إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / حرب عام 1967، من وجهة النظر الإسرائيلية





مهام القوات الإسرائيلية
معركة أم قطف الثانية
معركة القدس
معركة رفح
معركة كمين بير لحفن
الضربة الجوية الإسرائيلية

معارك الاستيلاء على الجولان
الضربات البرية الرئيسية
العمليات على الجبهة الأردنية



المبحث الرابع

المبحث الرابع

الاستعدادات النهائية للحرب

"1 ـ 4 يونيه 1967"

بإعلان حكومة الائتلاف الوطني، فقد عقد مجلس الوزراء الإسرائيلي أول جلسة له تكلم فيها "مناحيم بيجين" الذي أصبح عضواً في الوزارة، وازدحمت كلماته بمقتطفات من التوراة وكان "أشكول" الذي تهللت أساريره (بعد انتهاء الأزمة السياسية)، يقاطعها بكلمة آمين. آمين ثم تكلم رئيس الأركان ليشرح الموقف العسكري، وليبدأ كلامه "أننا لو قمنا بهجومنا منذ خمسة أيام، لكان ذلك في صالحنا تماماً، كما قدم وزير الخارجية "آبا إيبان" تقريراً عن الجبهة السياسية. كما تم تعيين "زفي تسور" أحد رؤساء الأركان السابقين مساعداً لوزير الدفاع، وتعين "شيمون بيريز" كمستشار في وزارة الدفاع. وكلاهما تتحدد مهامه في الشؤون المدنية المتعلقة بوزارة الدفاع.. أما الشؤون العسكرية فتكون من مسؤولية الجنرال "ديان"، والجنرال "اسحق رابين"، رئيس الأركان.

وقد كانت النظرة السياسية ـ العسكرية "للعدو" طبقاً لما لخصها "ديفيد بن جوريون" في كتابه "إسرائيل تاريخ شخصي". والتي تحمل في طياتها أسلوب تتبع القيادة الإسرائيلية التحركات العربية على كل الجبهات كالآتي:

"بعد حملة سيناء سنة1956، كرر "عبدالناصر" مراراً أن الحرب مع إسرائيل أمر لا مفر منه لكنه لن يشنها إلا إذا كان واثقاً من النصر. وكلما ازداد تأييد الاتحاد السوفيتي للعرب تعاظمت ثقة "عبدالناصر" بالنصر. وكانت ثقته بالقادة السوفييت تفوق ثقته "بخروشوف" لأنه اعتقد أو تصور أن "خروشوف" كان تواقا لوفاق مع الولايات المتحدة الأمريكية ولم يكن معادياً لإسرائيل بشكل لا سبيل إلى تغييره. وبالإضافة إلى ذلك، فليس من المؤكد إمكان إلحاق الهزيمة بإسرائيل طالما أن لها أصدقاء مثل الولايات المتحدة الأمريكية.

"عاد خلفاء "خروشوف" ببلادهم إلى طريق الستالينية وفترت العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية. ولم يخف الزعماء السوفيت الجدد عداءهم لإسرائيل ووطدوا علاقاتهم بسورية ومصر ومعظم الدول العربية عاماً بعد آخر".

"وكانت الصين الشيوعية صديقاً آخر انضم إلى حلقة أصدقاء العرب. فلقد تعاظمت مكانتها الدولية رغم استبعادها من عضوية الأمم المتحدة. وأدت الأسلحة الوفيرة التي تلقاها "عبدالناصر" من روسيا، والأعداد الكبيرة من الطلبة والضباط المصريين الذين يتلقون العلم في الجامعات الشيوعية إلى جعله يعتقد أنه يستطيع أن يهزم إسرائيل، ولم يكن هناك سبيل أكيد لاستفزاز إسرائيل إلى الحرب أفضل من إغلاق مضايق إيلات. وكان "عبدالناصر" يعرف أن غالبية الدول البحرية كانت قد وعدت إسرائيل بأن تعلن في الأمم المتحدة أن الملاحة البريئة في مضايق إيلات حق دولي ويمكن الدفاع عنه بالقوة وفقاً للمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة في حالة استخدام القوة في منع مباشرة هذا الحق. لكنه كان يعرف أيضاً قيمة البيانات والوعود التي تصدرها الدول في أمور لا تؤثر على مصالحها الحيوية الذاتية.

"وقد تمادى في استخفافه بالتأكيدات الودية التي كانت تصدرها الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية ومؤداها أن القانون الدولي العام والدول الغربية تضمن حقوق إسرائيل، وذلك ثقة منه في تأييد الاتحاد السوفيتي والدول الشيوعية الأخرى له. وكانت لديه مبررات كافية لذلك الاستخفاف: فلم يحرك أحد ساكنا لحمل مصر على فتح قناة السويس أمام الملاحة الإسرائيلية بالرغم من أن مجلس الأمن أكد مرتين حرية الملاحة الإسرائيلية. وكانت لديه أسباب كافية للاعتقاد بأنه إذا نجح في طرد قوات الطوارئ الدولية التي تحمي حرية الملاحة الإسرائيلية من شرم الشيخ ثم مارست إسرائيل بعد ذلك حقها في الدفاع عن نفسها بالقوة، فإنه سيدمر إسرائيل في آخر الأمر، وهو الإنجاز الذي لو تحقق فقد يمكنه هذا من السيطرة على الدول العربية. والذي جعله واثقاً من هزيمة الدولة اليهودية في آخر الأمر هي كميات الأسلحة الهائلة والتدريب العسكري الذي وفرته له روسيا والدول الشيوعية الأخرى".

