إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / حرب عام 1967، من وجهة النظر الإسرائيلية





مهام القوات الإسرائيلية
معركة أم قطف الثانية
معركة القدس
معركة رفح
معركة كمين بير لحفن
الضربة الجوية الإسرائيلية

معارك الاستيلاء على الجولان
الضربات البرية الرئيسية
العمليات على الجبهة الأردنية



المبحث الأول

المبحث الأول

إسرائيل من الداخل (الدولة والجيش)

فرضت بعض الأوضاع الجغرافية والديموجرافية على إسرائيل، أن تسلك أسلوباً خاصاً في الدفاع والتعبئة ومجابهة المخاطر، التي وضعت نفسها فيها ككيان ملفوظ في وسط الأمة العربية.

وعندما بدأت دولة إسرائيل في فرض كيانها في المنطقة كواقع جديد، وخصوصاً بعد أن نالت نصراً لا تستحقه عام 1948، ساعدها فيه دول الغرب والشرق مجتمعة، فقد بدأ "بن جوريون" في وضع أسس نظرية أمن إسرائيل نوه عنها في كتابه "بن جوريون يستعيد الماضي" حيث قال: "لقد أصدرت أوامري عام 1949، إلى هيئة الأركان العامة للجيش، بإعداد خطة دفاع شاملة تحمي البلاد في جميع الأوقات، على شرط ألا تستنزف القوى البشرية المطلوبة للاقتصاد القومي، ولتنمية الأراضي الزراعية، وإصلاحها ... وبناء المساكن للمهاجرين الجدد، وإنشاء المدارس والطرق والموانئ والمستشفيات وتعمير النقب. ومع ذلك، فلن تكون لهذه المنشآت أية قيمة لو لم تكن لدينا الوسائل الكفيلة بحمايتها. ومن ناحية أخرى، إذا استخدمنا جميع رجالنا ونسائنا لحمايتها، فلن يتبقى لدينا أحد ليقوم بالأعمال التي تتطلبها التنمية. والنظام الذي توصلت إليه الأركان العامة كان يتضمن أربعة عناصر رئيسية هي:

1. جيش نظامي صغير يتكون من ضباط بصفة مطلقة تقريباً.

2. خدمة وطنية لتجنيد الفتيان والفتيات من سن الثامنة عشرة.

3. احتياطي كبير.

4. مستعمرات زراعية "دفاعية" على الحدود.

وقد نتج عن تلك الحقيقة أن معظم مقاتلينا، هم من رجال الاحتياط المدربين ـ وهي الحقيقة التي جعلتهم جديرين بأن يحملوا اسم جيش الشعب ـ لذلك يمكن تشبيه جيشنا بجبل الجليد العائم، لا يظهر منه سوى جانب صغير فوق السطح، بينما يختفي الجانب الأعظم في الأعماق.

ولقد قام الجنرال "يعقوب دوري" أول رئيس للأركان العامة الإسرائيلية عام 1948، بإرساء الأسس العلمية السليمة لتعبئة القوات الإسرائيلية من وجهتي النظر التخطيطية والتنفيذية، بما يوافق كافة العوامل المؤثرة سواء جغرافية أم بشرية أم اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية.

وحقيقة أن بعض الدول العربية، قد وقعت عام 1949 مع إسرائيل اتفاقيات هدنة، ولكن إسرائيل كانت تعلم أن أهداف الدول العربية الحقيقية هي "القضاء على إسرائيل". نتيجة لعدة عوامل، منها شرعية قيام الدولة، وبنيتها الأساسية، وقيامها في وسط طوفان بشري يضمر لها الكراهية، حيث كانت علاقات القوى الديمجرافية بين دولة إسرائيل وبين الدول العربية التي كانت في حالة حرب معها هي 1 :50 (أي أن التعداد يوازن كل 50 مليون عربي تجاه مليون يهودي) لذلك كان لابد أن تسلك إسرائيل مسلكاً فريداً في تنظيم جيشها على أساس أن كل الشعب جيش.

أولاً: أسس التعبئة في إسرائيل[1]

تبلورت مسألة تعبئة القوات الإسرائيلية في تنظيم إداري للقوى العاملة وأخرى لقوات الاحتياط في رئاسة الأركان العامة، وأقسام لها في قيادات المناطق العسكرية، مع تحديد دقيق ومتطور لفئات ومهن وقدرات أفراد القوات المسلحة بمجرد انتهاء خدمتهم الإلزامية، وكذا حصر وتصنيف الأسلحة والمعدات والحملة المتيسرة في الدولة، والتي يمكن استغلالها بمجرد صدور أوامر الاستدعاء مع الاعتماد في كل ذلك على التصنيف الآلي والعقول الإلكترونية للحصر والمتابعة لحسن استغلال طاقات القطاع المدني طبقاً لحالتها ودرجة صلاحيتها الحقيقية في سد النقص في المطالب وتقسيم درجات التعبئة الجزئية إلى فئات لمقابلة مختلف مستويات الطوارئ التي قد تتعرض لها الدولة، على أحد الجبهات أو أكثر. في نفس الوقت اتبع نظام التعبئة الإقليمي، بمعنى أن تشكل الوحدات من أفراد منطقة واحدة، فمثلاً اللواء الرابع الكرياتي يشكل من أفراد منطقة كريات مائير، واللواء 15 "الهاشيفيلا" فإن معظم أفراده من منطقة "بيت جبرين"، وهكذا.

وحتى تتحقق خفة حركة الأفراد المستدعين، مع ضمان استكمالهم لأدواتهم ومهماتهم فقد توزعت المهمات والأسلحة ومعدات وحملة قوات الاحتياط، فيما بين أصناف يحتفظ بها الفرد الاحتياط في منزله، وأصناف أخرى تحفظ بالمستودع الفرعي بجهة الإقامة، وثالثة بالمستودع الرئيسي بالمنطقة العسكرية، ورابعة بالمستودع العام، وخامسة يستمر استخدامها لخدمة الإنتاج المدني، حتى يصدر أمر استدعائها فتتوجه فوراً إلى المكان المحدد في الأمر (وهذا ينطبق على تعبئة المعدات والمركبات).

