إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات علمية / الضوء





الوحدات الأساسية لقياس الضوء
الضوء الأبيض والطيف المرئي
الظاهرة الكهروضوئية للضوء
تغيرات الضوء الكيمائية
سلوك الضوء
طبيعة الضوء الكهرومغناطيسية




المقدمة

أولاً: مصادر الضوء

    يساعد الضوء على الرؤية، بارتداده من المصدر إلى العين. وتقسم مصادره إلى طبيعية وصناعية. ويأتي الضوء الطبيعي من المصادر، التي لا يمكن التحكّم فيها، مثل الشمس والنجوم. ويأتي الضوء الصناعي من مصادر، يمكن التحكم فيها، كالشموع ومصابيح السيارات، والمصابيح الكهربائية.

1. كيف ينتج الضوء؟

    يأتي الضوء كله من ذرات، حصلت على طاقة، إما بامتصاصها الضوء من مصدر آخر؛ وإما لاصطدامها بجسيمات أخرى. والذرة التي اكتسبت هذه الطاقة الإضافية، تُسمى مثارة. وهي تبقى، عادة، مثارة، لفترة قصيرة، ثم تهبط، بإعطاء الطاقة الزائدة ذرة أخرى، أو تبعث ضوءاً، يحمل الطاقة الزائدة. وتختلف كمية الطاقة اللازمة لإثارة الذرات، وكمية الطاقة المنبعثة منها على شكل ضوء، باختلاف الذرات.

    ويوصف الضوء، عادة، بأنه موجة، تشبه موجة المياه، التي تمر عبر البحيرات. ويمكن أن يوصف بأنه جسيمات صغيرة، تسمى الفوتونات. ويتحرك كل فوتون في خط مستقيم، يحاكي خط تحرك كرة البلياردو. وفي كلا الوصفَين السابقَين، يملك الضوء طاقة وكمية؛ وتحدِّد لونه الطاقة المحمولة من خلاله الموجات أو الفوتونات. فلو رأيت، مثلاً، تفاحة حمراء على كرسي أزرق، فكلُّ فوتون من التفاحة، يملك طاقة أقلّ من طاقة فوتون الكرسي.

    وتثار الذرات بالتسخين، لكي تبعث الضوء. فمذكي النار (قضيب معدني)، يمكن تسخينه، حتى يصبح لونه أبيض، من شدة الحرارة. وبسبب التسخين، تتصادم الذرات الموجودة على سطح مذكي النار، بعنف، فيثير بعضها بعضاً، وتتخلص كلّ ذرة من طاقتها الزائدة، بأن تبعث ضوءاً. ولا تلبث أن تُثار مرات عدة، من خلال تصادمات أخرى، تسفر عن حالات متغيرة للذرات، التي تنطلق منها الفوتونات المختلفة الطاقات.

    ويسفر تمازج الألوان الناتجة، عن اللون الأبيض. وكلما برد مذكي النار، فإن عدداً قليلاً من الذرات، يثار إلى طاقات عالية؛ ولذلك، فإن الذرات تبعث عدداً قليلاً من الفوتونات، ذات الطاقات العالية، التي ينتج منها الضوء الأزرق. وما دام الضوء الأحمر منبعثاً، فإن مذكي النار البارد، يبدو أحمر.

2. مصادر أخرى للضوء

    كثير من المواد، تحصل على الطاقة، ثم تبعث ضوءاً، من دون أن تسخن إلى درجة كبيرة؛ في ما يسمى الإشعاع الضوئي. ويتوهج بعض المواد المشعة ضوئياً، في الظلام، لفترة طويلة، بعد أن تحصل على طاقة زائدة؛ ويُطلق عليها مواد ذات ومض فوسفوري. وتبقى الذرات مثارة، لبعض الوقت، قبل أن تهبط، وتبعث ضوءاً. وهناك مواد معينة، ذات ومض فوسفوري، تُستخدم في الترقيم، كتلك التي تتوهج في أوجه الساعات.

    وثمة مواد أخرى، ذات تألق ضوئي، تبعث ضوءاً عند تعرّضها لطاقة تثيرها، وتسمى مواد فلورية، أو قابلة للفلورة. يعطي الحباحب (ذبابة ذات ألوان، وفي ذنبها شعاع)، وأنواع قليلة أخرى من الكائنات الحية، ضوءاً، في عملية، تُسمى الإشعاع الضوئي الحيوي؛ وفي هذه العملية، تتحد المواد الكيماوية، الموجودة في الكائن الحي، لإنتاج مواد كيماوية مختلفة، تحتوي على ذرات مُثارة. وتعطي هذه الذرات فوتونات، عندما تتخلص من الطاقة المثيرة.

