إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اجتماعية ونفسية / الاحتكاك الاجتماعي









العوامل المؤثرة في الاحتكاك الاجتماعي:

العوامل المؤثرة في الاحتكاك الاجتماعي

          يظهر الاحتكاك الاجتماعي في عمليتين، الأولى: هي الاتصال حيث يؤثر كل فرد في الآخر ويتأثر به؛ أما الثانية: فهي التصادم أو الصراع بين الفرد والآخر. ولا يخلو أي مجتمع من عمليتي التصادم والاتصال، ولكن أشكالهما واتجاهاتهما تتحدد باختلاف المحتوى الثقافي الذي تظهر فيه. وقد يُعرف التصادم بأنه الصراع بين فرد وآخر، أو آخرين، نحو هدف أو قيمة معينة؛ أما الاتصال الاجتماعي، فهو الجهد الجماعي لتحقيق ذلك الهدف أو تلك القيمة. إن كل ما يتنافس عليه الأفراد في مجتمع ما، يتحدد وفق معايير ثقافة ذلك المجتمع.

          يتأثر الاحتكاك الاجتماعي بمدى التجانس أو التشابه بين ثقافة الأفراد داخل المجتمع الذي يعيشون فيه؛ فكلما زاد التجانس الثقافي بين الطرفين، زاد الاتصال الاجتماعي بينهما. فاتصال الفرد العربي مع أخيه العربي يكون أكبر من اتصال الفرد العربي مع الفرد الغربي، والعكس صحيح.

          ويتضمن الاحتكاك الاجتماعي، الذي يكون بين الفرد والجماعة، القدرة على التوقع Expectation. فالفرد عندما يسلك سلوكاً معنياً داخل الجماعة، فإنه يتوقع استجابة ما، وهذا التوقع، مهما كان نوعه، يزيد من الاتصال كي يحقق الفرد ما يريده.

          ويحدد الاحتكاك الاجتماعي داخل الجماعة السلوك الفردي المميز للأشخاص، والمحصلة العامة لاستجابات الأفراد في المواقف الاجتماعية، ومن ثَم، يتحدد النمط الشخصي لكل فرد في إطار الجماعة. ومعنى ذلك، أن الاحتكاك الاجتماعي بين الأفراد يكَوِّن نوعاً من الالتزام لسلوك كل فرد، وعلى ذلك، فإنه يمكن التنبؤ بهذا النوع من السلوك.

          ومن العوامل التي تؤثر في الاحتكاك أو الاتصال الاجتماعي بين الأشخاص الوقت Time، والمكان Space. ويمثل الوقت شكلاً من أشكال الاتصال، ويقصد بذلك أنه يُعامل ـ في كثير من الثقافات ـ بوصفه شيئاً. فالإنسان يكسب وقته، ويخسر وقته، ويمنح وقته للآخرين، والوقت سلعة نادرة في بعض الثقافات، والمحافظة عليه موضع احترام شديد في معظم تلك الثقافات. بل توجد صلة وثيقة بين الوقت ونماذج السلوك المختلفة، حيث يتحاشى الناس الإتيان بنماذج سلوكية معينة في أوقات معينة، بينما يمارسونها في أوقات أخرى. ففي أوقات القحط أو المجاعة ـ مثلاً ـ قد يُباح للناس السرقة. لكن هذا السلوك محرم تماماً في الأوقات العادية، التي يمر بها المجتمع.

          ويؤثر المكان أو الحيز في الاحتكاك بين الأشخاص بطرق مختلفة، فقد أكدت الدراسات، التي أُجريت على العلاقة المكانية، أن إدراك الإنسان للمكان أو الحيز هو نتيجة لظروف وعوامل ثقافية، أكثر منها وراثية أو بيولوجية. والإنسان يحب أن يتملك المكان، ويُعده امتداداً له؛ فتلك حجرة الرئيس، وهذا مكتب المدير، فضلاً عن أن المكان يُعد رمزاً اجتماعياً للتفوق أو السلطة أو الهيبة أو النفوذ أو القوة. فعندما يلعب فريق كرة القدم (على أرضه)، فإنه يمارس سلوكه في مكانه الذي يملكه، وليس ثمة شك في أنه يستشعر الأمن والثقة والطمأنينة أكثر مما لو لَعِبَ على أرض فريق آخر. كما يلجأ الناس، في كثير من الأحيان، إلى منطقة محايدة عندما يقومون بعملية صلح بين طرفين متخاصمين، أو إبرام اتفاقية أو حل مشكلة معينة، وذلك لما للمكان من تأثير تجاه القائمين على حيازته أو شاغليه، فضلاً عن تأثيره على الغرباء أيضاً.