وقد بذلت القيادة الإسرائيلية جهوداً ضخمة فيما بين عامي 1956 ـ 1967، لوضع نظام التعبئة موضع التدريب والاختبارات، حتى تحقق فعلاً ما دعي إليه "بن جوريون" بأن تكون القوات المسلحة الإسرائيلية، مثل جبل الجليد العائم.

ثانياً: تكوين قوات الاحتياط

تتكون قوات الاحتياط من أفراد القوات النظامية الذين أتموا الخدمة الإلزامية البالغة "سنتين ونصف للرجال وسنة ونصف للنساء عدا الحوامل"[2]. ومن الضباط الذين أحيلوا إلى التقاعد أو أنهوا الخدمة الإلزامية[3]، وكذا الضباط الذين يخدمون في الرئاسات والأجهزة، ويملكون كفاءات قيادية عالية، تحتم استغلالهم في قيادات ميدانية. هذا علاوة على الأفراد المتطوعين الذين يؤجرون من مسارح الحرب المعاصرة من مختلف أنحاء العالم، ويطلق عليهم "متطوعون" ومعظمهم من اليهود.

ويتعامل مكتب التعبئة العامة بالإدارة العامة التابعة لرئيس الوزراء، وإدارة القوى العاملة بوزارة الدفاع وكذا أفرعها في المناطق العسكرية المختلفة مع كل هذه الأنواع عن طريق مكاتب التجنيد التابعة لها في القدس، وتل أبيب وحيفا وبير سبع، وبيتاح تكفا، وطبرية. ويوجد في كل مكتب منها قسم مختص بالتسريح ورعاية شؤون المسرحين.

وتصنف قوات الاحتياط، وتعدها وتشرف على تدريبها واستدعائها وإعدادها للمعركة شعبة القوى البشرية برئاسة الأركان العامة التي كان يرأسها العميد "ابراهام يوفيه" (وهو الذي قاد مجموعة العمليات الوسطى على الاتجاه التعبوي الأوسط في سيناء بمجرد أن بدأت الحرب). وتعاونها في هذا الشأن كافة أفرع وأقسام رئاسة الأركان، وكذا قيادات المناطق العسكرية الإسرائيلية. كما تعمل في تعاون وثيق معها دائرة الدفاع المدني برئاسة الأركان العامة الإسرائيلية.

ويستمر الفرد الاحتياط، بمجرد إنهاء خدمته الإلزامـية، في خـدمة احتياط الخـط الأول حتى يبلغ سـن التاسعة والثلاثين (لمدة 18 سنة). ثم ينتقل إلى احتياط الخط الثاني ليخدم ستة سنوات أخرى حتى سن 45 سنة، ثم ينتقل لخدمة الدفاع المدني لمدة أربعة سنوات حتى سن 49 سنة.

من واقع حرب يونيه 1967.. فإن الفرد الاحتياط البالغ من العمر 35 ـ 39 سنة، خاض غمار حربي 48، 56، وحصل على تدريب منتظم على امتداد 19 سنة، بلغ مقداره 1100 يوم استدعاء. أي ثلاث سنوات تضاف إلى خدمته الإلزامية، والخدمة الشبه عسكرية التي أعدته لها خدمته في وحدات الناحال وشباب الطلائع في صباه المبكر[4].

أما أفراد الاحتياط "خط أول" الذي تتراوح سنه ما بين 30 ـ 35 سنة، نجد أنه اشترك في حرب 56 فقط، حصل بعدها على تدريب منتظم على امتداد 11 سنة بلغ مقداره 600 يوماً.

 وينطبق نظام استدعاء وتدريب وإمداد قوات الاحتياط على جميع أفرع الأسلحة المقاتلة الإسرائيلية البرية والجوية والبحرية. ويركز الاهتمام الأكبر لتوفير الطيارين الأكفاء وسد النقص فيهم من المتطوعين ذوي المهارات الخاصة، وكذا أفراد الخدمة الأرضية للطائرات والذين يتوقف على كفاءتهم حسن استغلال القدرات القتالية للسلاح الجوي على أفضل صوره، الأمر الذي برز واضحاً في حرب 1967[5].

ثالثاً: قدرة المؤسسة العسكرية الإسرائيلية في التأثير على أركان الدولة

كانت إسرائيل منذ نشأتها دولة عسكرية بالمفهوم المطلق لما يعنيه هذا التعبير.. حيث انخرط الرعيل الأول من مؤسسي الدولة في الكفاح العسكري سواء من خلال المنظمات شبه العسكرية، أو عصابات الإرهاب، أو التجنيد في الفيلق اليهودي في خلال الحرب العالمية الأولى، أو اللواء اليهودي في الحرب العالمية الثانية.. وقد قيمت قدرة الكفاح، والزعامة للقادة الإسرائيليين طبقاً لما بذلوه في النواحي العسكرية، التي أجبروا فيها الفلسطينيين الآمنين من الهرب وترك بلادهم لتقيم عليها إسرائيل دولتها.

