إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات متنوعة / احتفالات عيد الميلاد









المبحث الأول

المبحث الأول

نشأة احتفالات عيد الميلاد

        وردت قصة عيد الميلاد في إنجيلي لوقا ومتَّى. وقد نشأ الاحتفال به متأثراً بالمهرجانات الوثنية، التي كانت سائدة في كثير من أنحاء العالم، احتفالاً برأس السنة؛ فقد كان قدماء المصريين يحتفلون برأس السنة عندما تظهر سوثيز (الشعرى اليمانية) أثناء النهار، في وقت يتزامن مع بدء فيضان النيل. وكانت احتفالاتهم تتخذ طابع المهرجانات الدينية لأن حياتهم الاقتصادية تعتمد على الفيضان السنوي للنيل.

        وكان سكان ما بين النهرين يقيمون احتفالاتهم بالسنة الجديدة في وقت هطول الأمطار الربيعية. وعدّ البابليون رأس السنة وقتاً حاسماً لاعتقادهم بأن الإله مردوك يقرر في ذلك الوقت مصير البلد للسنة القادمة.

        واعتاد كثير من الشعوب القديمة الاحتفال برأس السنة، في وقت الحصاد، حيث كانوا يمارسون طقوساً خاصة تعبيراً عن التخلص من الماضي، وتطهير أنفسهم، استعداداً للعام الجديد. ومنهم من كان يطفئ النار المستخدمة لديه، ويشعل نيراناً جديدة.

        أما قدماء الرومان، فكان يقدم بعضهم لبعض، في هذه المناسبة، هدايا من أغصان أشجار مقدسة. وأصبحوا في السنوات المتأخرة يقدمون ثمار الجوز المغلفة بالذهب، أو العملات المعدنية المختومة عليها صورة يانوس إله الأبواب والبدايات كما كانوا يعتقدون. وقد سمي شهر يناير على اسم الإله يانوس، الذي كان له وجهان، أحدهما ينظر للأمام والآخر للخلف.

        كما اعتاد الرومان أيضاً تقديم هدايا للإمبراطور. وفي نهاية الأمر بدأ الأباطرة يطالبون بهذه الهدايا، ولكن الكنيسة النصرانية أبطلت هذه العادة وبعض الممارسات الوثنية الأخرى المرتبطة برأس السنة، في عام 567م.

        وتبادل قدماء الفرس هدايا رأس السنة المكونة من البيض الذي يرمز للخصوبة. وقدم الكهنة السلتيون، الذين عاشوا في منطقة إنجلترا الحالية، للناس هدايا من أغصان شجر الهدال الذي كان يُعد مقدساً.

        ويحتفل اليهود من قديم بعيد رأس السنة، "روش هاشاناه"، ويعد أهم أعيادهم.

        أخذ السلتيون كثيراً من عادات رأس السنة من الرومان الذين غزوا بريطانيا في عام 43م. وبحلول القرن الثالث الميلادي كان الحكام الإنجليز قد أحيوا العادة الرومانية التي تقضي بمطالبة رعاياهم بتقديم هدايا رأس السنة. وكانت الهدايا السائدة تشمل المجوهرات والذهب. وقد حصلت الملكة إليزابيث الأولى على مجموعة كبيرة من القفازات المطرزة والمطعمة بالمجوهرات، عن طريق هذه العادة. وكان الأزواج الإنجليز يقدمون لزوجاتهم مبلغاً من المال في رأس السنة لشراء دبابيس الشعر والأغراض الأخرى المماثلة. اختفت هذه العادة في القرن التاسع عشر الميلادي، ولكن ما يزال تعبير "نقود الدبابيس" في بريطانيا يعني مبلغاً صغيراً مخصصاً للإنفاق.

        كان الرومان يحتفلون في نهاية العام بإلههم "ساتورن" SATURN وهو إله الحصاد عندهم وأيضاً إلههم "مثراس" MITHRAS إله الضوء.

        وكانت الاحتفالات بعيد ساتورن تبدأ في يوم 17 ديسمبر، وتستمر يومين. ولكنها أصبحت تمتد إلى أسبوع فيما بعد. وربما نشأت أصلاً عن كلمات شكر كانت تُرَدَّد في الاحتفال بذكرى الزراعة الشتوية. وبمرور السنوات فقدت أهميتها الزراعية، وأصبحت مناسبة للاحتفالات العامة. حتى إن العبيد كانوا يُمنحون حرية مؤقتة؛ ليفعلوا ما يحلو لهم في فترة العيد. وكانت تقام في عيد الإله ساتورن الولائم والزيارات، وتُمنح الهدايا والعطايا. ومن الهدايا المعروفة في هذه المناسبة الشموع وتماثيل الطين الصغيرة.

        وفي شمال أوروبا كانوا يحتفلون في منتصف ديسمبر بنهاية موسم الحصاد، وكانت هذه الاحتفالات تتمثل في إقامة المهرجانات، وتزيين المنازل بالخضرة، والمشاركة في الغناء وتبادل الهدايا، وأصبحت تلك الاحتفالات تدريجياً جزءاً من احتفال عيد الميلاد.

        ونظراً لأن المسيحية أصبحت الديانة الرسمية للإمبراطورية الرومانية في عام 336م، فقد أصبح عيد الميلاد من أهم الاحتفالات الدينية في أوروبا. وخلال القرن الرابع عشر الميلادي أخذ بعض الفنانين في رسم اللوحات الفنية التي تمثل ميلاد السيد المسيح عليه السلام.

        وازدادت شعبية عيد الميلاد حتى عهد الإصلاح، والإصلاح هو حركة دينية ظهرت في القرن الخامس عشر الميلادي، وأثنائها "حوالي 800 عام" رأى الكثير من المسيحيين أن عادة الاحتفال بعيد الميلاد عادة وثنية، لأنه يتضمن عادات غير دينية. ولهذا أوقف الاحتفال بعيد الميلاد في بريطانيا، وفي أجزاء من مستعمراتها في أمريكا.