أولاً: خطوات استعداد مصر للحرب

إن الإجراءات التي اتخذها "عبدالناصر" في الأسابيع الثلاثة السابقة لحرب الأيام الستة تعكس مدى ثقته بالنصر. ففي 16 مايو أعلنت مصر حالة الطوارئ وأمرت قواتها المسلحة بأن تكون في "حالة استعداد كامل للحرب" وتم إعداد كل القوات المسلحة للعمل، وبدأت تتحرك صوب الحدود الإسرائيلية. وفي 17 مايو أعلنت القاهرة ودمشق أن مصر وسورية مستعدتان للمعركة".

وتوجهت قوات مصرية كبيرة شرقاً إلى سيناء. وأعلن في عمان القوات الأردنية قد عبئت. وفي 18 مايو أذاع راديو القاهرة أن القوات المصرية والسورية في حالة تأهب قصوى بينما أعلن العراق والكويت التعبئة العامة. وفي 19 مايو انسحبت قوات الأمم المتحدة رسمياً من قطاع غزة وشرم الشيخ، وأنزل علم الأمم المتحدة في غزة. وفي اليوم نفسه زادت كثافة الاستعداد العسكري المصري.

وقد تقرر، عقب مشاورات تمت بمركز قيادة القوات البحرية المصرية، إبحار غواصتين ومدمرة وأربعة زوارق صواريخ من قاعدتها في البحر الأبيض لاعتراض سبيل السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر. وفي 20 مايو وصلت إلى شرم الشيخ قوة مصرية تتألف من كتيبة مظلات، ولواء مشاة، كما وضعت مدفعية سوفيتية الصنع بعيدة المدى عيار 130مم. وسحبت عدة ألوية مصرية من اليمن ونقلت إلى سيناء. ووصل العدد الإجمالي للقوات المصرية بسيناء إلى ثمانين ألفا وكانت عبارة عن فرقتين مدرعتين، وخمس فرق مشاة، ووحدات مشاة آلية، ووحدات مدفعية. وقد قال المشير "عامر" لجريدة الأهرام، (وهو الذي انتحر أو اغتيل فيما بعد الهزيمة العربية): "لقد أخذت قواتنا المواقع التي تمكنها من الرد والردع. فقد حان الوقت لأن نضع نهاية لسياسة الغطرسة والتبجح التي يتبعها عدونا، وهي سياسة تقوم على التعاون بين القوى الرجعية الغربية والإمبريالية وعلى الدعم الأمريكي المتزايد وعلى اعتقاد مخطئ بأن انشغال القوات المصرية في اليمن يحد من قدرة الرئيس "عبدالناصر" على المناورة. ففي الفترة الأخيرة، جاوز العدو كل الحدود في تهديداته واستعداداته للقيام بعدوان مسلح ضد سورية. إن قواتنا المسلحة على استعداد الآن لتوجيه ضربات قاصمة للعدو الصهيوني. وسوف تقوم القوات المحتشدة الآن ضد العدو الصهيوني بسحق أي غزو معاد على أية جبهة وفي أي اتجاه، وسوف نضرب بشجاعة".

وفي 21 مايو أعلن "أحمد الشقيري" أن ثمانية آلاف مقاتل فلسطيني قد وضعوا تحت قيادة مصر وسورية والعراق. وفي مصر استدعي الاحتياط. وأعلنت القاهرة في 22 مايو أن الرئيس قبل عرضاً من الجيش العراقي والقوات الجوية العراقية بمساعدته في الحرب. وأعلن "الملك فيصل" ملك المملكة العربية السعودية بلندن في 23 مايو أنه أصدر أوامره للقوات السعودية للتعاون في الحرب ضد العدوان الإسرائيلي. وأعلن الأردن في 24 مايو[1]. أن التعبئة العامة قد استكملت وأن الحكومة سمحت للجيشين العراقي والسعودي بدخول الأردن. وأخذ عشرون ألفاً من القوات السعودية مواقع على طول الحدود الأردنية السعودية. وفي 26 مايو أعلن "عبدالناصر" في القاهرة أن إسرائيل سوف تسحق تماماً إذا ما اندلعت الحرب. وقال أن العرب مستعدون وقادرون على تحقيق النصر.

وفي 28 مايو أعلنت حالة التعبئة العامة في السودان، وأعلنت الجزائر في 29 مايو أن وحدات من جيشها قد نقلت إلى الشرق الأوسط للوقوف إلى جانب مصر. وفي 30 مايو وقعت مصر والأردن ميثاقاً عسكرياً. وفي 31 مايو تحركت القوات الجوية العراقية من قاعدتها في الحبانية إلى قاعدتها في أقصى الطرف الغربي من العراق وهي ليست بعيدة عن إسرائيل. وفي 3 يونيه أصدر "الفريق مرتجي" القائد المصري الأمر اليومي التالي للقوات في سيناء:

"لقد جرى حشد قواتنا طبقاً لخطة محددة تماماً. ونحن مستعدون تماماً لنقل الحرب إلى ما وراء حدود مصر. وستكون نتيجة هذه الخطة العظيمة ذات أهمية تاريخية لأمتنا العربية وللحرب المقدسة. لقد انتظرنا هذا اليوم طويلاً لنعيد الأرض المغتصبة إلى أصحابها الشرعيين. ولقد سئلت: متى سيحين الوقت للجهاد (الحرب المقدسة)؟ وكان ردي: الآن".

وفي 4 يونيه 1967 وقعت مصر معاهدة عسكرية مع العراق. وأوضح راديو القاهرة في الساعة 10:15 مساء أهمية تلك المعاهدة قائلاً: "أن الجيوش العربية تحيط الآن بإسرائيل بكل معنى الكلمة. ولو أضفنا إلى ذلك معاهدة الدفاع المشترك بين مصر وسورية، فسوف نرى تماماً كيف أن إسرائيل محاصرة".