ومن هنا فقد احتلت المؤسسة العسكرية دوراً بارزاً داخل المجتمع الإسرائيلي وحولته إلى ما يشبه الثكنة العسكرية، وانصب التخطيط بمختلف أركانه، لخدمة هذه المؤسسة .. ويقول "رفائيل ايتان"، رئيس الأركان السابق، ووزير الزراعة في حكومة الليكود برئاسة "نتانياهو" (1996ـ 1999): "يقع المحللون في الخطأ، عندما يصورون أن جيش الدفاع الإسرائيلي كبقية جيوش العالم، التي تخدم في المقام الأول أهداف بلادها. فالعكس هنا هو الصحيح، حيث تخدم الدولة بكافة مواردها أهداف جيش الدفاع، بل أن كافة المواطنين الإسرائيليين هم جنود في الخدمة الدائمة بجيش الدفاع". وتلك حقيقة، حيث أن الفرد الإسرائيلي ينخرط في العسكرية سواء من خلال منظمات شبه عسكرية ثم التجنيد، ثم قوات الاحتياط بقسميها لمدة 42 عاماً متصلة منذ أن يبلغ سن 12 سنة وحتى يبلغ الرابعة والخمسين من عمره".

في نفس الوقت، وطبقاً لتأثير المؤسسة العسكرية، فإن الجيش الإسرائيلي، هو الذي يعد القيادات السياسية، ودائماً ما تتولى الشخصيات العسكرية المناصب الرئيسية والوزارات في الدولة. وكل قيادة عليا تختار مساعديها من العسكريين حتى تستمر حلقة التواصل. ويرجع ذلك إلى العديد من العوامل أهمها:

1. طبيعة قيام الدولة، الذي بني على قهر وطرد شعب، لكي يتخذ "شعب الله المختار" مكانه الطبيعي في أرض الميعاد، التي تحاط بأعداء من كل جانب.

2. وضع أمن إسرائيل في المقام الأول، واعتماد الفكر الإسرائيلي على القوة كضمان لبقاء الدولة.

3. التربية العسكرية للشعب الإسرائيلي، والتي تشمل مختلف فترات حياته، ومن خلالها يكون ولاءه للجيش باستمرار، ويطبق تعاليمه العسكرية على مجريات الأمور الحديثة في الدولة.. وبروزه في الحياة العسكرية، يضمن له المكان السياسي المرموق على مستوى الدولة.

والجيش في عقيدة قادته هو أداة للدفاع عن الدولة المحاصرة بواسطة العرب. وقد دفعهم هذا الاعتقاد إلى عدة نتائج هامة وهي ضرورة امتلاك قوة عسكرية أكبر من قوة كل الدول العربية المجاورة، وأن يكون لديهم القدرة على الرد السريع والانتقام الخاطف. وأنه إذا جاء السلام، فسيكون نتيجة هزيمة العرب في ميدان القتال. أي "السلام عن طريق القوة".

وفي مقال للجنرال "موشي ديان" في مجلة الشؤون الخارجية "عدد يناير 1955"، بعنوان "حدود إسرائيل ومشاكل الأمن"، بلور فكر الجيش الإسرائيلي في خمس نقاط هي:

1. أن الدولة كلها عبارة عن خط حدود مع دول مجاورة.

2. أن الدولة تعيش في كل لحظة تحت خطر التدمير.

3. أن العدو قد يلجأ إلى سياسة حرب العصابات.

4. أن هدف إسرائيل، هو تحويل خطوط الهدنة إلى خطوط سلام دائم.

5. أن الجيش وحده هو الذي يستطيع حماية إسرائيل.

والسياسة العسكرية الإسرائيلية تختص بها القيادة العامة للجيش، وبالذات فيما يتعلق بالسياسة تجاه العرب، وقد ظهر ذلك بوضوح في فضيحة "لافون"، عندما قام الجيش ببعض العمليات التي لم يكن وزير الدفاع على علم بها على الإطلاق.

وعندما تولى "ليفي أشكول" رئاسة الوزراء ووزارة الدفاع في عام 1963، حدث تطوران هامان: الأول أنه حدث توسع كبير من حيث الميزانية والإنفاق على التسليح. والثاني هو ازدياد استقلال القيادة العامة للجيش، برسم السياسة العسكرية نظراً لجهل أشكول بالمسائل العسكرية. وهو أمر اعترف به شخصياً، ومن ثم لم يحاول التدخل فيه، على عكس بن جوريون، الذي كان يتدخل في شؤون الجيش ويناقش قادته في آرائهم، كما أنه كان قد انشأ "وزارة ظل" داخل وزارة الدفاع نفسها تتكون من بعض المستشارين الشخصيين له، وواحد أو اثنين ممن يثق فيهم في الوزارة، وبعض كبار الضباط.

رابعاً: العقيدة الدينية، وتأثيرها على الفكر العسكري الإسرائيلي

تتحدد نقطة البدء في التاريخ اليهودي، في أنها رؤية دينية توراتية بحتة، فالتاريخ الذي يتلقاه الشعب الإسرائيلي، يؤكد أنهم "شعب الله المختار في أرض مختارة، هي أرض الميعاد". كما أن المنهج الديني، الذي يتلقاه أفراد الجيش، يهدف إلى تطبيق شعار "التوراة والسيف، نزلا معاً من السماء"، ومن ثم فإن هذا الشعار يدفع الجندي إلى قتل الآخرين الذين لا يحملون معه التوراة، أو إلى استعبادهم.

كما تنطلق المناهج الدينية التي تدرس لأفراد الجيش من مفهوم "إيجاد عمود فقري لهذا الشتات من اليهود". فالجيش الإسرائيلي، الذي هو انعكاس للمجتمع يضم حوالي مائة جنس ولغة وقومية وثقافات وتقاليد وعادات مختلفة.. ومهمة الجيش، هي صهر تلك التوليفة المتباينة، في بوتقة واحدة ليخرج بعدها الجندي الإسرائيلي، وكأن الدين اليهودي هو هذا العمود الفقري.

