إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اجتماعية ونفسية / التفكير العلمي









الارتباط بالجماعة Sociability

التفكير العلمي

للتفكير العلمي أهميته للأفراد والمجتمعات. فقد أصبح الإنسان يعيش في عالم يتميز بالانفجار المعرفي، والتسارع في إنتاج المعلومات، والتزايد في الوصول إلى المكتشفات. من هنا، يكون التفكير العلمي إحدى الوسائل ـ إن لم يكن أهمها ـ للتعامل مع التغيرات المعاصرة والثورة المعرفية العارمة؛ لأنه أسلوب للبحث في الكون والأحداث، وطريقة للتوصل إلى المعارف واستخدامها.

يساعد التفكير العلمي الإنسان على تقديم الأدلة والبراهين على صحة آرائه ورؤياه. فباستخدامه للملاحظة والتحليل والتجريب يستطيع أن يثبت ـ أو يرفض ـ واقعة معينة، ويكَوِّن رأيه تجاهها بحيث يكون رأيه مبنياً على أدلة وبراهين علمية، يمكن التحقق منها وإثباتها.

وباستخدام التفكير العلمي يصل الإنسان إلى العوامل التي تسهم في إحداث ظاهرة معينة، والعوامل المصاحبة لها أثناء حدوثها. وهذا من شأنه أن يساعد على التنبؤ بالظاهرة قبل حدوثها بدرجة عالية من الاحتمال. فعند تعرض الشخص للإصابة بضربة شمس –مثلاً- سيدرك دور التعرض للشمس ومدة التعرض لها في إصابته. كما سيدرك أن التغذية والإرهاق ونقص المياه عوامل أخرى تسهم في الإصابة بضربة الشمس، وسيدرك أن ارتفاع حرارة الجو، بصفة عامة، ونقص حركة الهواء، كانت عوامل مصاحبة للتعرض للشمس والإصابة بضربة الشمس. بناءً على هذا يتنبأ أنه إذا تعرض للشمس في ظل ظروف معينة (خاصة بالحرارة ـ ومدة التعرض ... إلخ) فإنه سيُصاب بضربة شمس. لذلك فالتفكير العلمي يساعد الإنسان على التحكم في بيئته، على نحو يحقق له حياة أفضل.

يسهم التفكير العلمي في مساعدة الفرد على إدراك المشكلات والعمل على حلها، بناءً على إدراك عناصر الموقف والعلاقات بينها، والوقوف على نواحي الخلل والضعف، التي أدت إلى إيجاد المشكلة. ويقوده ذلك إلى وضع مجموعة من الاحتمالات، التي تساعده على فهم المشكلة، من ناحية، وعلى حلها، من ناحية أخرى.

وعلى كلٍ، فالتفكير العلمي هو طريق الوصول للمكتشفات والمخترعات، وهو منهج يكتشف نواحي القصور في الحياة ويعمل على علاجها، ومن ثَم، يسهم في تقدم المجتمعات وتنمية الشعوب.

أولاً: تعريف التفكير العلمي

قبل تعريف "التفكير العلمي" ينبغي الوقوف على معنى "التفكير" ومعنى "العلم.

التفكير نشاط رمزي يستمر دون علاقات مباشرة بالمثيرات الخارجية، أو هو مجرى من المعاني التي تُثار في الذهن، عندما يواجه الإنسان مشكلة ما، أو يريد القيام بعمل معين. ويشمل التفكير كل أنواع النشاط العقلي أو السلوك المعرفي، الذي يتميز باستخدام الرموز التي تمثل الأشياء والأحداث، أي أنه يعني معالجة الأشياء والأحداث من طريق الكلمات والمفاهيم والصور العقلية، بدلاً من معالجتها من طريق النشاط الفعلي أو من طريق النشاط العياني المباشر. والتفكير عملية عقلية معرفية، تتضمن انعكاس العلاقات والروابط بين الظاهرات أو الأشياء، أو الأحداث في وعي الإنسان.

