إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / الأزمة بين روسيا وجورجيا: حرب الأيام الخمسة






منطقة القوقاز (الخريطة الطبيعية)
منطقة القوقاز (الخريطة السياسية)
الدول الواقعة غرب روسيا
الدول المحيطة بالبحر الأسود
الدول المحيطة ببحر قزوين
جمهوريات جنوبي روسيا
دول الاتحاد الأوروبي
دول الاتحاد السوفيتي السابق
دول الكومنولث المستقلة
دول بحر البلطيق (1)
دول بحر البلطيق (2)
دول حلف شمال الأطلسي
جورجيا وأوسيتيا الجنوبية وأبخازيا
خط أنابيب باكو ـ تبليسي ـ جيهان
روسيا الاتحادية، والدول المرتبطة بها
غرب روسيا الاتحادية



فهرس الدراسة

الدرع الصاروخي الأمريكي والأزمة الأمريكية ـ الروسية

في ضوء الأزمة الجورجية، جاءت أزمة أخرى كرد فعل من جانب الولايات المتحدة الأمريكية، وهي توقيعها وبولندا، في 20 أغسطس 2008، اتفاقاً ينص على نشر "منظومة الدرع الصاروخي الأمريكي المضاد للصواريخ على الأراضي البولندية"، بحلول عام 2012، والتي تتضمن نشر قواعد صواريخ اعتراضية، تتولى الأطقم الأمريكية تشغيلها وصيانتها؛ وكذلك تزويد بولندا بعدد من بطاريات الصواريخ "الباتريوت" القادرة على اعتراض الصورايخ المهاجمة.

وأكدت وزيرة الخارجية الأمريكية، في وارسو "أن هذه المنظومة ستساعد الولايات المتحدة وحلفائها، على مواجهة تهديدات القرن الحادي والعشرين، وتطويق تهديدات الصورايخ بعيدة المدى، من دول مثل: إيران أو كوريا الشمالية". وأوضحت أنه نظام دفاعي، وليس موجهاً ضد أحد. لكن هذه التصريحات لم تكن مقنعة لروسيا، التي كانت تحتج على هذا المشروع منذ عدة شهور. ومن ثَمَّ أكد الرئيس الروسي، ديمتري ميدفيديف، "أن إقامة قوى جديدة مضادة للصورايخ في أوروبا إنما تستهدف الاتحاد الروسي في المقام الأول، وأضاف أن وقت إعلانه تم اختياره بعناية، ملمحاً بذلك إلى أن بولندا والولايات المتحدة تريدان الردَّ على التدخل الروسي في جورجيا.

وفي يوليه 2008، اتفقت الولايات المتحدة الأمريكية مع دولة التشيك على إقامة محطات رادار فائقة القدرة على أراضيها (وهي القدرة على رصد الصورايخ في مراحل مبكرة جداً من انطلاقها من قواعدها). وبهاتَيْن الخطوتَيْن تكون واشنطن قد تقدمت خطوة مهمة نحو محاصرة روسيا الاتحادية، وتحجيم قدرتها على شنِّ هجمات صاروخية إستراتيجية بعيدة المدى عن أراضيها المطلة على شرقي أوروبا ووسطها، وهو ما يعني تقليص قدرة روسيا على الردع النووي، وتهديد أمنها الوطني بشكل مباشر.

وفور الإعلان عن التوصل إلى هذا الاتفاق، أعلن نائب رئيس الأركان الروسي "اناتولي بوجوفيتسين" أن بولندا تعرض نفسها بذلك لتكون هدفاً مشروعاً للقصف، وأضاف أنه أمر صحيح 100%، ويبدو أن مكان القاعدة الأمريكية يمثل لموسكو عودة إلى الحرب الباردة، التي شهدها النصف الثاني من القرن العشرين. فقد اختار الخبراء الأمريكيون القاعدة في بلدة صغيرة هي "ريجيكوفو"[1] والتي تبعد حوالي 200 متر عن جيب كالينينجراد الروسي[2]، لنشر قطع الدرع، وكالينينجراد هي النقطة الروسية الأكثر تقدماً غرباً بين بولندا وليتوانيا.