أرسلت الحكومة الأمريكية "تشارلز يوست" مبعوثاً خاصاً إلى مصر، والجدير بالذكر أن الحكومة الأمريكية كانت قد تعهدت في سنة 1957 بضمان حرية الملاحة في مضايق إيلات. لم يستقبله "عبدالناصر"، إنما التقى فقط "بمحمود رياض" وزير الخارجية دون أن يسفر ذلك اللقاء عن أية نتائج. وفشلت محاولات تعبئة الدول البحرية التي تعهدت بضمان حرية الملاحة في سنة 1957، بل أن فرنسا أعلنت أنها لا تعتبر نفسها ملتزمة بأي شئ تجاه أي طرف من أطراف النزاع. أما بريطانيا فلم ترغب في تضمين الإعلان المشترك النص على أن الدول الموقعة عليه مستعدة لضمان حق المرور".

لم يكن أمام إسرائيل إلا أن تتصرف وقفاً للمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة التي تعترف: "بحق كل دولة عضو من أعضاء الأمم المتحدة في الدفاع الشرعي عن النفس"[2].

ثانياً: التعبئة الإسرائيلية لمجابهة الموقف

كان هناك تعبئة عسكرية محدودة في إسرائيل قبل منتصف مايو 1967، بهدف الاحتفال بعيد استقلال الدولة (كهدف معلن). والضغط السياسي في اتجاه سورية (كهدف غير معلن). وقد قامت القوات المسلحة الإسرائيلية بإجراء العرض العسكري في يوم الاستقلال لأول مرة في مدينة القدس الجديدة (القدس الغربية). واستمرت تلك التعبئة مع تصاعد حدة الأزمات السياسية ـ العسكرية.. ويمكن القول، أن خطة التعبئة الإسرائيلية، وتوجيه الحشود إلى أماكن عملها المنتظر، تمت من خلال ثلاث مراحل رئيسية:

المرحلة الأولى:  واستغرقت الفترة من "15 ـ 22 مايو 67" وكانت بهدف تأمين الجبهة الجنوبية الإسرائيلية، من أي تهديد مصري.. وقد شملت العديد من لواءات المشاة / الآلية وكتائب الناحال، وكتائب المدرعات المستقلة، وحرس الحدود.

المرحلة الثانية:  واستمرت في الفترة من "23 ـ 31 مايو 67" وكانت تهدف إلى تكوين حشد رئيسي في مواجهة الجبهة المصرية، والاستعداد لشن عمليات تعرضية محدودة ضد قطاع غزة، للمساومة به في حل مشكلة خليج العقبة، مع الاستعداد لصد الهجوم المصري "المتوقع" في النقب، قبل توغله في عمق الدولة.

المرحلة الثالثة:  (1ـ 5 يونيه 1967): بدأت تلك المرحلة بتحول التصميم الإستراتيجي لإسرائيل، إلى العمل التعرضي الشامل على جميع الجبهات المحيطة بها، وتميزت بأنها تمت تحت سيطرة الجهاز العسكري الذي فرض إرادته على السلطة السياسية في إسرائيل[3].

ثالثاً: التخطيط الإسرائيلي للحرب

مع تصاعد الأزمة، وإحساس "موشي ديان"، أنه قد يكون له دوراً رئيسياً فيها، فقد حرص على طلب الاستئذان في زيارة وحدات الجبهة الجنوبية، والاطلاع على الخطط حيث تمت تلك الجولة في الفترة من 23 ـ 30 مايو 1967. استعاد خلالها ديان نشاطاته العسكرية، والتي كانت قد توقفت منذ عدة سنوات عقب خروجه من الخدمة العسكرية في عام 1960 وسلك الطريق السياسي بتعيينه كوزير للزراعة، ثم عضو في الكنيست. وقد خرج ديان باعتبارين رئيسيين خلال تلك الزيارة، وهي أن الخطة العسكرية الموجودة وقتها، والتي كان مقدراً لها أن تبدأ يوم 26 مايو طبقاً (لتبليغ عيزرا وايزمان) رئيس العمليات له، ولم يتم ذلك لأسباب سياسية.. تتحدد في الاستيلاء على غزة، في مقابل المقايضة على فتح مضيق تيران لعبور السفن الإسرائيلية، والآخر هو أن كل تأخير في توقيت بدء الهجوم، يمثل خسارة لإسرائيل، وقد يحرمها من توجيه الضربة الأولى، بل قد يعرضها إلى أن تواجه الضربة الأولى التي تشنها مصر والعرب، والتي من الممكن أن تحدث خسائر كبيرة في إسرائيل مادياً ومعنوياً.

وقد كان هناك العديد من الإجراءات التنظيمية، التي صاحبت وضع الخطة الجديدة، والتي تعرضت لتعديلات كثيرة، بعد تعيين الجنرال "موشي ديان" وزيراً للدفاع. ومن تلك الإجراءات: تنظيم علاقة وزير الدفاع برئيس الوزراء، وقد تولى تنظيم تلك العلاقة الجنرال الاحتياط "إيجال يادين"، وهو رئيس أركان سابق للجيش الإسرائيلي، وكان يعمل أستاذاً للآثار في الجامعة العبرية خلال عام 1967. حيث كانت هذه هي المرحلة الثالثة في تاريخ إسرائيل القصير، التي يتم فيها فصل منصب وزير الدفاع عن رئاسة الوزارة.

وكانت المرة الأولى في الفترة من 1953 إلى 1955، أثناء اعتزال "بن جوريون" المؤقت وتولي "موشي شاديت" رئاسة الوزارة، وتعيين "بنحاس سابير" وزيرا للدفاع. والثانية من فبراير إلى نوفمبر 1955، عندما عاد "بن جوريون" كوزير للدفاع في حكومة "شاريت". على أنه لم يحدد ولم يعلن أو حتى يناقش مطلقاً أي تقسيم واضح للسلطات بين رئيس الوزراء ووزير الدفاع. وكان هذا التحديد مطلوباً بصفة الخاصة هذه المرة لسببين:

·   أن فصل المنصبين يحدث عشية الحرب.

