إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات علمية / التليفزيون




إعداد أحد البرامج
إعداد الإنتاج
تليفزيون الدائرة المغلقة
تليفزيون عُمان
تنفيذ برامج على الهواء
برج محطة تليفزيون السعودية





الفصل الثاني

أولاً: ابتكار التليفزيون

1. التطوير المبكر

أصبح وجود التليفزيون ممكناً، في القرن التاسع عشر، حينما أمكن إرسال إشارات الاتصال، خلال الهواء، بوساطة الموجات الكهرومغناطيسية، وتسمى هذه العملية الاتصال اللاسلكي.

أرسل مشغلو اللاسلكي الأوائل، إشارات رمزية، عبر الهواء. وبحلول أوائل القرن العشرين، استطاعوا إرسال الكلمات. وفي الوقت نفسه، أجرى العديد من العلماء تجاربَ، تتضمن إرسال الصور. وفي عام 1884، اخترع الألماني بول جوتليب نبيكوف، جهاز مسح، استطاع أن يرسل الصور لمسافات قصيرة؛ وكان نظامه يعمل آلياً، وليس إلكترونياً، كما هو الحال الآن. وفي عام 1922، طوَّر الأمريكي فيلو فارنزورت نظام مسح إلكترونياً. وفي عام 1926، اخترع جون بيرد، وهو مهندس إسكتلندي، نظام تليفزيون، يعمل بالأشعة تحت الحمراء، لالتقاط الصور في الظلام. وكان فلاديمير زُوُريكين، وهو عالم أمريكي، روسي المولد، قد اخترع آلة التصوير التليفزيونية المخزنة (الإيكونوسكوب)، وكذلك صمام الصورة الكينسكوب، في عام 1923، وكان الإيكونوسكوب أول صمام آلة تصوير تليفزيونية، تلائم البثّ. والكينسكوب هو صمام الصورة، المستخدم في أجهزة استقبال التليفزيون. وعرض زوريكين، عام 1929، أول نظام تليفزيون عملي، إلكتروني، كامل.

2. بداية البثّ

أُجْرِيَ العديد من تجارب البث التليفزيوني، في أواخر العشرينيات والثلاثينيات. وكانت هيئة الإذاعة البريطانية، وشركتا سي بي إس والإذاعة القومية، الأمريكيتان ـ هي رائدة تلك التجارب. وبدأت هيئة الإذاعة البريطانية أول خدمة تليفزيونية، عام 1936، بالبثّ من قصر ألكسندرا، في لندن. وفي عام 1936، عمدت شركة لاسلكي أمريكا (فيما بعد، شركة آر إس أيه)، والتي تمتلك شركة الإذاعة القومية، إن بي سي ـ إلى وضع أجهزة استقبال في 150 منزلاً، في مدينة نيويورك. وبدأت محطة نيويورك، التابعة لشركة الإذاعة القومية، أول إرسال تليفزيوني تجريبي إلى تلك المنازل؛ كانت الرسوم المتحركة أول برامجها. وشرعت شركة الإذاعة القومية، عام 1939، في أول بثّ تليفزيوني منتظم، في الولايات المتحدة الأمريكية.

عَقبَ الحرب العالمية الثانية (1939 ـ 1945)؛ اسْتُؤنِف البثّ التليفزيوني، في بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، فكان في البداية، تجريبياً، وكان الذين يمتلكون أجهزة تليفزيون قِلّة. وبحلول عام 1951، غطّى البثّ التليفزيوني الولايات المتحدة الأمريكية، من شرقها إلى غربها، حيث افْتَتَن به الناس. وفي الخمسينيات، ازداد الإقبال على استخدام التليفزيون، في الدول الغربية. واقتصرت بريطانيا على خدمة تليفزيونية واحدة، حتى عام 1955، حينما بدأ تشغيل شبكة التليفزيون التجاري. وافتتحت أستراليا، عام 1956، أولى محطاتها، القومية والتجارية، في سيدني وملبورن. وبدأ التليفزيون الأيرلندي بثه، عام 1961. وفي الستينيات، اطَّرَدَ تطور التليفزيون أكثر سرعة؛ إذ أصبحت برامجه ملونة، في عدة دول. وبدأت هيئة الإذاعة البريطانية، عام 1966، البثّ الملون المنتظم، على القناة الثانية.