يتصف التفكير بعدة خصائص: فهو نشاط خفي لا يُدرك مباشرة، بل يُستدل عليه من طريق آثاره، كالحديث أو حل مسألة في الرياضيات... إلخ. وأن التفكير ينطلق من الخبرة الحسية الحية؛ ولكنه لا ينحصر فيها ولا يقتصر عليها، إذ يوظف كلاً من الخبرات الجديدة المستمدة من الواقع، وما استقر في الذهن من معلومات، عن الظواهر والعلاقات بينها. ولذلك يكون التفكير انعكاساً للعلاقات والروابط بين الظواهر والأحداث والأشياء في شكل لفظي أو رمزي. ويستخدم التفكير الرموز، مثل الصور الذهنية، والمعاني والألفاظ، والأرقام، والذكريات، والإشارات، والتعبيرات والإيماءات، والرموز التي تحل محل الأشياء، والأشخاص، والمواقف، والأحداث المختلفة التي يفكر فيها الشخص، تحقيقاً لهدف معين.

أما العلم فيتصف بعدة خصائص؛ فقد يُنظر إليه على أنه النتاج الملموس للتفكير العلمي في شكل معلومات أو معارف. وأن هذا النتاج يكون هادفاً فلا يُبتغى لذاته، ويكون منظماً بشكل معين. أي أن العلم مجموعة منظمة من المعلومات والمعارف، التي يتوصل إليها باستخدام التفكير العلمي، الذي يدور حول موضوع معين.

ومن خصائص العلم الاعتماد على إجراء التجارب، والقيام بالملاحظات الموضوعية، على نحو يؤدي إلى التوصل إلى معلومات يمكن التحقق منها بإعادة التجريب وتكرار الملاحظات، تحت الظروف أو الضوابط نفسها. ويُوصف العلم بأنه منظم، أي يسير من الملاحظة إلى المبدأ إلى الملاحظة مرة ثانية، أي يختصر ويلخص الملاحظات في مبدأ، ثم يعود ثانية للواقع لاختبار تلك الملاحظات (مثل ملاحظة تمدد النحاس والحديد... إلخ بالحرارة وانكماشها بالبرودة، ثم التوصل إلى مبدأ أن المعادن تتمدد بالحرارة وتنكمش بالبرودة، ثم العودة مرة ثانية للواقع لدراسة مدى انطباق هذا المبدأ على معادن جديدة لم يسبق دراستها في المرحلة الأولى). ويتضمن ذلك أن نتائج العلم احتمالية في ضوء تكرار إثبات ـ أو نفي ـ المبدأ (وهذا ما يُعرف بخاصية نسبية ثبات الصدق).

ومن خصائص العلم أنه يقوم على مجموعة من الفروض عن العلاقات القائمة بين الظواهر، واختبار تلك الفروض أو التحقق منها، كافتراض العلاقة بين الشعور بالجوع وعدد ساعات الحرمان من الطعام؛ أي كلما زاد عدد ساعات الحرمان من الطعام، ازداد الشعور بالجوع. هذا الفرض يمكن اختباره تجريبياً بحرمان الكائن من الطعام لعدد متفاوت من الساعات، ودراسة أثر ذلك على شعوره بالجوع. وبناءً على خاصية "الفرضية" للعلم، يُوصف العلم بأنه منطقي يستخدم أنواعاً مختلفة من الاستدلال؛ فمن الفروض يصل الباحث إلى استنتاجات، وبالتحقق من الاستنتاجات يتثبت من الفروض (أو ينفيها)؛ فإذا تثبت منها في العديد من الحالات، فحينئذٍ يستخدم الاستدلال الاستقرائي في الوصول إلى قانون عام. فمثلاً: إذا اختبر باحث الفرض السابق على طفل وشاب وشيخ ورجل وامرأة وأنواع مختلفة من الحيوانات، فبالاستدلال الاستقرائي يصل إلى قانون ينص على أنه: كلما ازداد عدد ساعات الحرمان من الطعام، زاد الشعور بالجوع (في ظل ظروف معينة كالحرارة والقوة البدنية وغيرها).

والعلم حل للمشكلات، أي يحدد المشكلة ويدرسها ليضع حلولاً مقترحة، ويختبر تلك الحلول؛ فإذا نجح أحد تلك الحلول في التغلب على المشكلة، زادت الحصيلة المعرفية للعلم. فإذا استخدمت تلك الحصيلة في نطاق التطبيق العملي، أصبحت تكنولوجيا.