·   أن "موشي ديان" تعين وزيرا للدفاع على غير رغبة رئيس الوزراء.

وكانت النقاط الرئيسية في فصل السلطات هي: "ألا يتصرف وزير الدفاع بدون موافقة رئيس الوزراء، عند شن الحرب ضد أي دولة أو مهاجمة أي دولة لم تشترك حتى تلك اللحظة في الحرب. وينفرد وزير الدفاع بإصدار أمر قصف أية دولة معادية، ما لم تكن تلك الدولة، قد قصفت أولاً المدن الإسرائيلية".

1. الاعتبارات الرئيسية في وضع الخطة

حدد "موشي ديان"، بصفته وزيراً للدفاع، ثلاثة مبادئ رئيسية لبلورة الخطة الجديدة بحيث أخذها في الاعتبار، وهي تتعلق بالوقت وبخطط العمليات نفسها، وهي:

أ. أنه إذا كنا سنخوض الحرب، فلن يكون الانتظار في صالحنا، لأن المصريين يقومون بتحصين دفاعاتهم في ذلك الوقت.

ب. أن مدة الحملة ـ إذا انتصرنا ـ ستكون محددة، نظراً لحتمية صدور قرار من مجلس الأمن، وفرض ضغط من جانب الدول الكبرى لوقف الحرب. وإذا اضطررنا إلى التوقف في منتصف الحملة، قبل القضاء على الجيش المصري في سيناء، فإن انسحابنا بعد ذلك، تحت الضغط السياسي، سوف ينظر إليه أنه فشل.

ج. ينبغي أن تسير الحملة على مرحلتين: الأولى، تشمل الاستيلاء على شمال سيناء والثانية، الاستيلاء على المضيق وشرم الشيخ. فإذا انتهت المرحلة الأولى بانتصارنا، فيمكننا أن نمضي لتنفيذ المرحلة الثانية، وإذا لم ننتصر، فلن نتمكن من شن قتال في جنوب سيناء.

2. تضارب الآراء في تحديد هدف الخطة

في اجتماع مصغر ضم رئيس الوزراء ـ وذلك تحضيراً للجنة الدفاع التي ستنعقد في اليوم التالي ـ مع "موشي ديان، و"اسحق رابين"، و"إيجال آلون"، تعارضت أفكار "موشي ديان" وزير الدفاع، مع "إيجال آلون" وكانت وجهة نظر "ديان" التي عرضها هي: "أنه ينبغي أن نشن هجوماً عسكرياً دون إبطاء، وإذا اتخذ مجلس الوزراء هذا القرار في جلسته التالية "يوم4 يونيه".. فيجب أن نبدأ الهجوم في صباح اليوم التالي، ويجب أن يكون الهدف من عملنا هذا هو تدمير القوات المصرية المحتشدة في وسط سيناء، ويجب ألا يكون لنا هدف جغرافي، مهما كان نوعه. وينبغي عدم إدراج قطاع غزة في خططنا الخاصة بالقتال إلا إذا دخلت القوات العراقية، واحتلته طبقاً لما سبق من تهديد وتستمر الحملة ما بين ثلاثة إلى خمسة أيام".

وتلخصت آراء "إيجال آلون" "التي تضاربت مع فكر موشي ديان" في الآتي: "الموافقة على فكر "موشي ديان" من حيث المبدأ، على أنه يجب أن نقترب من قناة السويس، لكي تشكل تهديداً لها، وسوف يتضح حينذاك أن في استطاعتنا إغلاقها لو قام المصريون ثانية، بإغلاق مضيق تيران.. في نفس الوقت ينبغي الاستيلاء على قطاع غزة، ووضع خطة لنقل اللاجئين الفلسطينيين الموجودين هناك، إلى مصر.

ولقد اعترض "موشي ديان" على تلك الفكرة، بناء على وجهة نظره تتحد في الآتي:

أ. أن الاقتراب من قناة السويس وتهديدنا لها سيكون خطأً جسيماً. فسوف يؤثر ذلك على مصالح دول قوية في العالم. ويجعل بعض أصدقاء هنا ينقلبون علينا، ولذلك يجب أن نتجنب الاقتراب كثيراً من القناة، وألا نتخذ التهديد بإغلاقها، أداة سياسية.

ب. أن نقل اللاجئين إلى مصر، فهو من الأمور الصعبة، ويتطلب موافقة مصر أولاً، وألا سيكون عملاً همجياً وغير إنساني. بل العكس هو المطلوب بأن نضمن استمرار اضطلاع منظمة غوث وتشغيل اللاجئين التابعة للأمم المتحدة بمسؤولية إدارة شؤون الفلسطينيين. وربما يكون ذلك ليس من السهل إجراءه، إذ من المحتمل أن تؤدي عملياتنا في سيناء إلى عزل القطاع عن مصر، وسوف يتعين عندئذ على منظمة غوث اللاجئين أن تتلقى إمداداتها عن طريق إسرائيل وقد لا توافق المنظمة على هذا الترتيب.

أما الخطة الخاصة بسيناء، والتي تبلورت وعرضت في مساء نفس اليوم، فكانت محددة في الآتي:

أ. التغلغل على طول أربعة محاور، منها محوران متوازيان في منطقة رفح، في الطرف الجنوبي من قطاع غزة، واثنان في وسط سيناء.

ب. ألا نقترب من قناة السويس، وألا نستولي على قطاع غزة، وألا نقترب ( في الوقت الحاضر ) من مضيق تيران، نظراً لأن الولايات المتحدة الأمريكية كانت تعالج مسألة حرية الملاحة.