3. البرامج الأولى

كانت العروض المرحة، وأفلام الغرب الأمريكي،هي أكثر البرامج رواجاً، في الخمسينيات. ثم أصبحت المسابقات، ذات الجوائز المالية الكبيرة، هي البرامج المفضلة. وتجتذب ملايين المشاهدين، منذ عام 1960 إلى اليوم، مثل شارع برنامج "التتويج البريطاني".

وبحلول الثمانينيات، راجت مسلسلات الجريمة، وحلت محل أفلام الغرب الأمريكي؛ إلى جانب برامج الحوار والمسابقات، والمرح، والرياضة.

وعلى الرغم من أن برامج التسلية الشعبية، ظلت هي الجزء الأساسي من البرامج التليفزيونية، خلال الستينيات، فقد نشط التليفزيون إلى عرض الاجتماعات السياسية، وجنازات المشاهير، وحفلات الزواج الملكية. وكانت سلسلة المناظرات، عام 1960، بين المرشحَين لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، جون كنيدي وريتشارد نيكسون، مَعلماً في البثّ التليفزيوني؛ إذ أسهمت إسهاماً كبيراً في فوز كنيدي بالرئاسة في الولايات المتحدة الأمريكية. وسرعان ما أدرك السياسيون أهمية التليفزيون، في تقديم أنفسهم ورسائلهم السياسية إلى الناخبين.

يعرض التليفزيون، بانتظام، مناظر من الحروب والكوارث الطبيعية والمجاعات. ولقد سُميت حرب فيتنام، في الستينيات والسبعينيات، بأنها أول حرب، كان ميدانها التليفزيون. كما حظيت باهتمامه احتجاجات الحقوق المدنية، في الولايات المتحدة الأمريكية، وأوروبا الغربية، وجنوب أفريقيا.

4. التقدم التقني

ساعد التقدُّم، إبّان الخمسينيات والستينيات، على الجودة التقنية للبثّ التليفزيوني. ففي الأيام الأولى للتليفزيون، كان قطر معظم الشاشات 18 أو 25سم. أما الآن، فقد شاعت شاشات، يبلغ قطرها 53 أو 64سم. وفي السبعينيات، قدم المهندسون نظُم التسليط التليفزيوني، التي تعرض البرامج على شاشات كبيرة، يصل قطرها إلى مترَين. وتوجد أجهزة تليفزيون صغيرة، يمكن وضعها في الجيب، يقدَّر قطر شاشتها بنحو 7.5سم؛ وهي تستخدم صمامات أشعة المهبط، لتكوين الصورة التليفزيونية. وفي بعض الأجهزة، تُرى الشاشة الفوسفورية من خلال نافذة جانبية في الصمام، مما يتيح هندسة مدمجة. وتتوافر، حالياً، شاشات البلورات السائلة، المماثلة لشاشات الحاسوب المحمول، بنوعَيها: الملون والعادي؛ وهي رديئة الصورة، ولكنها تمتاز بأنها مدمجة، ولا تحتاج إلا إلى قدرة كهربائية منخفضة.

أدت التحسينات في معدات البثّ والاستقبال، إلى الحصول على صور أكثر وضوحاً؛ فبعد أن كانت البرامج، تُعرَض غير ملونة، إذ بالتليفزيون الملون في معظم الدول خلال الخمسينيات. أما الآن، فيُعرض معظم البرامج ملونة؛ وفي معظم الدول الصناعية، يوجد في أكثر من 90% من المنازل، أجهزة تليفزيون ملونة.

