Operation Daguet)، التي تمكنت من خلالها من المشاركة في الحل العسكري، وراحت هذه القوات تتزايد تدريجياً، بعد أن قررت فرنسا في 15 ديسمبر دعم قواتها لتصل إلى 12 ألف مقاتل.

كانت القوات الفرنسية بين القوات المتحالفة التي دخلت الأراضي العراقية في المراحل الأولى، بل أكثرها توغلاً في العمق العراقي عند اختراقها.

وهناك آراء تفسر التحول في الموقف الفرنسي، بضغط رجال الأعمال الذين أحسوا بالقلق على المصالح الفرنسية، بعد أن حصلت الشركات الأمريكية والبريطانية على معظم العقود من السعودية ومن الحكومة الكويتية في المنفى، استعداداً لفترة ما بعد الحرب. وحين بدأت المملكة العربية السعودية تتفاوض مع شركة "طومسون" الفرنسية على عقد بتوريد 30 محطة رادار تصل قيمتها إلى أكثر من بليوني دولار، أحست المصالح الفرنسية أن دخولها في حلبة المنافسة مع الأمريكيين والبريطانيين، يتوقف على أن تظهر فرنسا موقفاً أكثر انسجاماً مع الموقفين البريطاني والأمريكي تجاه الحسم العسكري. كما تردد أن بعض العناصر العسكرية في الجيش الفرنسي التقت مع المصالح المالية، في ضرورة أن تتخذ فرنسا موقفاً يختلف عن ذي قبل، "فإذا كانت الحرب قادمة، وإذا كانت نتيجتها مرئية من الآن. إذن فإنه ليس من صالح فرنسا أن تكون بعيدة عن معسكر المنتصرين فيها، خصوصاً أنه المعسكر الذي سيضع شروط التسوية المنتظرة في الشرق الأوسط، والتي سوف ترسم خرائطه من جديد".

15. الكارت التركي

بنت القيادة التركية حساباتها على أساس أن الغزو العراقي للكويت، من ناحية، وتحرك الأساطيل والجيوش الأمريكية الفوري من ناحية ثانية، وانقسام العالم العربي وما ترتب عليه من شلل جامعة الدول العربية من ناحية ثالثة، كلها عوامل من شأنها أن تهيئ لتركيا دوراً في المنطقة لم تكن تحلم به من قبل. ومن ثم بدأت تركيا تعيد صياغة سياساتها الخارجية بما يتيح لها الحصول على موقع متميز لها على خريطة النظام العالمي الجديد، ليس استناداً لدور تلعبه في مواجهة الاتحاد السوفييتي، ولكن استناداً إلى دور تلعبه في إعادة رسم خريطة جديدة للشرق الأوسط وما تنطوي عيه هذه الخريطة بالضرورة من هياكل أمنية تصورت تركيا أنها لابد أن تصبح ركناً أساسياً فيها.

وقد تصورت تركيا أن دورها المستقبلي هذا في المنطقة يتوقف بالدرجة الأولى على الدور الذي يمكن أن تلعبه في خدمة التحالف المناهض للعراق، وخاصة على درجة متانة التنسيق التركي ـ الأمريكي خلال الأزمة وبعدها.

كانت تركيا لا تزال تحاول بشدة أن تصبح عضواً في مجموعة دول السوق الأوروبية المشتركة، ولم تكن قد يئست من رفض دول الجماعة لطلبها. وربما تصورت أنها تستطيع استغلال الأزمة للتأكيد على ولائها للغرب ولمحاولة التغلب على بعض أسباب الرفض الأوروبي لقبولها داخل المجموعة الأوروبية وبمساعدة الولايات المتحدة الأمريكية. وحتى إذا لم يتم ذلك، فإن الدور التركي خلال الأزمة يمكن أن يفتح آفاقاً وفرصاً أمام الشركات التركية في منطقة الخليج العربي، ويساعد كذلك على جلب الاستثمارات العربية إلى تركيا، وعلى نحو قد يعوض الخسارة الاقتصادية الناجمة من عدم انضمام تركيا إلى السوق الأوروبية المشتركة.

تصورت تركيا أن خروج العراق مهزوماً ومحطماً من الناحية العسكرية يمكن أن يفيد المصالح التركية من أكثر من زاوية: فمن ناحية، يمكن في حالة تحلل وانقسام الدولة العراقية، أن توجد فرصة تاريخية مناسبة للاستيلاء على منطقة الموصل- كركوك الغنية بالنفط والتي تقول تركيا أن لها مطالب تاريخية فيها. ومن ناحية أخرى فإن عراقاً ضعيفاً قد يسهل من مهمة مواجهة المشكلة الكردية وهي واحدة من أخطر المشكلات التي تواجهها تركيا على الإطلاق (12 مليون نسمة).