ويبدو أن توقيع الاتفاق في أوج الأزمة الجورجية هو إجراء أقرب إلى إنذار، خاصة وأن الرئيس البولندي "كاتزينسكي" قد أعلن في خطاب تليفزيوني "أن لا أحد يستطيع أن يملي على بولندا ما عليها أن تفعله". ويؤكد الجانبان، أن النزاع بين روسيا وجورجيا لعب دوراً حيوياً في الدفع إلى انجاز المفاوضات، التي بدأت قبل 15 شهرا.

ويؤكد البولنديون أنهم حصلوا على ضمانات إضافية من الولايات المتحدة لأمنهم، كما أكدت الولايات المتحدة رسمياً التزامها الدفاع عن أراضي بولندا في حالة تعرضها للهجوم. وهكذا أدّت الأزمة في جورجيا للترويج بشكل موسع للدرع الصاروخية الأمريكية في بولندا.

وفي العاشر من سبتمبر 2008، هدّدت موسكو بجعل المواقع التي ستستقبل عناصر من الدرع الصاروخية الأميركية في بولندا وتشيخيا أو مواقع أخرى، أهدافاً لصواريخ روسية عابرة للقارات. وفي غضون ذلك، صادقت الحكومة التشيكية على اتفاق يسمح بنشر قوات أميركية في قاعدة للدرع الصاروخية، التي تنوي الولايات المتحدة الأمريكية إقامتها في تشيكيا، كما أعلن وزير دفاعها، فلاستا باركانوفا. ويزيل الاتفاق العقبة الأخيرة أمام خطط نشر أجزاء من منظومة الدرع الصاروخية الأميركية التي تعارضها روسيا بشدة. وقال قائد القوات الإستراتيجية الروسية الجنرال نيكولاي سولوفتسوف: "لا يمكنني استبعاد أن تستهدف صواريخنا العابرة للقارات مواقع الدرع المضادة للصواريخ في بولندا والجمهورية التشيكية ومواقع أخرى مماثلة ممكنة". وأضاف: "نحن مضطرون لاتخاذ الإجراءات المناسبة لئلا نسمح في أي وقت بالتقليل من قدرة الردع النووي الروسي". وقال سولوفتسوف إن روسيا تعتزم إجراء أربع تجارب على صواريخ إستراتيجية قبل نهاية السنة، بينها تجربة على الصاروخ الجديد "RS24" المتعدد الرؤوس، وهو صاروخ باليستي عابر للقارات.

وأخيراً، فإن ما تدعيه واشنطن من أن تظامها الصاروخي الجديد ليس موجهاً ضد روسيا، وإنما تحسباً لصواريخ معادية من دول مارقة مثل إيران أو كوريا الشمالية، قول ينافي المنطق والعقل؛ فالحقائق المجردة توضح أن إيران تقع على مسافة (4) آلاف كيلومتر من بولندا، بينما الصواريخ الأمريكية التي ستُنْشر فيها مداها ألفا كيلومتر. وهذا يعني أن الهدف الأمريكي المحدد هنا هو قواعد الصواريخ الإستراتيجية النووية في قلب روسيا، بما يُقلِّص تماماً من قدرتها على الردع النووي، وهو الردع الذي كان سبباً للتعايش السلمي مع الولايات المتحدة الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية. لذا، سيصبح لزاماً على روسيا تغيير عقيدتها الدفاعية من جديد، وهو ما أشار إليه العسكريون الروس حين أعلنوا أن انضمام بولندا إلى المشروع الأمريكي يضعها ضمن أهداف الرد الصاروخي النووي الروسي في حال المواجهة.



[1] قرية بولندية هادئة تبعد (200) متر عن جيب كاليننجراد الروسي. اختار الخبراء الإستراتيجيون الأمريكيون هذه البلدة لنشر أجزاء من الدرع الصاروخية عام 2012، إذا ما وافق البرلمان البولندي على الاتفاقية، التي وقعتها الولايات المتحدة الأمريكية وبولندا بشكل رسمي، في 20 أغسطس 2008.

[2] قاعدة كالينينجراد تقع على بحر البلطيق في جيب روسي بين بولندا وجمهورية ليتوانيا السوفيتية السابقة.