رابعاً: العوامل المؤثرة على اتخاذ قرار الخطة الإستراتيجية الإسرائيلية

مع تبلور التخطيط الذي تنازعته آراء سياسية مختلفة في إسرائيل، فإن هيئة الأركان كانت تخضع الخطوة، طبقاً لمعايير عسكرية/ سياسية، وبحيث تضمن النجاح عند التنفيذ وكانت أهم العوامل التي تم تقدير الموقف بناء عليها هي:

1. توقيت بدء الجولة

ومع التسليم، بأن كل وقت يمر كان في غير صالح إسرائيل إلا أن العوامل الآتية وضعت في الاعتبار عند اتخاذ القرار بسرعة شن الهجوم وهي:

أ. بدء الجبهات العربية المجاورة في تنسيق الأعمال العسكرية المشتركة بينهما ضد إسرائيل وفتح مركز القيادة المتقدم للقيادة المصرية الأردنية المتحالفة في عمان.

ب. وصول طلائع القوات العراقية البرية إلى جبهة الأردن اعتباراً من صباح يوم 5 يونيه.

ج. زيادة فعالية التساند العربي، ببدء وصول عناصر كويتية وجزائرية وسودانية وليبية إلى أراضي الجمهورية العربية المتحدة.

د. بدء نقل القوات المصرية من مسرح اليمن إلى مسرح سيناء.

هـ. الرغبة في إحباط فاعلية الصفقة المصرية ـ الروسية المعقودة يوم 26 مايو، ومنعها من تغيير حالة المقارنة العامة السائدة وقتئذ.

2. تحديد المجهود الرئيسي للعمل التعرضي الإسرائيلي، وأسبقية الضربات

فرض حجم القوات المصرية على رئاسة الأركان الإسرائيلية، أن تبدأ الجولة ضد جبهة سيناء. كما فرضت احتمالات سرعة رد الفعل المصري، عن ردي الفعل الأردني والسوري، أن تكون مصر، هي الهدف الأول للجولة، يليها الأردن ثم سورية.

3. أسلوب شن الحرب

كان هناك العديد من العوامل التي يجب أن تطبق، حتى تضمن إسرائيل النصر في تلك الجولة، ومن هذه العوامل:

أ. تحقيق المفاجأة الإستراتيجية

وقد حققت إسرائيل ذلك من خلال إخفاء نية وتوقيت واتجاه الهجوم وقوة الضربات وأسبقيات شنها على الجبهات المختلفة، كما توقف النجاح أيضاً على خطة خداع على المستوى السياسي والعسكري، تنفذ بدقة على مختلف الجبهات.

ب. العمل من خطوط داخلية

ويتيح هذا الأسلوب للقوات البرية الإسرائيلية، فرص القيام بمناورات إستراتيجية وتكتيكية حاسمة، يمكن أن يتحقق ـ من خلالها ـ النصر الرخيص، بالعمل على طرد القوات المعادية بسرعة، خلف مانع أو عائق كبير. خاصة وأن الأوضاع النسبية للقوات المتضادة في المسرح تجعل القوات المعادية لإسرائيل متباعدين عن بعض، وليس بينهم أي تعاون يتم من خلال تحريك قوات، وهذا يعطي القوة الإسرائيلية ميزة الانفراد بكل طرف على حدة. وتوجيه الضربات المتتالية ضد الخصوم واحد تلو الآخر بما يشل القدرة القتالية لكل واحد منهم قبل الانتقال إلى الخصم التالي له.

ج. التفوق النوعي والكمي

توفرت للقوات الإسرائيلية إمكانيات تفوق نوعي من خلال الحصول على صفقات أسلحة عديدة من الولايات المتحدة الأمريكية، ومن مختلف الدول الأوروبية. وكانت إسرائيل تعلم جيداً مدى تفوق الأسلحة الغربية، والأمريكية بالذات، على مثيلاتها السوفيتية، وخصوصاً في مجال الطيران والمدرعات. وكانت أيضاً تشعر بميزة التفوق الكمي، نتيجة لوجود حوالي 40% من القوات المصرية في مسرح عمليات اليمن، مما يفقد القوات المصرية تفوقها الطبيعي التي كانت تحافظ عليه باستمرار ضد إسرائيل.

وقد استغلت إسرائيل تلك الميزتين كركائز أساسية في خطة العمل من خطوط داخلية.

د. توفر المعلومات التفصيلية الدقيقة

والتي حرصت إسرائيل على تجميعها بمختلف الطرق عن القوات المسلحة في الجبهات الثلاث المحيطة بإسرائيل، وكذا عن متابعة الحشود على الجبهات المختلفة، والنمط اليومي السائد فيها، وخاصة في القوات الجوية العربية (التي ستوجه إليها الضربة الأولى). وقد استغلت إسرائيل الإمكانيات الأمريكية في هذا المجال، علاوة على إمكانياتها الخاصة بها.

هـ. الوثوق في فاعلية الدعم العسكري

وخصوصاً من جانب الولايات المتحدة الأمريكية، والتي قدمت لإسرائيل، أكثر مما أرادت بحيث لم تلتفت إلى الخطر الذي فرضه الجنرال "ديجول" على الأسلحة الفرنسية لإسرائيل. وقد وفر الدعم الأمريكي لإسرائيل، فرصة المخاطرة المحسوبة ضد العرب، والتصدي لأي تدخل سوفيتي على أي مستوى، ضد إسرائيل.

و. استغلال نقاط الضعف العربي

وكان من أبرز تلك النقاط، كما وردت في مذكرات القادة الإسرائيليين:

(1) ضعف إمكانيات التقنية التي تستخدمها الجيوش العربية، مقارنة بما يستخدمه الجيش الإسرائيلي.

(2) تشتت القدرات العسكرية المصرية، وهبوط كفاءتها القتالية، نتيجة الخدمة الطويلة بمسرح عمليات اليمن.