والسؤال ما التفكير العلمي؟

يمكن وضع التعريف الآتي للتفكير العلمي:

"عملية عقلية إرادية رمزية منظمة، لا تُدرك مباشرة بل يُستدل عليها من آثارها، تُستثار عند مواجهة مشكلة معينة، وتنطلق من تفاعل الخبرة الحسية الحية مع الخبرات القديمة، على نحو يُمكِّن من الوصول إلى فهم وتفسير عناصر المشكلة (أو الظاهرة) ما يؤدي إلى حلها. ويعمل على معالجة البيانات من خلال عملية معرفية تقوم على تحديد للمشكلة، ووضع فروض لحلها، ثم اختبار تلك الفروض والوصول إلى نتائج، واختبار انطباق تلك النتائج على عدة أمثلة للظاهرة؛ تمهيداً لوضع مبدأ أو قانون يوصف بالاحتمالية والثبات النسبي، إلى حين ظهور ما ينفي هذا المبدأ أو القانون".

يتضمن هذا التعريف تحديداً لخصائص التفكير العلمي، بأنه:

·   عملية عقلية يمارسها الإنسان باستخدام الرموز والمعاني والصور.

·   إرادي يمكن توجيهه لدراسة موضوع معين دون آخر.

·   هادف يسعى إلى حل مشكلة ما، أو فهم وتفسير ظاهرة معينة.

·   لا يُدرك مباشرة، بل يُستدل عليه من طريق آثاره ونتائجه، مثل: جمع البيانات وتلخيصها وتحليلها ومقارنتها، والوصول إلى نتائج، أو حل للمشكلة المعروضة.

·   يعمل على توظيف للمعلومات الجديدة والمعلومات القديمة.

·   يعمل على معالجة البيانات والمعلومات، في سلسلة خطوات منتظمة.

·   يصل إلى حل المشكلة، أو تفسير للظاهرة وما يشابهها من مشكلات وظواهر، وبذلك يصل إلى مبدأ أو قاعدة عامة.

·   نتائجه احتمالية وثباته نسبي إذ تظل مبادئه أو القوانين التي يصل إليها ثابتة، طالما تصلح للتطبيق على حالات مماثلة للحالات التي دُرست؛ فإذا ظهر خلاف ذلك أُعيد النظر في المبدأ أو القانون.

كما يُوصف التفكير العلمي، أيضاً، بأنه:

·   عملية متكاملة حيث ينظر إلى الموقف المُشكل نظرة كُلية لجميع عناصره وجوانبه، ودراسة سائر احتمالاته والظروف التي تؤثر فيه.

·   تفكير مرن بعيد عن الجمود؛ فكل مراحله وخطواته قابلة للمراجعة والتحقق، بل إن النتائج قابلة للتعديل والتطوير.

·   تفكير موضوعي، أي ينصب على الموقف بعناصره وأبعاده وظروفه وشروطه، وينأى -قدر المستطاع- عن كل ما يتعلق بالذات.

وأخيراً، يُوصف التفكير العلمي بأنه منظم، أي يسير في سلسلة متتابعة ومرنة من الخطوات.

ثانياً: خطوات التفكير العلمي

1. الشعور بالمشكلة

يُستثار التفكير عندما يواجه الفرد مشكلة ما، تسبب له حيرة واضطراباً، أو ليس لها حل سابق. لنفترض أنك فتحت باب شقتك وعندما دخلت حجرة النوم وجدت الدولاب مفتوحاً وبعض قطع الملابس مبعثرة، عندئذ تتساءل: ما هذا؟ وهذا معناه أنك شعرت بمشكلة معينة أو أمر محير. ويحدث الشيء نفسه في أي قضية علمية، مثل: ملاحظة صدأ الحديد، وتعطل بعض المعدات والآلات.

2. تحديد المشكلة

تكون المشكلة في البداية غامضة، ولذلك يلجأ الشخص إلى صياغتها بوضع سؤال يحدد موضوعها الرئيسي. وفي المثال السابق يُثار السؤال: التالي "من فعل هذا؟"، ولصدأ الحديد يُثار السؤال: "ما العوامل التي أدت إلى إصابة الحديد بالصدأ؟". ولكي يصل الشخص إلى تحديد دقيق للمشكلة، فعليه أن يجمع بعض البيانات والمعلومات اللازمة.

3. وضع الفروض واختبارها

الفرض هو حل مقترح للمشكلة. وترجع قيمة الفرض إلى أنه يوحي بتفسيرات محتملة للمشكلة أو الظاهرة موضوع الدراسة، كما يوجه الباحث لجمع معلومات معينة، ثم إلى وضع هذه المعلومات في نظام معين. في المثال السابق، يضع الشخص فرضاً تلو الآخر؛ فمثلاً: يَفْترِض دخول لص إلى المنزل، فيجمع معلومات ويجري ملاحظات على الأبواب والشبابيك بالشقة، فإذا وجدها سليمة رفض هذا الفرض ليضع فرضاً آخر. فيفترض، مثلاً، دخول أحد الأهل إلى الشقة أثناء غيابه، ويستنتج منه بعض الاستنتاجات ليختبر بها صحة الفرض؛ فيتصل بالأهل ليسألهم أو يبحث في الشقة عن رسالة تركها من دخل منهم، أي يختبر صحة الفرض.