    وتتوهج الشمس، بسبب التفاعلات النووية بين ذرات الهيدروجين، داخل مركزها، منتجة كمية هائلة من الطاقة، تحملها إلى سطح الشمس الفوتونات وأجسام أخرى. وعند السطح، تثير هذه الجسيمات الذرات، التي تهبط مرة أخرى، من خلال بعثها للضوء، الذي تحصل الأرض على جزء منه. وتبعث جميع النجوم الضوء، بهذه الطريقة.

    والفلق، مثل الضوء القطبي الشمالي، هو انبعاث الضوء بوساطة جزيئات الهواء. فعندما تصل الجسيمات ذات السرعة العالية، إلى الأرض، نتيجة للانفجارات الكبيرة في الشمس، تصطدم بجزئيات الهواء. وهذه التصادمات تثير جزئيات، بطاقة عالية، لا تلبث أن تحررها، بإعطائها ضوءاً. وعندما يحدث التصادم، أثناء الليل، فإن الضوء المنبعث، يكون مضيئاً، إلى درجة كافية لرؤيته.

    والليزر نبطية تنتج شعاعاً ضوئياً حاداً، ذا قدرة عالية. وتمتلك جميع الفوتونات فيه طاقة واحدة، وتسير في اتجاه واحد. ويستخدم الليزر يستخدم في البحوث العلمية، والجراحة، والاتصالات الهاتفية، وكذلك له استخدامات، صناعية وحربية، عديدة.

    هناك مصدرا ضوء كهربائي، ينبعث منهما ضوء خافت، نتيجة استخدام الطاقة الكهربائية؛ وهما: الصمام الثنائي مشع الضوء، واللوحات الكهروضوئية. ولا تتطلب هذه المصابيح زجاجة أو تفريغاً أو فتيلةً، لكن ضوءها، لا يكفي لإضاءة غرفة.

3. الصمامات الثنائية المشعة للضوء

    وهي شرائح صغيرة، من مادة زرنيخيد الجاليوم، أو أي مادة أخرى صلبة، شبه موصلة. وتعطي هذه الصمامات ضوءاً أحمر أو أصفر أو أخضر اللون، عندما تُهَيَّج ذراتها بطاقة كهربائية. وتستهلك هذه الصمامات طاقة قليلة، كما أنها تدوم طويلاً جداً. وتستخدم مجموعات من هذه الصمامات، في الحواسب وحاسبات الجيب، والساعات الرقمية، لتكوِّن أرقاماً أو حروفاً. ويتألف إظهار نمطي مبني على هذه الصمامات، من عدد من صمامات صغيرة، يكون التحكم فيها، فردياً، بدوائر حاسوبية، تعمل على إشعال نموذج معين منهما، لتشكل حرفاً أو رقماً.

    ويعتمد العديد من الحواسب الحديثة، والساعات الرقمية، على مُظْهِرَات بلُّورية سائلة، تستهلك قدرة أقل من الصمامات الثنائية الآنفة؛ لكنها لا تُرى إلا في وجود ضوء مباشرٍ؛ نظراً إلى أنها لا تبعث الضوء من نفسها.

4. اللوحات الكهروضوئية

    تتألف من طبقات، من مواد فوسفورية، تُحشر بين صفيحة معدنية وطلاء شفاف، يوصِّل الكهرباء. وعندما تسري الكهرباء عبْر الصفيحة ومادة الطلاء، فإن المواد الفوسفورية، تنتج سطوعاً ذا لون أخضر، مائل إلى الزرقة. وتستهلك هذه اللوحات طاقة قليلة. ولكن ضوء لوحة عالية السطوع، هو دون ضوء أصغر مصباح عادي. وتستخدم هذه اللوحات أضواء ليلية، وفي لوحات القياس والأجهزة، في بعض الطائرات والسيارات.

    خلال منتصف القرن التاسع عشر الميلادي، حاول عدد من المخترعين إنتاج الضوء من الكهرباء. فتمكن العديد من الرواد من تطوير مصابيح متوهجة، تعمل بالبطاريات؛ ولكنها كانت سريعاً ما تحترق.