وربما يكون "بن جوريون" هو أصدق ما عبر عن ذلك، في رسالته إلى الجيش بتاريخ 7 نوفمبر 1957، بعد نجاح خطة "قادش" في الهجوم على سيناء، حيث تقول الرسالة: "لقد أنجزتم أشياء، ربما كانت أهم من أية مسألة في السياسة أو الدفاع. لقد أعدتمونا إلى أعظم لحظات حياتنا الحاسمة مجداً في تاريخنا. لقد أرجعتمونا إلى المكان الذي منحنا فيه التوراة، وفيه كلفنا الرب بأن نكون شعباً مختاراً، لقد رأينا أمام أعيننا الآيات التي لا تموت، تحيا من جديد، الآيات التي تنبئنا عن رحيل أجدادنا من مصر، وعن وصولهم إلى صحراء سيناء، تلك الأرض التي عادت إلينا الآن.

وتدعو العقيدة الدينية في جوهرها، إلى إقامة دولة حرب مستمرة، كما أن الرسالة الإنسانية الصهيونية ـ طبقاً لزعمهم ـ هي تحرير الإنسانية بالاستيلاء على الأرض، وبالغزو، ليتم الخلاص القومي لليهود، والخلاص الإنساني العام اللذان يرتبطان ببعضهما، برابطة عضوية لا تنفصل، فمتى حل السلام لليهود، تحقق السلام والسكينة للناس كافة.

تترجم إسرائيل دراسة التاريخ، بصورة عملية لجنود الجيش كافة، من خلال تنظيم رحلات دورية تزور فيها الجنود، جميع مناطق فلسطين، ويسيرون فيها على أقدامهم حتى يتعرفوا على كل مدينة وقرية، وجبل وسهل وواد وطريق ونهر، بل على شكل كل شبر من أرض الميعاد" مستلهمين في ذلك، تعاليم الصهيوني "بول جينيوفسكي Paul Giniewski" في كتابه درع داوود. ومن خلال تلك الزيارات، يسرد لهم القادة تاريخ المعارك والغزوات التي خاضها أجدادهم من اليهود الأوائل، والمقارنة بينهما، وبين المعارك الحديثة في إسرائيل.

وتحتوي التوراة على الكثير من قصص الحروب، وتطبيق اليهود للتكتيكات المختلفة في الحروب، بما فيهم الإرهاب والترويع للآمنين. وهناك سرد لحرب أهل "مديان" في حياة سيدنا موسى عليه السلام، في الإصحاح 31 من سفر العدو، حيث هاجم اثني عشر ألف يهودي أعدائهم، وتم قتل كل ذكر وسبي النساء والأطفال، وقتل كل امرأة عرفت ذكراً أو ضاجعته، وهكذا تذكر التوراة صراحة، أن موسى أمر بقتل الأطفال من أهل مدين، كقدوة، لأن يكرر اليهود من بعده ذلك القتل، (وبلا شك أن هذا يمثل إسفافاً على نبي من أنبياء الله، ولم يذكر القرآن مثل هذه القصص).

وتضيف التوراة في "الإصحاح 23 ـ ع55،56" "إن لم تطردوا سكان الأرض من أمامكم يكون الذين تستبقون منهم أشواكا في أعينكم، ومناخس في جوانبكم، ويضايقونكم على الأرض، التي أنتم ساكنون فيها". ويعني ذلك توصية بطرد الشعوب من أوطانها القديمة. كما تضيف في "التثنية ح/20ع10 ـ 17" "حين تقترب من مدينة لكي تحاربها، استدعها إلى الصلح. فإن أجابتك إلى الصلح، فكل الشعوب الموجودة فيها، تكون لك، وتستعبد لك. وإن لم تصالحك، فحاصرها، واضرب جميع ذكورها بحد السيف. أما النساء والأطفال، وكل ما في المدينة، فكلها غنيمة لك. وأما مُدن هؤلاء الشعوب التي يعطيك الرب نصيبك، فلا تستبعد منها نسمة واحدة".

خامساً: تأكيد ولاء الفرد الإسرائيلي لوطنه

من كل ما ذكر فإن نظام الدفاع عن إسرائيل يتطلب أن يبني الفرد على أسس تربوية شديدة الحساسية يشعر فيها أن ارتباطه بأمن وطنه، هو ارتباط حياة، وأن ارتباطه بجيش الدفاع هو ارتباط عضوي يقضي فيه حياته بالكامل إلى جانب عمله المدني المعتاد.

لذلك فإن الفرد الإسرائيلي "بنات وبنين" يتلقى منذ نعومة أظافره، حقائق وشعارات ويتعلم أسلوب حياة تجعله مؤهلاً لتقبل الحياة في إسرائيل. ومن الشعارات التي يتلقاها، ويلتف حولها الأطفال والشباب الإسرائيلي  الآتي[6]:

·   نحن نولد ولدينا ماضٍ طويل زاهر، وحاضر صعب، وربما لن يكون لنا مستقبل طويل إن لم نساعد في بناء بلدنا، ونحمي وطننا إسرائيل.

·   إسرائيل ليست وطناً عادياً، ولكنه وطن يتطلب ضمانات للبقاء، ولصنع مستقبله وأمنه.

·   الماضي موجود بشدة في دماء الإسرائيليين، كل أسرة ضحت بفرد أو أفراد من أجل بقاء إسرائيل .. وقد أكون أنا الفرد الذي سيضحي مستقبلاً "سواء قتلت أم أصبت". المهم أن تعيش إسرائيل.

·   أبناء إسرائيل، ليسوا كأبناء دول عظمى أخرى، ففي الولايات المتحدة أو فرنسا، يولد الطفل وهو حر في بناء نفسه ومستقبله. ولكن نحن في إسرائيل أبناء الدولة، هي التي تمنحنا الأساسيات والصلاحيات، ويمكن أن تأخذها منا في أي وقت، ولذلك فالدولة تأمرني وأنا ألبي .. وبدون سؤال!!!