(3) عدم اكتمـال مفهـوم معركة الأسلحة المشتركة، وانفصال أفرع القوات المسلحة في الجيش المصري ـ بصفة عامة ـ وباعتباره أكبر الجيوش العربية.

(4) ضعف القدرة العسكرية بكل من سورية والأردن، نتيجة التمزقات الداخلية، وكثرة حركات التغيير في كوادر الضباط والرتب الأخرى.

4. الخطة الإستراتيجية الإسرائيلية ضد الجبهات العربية الثلاث

هدفت الخطة الهجومية الإسرائيلية، إلى بدء العمليات بتحطيم الغطاء الجوي العربي، وشن ثلاث ضربات متتالية ضد مصر ثم الأردن ثم سورية بالتتالي مع تركيز الهجوم على الجبهة المصرية "وتوقف القرار الأخير ( سياسياً ) بالهجوم على الأردن طبقاً للموقف الذي سيتخذه بمجرد بدء القتال.. ولكن كانت النية العسكرية مبيتة على شن الهجوم".

ولم تشمل الخطة مهاماً حاسمة للقوات البحرية الإسرائيلية، بل اقتصر التخطيط لها على القيام ببعض الإغارات والأعمال التعرضية المحدودة، ضد القواعد البحرية المصرية الرئيسية، علاوة على أعمال النقل في مسرح العمليات.

وركز التصميم في الخطة، على أهمية السرعة والحسم في تنفيذ أعمال القتال، بما يضمن تحقيق المهام المحددة في أقصر وقت ممكن لزيادة حدة النكسة العسكرية بالقوات العربية، وبهر أنظار العالم بالإضافة إلى عدم إعطاء القوى الأجنبية والهيئات العالمية الفرصة للتدخل في سير الأمور أو إيقاف الحرب. بالإضافة إلى العوامل الاقتصادية التي توجب التقليل من زمن الحرب، حتى لا يضار الاقتصاد الإسرائيلي بشدة.

خامساً: تجميع ومهام القوات

1. القوات الجوية

خصص 183 طائرة مقاتلة/ قاذفة لشن الضربة الجوية، علاوة على مقاتلات الحماية. وتبلور أسلوب العمل الجوي الإسرائيلي، في استغلال الأعمال الخداعية للتقليل من درجة تيقظ الإنذار والمراقبة المصرية، علاوة على انتخاب اتجاهات وارتفاعات الاقتراب من الأهداف المعادية، بما يضمن إخفاءها، باستغلال الثغرات الموجودة في نظام الإنذار وأجهزة الدفاع الجوي، كل ذلك بالإضافة إلى نشاط وسائل التداخل الإيجابي المستمر والنبضي على جميع الترددات، وفي المستويين الأفقي والرأسي، بما يكفل اقتراب الطائرات المغيرة من أهدافها تحت ستر هذا التداخل. والتوسع في استخدام الأهداف الهيكلية، والمصائد لجذب نيران الصواريخ والمدفعية المضادة للطائرات نحو أهداف كاذبة.

وقد خططت الضربة الجوية المفاجأة "الخطة كولومب" لتنفذ في نسقين:

يهاجم النسق الأول منها على امتداد 75 دقيقة القواعد الجوية والمطارات المصرية في وقت واحد على قدر الإمكان، وعلى موجات متلاحقة، على أن تعطى الأسبقية لضرب الممرات بقنابل خاصة، وقنابل زمنية لإعاقة أعمال الإصلاح في الأجزاء الحساسة منها وذات التأثير الأشمل كتقاطعات الممرات الرئيسية مع الممرات الفرعية، ومنتصف الممرات، ثم تدمر طائرات الاستعداد الأول والثاني بالرشاشات والمدافع والصواريخ، ثم تدمر باقي الطائرات والأهداف داخل المطارات. كما نصت الخطة، على عدم تشتيت جهود ضد وسائل الدفاع الجوي، أو الدخول في معارك جوية، ويتم التركيز فقط على تدمير المطارات.

وحوت الخطة والتعليمات التفصيلية دقائق كافة الأهداف المعادية المطلوب تدميرها وزودت وحدات القوات الجوية الإسرائيلية بتعليمات تفصيلية عنها. وعن طريقة الاقتراب منها، من حيث الارتفاع والاتجاه، وكذا تكتيكات مهاجمتها. استناداً إلى نجاح وسائل المخابرات الإسرائيلية في تحديد أوضاع وقدرات ومدى عمل وسائل نظام الدفاع الجوي المصري، والذي كان مدى اكتشافه للأهداف الجوية، ينعدم تحت ارتفاع أقل من 500 متراً.. كذلك كان يركز نظام الإنذار المصري على اتجاه الشرق في اكتشاف الأهداف، بما سمح بتكوين ثغرة كبيرة في مجال الكشف الراداري من اتجاه الغرب.

ويلخص الجنرال "موردخاي هدو" قائد سلاح الطيران الإسرائيلي عام 1967، استغلالهم للثغرات ونقط الضعف المصرية في الآتي: "لقد وضعت خطة تحطيم السلاح الجوي المصري، على أساس حسن معرفة إسرائيل بالعدو. فقد كان سلاح الطيران المصري قويا في ذلك الوقت، ولكن أمكن لإدارة المخابرات الإسرائيلية أن تحدد بدقة جميع أوضاع الأسراب المصرية تقريباً. ولهذا فإننا نعتبر أن لإدارة المخابرات الإسرائيلية فضل كبير في نجاح هجمتنا الجوية. ولقد أحيط المخططون في سلاح الطيران الإسرائيلي، علماً بعدد وأنواع الطائرات التي يمكن توقع وجودها في كل قاعدة جوية أو مطار. الأمر الذي مكننا من تخطيط الضربة الأولى ضد الطائرات التي تحتل أعلى مراتب الأسبقية، وهي قاذفات القنابل، طراز توبوليف ـ16، وأليوشن ـ28، لتعقبها الضربة الثانية ضد الطائرات الأخرى، حسب أهميتها، وفقاً لكشف الأسبقية بحيث تدمر الميج ـ21 أولاً ثم السوخوي ـ7، ثم الميج ـ19، ثم الميج ـ17ـ بينما جاءت طائرات النقل والهليوكوبتر في ذيل الخطة كأهداف إضافية، تهاجم كلما أتيحت الفرصة".