    لم يقتصر الاستخدام الشائع للضوء الكهربائي، على وجود مصباح؛ وإنما تطلّب، كذلك، طريقة رخيصة، لتوزيع الكهرباء على أصحاب المصابيح. وفي عام 1879، اخترع العالم الأمريكي، توماس إديسون، مصباحه المتوهج، ذا الفتيلة المكونة من خليط كربوني، فأصبح مخترع الضوء الكهربائي. وخلال السنوات الأولى من القرن التاسع عشر الميلادي، طور إديسون أول محطة لتوليد الكهرباء وتوزيعها. وكانت هذه المحطة تقع في شارع بيرل، في مدينة نيويورك. وبدأت عملها عام 1882.

    وبعد ذلك، وفي أوائل سني القرن العشرين، بدأ المهندسون يُجْرُون التجارب، لتطوير مناحي الإضاءة الكهربائية، باستخدام مصابيح التفريغ الغازي. وقد أدّى عملهم هذا إلى تطوير المصابيح الفلورية، ومصابيح بخار الزئبق، في الثلاثينيات من القرن العشرين.

    واكتُشفت الإضاءة الكهربائية، عام 1936. أما المُظهِرَات البلورية السائلة، والصمامات الثنائية المشعة الضوء، فقد أمكن تطويرها، نتيجة للأبحاث، التي أُجريت باستخدام نبائط شبه موصلة، في الستينيات من القرن العشرين. أما في سبعينيايته، فقد تمكن الباحثون من تطوير مصادر ضوء فاعلة، مثل مصابيح الهاليد المعدنية، ومصابيح تفريغ الصوديوم عالية الضغط.

5. الضوء المستقطب

    هو موجات ضوئية، ذات ترتيب بسيط، منتظم. أما موجات الضوء العادي، فهي ترتيب معقد، غير منتظم. وسواء كان مصدر الضوء العادي، هو الشمس، أو مصباحاً ضوئياً، فإنه يتكون من موجات غير منتظمة، تتذبذب في كل الاتجاهات المتعامدة على شعاع الضوء. لكن الضوء المستقطب، يتكون من موجات منتظمة، تتبذب في اتجاه واحد فقط. ويتيح تركيبه المنتظم استخدامه في نواحٍ، لا يمكن استخدام الضوء العادي فيها. وعلى سبيل المثال، يمكن اكتشاف التركيب الفيزيائي الداخلي، لكثير من المواد الشفافة، باستخدام الضوء المستقطب. أما مستقطبات الضوء، فهي أجهزة قوية، تُستخدم في العلم، وفي الصناعة، وفي الحياة اليومية.

أ. طريقة استقطاب الضوء

    لفهْم عملية الاستقطاب، لا بدّ من النظر إلى شعاع الضوء، على أنه سلسلة من الموجات الكهرومغناطيسية؛ وتتذبذب المغناطيسية المكونة لهذه الموجات، في اتجاه متعامد على مسار الشعاع. والمثال البسيط لهذه الموجات، يمكن صنعه من طريق ربط أحد الحبال بحائط، ثم هزّ الطرف الآخر للحبل؛ فإن كل جزء من الحبل، سيتحرك في كل الاتجاهات المتعامدة على طوله. وتسمى الموجات، التي تتذبذب بهذه الطريقة، الموجات المُسْتَعرَضة.

    يتذبذب الضوء المستقطب في اتجاه عمودي على مساره، ومن الممكن استقطاب الضوء العادي، بتمريره من خلال مرشح خاص باستقطاب الضوء. ويسمح هذا المرشح بالمرور للموجات، التي تتذبذب في اتجاه عمودي واحد فقط؛ لأن تركيب المرشح المستقطب، يحول دون مرور موجات الضوء الأخرى، التي تتذبذب في اتجاهات عمودية أخرى. وبعبارات علمية، فإن المرشح المستقطب للضوء، يسمح بالمرور من خلاله لـ (مكونات)، أو (أجزاء) الموجات الضوئية، التي تتذبذب في (اتجاه ذبذبة) واحد فقط. أما مكونات الموجات، التي تتذبذب في كل الاتجاهات الأخرى، فإنه يحجبها. ويسمى الضوء، الذي يمر من خلال المرشح المستقطب للضوء، الضوء المستقطب.