·   لأن تكون إسرائيلياً، لا يجب التفكير في القيم المجردة، لأن الدولة تحوي تركيبا ت معقدة، ومليئة بالمتناقضات. لكن يجب أن أصنع بنفسي القيم التي تتمشى مع متطلبات الدولة، وأسير عليها.

·   محظور عليَّ أن أفكر في المستقبل البعيد، ولكن يجب أن ينحصر تفكيري في المستقبل الذي يمكنني أن أصنعه بنفسي، وحتى أبلغ سن التسريح من خدمة الاحتياط (54 سنة).

·   مهمة الدفاع عن الوطن مهمة رئيسية، حتى يكون الشاب مقبولاً من المجتمع.

·   نحن في إسرائيل نمثل حوالي ربع إجمالي سكان مدينة واحدة إلى جوارنا وهي القاهرة: ونعيش في وسط بحر واسع من العرب، لذلك يجب أن يكون لنا تميز خاص حتى نعيش في أمان.

سادساً: الجيش الإسرائيلي أكبر معهد لتعليم الشباب

يمضي "بن جوريون" في إلقاء الضوء على الجيش الإسرائيلي، من خلال كتابه "بن جوريون يستعيد الماضي": هناك مظهر في جيشنا "أي الجيش الإسرائيلي"، قد لا يكون فريداً، ولكنه غير شائع، وهو اندماج القوات الثلاث، البرية والطيران والبحرية، تحت قيادة واحدة، وإذا كنت تكلمت مراراً عن الجيش، فإني كنت أعني القوات الثلاث.

ويجدر بي أن أقول، أننا لا نعرف عن المشاحنات والمنافسات بين القوات الثلاثة، والتي نلحظها في البلاد التي تتبع فيها كل قوة من القوات الثلاثة إلى قيادة ذاتية.

ثم يقول في كتابه "إسرائيل تاريخ شخصي"، الجزء الثالث: "إن قوات الدفاع الإسرائيلية هي أهم عامل من عوامل تقريب التباين القائم بين الطوائف .. إذ تزول كل الحواجز الطائفية من الخدمة العسكرية، ففي الجيش تتوفر أكبر درجة من المساواة، بين أفراد الطوائف المختلفة عنه من أي مكان آخر. وتتوقف إمكانيات التقدم الثقافي والترقي على خصال الجندي الفردية. وفي حالة التحاق جندي بالخدمة العسكرية، فإنه لا يخرج منها إلا بعد تحصيل حد أدنى من التعليم الأساسي. كما أن نسبة الضباط الذين هم من أصل آسيوي أو أفريقي في ازدياد من عام لآخر. ولا يراود أحدهم شعور بأنه أقل حظاً من غيره في الخدمة. وكان الطبيعي أن يؤدي هذا إلى خلق بعض المشاكل، فليس من السهل على الجندي أن يعود لأسرته الجاهلة، أو لأسلوب المعيشة السابق بعد أن يكون قد حصل في الجيش على قدراً من التعليم والوعي الذاتي. ولقد قامت وزارة التعليم ـ في نفس الوقت ـ بإجراءات لمحو الأمية بين كبار السن أيضاً.

سابعاً: الفلسفة الإسرائيلية في الاستفادة من يهود العالم وجمع الشتات

ربما كانت الفترة ما بين عام 1962 وحتى عام 1966، مليئة بالمتغيرات الإسرائيلية، حيث كان هناك اهتماماً داخلياً بإعادة البناء داخل إسرائيل، بما يحقق، أكبر استفادة من إمكانيات يهود العالم، سواء من خلال الهجرة إلى داخل إسرائيل، أو جلب رؤوس الأموال اليهودية للاستثمار داخل الدولة.

وشهدت بداية تلك الفترة، إعلان "بن جوريون" اعتزال الحياة السياسية، في 16 يونيه 1963 واختياره ليفي أشكول ليخلفه كرئيس لوزراء إسرائيل، ولم يكن معروفاً، وقتها، أن اعتزال "بن جوريون"، كان نتيجة لصراع سياسي، تصاعد نتيجة "لحادثة لافون"، وهي تشير إلى شبكة الجاسوسية، التي قُبض عليها في القاهرة عام 1954، والتي عملت على وضع متفجرات في السفارة الأمريكية، والمركز الثقافي الأمريكي بالقاهرة. بقصد تدمير العلاقات بين مصر وأمريكا. وكان لاكتشاف تلك الشبكة والقبض عليها، وقع سياسي خطير داخل إسرائيل استمر حتى بعد استقالة "بن جوريون" عام 1963. وكان السبب المباشر في اعتزال "بن جوريون"، هو خشيته من إدانة "تلميذيه المخلصين" "موشي ديان"، و"شيمون بيريز"، واللذان كانا ستشير إليهما أصابع الاتهام، لو فتح التحقيق في تلك القضية، وكذلك عجز "بن جوريون" من أن يحرك حزب الماباي، والهستدروت الإسرائيلي لإغلاق ملف القضية. وقد تدخلت عناصر حزبية أخرى مثل "جولدا مائير"، "بنحاس سابير" الذي كان يتولى منصب وزير الدفاع عام 1954، ونفى علمه بقضية التفجيرات، كذلك "موشي شاريت" ووجهوا انتقادات حادة إلى "بن جوريون"، وعند ذلك طالب هو نفسه، بفتح ملف القضية، ولكن رئيس الوزراء "ليفي أشكول"، والكنيست، رفضوا ذلك.