وفي مثال صدأ الحديد، قد يفترض الباحث أن صدأ الحديد يرجع إلى وجوده في الشمس، أو في درجة حرارة عالية، أو نتيجة للماء، أو نتيجة لبخار الماء الموجود في الهواء. ويأخذ الباحث في اختبار كل فرض من الفروض الأربعة بإجراء تجارب وملاحظات؛ مثلاً بتعليق قطعة حديد في الشمس، وإدخال قطعة أخرى مماثلة للقطعة الأولى في فرن حار، وغمر قطعة ثالثة مماثلة للقطعتين السابقتين في الماء، وتعليق قطعة رابعة مماثلة في الهواء. ويجري ملاحظاته ويسجلها، ثم يحللها ليصل إلى نتيجة تفسر الظاهرة المدروسة.

4. الوصول إلى مبدأ أو قاعدة

إذا أجرى الباحث التجربة نفسها عدة مرات ووصل إلى النتيجة ذاتها، فإنه يصل إلى مبدأ. فيعرف أن الحديد يصدأ بسبب تعرضه لبخار الماء الموجود في الهواء. ويظل المبدأ موضعاً للاختبار عدة مرات، حتى يصل الباحث إلى قانون يكون صدقه نسبي.

ويتضح مما سبق أن التفكير العلمي لا يقتصر استخدامه على إجراء التجارب العلمية أو المعملية، بل يستخدم، أيضاً، في حياة الأفراد لحل مشكلاتهم وتفسير ما يواجههم من ظواهر جديدة. وتجدر الإشارة إلى أن الحركة بين هذه الخطوات تكون دائمة ومستمرة؛ فمثلاً جمع المعلومات يزيد من وضوح المشكلة ويوحي بفروض جديدة، واختبار الفروض وعدم تحققها قد يقود إلى مراجعة تحديد المشكلة وإعادة صياغتها.

ثالثاً: المقومات الأساسية للتفكير العلمي

1. قواعد أساسية

·   الامبيريقية: يقوم التفكير العلمي على استخدام معطيات الخبرات الحسية، أي ما نشاهده أو نسمعه أو نلمسه أو نتذوقه أو نشمه. وهذه المعطيات هي معارف يمكن إدراكها بواسطة الآخرين، وأنها قابلة للتكرار، ويمكن التحقق منها. أي أن التفكير العلمي لا يتناول الأحداث الخرافية والقوى الغيبية، بل يتناول الأحداث الطبيعية بالدراسة والبحث.

·   ممارسة الاستدلال المنطقي: يستخدم التفكير العلمي الاستدلال المنطقي بصورتيه الاستقرائي والاستنباطي. فمن ملاحظة ودراسة عدد من الحالات، يصل الفرد أو الباحث إلى قاعدة عامة أو مبدأ عام. وهذا يمثل الاستدلال الاستقرائي.

ومن ملاحظة ودراسة العديد من قطع الحديد تحت تأثير الحرارة والبرودة، يمكن التوصل إلى أن الحديد يتمدد بالحرارة وينكمش بالبرودة. فإذا وجدت قطعة معدن جديدة لها خواص الحديد فيمكن استنتاج أن:

 

للحديد خواص أ، ب، ج

قطعة المعدن الجديدة لها الخواص نفسها

\ قطعة المعدن الجديدة تدخل ضمن الحديد

 

قطعة المعدن الجديدة تدخل ضمن الحديد

الحديد معدن يتمدد بالحرارة وينكمش بالبرودة

\ قطعة المعدن الجديدة تتمدد بالحرارة وتنكمش بالبرودة

المثالان أعلاه يترجمان كيف يُستخدم الاستدلال الاستنباطي في التفكير العلمي.

أي أن الاستدلال الاستقرائي هو الوصول إلى قاعدة عامة من عدة حالات أو أمثلة، والاستدلال الاستنباطي هو انطباق تلك القاعدة على حالة أو مثال جديد لم يدخل ضمن الدراسة.

