ثانياً: تكوين الإشارات التليفزيونية

    تُقسّم آلة التصوير التليفزيونية الصورة، إلى مئات الآلاف من الأجزاء الصغيرة. وتسمى هذه العملية بالمسح. وعندما تمسح آلة التصوير الصورة، فإنها تكوّن إشارات إلكترونية لكل جزء منها.

    ويستخدم جهاز التليفزيون هذه الإشارات، لإعادة تكوين الصورة على الشاشة. وتُعيد عملية المسح تكوينها، كما كانت عليه عند الإرسال. ولا يستطيع المشاهد رؤية ذلك، نظراً إلى سرعة المسح العالية؛ ولذلك، فهو يرى الصورة كاملة.

تتضمن عملية إرسال الصور والأصوات التليفزيونية، ثلاث خطوات:

1. تحويل الموجات، الصوتية والضوئية، من المنظر الذي يتلفز، إلى إشارات إلكترونية.

2. إرسال هذه الإشارات إلى جهاز الاستقبال التليفزيوني.

3. إعادة ترتيب الإشارات، ثم تحويلها، مرة أخرى، إلى الموجات نفسها، الصوتية والضوئية، المتأتية من المنظر الأصلي.

تبدأ الإشارة التليفزيونية، عندما يدخل الضوء، المنبعث من المنظر التليفزيوني، إلى آلة التصوير التليفزيونية، التي تحوّله إلى إشارات إلكترونية. وفي الوقت نفسه، يلتقط المِجْهار (الميكروفون) الأصوات من المنظر، ويحوّلها إلى إشارات إلكترونية. ويسمي مهندسو التليفزيون إشارات آلة التصوير إشارات الفيديو، وإشارات المِجْهار الإشارات السمعية.

إشارات الفيديو، التي يبثّها معظم محطات التليفزيون، هي إشارات لونية متوافقة، تنتج صورة ملونة عند استقبالها على جهاز تليفزيون ملون؛ وصورة غير ملونة، عند استقبالها على جهاز أبيض وأسود.

استخدم التليفزيون الملون ألوان الضوء الرئيسية الثلاثة: الأحمر والأزرق والأخضر، لإنتاج صور ملونة. ويعطي المزج الملائم لهذه الألوان الثلاثة، أي لون من ألوان الضوء. فمزج الضوءَين، الأحمر والأخضر، مثلاً، ينتج ضوءاً أصفر؛ وكميات متساوية من الأضواء: الأحمر والأزرق والأخضر، تنتج ضوءاً أبيض.

آلة التصوير التليفزيونية

تمهد آلة التصوير لإشارة لونية موافقة لا بدّ لها من ثلاث مهام:

·   التقاط صورة المنظر المطلوب.

·   تكوين إشارات فيديو من الصورة.

·   إعداد الإشارات اللونية للبثّ.

    ولتأدية هذه المهام، تستخدم آلة التصوير التليفزيونية عدسة، ومنظومة مرايا، ومرشحات وصمامات كاميرا؛ ودوائر إلكترونية معقدة، قد يوضع بعضها في مكان آخر في محطة التليفزيون، وترتبط بآلة التصوير بوساطة أسلاك.

1. التقاط الصورة

تجمع العدسة صورة المشهد، أمام آلة التصوير. وتُبئر (تجمع وتنحني) الضوء من المشهد، وتكوِّن صورة واضحة وضوحاً تماماً، كما يحدث في عدسات آلات التصوير الأخرى، وعين الإنسان. وتحتوي هذه الصورة على كل ألوان المشهد. ولكي تنتج آلة التصوير إشارات لونية، لا بدّ أن تجزئ الصورة الملونة كلها، إلى ثلاث صور منفصلة، واحدة لكل لون رئيسي.

يستخدم معظم آلات التصوير التليفزيونية مرآتين ثنائيتَي اللون، لتجزئ الصور إلى الألوان الرئيسية، تعكس أحدهما الصورة الزرقاء، وتسمح للضوءَين، الأحمر والأخضر، بالمرور من خلالها. وتعكس المرآة الثانية الصورة الحمراء، تاركة الصورة الخضراء فقط، التي تمرّ إلى صمام آلة التصوير. وتعكس مرايا أخرى الصور، الحمراء والزرقاء، إلى صمامات أخرى منفصلة. وتُفصَل الألوان، في العديد من آلات التصوير، باستخدام مرشحات ألوان، ومنشورات، توضع في علبة صغيرة، تسمى كتلة المنشور.

2. تكوين إشارات الفيديو

يُحول صمام آلة التصوير الصورة الضوئية، إلى إشارات فيديو. وللآلة غير الملونة صمام واحد، بينما يحتوي معظم آلات التصوير الملونة، ذات الجودة العالية، على ثلاثة صمامات. وتكوِّن هذه الصمامات إشارة فيديو منفصلة، لكلٍّ من الألوان الرئيسية الثلاثة. ولكن كثيراً من آلات التصوير، الصغيرة، والمحمولة، والمنخفضة الجودة، تحتوي على صمام واحد، على سطحه العديد من أشرطة الترشيح، الحمراء والزرقاء والخضراء، الدقيقة، التي تقسم الضوء إلى الألوان الرئيسية الثلاثة؛ ثم يحوِّل الصمام كلٍّ لون إلى إشارة فيديو منفصلة.