في نفس الوقت كانت هناك طفرة في بناء المجتمعات الجديدة، التي شغلها المهاجرون الجدد، والذين أعلن "ليفي أشكول" رئيس الوزراء في 12 سبتمبر 1964 من خلال اجتماع للكنيست خصص لبحث مشاكل الهجرة وتجميع الشتات، وكان هذا الاجتماع يعتبر من أهم اجتماعات الكنيست التي تبحث شؤون الدولة من الداخل.. قال: "إن حجم المهاجرين الذين أمكن استيعابهم منذ قيام الدولة، بلغ ضعف عدد سكانها يوم إعلانها، وهؤلاء جاءوا من كل الدول، وكانوا يتحدثون عشرات اللغات، وهم نتاج ثقافات متباينة في مستوى تطورها، وتراوح مستواهم الثقافي بين الأميين، وبين العلماء وقادة الفكر من الدرجة الأولى، ولقد قام المهاجرون الجدد بالجانب الأكبر، مما أمكن إنجازه في الأعوام الستة عشر منذ قيام الدولة، فقد أقام المستوطنون الجدد الجانب الأعظم من المستعمرات الحضرية والريفية الجديدة وعمليات توسيع المدن القائمة. فمدينة بير سبع التي كانت بلدة صغيرة أصبح عدد سكانها يزيد عن سبعين ألفا، وأقيمت مدن ديمونة، وكيريات جات، بيت شاآن، ومدينة صفد اليهودية، ومدينة يافا اليهودية، وكيريات شمونة، ومراكز حضارية أخرى.

وكانت مسألة تعدد الثقافات واللغات، والمستوى العلمي والحضاري لليهود المهاجرين، والطوائف الأخرى المنتشرة في أنحاء العالم، تشغل حيزاً كبيراً في البحث على المستوى السياسي والاجتماعي، وكان للكنيست الإسرائيلي اهتماماً خاصاً بهذا الموضوع، في نطاق اهتمام رئاسة الدولة. ومما يلفت الفكر الإسرائيلي، أوجد حلولاً مناسبة، لتلك التعددية، بل طور حجم الاستفادة منها لصالح إسرائيل، إلى أعظم درجة، وفي هذا المجال يقول عضو الكنيست الإسرائيلي، وأحد الرعيل الأول من مؤسسي الدولة "يسرائيل ييشاياهو": "أن حكماءنا يقولون أن (من فضل الله على إسرائيل أنه شتت بني إسرائيل بين الأمم). فكل أمة أخرى منيت بالتشتت انتهى أمرها بالتفكك والزوال بالاندماج في الشعوب الأخرى. أما تشتتنا فقد أفادنا كدفاع، وكأمل في أننا سوف نبقى إلى يوم القيامة. فلو قضي على أحد الطوائف، بقيت الطوائف الأخرى لتواصل الحياة اليهودية. ولعله مما يثير العجب هنا، أن جميع أجزاء الأمة، حافظت على وعي وشعور وأسلوب حياة شعب واحد، رغم ذلك التشتت والانفصال لمدة طويلة".

وفي نفس تلك الجزئية فإن أحد أقطاب إنشاء دولة إسرائيل وهو "مردخاي بيبي"، يعدد مزايا وعيوب "تجميع الشتات"، وقال "إذا كانت عملية تجميع الشتات تعد من أمجد ظواهر بعثنا الوطني، فإنها تنطوي على مشاكل، والتقدم فيها بطئ، وغالباً ما يكون شاقاً للغاية. وأنه لمن الصعب علينا أن نسعد بالجوانب المتألقة من المفاخر، ولا نرى الجوانب القاتمة منها. فإذا نظرنا إلى التركيب الاجتماعي الإسرائيلي من ناحية الثقل النوعي وليس من ناحية التركيب الطبقي، فقد نجد العناصر الآتية:

1. طبقة عليا صغيرة من الأشخاص، تشتغل بالعلوم والسياسة والأدب، والجيش والاقتصاد، وتتألف في معظمها من أناس من أصل أوربي، مع عدد صغير من اليهود الشرقيين.

2. طبقة دينية فقيرة مادياً وروحياً، غالبيتها من اليهود الشرقيين مع جزء صغير من الغربيين.

3. طبقة وسطى، تضم الغالبية العظمى من أبناء الأمة، وبها نسبة كبيرة من المواهب والكفاءات والقدرات الشرقية، التي لا تقل بأي حال من الأحوال عن تلك المواهب والكفاءات الموجودة بين الغربيين.

لقد أدى استقطاب الطبقتين الأوليين إلى حجب الضوء عن الطبقة الثالثة، بل وأدى إلى حرمانها من فرصة التنافس على أساس قوتها وقدرتها الفعليتين، ففي الوقت الذي تحظى فيه الطبقة المتوسطة الغربية بتأييد النخبة الممتازة، لا تملك الطبقة المتوسطة الشرقية مثل هذا التأييد. ولما كانت النخبة الممتازة هي القوة الموجهة والحاكمة في المجتمع، ونظراً إلى أن اتصالها بالجماهير يتم عن طريق أفراد ينتمون إلى نفس البلد الأصلي الذي جاءوا منه. فقد قامت عقبات أمام خطوط الاتصال بين النخبة الممتازة، وطبقات المجتمع من الشرقيين. وعلى هذا النحو تزداد الهوة بين الطوائف اتساعاً.

ومع وجاهة وعمق الرأي الذي سبق طرحه عن الفوارق في المجتمع بين اليهود الشرقيين والغربيين، والتي كانت تتسبب في إحداث شرخ هائل في بنية المجتمع الأساسية، إلا أنه كان هناك رأياً آخر، عبر عنه عضو الكنيست الإيراني الأصل "موردخاي زير"، الذي قال: "لولا المهاجرون الذين جاءوا من أوروبا ـ وأقول هذا بوعي ومسؤولية ـ لما ظهرت دولة إسرائيل إلى الوجود أبداً، فدون هذا السيل المتدفق من الرواد ممن لهم خبرة فنية، وتعليم، وخبرة سياسية، وصلات دولية، لما تأسست دولة إسرائيل أبداً. ومع ذلك أعتقد أنه ستكون نكبة لو اعتبر اليهود الأوروبيون، أن من حقهم الاحتفاظ بالخصائص السلبية التي اكتسبوها في البلاد التي نشأوا فيها أصلاً. والجدير بالذكر، أنهم لا يزالون يحتفظون بتلك الخصائص".