·   التشكك أو التساؤل: يقوم التفكير العلمي على ممارسة التشكك أو التساؤل فيما لدى الشخص من معتقدات مرتبطة بالظاهرة موضوع الدراسة، وفي النتائج التي توصلت إليها دراسات سابقة. ويقود هذا التشكك إلى المزيد من الموضوعية في دراسة الظواهر، وإلى البحث عن الأسباب والأدلة المناسبة لفهم الظاهرة ودراستها، ما يضيف جديداً للعلم.

2. مهارات التفكير

هي نشاط عقلي يمارسه الفرد وبواسطته يكتسب المعلومات ويحل المشكلات ويتخذ القرارات. من هذه المهارات: الملاحظة، والتساؤل، والمقارنة، والتخيل، والتفسير، وتحديد المشكلات، والتحليل، والتصنيف، والاستنتاج، والتنبؤ، والتقييم.

ويتضمن استخدام هذه المهارات أن يتساءل الشخص: لِمَ أقوم بهذا العمل؟ ماذا سأفعل؟ متى أفعل؟ ما الأدوات اللازمة؟ كيف أفعل؟... إلخ.

3. سمات شخصية

يتصف كل من يستخدم التفكير العلمي بكفاءة بحب الاستطلاع، والنضج العقلي، والشغف لحل الألغاز، وفحص المتناقضات، والمثابرة، والموضوعية، ومرونة الفكر، والنظام، والواقعية، وقبول الاحتمالات ودراستها.

رابعاً: معوقات التفكير العلمي

1. الأخطاء المنطقية

يُقصد بها التطبيق الخاطئ للاستدلال، نتيجة للتسرع في الوصول إلى النتائج من مقدمات ومعلومات محدودة، أو التسليم بمقدمات خاطئة؛ ما يؤدي إلى الوصول إلى نتائج خاطئة. كالقول "عند رؤية القطة السوداء حدثت لي حادثة مروعة، إذاً فالقطة السوداء نذير شؤم يؤدي إلى وقوع الحوادث المروعة". أي أن تلازم واقعتين معاً (رؤية القطة في لحظة وقوع الحادث)، يؤدي إلى التسليم بالسببية بينهما، وهذا خطأ.

2. العوامل الانفعالية والوجدانية

تؤثر رغباتنا على تفكيرنا، فكثيراً ما نفسِّر الأمور والوقائع كما نرغب. ويصبح التفكير –بذلك- موجهاً بالرغبات لا الواقع والوقائع. والتفكير "الارتغابي" (أي المبني على الرغبات) لا يتقيد بالواقع، ولا يحفل بالقيود الاجتماعية والمنطقية، ويعمينا عن إدراك الحالات السلبية، ويشوه الأمور في أعيننا فنراها كما نريد لا كما هي في الواقع، ويصبغ تفكيرنا بالصبغة الذاتية غير الموضوعية.

ولسمات الشخصية تأثيرها على تفكيرنا؛ فالمستوى المناسب من القلق يؤدي إلى شحذ التفكير؛ ولكن إذا زاد القلق اضطرب التفكير. والاستعداد للمخاطرة يدفع للتفكير، ولكن إذا زادت المخاطرة واقتربت من الاندفاع اختل التفكير.

3. المعلومات الخاطئة

للمعلومات الخاطئة تأثير ضار على التفكير من ناحيتين: الأولى، إضافة خصائص غير حقيقية للفكرة، والثانية التأثير على اتجاهات الفرد على نحو يوجه تفكيره وسلوكه نحو ما يحب ويميل إليه، أو خلاف ذلك.

4. انتقاء المعلومات والاستنتاجات

يميل الشخص إلى انتقاء المعلومات التي تؤيد وجهة نظره، وإلى تجاهل المعلومات التي تناقضها. كما يميل إلى الوصول للاستنتاجات التي تتسق مع كمية المعلومات التي انتقاها ونوعها، والتي تؤكد على نجاح تنبؤاته التي بناها على هذه الاستنتاجات، وإلى تجاهل التنبؤات الخاطئة التي استمدت من هذه الاستنتاجات.

5. تقبل المعلومات دون تمحيص

إن تسليمنا وتقبلنا للآراء التي يقول بها أهل الحجة في مجالاتهم، أو الشائعة بين الناس، من دون تمحيص أو نقد، قد يفقدنا الفهم الدقيق للموضوع. ذلك أن آراءهم تكون متخصصة دقيقة وفي سياقات معينة قد لا تصلح لما نفكر فيه. إضافة إلى أثر الزمن على صلاحية الأفكار والآراء والمعلومات.