    وجميع الذبذبات، التي تمر من خلال المرشح المستقطب للضوء، تتذبذب في اتجاه واحد، مُواز للحبَيْبة البصرية في المرشح، والتي تُعَدّ محور البث فيه. ويمكن الضوء المستقطب، أن يمر كله، من خلال مرشح استقطاب ثانٍ، مروراً، يكون فيه محوره البصري موازياً للمحور البصري في المرشح الأول. ولكن إذا تحرك مرشح الاستقطاب الثاني حركة دائرية، كالعجلة، فإنه سيؤدي، تدريجاً، إلى تعتيم الضوء المارّ من خلاله. وسيؤدي المستقطب الثاني إلى قطع الضوء كلية، عندما يتقاطع محوره، بزاوية 90ْ، مع محور المستقطب الأول. ويحدث الإعتام ثم القطع؛ لأن كل مستقطب من المستقطبات سيعمل على امتصاص جميع مكونات الضوء، التي لا تتذبذب متوازية مع محوره. ونتيجة لهذا، فإن البريق الصادر عن شعاع الضوء، يخبو، تدريجاً، عندما يتقاطع محور المستقطب الثاني تقاطعاً عرضياً، مع محور البث في المستقطب الأول. وعلى هذه الظاهرة؛ بُنِيَ كثير من استخدامات الضوء المستقطب. فالقدر الأكبر من الضوء المحيط بنا هو ضوء مستقطب بالفعل. أما الانعكاسات، الشبيهة بانعكاسات المرايا، الصادرة عن السطوح الأفقية اللامعة، كسطوح الأرصفة، وسطح الماء، فهي تتكون، إلى حدّ كبير، من ضوء جرى استقطابه، أفقياً، خلال عملية  الانعكاس. والنظارات الشمسية المستقطبة نتيجة وضع محور بثها وضعاً رأسياً، تغلق الضوء المستقطب أفقياً، الذي يحدث الانعكاسات اللامعة. ويستخدم المصورون الضوئيون مرشحات استقطاب، لإخماد الوهج، وكذلك الانعكاسات الصادرة عن السطوح اللامعة، كسطوح النوافذ، وسطوح الماء.

ب. مواد الاستقطاب

    تتكون أوسع مستقطبات الضوء انتشاراً، من ألواح رقيقة من البلاستيك. ويحتوي لوح البلاستيك النموذجي، على ملايين من سلاسل طويلة، رقيقة، من جزيئات اليود المصفوفة بإحكام، وتعمل كل من هذه السلاسل مرشح استقطاب مفرداً. وقد ساعدت ألواح الاستقطاب على توسيع مجال استعمال الضوء المستقطب، إلى درجة كبيرة، بسبب انخفاض نفقتها، وحجمها المريح. وقد نجح أدوين هـ. لاند، مخترع كاميرا لاند بولارويد، في اختراع أول لوح استقطاب، عام 1928، حين كان في التاسعة عشرة من عمره.

    ويمكن بعض البلورات الطبيعية، مثل التورمالين، أن تستقطب الضوء. فالتورمالين، يسمح بمرور المكونات، التي تقع في اتجاه ذبذبة واحد، ويحجب المكونات الأخرى، بامتصاصها، داخلياً، من بلورات الاستقطاب الطبيعية الأخرى. وهناك الكلسيت، أو السبار الأيسلندي، ويقسم الضوء شعاعَين مستقطبين متعامدين على بعضهما. ويقطع منشور بيكول، من اليسار الأيسلندي، بحيث يمكن التخلص من أحد هذَين الشعاعَين.

ج. استعمالات الضوء المستقطب

    اقترح العلماء استخدام الزجاج المستقطب، في صناعة الكشافات الأمامية للسيارات؛ وكذلك في صناعة الزجاج الأمامي، ليحجب وهج أضواء السيارات المقتربة، أثناء القيادة.

    ويمكن العلماء أن يدرسوا تركيب كثير من المواد الشفافة، بمعونة مرشحات الاستقطاب المتقاطعة عرضياً. وتستخدم المجاهر المزودة بالمستقطبات، في إظهار كثير من البلورات عديمة اللون؛ وكذلك كشف العينات البيولوجية في ضوء ساطع. ومكشاف الاستقطاب آلة مزودة بمستقطبات، تستعمل في الكشف عن مواطن الإجهاد (نقاط الشعف) في المصنوعات الزجاجية، مثل عدسات النظارات والأدوات المعملية. ويمكن علماء الكيمياء، أن يحددوا نوع السكر ومقداره، في محلول من المحاليل، باستعمال مقياس السُّكر، وهو مكشاف استقطاب من نوع خاص. وهناك نوع خاص من مرشحات الاستقطاب الدائري، تُستخدم في أجهزة الرادار، لاصطياد الانعكاسات غير المرغوب فيها.