ولقد استمرت مناقشات الكنيست بشأن "استيعاب وأقلمة وجمع المهاجرين القادمين من مختلف الدول لمدة 128 يوماً "من 12 سبتمبر 64، وحتى 18 يناير 1965" . حيث أصدر الكنيست قراره الهام، والذي لا يزال يعمل به حتى الآن كأساس لاستيعاب المهاجرين الجدد، ويحوي بين فقراته:

1. يعبر الكنيست عن أمله ورغبته في استمرار جهود استيعاب المهاجرين الجدد وأقلمتهم داخل الحياة الإسرائيلية.

2. يرى الكنيست، أن المشاركة الكاملة من جانب كل الأشخاص القادمين من دولة المنشأ "Countries of Origin" "بما يعني دول المهجر". شرط لا يمكن الاستغناء عنه من أجل البقاء، وتوفير الرفاهية للمجتمع والدولة. ويجب توسيع نطاق تلك المشاركة في كل ناحية من نواحي الحياة الوطنية، العامة والخاصة، بما في ذلك التمثيل والمشاركة في السلك الدبلوماسي، ووظائف الخدمة المدنية، وفي القطاعين الاقتصاديين، العام والخاص.

3. يناشد الكنيست الإسرائيلي، الشعب ـ في كافة قطاعات الحياة ـ بأن يتمسك في حياته الخاصة والعامة "بالتوجيهات والإرشادات التي تتعلق بتجميع الشتات "Exiles" وتوحيد الطوائف، حتى يتسنى تعميق الوعي بالوحدة لدى شعب إسرائيل، وبالحقوق المتساوية التي تكفلها الدولة لكل فرد وجماعة بها.

ومن تلك القرارات الهامة للكنيست، كانت أعين الساسة الإسرائيليين، تتجه أساساً إلى يهود الاتحاد السوفيتي، الذين وصفوهم بأنهم "معزولين عن بقية الأقليات اليهودية الأخرى في جميع أنحاء العالم، وأن المعابد اليهودية في أنحاء الاتحاد السوفيتي مغلقة، ولم يبق مفتوحاً منها إلا عدد قليل جداً".

هل المجتمع الإسرائيلي، كان ينعم بالاستقرار في الداخل؟؟

لا شك أن وجود مهاجرين من 47 دولة مختلفة في إسرائيل، كان يؤثر بالسلب على الأمن والاستقرار داخل إسرائيل، برغم محاولات الحكومة الإسرائيلية تحسين الصورة لواقع متأزم[7]، وقد عرض تقرير أمني على الكنيست الإسرائيلي في يونيه عام 1965 يحدد الصورة الواقعية للمجتمع من الداخل خلال العام المنصرم (1964) حيث تشير فقرات من التقرير إلى الآتي:

1. أن حجم القوة البشرية في إسرائيل كان عام 1963 حوالي 000 429 2 نسمة، زاد عام 1964 إلى 000 523 2 نسمة.

2. عالجت الشرطة مليون شكوى ومخالفة وأنواع أخرى من القضايا.. "أي بنسبة 40% من تعداد السكان.. من بين هذا العدد كان هناك:

أ. 75917 جناية وجنحة.

ب. 380150 مخالفة مرور

ج. 18590 حادث مرور

د. 187000 حادثة من مختلف الأنواع

هـ. تم إلقاء القبض على 72233 شخص "بنسبة 3% من السكان.. بتهمة عدم تسديد ما عليهم من ديون.

و. تم استدعاء 198286 حالة أمام المحاكم . بنسبة 8% من السكان.

ز. وتلقت الشرطة 30598 إخطاراً عن فقد ممتلكات.

ح. ارتكب 58312 شخص جرائم "من بينهم 17910 من الأحداث القصر منهم 16593 ولداً، 1317 بنتاً. اتهموا بارتكاب 38700 جناية وجنحة.

ط. قام قسم التحقيقات في جرائم النازي بالتحقيق في 55 قضية جديدة، منها 40 في قضية بناء على طلب من الخارج، وتم خلالها استجواب نحو 2448 شاهداً أرسل منهم 96 شاهداً للإدلاء بأقوالهم في ألمانيا والنمسا، ووجهت الدعوة إلى 202 شاهداً من الخارج للإدلاء بشهادتهم داخل إسرائيل.

ي. كان حجم قوات الشرطة الإسرائيلية خلال ذلك العام 7445 شخصاً بمعدل 2.5 شرطي لكل ألف مواطن إسرائيلي.

ك. كان لدى إسرائيل 6 سجون منها سجن خاص بالنساء.

وإذا كانت حالة الدولة، على هذا الشكل من التصادم، فإن قمة الدولة، كانت تعكس ذلك تماماً، في التصادم والتصارع، وربما تكون الأزمة التي شهدتها أروقة الكنيست الإسرائيلي في 23 يونيه 1965، أكبر دليل على[8].