وصمامات آلة التصوير الملونة، هي صور معدّلة من صمام، يسمى فديكون؛ يحتوي على لوح واجهة زجاجية، في مقدمته، وعلى ظهره طبقة شفافة، تسمى لوح الإشارة؛ وخلْفه لوح ثانٍ، يسمى الهدف، ويتكون من طبقة ذات موصلية ضوئية، توصل الكهرباء، عند تعرّضها للضوء. ويوجد في مؤخرة الصمام جهاز، يسمى مدفع الإلكترونات.

يصل الضوء من الصورة إلى الهدف، بعد مروره من خلال لوح الواجهة، ولوح الإشارة. ويسبب الضوء تحرك جسيمات سالبة الشحنة، تسمى الإلكترونات، في اتجاه لوح الإشارة. وتخلّف هذه الحركة شحنات كهربائية موجبة، على ظهر لوح الهدف، تحدِّد كثافتها، في أي منطقة منه، شدة الإضاءة الساقطة على هذه المنطقة. ويغير صمام آلة التصوير الصورة الضوئية، المجمَّعة بالعدسات، إلى صورة كهربائية مماثلة، مكونة من شحنات موجبة على ظهر الهدف.

ويقذف مدفع الإلكترونات، إلى ظهر الهدف، شعاعاً من الإلكترونات، يتحرك عبْره بنمط منتظم، يسمى نمط المسح، مصطدماً بمناطق ذات كثافة مختلفة من الشحنات الموجبة، فتنجذب أعلاها كثافة معظم إلكترونات الشعاع؛ إذ إن الجسيمات ذات الشحنات المختلفة تتجاذب، بينما تجذب المناطق الأخرى عدداً أقل من الإلكترونات. وتتحرك الإلكترونات خلال الهدف، وتسبب تياراً كهربائياً، يمر بلوح الإشارة. وتتغير شدة هذا التيار، من لحظة إلى أخرى، تبعاً لاصطدام الشعاع بمنطقة مضيئة أو مظلمة من الصورة. ويُستخدم التيار المتغير في الحصول على جهد متغير؛ وهذا الجهد هو إشارة الفيديو من صمام آلة التصوير.

يمسح مدفع الإلكترونات الهدف، من اليمين إلى اليسار، ومن القاع إلى القمة. ويمسح الشعاع الإلكتروني خطاً، ويترك التالي له على الهدف. وبعد أن يمسح الشعاع خط القاع، يعود، سريعاً، إلى اليمين؛ وعندئذٍ، يبدأ بمسح الخط الثالث، والخامس، وهكذا دواليك. وعندما يصل إلى قمة الهدف، فإنه يعود، سريعاً، إلى الخط الثاني من القاع، ويبدأ بمسح كل الخطوط المزدوجة.

في كثير من الدول، يتبع نمط المسح في آلات التصوير التليفزيونية، نظام الخط المتناوب الطور، بدل الذي يتكون من 625 خطاً، منها 312.5 خطاً فردياً، و312.5 خطاً زوجياً؛ ويُكمل الشعاع مسح مجال واحد، بمسحه 312.5 خطاً؛ وتتكون الصورة التليفزيونية من مجالَين، وتسمى، حينئذٍ، إطاراً. ويتحرك الشعاع الإلكتروني بسرعة، تمكّنه من إنتاج 25 إطاراً كاملاً، في الثانية الواحدة. ولو عرضت 25 صورة فقط، في الثانية الواحدة، فإن الصورة قد تبدو متذبذبة. ولكن، بإرسال كل إطار في مجالَين، فستعرض 50 صورة، كل ثانية. وعند هذا المعدل الأسرع، لا تتبين العين تذبذب الصورة.

وفي نظام المفوضية القومية للمقاييس المعيارية للتليفزيون (إن. تي. إس. سي) المطور، في الولايات المتحدة الأمريكية، تتكون الصورة من 525 خطاً، مع 30 إطاراً كاملاً، في الثانية الواحدة. وفي النظام الفرنسي، سيكام، قد يكون عدد الخطوط 625 أو 819 خطاً، مع 25 إطاراً كاملاً، في الثانية الواحدة.

وفي أي نظام، يغير كل صمام من صمامات آلة التصوير الثلاثة، اللون الرئيسي الخاص به، إلى إشارة فيديو، من خلال عملية المسح. وتحمل الأسلاك الإشارات إلى الدوائر الإلكترونية في آلة التصوير، لتكبيرها، ثم تتجه الإشارات الثلاث إلى المُشفَّر.

3. تشفير إشارات اللون

تُضم إشارات الفيديو الثلاث إلى الإشارات الأخرى، للحصول على إشارة ملونة موافقة. وتتضمن الخطوة الأولى في هذه العملية، ضم إشارات الفيديو الثلاث إلى إشارتَين لتشفير الألوان، تسميان الإشارتَين التلوينيتَين. أمّا الإشارة، البيضاء أو السوداء، فتسمى إشارة النصوع. وتؤدي هذه الوظيفة في المُشفَّر دائرة، تسمى المصفوفة. وتعمل دائرة أخرى فيه، تسمى دائرة الجمع، في ضم الإشارات التلوينية وإشارة النصوع، وإضافة دفعة الألوان وإشارات التزامن. وتمكن دفعة الألوان جهاز التليفزيون الملون، من فصل معلومات الألوان، الموجودة في الإشارات التلوينية. وتتيح تلك المعلومات، إضافة إلى إشارة النصوع، إنتاج صورة كاملة الألوان على شاشة التليفزيون. وتربط إشارات التزامن جهاز الاستقبال بنمط المسح نفسه، المستخدم في آلة التصوير.