ومن ثم كان الرأي العام التركي منقسماً على نفسه في شأن المشاركة في الحرب، ولعل الخوف من قيام العراق بتوجيه ضربة مضادة إلى تركيا، هو الذي دفع القادة العسكريين الأتراك إلى معارضة إرسال قوات برية إلى المملكة. أدت هذه القضية إلى استقالة وزير الدفاع التركي صافات جيراي Safat Giray في شهر نوفمبر، وتبعه بعد ذلك الفريق أول نجيب طومطاي Necip Toumtay، رئيس الأركان القوي. ثم ما لبثت القيادات التركية أن اقتنعت، وانضمت إلى التحالف. ولم تكتف تركيا بإدانة الغزو ومطالبة العراق بالانسحاب، وإنما سارعت باتخاذ إجراءات غاية في الجدية لإحكام الحصار الاقتصادي والعسكري على العراق، فتم إغلاق الحدود وكذلك خط أنابيب النفط الذي ينقل نفط شمال العراق إلى البحر الأبيض المتوسط عبر الأراضي التركية. وسُمح للولايات المتحدة الأمريكية باستخدام قاعدة إنجرليك الجوية. وحشدت تركيا ما لا يقل عن 200 ألف من قواتها على حدود العراق. وكان تورجوت أوزال من أنصار التعجيل بالعمل العسكري، والدفع دائماً في اتجاهه، ولم يول التحركات المتاحة بالتسوية السلمية اهتماماً يذكر أو يشارك فيها بفاعلية. واستصدرت الحكومة التركية قراراً من البرلمان يخولها اتخاذ الإجراءات اللازمة، تحسباً لاحتمال اندلاع الحرب، أو استخدام القوات المسلحة في عمليات عسكرية ضد العراق. كما أعلنت استعدادها لإرسال قوات تركية إلى الخليج إذا طلب منها ذلك. وأمدت الولايات المتحدة الأمريكية بكل ما لديها من معلومات عن العراق.

16. كرت الاتحاد السوفيتي

كان من الصعب أن ينجح التحالف، ويحقق فاعليته ما لم تتعاون موسكو معه. فقد كانت مواقف الاتحاد السوفيتي السابقة، سبباً في عرقلة تنفيذ الخطط الأمريكية، للسيطرة بشكل كامل على منطقة الشرق الوسط. ولكن بعد التغييرات الجذرية التي طرأت على الاتحاد السوفيتي، وأدت إلى تفككه، تحول الروس إلى الحرص على توثيق علاقتهم بدول الغرب واليابان ودول الخليج العربية. ومن ثم نجحت الولايات المتحدة الأمريكية في توظيف حاجة الروس إلى الدعم الاقتصادي، وجرهم إلى التعاون مع التحالف. ومن ثم التقى الرئيسان: الأمريكي جورج بوش والروسي جورباتشوف، في قمة هلسنكي في 9 سبتمبر 1990، واتفق الرئيسان على مساندة قرارات مجلس الأمن، ودعوة العراق للانسحاب غير المشروط من الكويت، والسماح بعودة الحكومة الشرعية للكويت، وإطلاق سراح جميع الرهائن المحتجزين في العراق والكويت، وتعهد الرئيسان بالعمل والتنسيق فيما بينهما لضمان الالتزام بتنفيذ العقوبات المفروضة على العراق.

عرض بوش على الاتحاد السوفيتي المشاركة في القوات المتحالفة، إلاّ أن هذا العرض قوبل باعتذار الكرملين، وفيما يبدو أن السوفيت كانوا لا يحبذون العمل تحت القيادة الأمريكية، كما كان من المشكوك فيه كذلك، أن تقبل المملكة العربية السعودية وجود قوات سوفيتية على أراضيها.

وهكذا كان دور الاتحاد السوفيتي كما يلي:

أ. وقف تصدير السلاح إلى العراق.

ب. سحب خبرائه العسكريين من العراق.

ج. عدم استخدام حق الفيتو في مجلس الأمن لمعارضة الحل العسكري.

د. مد الولايات المتحدة الأمريكية بما لديه من معلومات عن حجم التسليح العراقي ونظمه الدفاعية.

