إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / حرب عام 1967، من وجهة النظر الإسرائيلية





مهام القوات الإسرائيلية
معركة أم قطف الثانية
معركة القدس
معركة رفح
معركة كمين بير لحفن
الضربة الجوية الإسرائيلية

معارك الاستيلاء على الجولان
الضربات البرية الرئيسية
العمليات على الجبهة الأردنية



المبحث الخامس

ثانياً: العمليات البرية على الجبهة المصرية

الخطة الهجومية على جبهة سيناء "اُنظر خطة الملاءة الحمراء ـ (اُنظر خريطة الضربات البرية الرئيسية)

كانت الإستراتيجية الشاملة (العليا) للقيادة الجنوبية تعتمد على اختراق ثلاثي الشعب عن طريق ثلاثة مراحل رئيسية وكانت المرحلة الأولى تعتمد على فتح المحور الشمالي والمركزي وذلك بتدمير التحصينات المصرية على امتدادهما ومن هنا يمكن تدمير القوات الخلفية في سيناء. أما المرحلة الثانية فكانت تحتوى على الاختراق في عمق سيناء. فبينما كانت المرحلة الثالثة تعتمد على أخذ الممرين الجبليين اللذين يؤديان للقناة وبذلك يمكن فصل الجيش المصري أو منعه من إعادة عبور قناة السويس (لم يتوقع المصريون أن يتم الهجوم مباشر وبالمواجهة وفعلا فقد توقعوا تحركاً مفتوحاً مشابه لما حدث في عام 1956 وكان القائد العام في سيناء الفريق "عبدالمحسن مرتجى" قد قرر أن تفتح مجموعة القتال الخاصة المدرعة متاخمة للحدود بين القسيمة والكونتيلا حتى يمكنهم الرد بسرعة بالضرب داخل إسرائيل) وفي القطاع الشمالي كانت فرقة الجنرال "إسرائيل تال" مستعدة لمهاجمة المنطقة المحصنة في رفح والعريس وفي الوسط يستولي "شارون" على أم قطف وأبو عجيلة اللذان تتركز فيهما الدفاعات المصرية القوية وكانت عناصر فرقة الجنرال "يوفيه" تتمركز في المنطقة الرملية التي تصعب المرور فيها بين المحاور الشمالية والمركزية وبهذا سيتم عزل موقعي الدفاع المصريين الرئيسيين ومنع طريق الإمدادات الجانبي أو أي محاولة تنسيق بين الفرقة السابعة والثانية المصرية أثناء الهجوم.

أما المنطقة الشمالية من رفح إلى العريش فكانت دفاعات محاطة كما كانت في 1956 بحقول الألغام العميقة والمتعددة - خطوط محصنة قوية مع لواءات مشاة متمركزة في خنادقها خلف أسلحة مضادة للدبابات محتلة في دشم خرسانية على الخط الذي يطوق المنطقة وكانت تتواجد في تلك المناطق بالإضافة إلى المدفعية أكثر من مائة دبابة متخذة مواقع دفاعية.

وكانت خطة الهجوم الإسرائيلي الرئيسية هي اختراق موقع رفح الحصين في القطاع الشمالي وأبو عجيلة في القطاع الأوسط، وذلك بمهاجمتها من اتجاهات غير متوقعة وبأساليب غير متوقعة، أي التقدم من خلال الثغرات والاشتباك مع حشود العدو في المؤخرة ثم الإسراع نحو قناة السويس مع الاستيلاء على قواعد العدو التي تقابلنا في الطريق أو الالتفاف حولها، ثم الاشتباك مع مدرعات العدو واصطياد القوات المتخلفة في سيناء عن طريق إغلاق طرق الهروب، والاستيلاء على الطريق البرى المؤدى إلى شرم الشيخ، ورفع الحصار عن خليج العقبة.

والآن وقد وصلنا إلى عشية الحرب التي تعرف باسم حرب الأيام الستة فإن كل هذه المواقع لم تكن تحتلها قوات ضخمة فحسب، وإنما كانت مراكز لحشود كبيرة من الفرق المدرعة والمشاة التي تدفقت على سيناء خلال الأسابيع الثلاثة السابقة.

1. إجراءات الخداع التكتيكي قبل المعركة

كان قد تم ترسيخ انطباع لدى المصريين عن طريق انتشار القوات الإسرائيلية التي كانت في القطاع الجنوبي حيث تحركت ذهاباً وعودة على طول الحدود بتشكيل مفتوح وعلني ونجحوا في خداع المصريين عن اتجاه الاختراق الرئيسي للقوات الإسرائيلية - وكان الانطباع أن الهجوم سيشن في اتجاه الجنوب. ونتيجة لذلك كان هناك عنصر المفاجأة عندما بدأ الهجوم المفتوح على المحور الشمالي بمنطقة رفح.