كان معظم البثّ التليفزيوني، في البداية، بثاً مباشراً على الهواء، أو برامج مأخوذة من الأفلام. لم تكن الصورة والصوت، التي يستغرق إظهارها وقتاً؛ جيدين. وبدأ تسجيل البرامج على أشرطة الفيديو، في منتصف الخمسينيات، وأصبح طريقة إنتاج أساسية. ويمكن تشغيل أشرطة الفيديو مباشرة، بعد تسجيلها. وهي تنتج صوراً وأصواتاً ذات جودة عالية، كما تتيح مرونة في جدولة  البرامج. ثم اطَّرد تطور المعدات والتقنيات، ما أدى إلى جودة عروض الأفلام.

أُطلق أول قمر صناعي للاتصالات التجارية، عام 1965، ما جعل البثّ التليفزيوني عالمي النطاق؛ إذ أتاح للمشاهدين، في جميع أنحاء العالم، حالياً، رؤية الأحداث، ومتابعتها وقت حدوثها.

5. التطورات الحديثة

استمر التليفزيون وسيلة أساسية للتسلية، كما أدى دوره في تغطية الأحداث المهمة، فمثلاً، ألغت شبكات التليفزيون الأمريكية، عام 1973، برامجها المقررة، لتذيع وقائع جلسات قضية ووترجيت، الخاصة بتحقيقات مجلس الشيوخ الأمريكي في الممارسات غير القانونية، خلال حملة الانتخابات الرئاسية، عام 1972.

وطالما تجنّب القائمون على التليفزيون، في الولايات المتحدة الأمريكية، الموضوعات التي تُثير الجدل، مثل الإجهاض، والطلاق، وتعاطي المخدرات، والهجاء السياسي، والجنس. ولكنهم عادوا إليها في أواخر الستينيات؛ فبُثَّت، في السبعينيات وأوائل الثمانينيات، المأساة الأمريكية، "ماش"، التي انتقدت الحروب. كما تناول البرنامج الفائق النجاح، "الجيران"، الذي أُنتج في أستراليا، مشكلات المخدرات والإيدز. كما عالج برنامج سكان الطرف الشرقي، مشكلات سكان وسط المدينة، بما يحتويه من الجريمة والعلاقات الأُسَرية الرديئة، والعنصرية.

وتمادى التليفزيون، في الدول الغربية، في عرض الموضوعات الجدلية مثل العنف والجنس، فأثار كثيراً من الانتقادات؛ حتى إنه أُنشئ مجلس للمقاييس المعيارية للإذاعة، في بريطانيا، عام 1988، ليضع حدوداً للياقة والأدب الأخلاقي، ويحدد خطوطاً إرشادية لواضعي البرامج.

وفي أواخر السبعينيات، تزايد أعداد الأفلام التليفزيونية، والمسلسلات المأسوية القصيرة، وسواهما. ومن بين المسلسلات، التي لاقت نجاحاً، مسلسل "الجذور"، وهو دراما مكونة من ثمانية أجزاء، تتقصى تاريخ أسْرة أمريكية سوداء، من العبودية إلى الحرية. وفي الثمانينيات، عرض التليفزيون الهندي عدداً من مسلسلات المأساة الهندية، من بينها مسلسل "بنياد" الشعبي، الذي عرض حياة أسْرة هندية، خلال سبعة عقود.

وخلال الثمانينيات، أصبحت أجهزة الفيديو متاحة للاستخدام المنزلي. وتمكن كثير من المشاهدين، من استئجار أفلام سابقة التسجيل أو شرائها، وتمتعوا بمشاهدتها في منازلهم. وفي العقد نفسه، ازداد استخدام الأقمار الصناعية في نقل البرامج التليفزيونية، لمشتركي التليفزيون الكبلي. ويستقبل بعض المشاهدين الإشارات التليفزيونية، المنبعثة من الأقمار الصناعية، باستخدام هوائي كبير، يسمى الطبق؛ وتزودهم شركات التليفزيون بأجهزة معينة، لاستقبال برامجها؛ بل ابتدأ بعض النظُم الكبلية بخلط إشارتها، لتمنع مالكي الأطباق، غير المشتركين في شبكاتها، من استقبال تلك البرامج.

وبحلول أوائل التسعينيات، أصبح ظاهراً، أن التليفزيون ذا الوضوح العالي، هو التقدم المقبل، في التقنية التليفزيونية.