17. كرت الصين

أقل أهمية من الكرت الروسي، ولكنه كرت حيوي فاعل، كانت القيادة الصينية تحاول استخلاص الدروس المستفادة مما حدث للاتحاد السوفييتي في ظل مناخ هائل من الضغوط النفسية. وقد انعكس رد الفعل الدموي للحكومة الصينية على مظاهرات الطلاب، التي احتشدت في "الميدان السماوي" ببكين، تطالب بالديموقراطية وحقوق الإنسان. وقد وجدت الولايات المتحدة الأمريكية في تلك الأحداث فرصة لممارسة ضغوط هائلة على الصين، أخذت شكل العقوبات الاقتصادية، ومحاولة فرض عزلة سياسية عليها. وفي هذا السياق كان من الطبيعي أن يصبح الموقف الصيني من أزمة الكويت محكوماً إلى حد كبير بتأثير هذا الموقف على العلاقات الصينية ـ الأمريكية، وربما وجدت القيادة الصينية في هذه الأزمة فرصة للتخفيف من حدة الضغوط الأمريكية عليها، وكسر حصار عزلتها الدبلوماسية التي أدت إليها أحداث الميدان السماوي، خصوصاً أن تطورات الأزمة أوضحت بجلاء أن الولايات المتحدة الأمريكية سوف تضطر إلى تقديم تنازلات للصين للتغلب على عقبة الفيتو الصيني في مجلس الأمن.

على صعيد آخر كانت الصين قد استطاعت، منذ نهاية السبعينيات، أن تبني تدريجياً قاعدة مصالح مهمة لنفسها في منطقة الخليج، وتنفتح على جميع دوله. وكانت الحرب العراقية ـ الإيرانية هي السبب الرئيسي في أن تحتل الصين، مع حلول عام 1987، المركز الخامس بين الدول المصدرة للسلاح في العالم. وأصبحت الصين مورداً رئيسياً للسلاح لكل من العراق وإيران على حد سواء، وبدأت تتطلع بأنظارها إلى بيع السلاح لدول الخليج الأخرى مثل الكويت والسعودية، وتحاول من خلال انفتاحها الاقتصادي جذب الاستثمارات الخليجية إليها وفتح أسواق الخليج أمام بضائعها.

    ومن ثم تبلور الموقف الصيني في:

أ. إدانة الغزو العراقي للكويت.

ب. المطالبة بالانسحاب الكامل الفوري غير المشروط.

ج. عدم معارضة قرارات مجلس الأمن.

د. وقف بيع شحنات السلاح إلى العراق.

هـ.تأييد تدمير أسلحة العراق البيولوجية والكيماوية.

و. تأييد حق الكويت ودول أخرى في الحصول على تعويضات من العراق.

18. كرت النفط

كان لابد للدول المتحالفة ـ وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية ـ أن تنتهز الفرصة وتسيطر على منظمة الأوبك لمنع حدوث أي مفاجآت في أسعار النفط، والحيلولة دون استخدام النفط أداة للضغط على الغرب.

استخدم هذا الكرت من خلال تثبيت الوجود العسكري الأمريكي الغربي في منطقة الخليج وحول آبار النفط، وإلزام الدول المنتجة للنفط بزيادة إنتاجها.

19. كرت المقاومة الكويتية

ظلت المقاومة المسلحة الكويتية نشطة، داخل الكويت، من بداية الأزمة وحتى نهاية حرب الخليج. وقد أسهم هذا الكرت في تكذيب المزاعم العراقية بترحيب أهل الكويت ـ المحافظة التاسعة عشر ـ بالقوات العراقية.

ثانياً: أسلوب إدارة المباراة

انخرطت الدول المتحالفة، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، في إدارة المباراة بكل ثقلها، ووظفت جميع إمكاناتها الدبلوماسية والعسكرية والإعلامية، سواء للضغط على البعض أو إغراء البعض الآخر، أو الاستفادة من أخطاء الخصم. وقد نجحت في ذلك نجاحاً فاق كل تصور مع اتباع سياسة مرنة مرحلية تغلق باب التراجع على من شارك في المراحل الأولى، وتضطرهم إلى إكمال المسيرة في باقي المراحل.

كانت الولايات المتحدة الأمريكية عازمة على التخلص من عقدة فيتنام، وأيقنت منذ عام 1980 أن العمليات العسكرية المحدودة، التي لا تعتمد على وجود عسكري أصيل ودائم وقوي في الشرق الأوسط، مقضي عليها حتماً بالفشل، في حين أن منطقة الشرق الأوسط، بحكم ظروفها وأوضاعها هي أنسب منطقة في العالم يمكن لقواتها المسلحة أن تستخدمها كساحة قتال مدبر ضد عدو يتم صنعه بحيث يبدو مرعباً وقوياً، وهو في حقيقته ليس كذلك، لإحراز نصر عسكري يُعيد لأمريكا هيبتها، ويؤكد تفوقها التكنولوجي، وذلك حين تسنح الفرصة.