وقد حددت الخطة ممرات الاقتراب من مطارات الإقلاع الإسرائيلية، الموجودة في وسط إسرائيل، لتكون في اتجاه الغرب، وعلى ارتفاع يتراوح بين 20ـ30 متراً. وعند الاقتراب من المياه الإقليمية المصرية بين العريش ودمياط، ينقسم النسق المغير إلى ثلاث مجموعات معتمداً على منارات إرشاد لاسلكية من سفن مجهزة لذلك، ومنارات إرشاد عائمة وتتجه الطائرات كالآتي:

·   المجموعة الأولى تنسلخ من ممر الطيران، عندما تصل إلى شمال العريش وتتجه طائراتها لتهاجم في وقت واحد مطارات العريش، والسر، والمليز، وتمادا.

·   المجموعة الثانية: تنسلخ من الممر أمام بور سعيد، وتتجه طائراتها لتهاجم في وقت واحد مطارات منطقة القناة: أبو صوير، فايد، كبريت.

·   المجموعة الثالثة تنسلخ من الممر شمال دمياط، وتتجه طائراتها لتهاجم في وقت واحد مطارات: غرب القاهرة، بني سويف، أنشاص، القاهرة الدولي، قويسنا، ألماظة، المنصورة، الأقصر.

وقد جهزت خطة المناورة بالمطارات الإسرائيلية البالغ عددها 58 قاعدة ومطار وأرض هبوط، بحيث تقلع الطائرات من المطارات المختلفة في أوقات نسبية، بحيث تضمن وصولها فوق الأهداف المحددة في وقت واحد تقريباً، رغماً أن زمن الرحلة تفاوت ما بين 20 إلى 40 دقيقة.

وتحقيقاً لكل ما سبق، ولضمان استغلال كافة قدرات المجهود الجوي الإسرائيلي في تنفيذ هذه الخطة الحاسمة، ارتضت أجهزة التخطيط الإسرائيلي أن تحشد معظم ما تملكه من طائرات لشن الضربة الجوية المفاجئة، وقبلت المخاطرة بترك سماء إسرائيل عارية دون غطاء جوي، كما حرمت تقريبا قواتها البرية القائمة بالهجوم في الجبهة المصرية في نفس الوقت، من معاونة جوية تكتيكية مستمرة.

ولم تغفل خطة الضربة الجوية، الاحتمالات المفاجئة التي قد تتعرض لها، مثل التعرض لمظلة جوية مصرية قوية لم تكن في الحسبان، أو أن تكتشف نية الضربة قبل شنها.. فنصت التعليمات، على انه في مثل تلك الحالات، تعود الطائرات فوراً إلى سماء إسرائيل للدفاع عنها.

في الوقت نفسه، كان هناك ارتباطاً تاماً بين نجاح الضربة الجوية في تنفيذ مهامها والبدء بالقيام بالحملة البرية، بحيث إذا فشلت الضربة، كان من المحتمل إلغاء الهجوم البري من الأساس.

كذلك انتخبت الخطة أنسب توقيت لشن الضربة الجوية، بحيث تتيح ضوء نهار كامل تتوالى فيه الطلعات الجوية لإحداث أكبر تأثير في القوات المعادية، مع ضرورة انقشاع ضباب الصباح، حتى يمكن التعرف على الأهداف بسهولة.

2. القوات البرية

تحددت التجميعات الإسرائيلية في ثلاث جبهات، يتمثل في كل منها في منطقة عسكرية تلخصت مهامها في الأتي:

أ. المنطقة العسكرية الجنوبية: "المجهود الرئيسي للقوات المسلحة الإسرائيلية في اتجاه الجبهة المصرية"

(1) القائد: الجنرال: "أشعياهو جافيتش".

(2) التكوين: ثلاث مجموعات عمليات

(أ) المجموعة الشمالية: بقيادة العميد "إسرائيل تال"

وتتكون من لواء مشاة ـ لواء مشاة آلي ـ لوائين مدرعين ـ لواء مظلي ـ فوج استطلاع آلي.

واتجاه عمل المجموعة . المحور الشمالي: رفح ـ العريش في اتجاه القنطرة شرق.

(ب) مجموعة المحور الأوسط: بقيادة العميد "إيريل شارون"

وتتكون من: لواء مشاة ـ لواءين مدرعين ـ لواء مظلات ـ فوج استطلاع.

واتجاه عمل المجموعة: محور أم قطف ـ الحسنة ثم غرباً.

(ج) مجموعة الكمين: بقيادة العميد "ابراهام يوفيه".

وتتكون من : لواء مشاة آلي ـ لواء مدرع ـ  فوجين مدرعين ـ فوج استطلاع.

واتجاه عمل المجموعة: التقدم إلى بير لحفن، وتدمير الاحتياطي الإستراتيجي المصري من خلال معركة تصادمية. ثم تنطلق غرباً في اتجاه المضايق.

(د) الاحتياطي العام للجبهة: لواء مدرع ـ لواء مظلي.

(3) مهمة المنطقة

وقعت على المنطقة الجنوبية مهمة، بالقضاء على القوات المصرية في سيناء، وتصل إلى الضفة الشرقية لقناة السويس وتأمينها. والاستيلاء على مدخل خليج العقبة، وتأمين الملاحة الإسرائيلية عبره. تتجنب قوات المنطقة الدخول في معارك طويلة مع القوات المصرية المدافعة. وتهدف إلى تحقيق المهمة المحددة لها بأعمال التطويق والالتفاف والتسلل لسرعة الوصول إلى خطوط المهام.