 



[1] هذا الأسلوب في التعبئة كان يطبق حتى عام 1967، نتيجة لخبرات التعبئة عام 1956، والذي واجه صعوبات عديدة ثم  تطور فيما بعد ذلك، وخصوصا بعد حرب يونيه 67، ثم تطور جذريا بعد حرب أكتوبر 1973

[2] مدة الخدمة هذه كانت قبل عام 1967، أما الآن فقد أصبحت ثلاث سنوات للشباب، وسنتين للفتيات

[3] الخدمة الإلزامية للضابط خمسة سنوات تجدد تلقائيا إلا إذا طلب تسريحه أو تم الاستغناء عنه

[4] ينتظم الصبية في إسرائيل من سن 12 سنة في منظمات الشباب الطلائعي التي تغرس فيهم بجدية وبطريقة هادفة روح الريادة والكفاح، وتوفر لهم الثقافة والعلم العسكري ثم تمد بهم منظمات الناحال التي تعدهم بأسلوب علمي مدروس للخدمة الإلزامية العسكرية وهناك أربع منظمات تباشر هذه الواجبات وهي:ـ كتائب الشباب `الجدناع`: وهي تجند الشباب والفتيات من سن 16-18 سنة، والخدمة فيها إجبارية على طلبة وطالبات التعليم العالي فقط. ويتبع الجدناع بعض المدارس العسكرية الفنية التي يلتحق بها الشباب من سن 14 سنة ويتخرجون في سن 18 سنة برتبة رقيب مهني.ـ قوات الشباب الطلائعي المحارب `الناحال`: وتجمع بين التدريبات العسكرية الشاقة وبين أعمال الزراعة واستصلاح الأراضي كذلك في المجال الصناعي.. ويتم اختبار النابهين من هؤلاء الشباب ليمنحوا تعليما عاليا مجانيا ويعملوا ضباطا في مراكز فنية خاصة بالقوات المسلحة. ـالقوات الإقليمية `الحامار`:القوات الإقليمية `الحامار` وتضم أفراد كافة المزارع والقرى والبلدان الصغيرة. ـإدارة الصناعات الحربية `نعاز` وإدارة البحوث والتطورات العسكرية `حميميد` : ويتبعان جبهة الدفاع القومي، وتقوم بتأهيل الأفراد المنضمين إليها للخدمة العسكرية وتدريبهم على استخدام الأسلحة والمعدات المستولى عليها.

[5] تستمر فترة الاحتياط للطيارين حتى سن الأربعين، يعمل بعدها في التوجيه الأرضي

[6] الفيلم الإسرائيلي التسجيلي الذي عرض على القناة التليفزيونية رقم 3 في ذكرى مرور30 عاماً على حرب يونيه 1967

[7] للأسف الشديد، لم تكن السياسة العربية، تهتم بما يحدث داخل إسرائيل، ولا تهتم بدراسة الواقع الإسرائيلي لوضع خطة لاستغلاله، ولكن كان يؤخذ دائما بالهالة التي تسر بها الدعاية الإسرائيلية، والتي تصور الاستقرار والقوة الداخلية، وهذا كان عكس الواقع تماما

[8] ذلك كان ثلاثي القمة بن جوريون `الرئيس السابق للوزراء لمدة 15 عاما متصلة`، ليفي أشكول رئيس الوزراء المنتخب، ومناحم بيجين `زعيم كتلة جحال المعارض وقتها`.. هم أقطاب ذلك الصراع، والذي بدأ ببيان لأشكول ينتقد فيه بن جوريون بطريق غير مباشر وبدون ذكر اسمه، حيث تصدى له ـ أولا ـ بيجين يطلب التحقيق البرلماني في كل ما ذكره رئيس الوزراء من اتهامات لسلفه، ثم جاء دور `بن جوريون` ليطالب رئيس الوزراء بأن يقول كل ما عنده.. إذا كان عنده شيء!!.. وقد أدى هذا الصراع، الذي تبودلت فيه الاتهامات على مدى 27 يوما، أن يصدر الكنيست قانون `التشهير والقذف` والذي يضع تعريفا لكل من تلك الكلمتين، ويحدد الإدانة في كل منهما

[9] عقدت القمة الأولى في القاهرة 13-17 يناير 1964، والقمة الثانية في الإسكندرية في 18 سبتمبر 1964

[10] حاول مؤيدو بن جوريون وعلى رأسهم موشي ديان، وشيمون بيريز تزكية بن جوريون لخوض الانتخابات على رأس حزب الماباي، مستندين على أن بن جوريون، هو الرجل القوي الذي يمكنه إعطاء دفعة للجيش وله القدرة على مواجهة المشاكل المتوقعة على العرب بخصوص تحويل مجرى نهر الأردن، ولكن الحزب، اختار أشكول بنسبة 60% بينما لم يحصل بن جوريون على سوى 40 % فقط من الأصوات. وقد ترتب على ذلك استقالة بن جوروين من الحزب وتشكيل حزب جديد بالتعاون مع كل من ديان وبيريز تحت مسمى رافي `تحالف عمال إسرائيل` وضم أعضاء كثيرين من الشباب، ولكن هذا الحزب لم ينجح أيضاً في الانتخابات التي أجريت في يونيه 1965

[11] سفر الخروج، 23-31

[12] كان اسم مصر، وقتها تحت مسمى `الجمهورية العربية المتحدة` منذ إعلان الوحدة مع سورية، في 21 فبراير 1958 ولم يتغير الاسم، برغم الانفصال في سبتمبر 1961

[13] أعتقد أن `روح` ذلك الخطاب، يمثل السياسة الرئيسية التي تقوم عليها إسرائيل حتى الآن

[14] ويأتي خطاب أشكول، الذي يحمل في طياته إشارات السلام، وتهديدات الحرب، في أدق مرحلة في تاريخ الأمة العربية، وفي عقب اجتماع القمة العربية في الدار البيضاء بالمغرب في 13 سبتمبر 1965، والتي أشاعت فيها إسرائيل، أن العرب قد وضعوا استراتيجية للحرب، وإبادة إسرائيل، علما بأن الواقع كان غير ذلك تماما.. والمعروف تاريخيا، أن ليفي أشكول، هو أكثر رئيس وزراء إسرائي على الإطلاق، الذي حرص على تكديس أسلحة في إسرائيل، ودعم البنية الأساسية في الصناعات العسكرية الإسرائيلية، واستمر في تكثيف البرنامج النووي الإسرائيلي. ومن هنا، فلا يجب أن تؤخذ إشارات أشكول في اتجاه السلام، مأخذ الجد