لما حانت الفرصة ووقعت الحرب العراقية ـ الإيرانية، تم تنفيذ مخطط أمريكي دقيق المعالم يلتزم بتوقيتات زمنية محددة، وتحركت الأجهزة الأمريكية كلها لتكون قادرة على استيعاب الأحداث بسرعة واستثمارها بشكل أفضل؛ فقد ساعدت نوايا صدام ورغبته في التوسع، الولايات المتحدة الأمريكية على تدبير عملية انتقام واسعة من إيران، ومن خلال استغلال مواقف كل من الدولتين أمكن إطالة أمد الصراع إلى ثمان سنوات، استطاعت أن تحقق خلالها هدفها الأساسي، وهو القضاء على إمكانيات الدولتين لفترة من الزمن، ومنع ظهورهما كقوى إقليمية مؤثرة في المستقبل القريب.

ولكن لما ظهر صدام حسين كقوة إقليمية، عقب قبول إيران وقف إطلاق النار في 1988، خلافاً للتوقعات، اتضحت مرونة السياسة الأمريكية في ضرورة توظيف الوضع الجديد لصالحها، وجاءت الدراسات التي أجرتها الأجهزة الأمريكية على شخصية صدام، تؤكد أنه يمكن دفعه أو إغراؤه بمهاجمة الكويت، اعتماداً على صفات معينة في شخصيته. لقد كان صدام حسين كتاباً مفتوحاً أمام الولايات المتحدة الأمريكية، تتوقع ردود أفعاله وتعرف كيف سيتصرف في أي موقف أو أية أزمة، وما هو منهاج تفكيره، وعلى أي منطق يستند، وما هي الدوافع التي تحركه، والأهداف التي يريد تحقيقها، ومتى يقدم؟ ومتى يحجم؟ وما هو الموقف الذي يجعله يركب رأسه ويعاند مكابراً حتى النهاية.

في ظل الإيماءات الغامضة والإيحاءات المبهمة، وأهمها تلك التي حدثت أثناء مقابلة الرئيس العراقي مع السفيرة الأمريكية في بغداد، قبل أن تبدأ أجازتها، وقبل الغزو بأيام قليلة حيث سألها صدام حسين عما إذا كانت هناك معاهدة أمنية بين أمريكا والكويت؟ فقالت السفيرة له "أنه لا يوجد مثل هذا الاتفاق". بعدها تصور صدام حسين أن إقدامه على الاستيلاء على الكويت سوف يخضع للاعتبارات نفسها التي اعتمدتها أمريكا في حربه مع إيران، ومن ثم أقدم على عملية الغزو بكل ثقة وإصرار.

إن الفرصة الذهبية التي طال انتظارها قد سنحت، فبينما يتصور صدام حسين أنه نجح في تغيير الأوضاع لصالحه في المنطقة، كانت واشنطن ترى أنه تعدى الخط الفاصل بين تحريك المصالح الأمريكية ـ كما حدث في حالة إيران ـ وتهديد المصالح الأمريكية ـ كما فعل بغزوه للكويت. وهنا أصبح التدخل واجباً.

استخدم التحالف جميع الكروت ببراعة وإدارة الأزمة بمهارة فجاءت النتيجة الحتمية الفوز الساحق له، والهزيمة الفادحة لصدام حسين.

ويظل هناك تساؤلات محيرة لماذا أديرت المباراة بهذا الأسلوب، وأسفرت عن تلك النتيجة؟ هل كان صدام حسين يجهل أصول اللعبة السياسية؟

أو أنه كان عميلاً للغرب ينفذ خيوط مؤامرة مرسومة بدقة متفق عليها؟

أو أن الولايات المتحدة الأمريكية استفادت من أخطائه وأطماعه، وأوقعته في الفخ؛ لتنفيذ أهدافها ومصالحها في المنطقة؟

ثالثاً: تساؤلات حائرة تبحث عن إجابة محددة.

وقد استهل صاحب السمو الملكي الفريق الأول الركن خالد بن سلطان بن عبدالعزيز الفصل الحادي عشر في كتابه "مقاتل من الصحراء"، بمثل هذا التساؤلات: "لماذا أقدم صدام حسين على غزو الكويت؟ كيف بنى حساباته؟ وما هي أخطاؤه وسلبيته؟ هل كان مدفوعاً بطموحاته أم بحاجاته الاقتصادية؟ وهل كانت نية الغزو لديه نية مبيتة أم وليدة نزوة طارئة؟ هل كان ضحية مؤامرة، أم أنه وقع في مصيدة نُصبت له بإحكام؟".

مثل هذه التساؤلات، وكثير غيرها، ستظل تشغل فكر المؤرخين والمحللين لسنوات عدة قائمة. وربما لا توجد لها إجابات شافية أبداً! ريثما تكشف الحكومات وثائقها السرية، بما فيها حكومات الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وإسرائيل، وبداهة، الحكومة العراقية. حتى يكشف النقاب عن الأسرار المتعلقة بحرب الخليج.