2. بدء الهجوم البري:

في يوم الاثنين 5 يونيه، الساعة 8.15 صباحاً، أصدر الجنرال "حافيتش" أوامره لقواد الفرق الثلاث للتحرك لمواجهة العدو : الجنرال "تال" على طول محور خان يونس ـ رفح في اتجاه العريش، الجنرال "شارون" تجاه محور كتزيوت ـ أبو عجيلة، والجنرال "يوفي" تجاه وسط مثلث جبل لبنى ـ بير جفجافة ـ بين لحفان. أما الحشد المصري للمعركة في قطاع رفح فكان على بعد 12 كيلو متراً في العمق من كل اتجاه وكان يتألف من أربعة ألوية، مائة دبابة، وكمية كبيرة من المدفعية. وكان لواءان من المشاة يسيطرون على الطرق المؤدية إلى رفح. وكانت فرقة فلسطينية مؤلفة من لوائين تقيم في معسكرات مؤقتة في قطاع غزة الشمالي. واستهدف المصريون من توزيع القوات على هذا النحو التقدم نحو العريش، عاصمة سيناء، ومنها يستطيعون أن يفصلوا قطاع غزة. ودعم هذا الحشد بتحصينات، وألغام، ودبابات ومدافع مضادة للدبابات، وقوات كبيرة من المدفعية.

3. اختراق المحور الشمالي (اُنظر شكل معركة رفح)

تم اختراق قوات تال الرئيسية للقطاع الشمالي عن طريق تجنب حقول الألغام التي تحيط بالمواقع الحصينة وأيضاً عن طريق حركة كماشة بقوة لوائين مدرع، والآخر مظلات حيث تمكنت من الاختراق داخل منطقة رفح من الشمال الشرقي قرب بلدة خان يونس وقد تم تنفيذ ذلك بواسطة اللواء السابع المدرع بقيادة العقيد "صامويل جونين" في المنطقة التي تمثل ملتقى الفرقتين العشرون والسابعة المصريتين. هذا وقد احتلت رفح بعد معركة بالدبابات وكان موازياً لذلك التحرك لواء مظلي مدعم بكتيبة دبابات بقيادة العقيد "روفائيل ايتان" (وهذا هو نفس اللواء الذي كان يقود أحد كتائبه في عام 1956) وقد جهز هذا اللواء ممراً واسعاً جنوبي رفح والذي كان يدافع عنه لوائين مدعمين بالمدفعية ثم توجه ناحية الشمال وتقدموا في المواقع فوق منطقة رملية كان يعتقد المصريون أنه يستحيل المرور عليها وبالمفاجأة تم الاستيلاء على موقع المدفعية المصري ثم واصل اللواء "ايتان" اختراق مناطق تمركز وفتح المدفعية وقام بتطهيرها موقعاً بعد الآخر وخلال ذلك تقدم اللواء السابع المدرع بقيادة "جونين" غرباً إلى المنطقة الدفاعية الثانية بمنطقة الشيخ زويد وتحتلها الفرقة السابعة المشاة ويقودها اللواء "عبدالعزيز سليمان" وكتيبة دبابات تي ـ 34 وبينما قامت كتيبة دبابات سنتورين بجذب نيران المصريين قامت كتيبة دبابات أخرى باتون بتطويقها من الشمال الجنوب وهكذا سقطت في يد قوات "جونين". وقبل العريش وصلت قوات "جونين" إلى منطقة جرادى حيث الدفاعات قوية التحصين والدشم المسلحة وكانت من أقوى الدفاعات المصرية بجوار العريش وقام اللواء بمهاجمة والتغلب على هذه الدفاعات ثم استمر في الاندفاع في اتجاه العريش وعلى أي حال فقد أعادت القوات المصرية تجميعها وذلك بعد أن انتشرت في مناطق الغرود الرملية في الصحراء وقامت بالهجوم المضاد على المواقع لإعادة احتلالها وأثناء تقدم قوات "تال" بمنطقة العريش فقد كانت قوات مؤخرته تشتبك في صراع لمواقع جرادي والتي تم تبادلها بين الجانبين عدة مرات. وعندئذ قام "تال" بتجميع القوات الممكنة التي قامت أخيراً باحتلال الموقع بعد اشتباك وقتال مرير ومع صباح يوم 6 يونيه تم فتح الطريق كطريق إمداد للقوات الإسرائيلية الموجودة من قبل بالعريش. وهذه كانت قوات المقدمة لفرقة الجنرال "تال" والتي واصلت التقدم على امتداد المحور الشمالي ووصلت العريش خلال ليلة 5/6 يونيه. وفي اليوم التالي واصل جزء من قوات تال تقدمه غرباً على امتداد المحور الشمالي في اتجاه القنطرة على قناة السويس بينما تحركت باقي الفرقة بقيادة العقيد "جونين" جنوباً لمطار العريش والذي سقط بعد معركة بالدبابات وتم الوصول إلى بير لحفن وهكذا تم فتح الطريق الشرقي إلى جنوب أبو عجيلة والطريق الغربي إلى جنوب جبل لبنى[6].