ب. المنطقة العسكرية الشمالية "اتجاه الجبهة السورية"

(1) القائد: الجنرال "ديفيد اليعازر".

(2) التكوين: مجموعة عمليات (3 ألوية مدرعة ـ 5 ألوية مشاة /مشاة آلي ـ لواء مظلي ـ فوج استطلاع)

(3) المهام

تقوم المنطقة بالقوات المخصصة لها، بالقضاء على الجبهة السورية والاستيلاء على مرتفعات هضبة الجولان.

يبدأ هجوم قوات المنطقة الشمالية بأمر من رئيس الأركان العامة، بعد وضوح الموقف العسكري في الجبهات الأخرى.

ج. المنطقة العسكرية الوسطى: "اتجاه الجبهة الأردنية"

(1) القائد: الجنرال "عوزي ناركيس"

(2) التكوين: مجموعة عمليات (3ألوية مشاة ـ لواء مدرع ـ فوج استطلاع)

مع تدعيم هذه المجموعة، بجزء من الاحتياطي الإستراتيجي الإسرائيلي في الجبهة الشرقية بقوة لواءين مشاه، علاوة على احتياطي الجبهة الجنوبية المشكل من لواء مدرع ولواء مظلي.

(3) المهام

الدفاع عن حدود الدولة المشتركة مع الأردن. مع الاستعداد للقيام بالهجوم بهدف القضاء على القوات الأردنية، والعناصر العراقية التي توجد معها غرب نهر الأردن. والاستيلاء على الضفة الغربية وتأمينها. مع تركيز الجهود الرئيسية في اتجاه القدس والخليل. على أن تصدر الأوامر بالهجوم من رئاسة الأركان العامة طبقاً لتطور الموقف.


 



[1] هذا اليوم بالذات، كان شيمون بيريز يكتل تحالفا سياسياً لاستقطاب 50 نائباً في الكنيست وكان هدف هذا التحالف هو إسقاط حكومة ليفي أشكول، نظير عدم قدرته على اتخاذ قرار الحرب

[2] وصف شيمون بيريز المشاكل التي تواجهها إسرائيل قبل الحرب. فقال: `إن هناك مشكلتين لابد أن يوجد حل لهما أولهما: قرار خوض الحرب من عدمه، والثانية: من الذي يتحمل ذلك القرار. وكان هناك شعور بالتبرم والضيق في إسرائيل وفي الجيش، لأن الحكومة لم تدخل الحرب، حيث أن قفل مضيق تيران شيء يعتبر في نطاق القضية الثانوية.. أما التهديد المباشر لإسرائيل نتيجة بناء تحالف يشمل قوات عسكرية حولها فهذا أمر لا يجب السكوت عليه. في نفس الوقت، فإن إسرائيل التي عبأت قوات الاحتياطي، لا يمكنها الاستمرار في حالة التعبئة، في الوقت الذي لا تستطيع فيه التخفيف منها والخطر لا يزال قائما

[3] وقد اكتملت خطة التعبئة في إسرائيل بحشد القوات على الجبهات الثلاث بإجمالي خمسة مجموعات عمليات تحتوي على 30 لواءا من جميع التخصصات. وقد ركزت إسرائيل على الجبهة المصرية ، حيث لها 45% من إجمالي قواتها ضدها ، وحشدت في اتجاه الأردن 30% (على مرحلتين) ، وفي اتجاه سورية 25% من تلك القوات.

[4] يدل ذلك، على أن هناك العديد من القنوات التي تستخدمها إسرائيل مع الولايات المتحدة الأمريكية، فالقنوات السرية والتي ذهب إليها آميت قد سخرت من فكرة تجميع الأسطول الذي يمر في الخليج، بينما القنوات الدبلوماسية المعلنة تقول غير ذلك تماما

[5] كان عبارة عن كتيبة مغاوير كويتية، كأفراد بأسلحتهم الخفيفة، ولم يكن لواءا مدرعا

[6] كانت كتيبتا صاعقة مصريتين، قد وصلتا إلى الأردن يوم 3 يونيه 1967، ضمن الخطة العامة التي وضعتها القيادة المصرية وقتها. وقد فوجئت الكتيبتان بمجرد وصولهما، بإجراءات اتخذتها السلطات الأردنية، أفقدت سرية تواجد الكتيبتان تماما

[7] يلاحظ هنا أن موشي ديان يحاول تقليل الدور الأمريكي المساند لإسرائيل، علما بأنه هو الذي كتب عن ما أحرزه آميت رئيس الموساد ومن نتائج في الولايات المتحدة الأمريكية

[8] يتضح أن الموقف السوفيتي، قد بنى استراتيجيته على الصراع بالكلمات، دون إجراءات فعلية في سبيل دعم العرب أو إيقاف الحرب نفسها، والتي لم تكن تغيب عن تقدير الاتحاد السوفيتي. وربما يكون ذلك له جذور عميقة في اتجاه تنمية مصالح الاتحاد السوفيتي في المنطقة، والتي كانت ستدعمها إلحاق هزيمة بالعرب، تجعله يؤكد بقاؤه في المنطقة بأسلوب جديد، وبعناصر جديدة تنقل التواجد السوفيتي في المنطقة إلى معترك منافس للولايات المتحدة الأمريكية نفسها

[9] كتب "عيزرا وايزمان" مقالاً صحفياً عقب ترشيح "رابين" لرئاسة الوزارة بعد استقالة "جولدا مائير" يقول فيه أن سلوك "رابين" عام 67 يجعله غير جدير بمنصب رئيس الوزراء