4. الهجوم على المحور الأوسط "المركزي (اُنظر شكل معركة أم قطف الثانية)

نفذت قوة العمل إلى يقودها "شارون" عملية الاختراق في هذا "القطاع" ففي عملية ليلية معقدة تتطلب توقيتاً دقيقاً وتنسيقاً بين القوات المدرعة والمشاة والمظلات، شن "شارون" هجومه على المواقع الحصينة في أم قطف، التي تشمل تقاطع الطرق عند أبو عجيلة قبل منتصف الليل بساعة واحدة. وهبطت قوات المظلات المحمولة بالهليكوبتر، خلف خطوط العدو، وقضت على عدة بطاريات مدفعية كانت تقصف المداخل المؤدية إلى أم قطف وأبو عجيلة. وقد تمت العملية الهجومية على عدة مراحل وكان على فرقة "اريك شارون" الاختراق على امتداد المحور المركزي نيتزانيا - الإسماعيلية وهو محور حيوي وهام في العمليات حيث يتفرع منه الطرق المؤدية للعريش في الشمال ونخل في الجنوب. فهناك تحصينات مركبة تغلق الطريق مقامة على مواقع حصينة مترابطة ممتدة من أم قطف إلى أبو عجيلة في الغرب وأم شيحان في الجنوب مع محيط خارجي ملاصق للحدود الإسرائيلية عند طارة أم بسيس وأم قوريا وفي هذا الموقع كانت تتخندق فيه قوة من الفرقة الثانية المشاة.

وعند بداية اقتحام اللواء المدرع واللواء المشاة الآلي من فرقة "شارون" يوم 5 يونيه على تبة أم بسيس تم تدمير المواقع المصرية الشرقية في المحيط الخارجي للتحصينات ووصلت القوات إلى الدفاعات الرئيسية، كما واصلت وحدات مدفعية الفرقة تليينها للدفاعات بالتمهيد النيراني، وخلال ذلك تحركت مجموعة استطلاع مدرعة على امتداد الجنوب الشمالي فوق الغرود الرملية التي أساء المصريون تقديرها على أساس أنه لا يمكن المرور عليها. وبعد معركة كبيرة تم التغلب في المحاولة الثالثة على الكتيبة المدافعة والمزودة بالأسلحة المضادة للدبابات. ومرت المجموعة من المنطقة المحصنة واتجهت جنوبها ووصلت إلى تلاقى الطرق الممتدة من أبو عجيلة في اتجاه العريش شمالاً والى جبل لبنى في الجنوب الغربي. ومن ثم بدأت بالحفر بمنطقة تلاقى الطرق وفي تحرك موازي في اتجاه الجنوب أرسل "شارون" وحدة استطلاع إضافية مدعمة بالدبابات وعربات الجيب والهاونات لقفل الطريق الموصل بين أبو عجيلة والقسيمة وكان من نتيجة هذه التحركات غلق جميع محاور الإمداد بين العريش والقسيمة ولبنى وبالطبع جميع الطرق الممكنة للانسحاب من أبو عجيلة في أي اتجاه.

أما المرحلة الثانية فقد تمت في ظلام 5 يونيه حيث صدر الأمر بفتح نيران المدفعية المركزة وتم إبرار كتيبة مظلات بالهليكوبتر خلف المواقع الدفاعية وذلك لإسكات المدفعية المصرية ثم تقدمت الوحدات المدرعة ومعها المشاة وذلك من الشرق مباشرة حيث قامت المشاة بتطهير خنادق العدو ومواقعه وعندما وصل المشاة إلى الطريق من الشمال قامت وحدة الدبابات والتي كانت قائمة بقفل طريق الإمداد بمهاجمة الموقع من الخلف وتقابل المشاة والدبابات الإسرائيليون في مركز الدفاعات سعت 600 في اليوم التالي بعد خوض أكثر المعارك تعقيداً في تاريخ الحروب العربية الإسرائيلية. وأصبح المحور المركزي من أم قطف إلى أبو عجيلة في أيدي الإسرائيليين. وقد استمرت أعمال التطهير لمدة 24 ساعة أخرى وبعد ذلك أصبح الطريق مفتوحاً لوحدات الفرقة بقيادة اللواء "يوفي" لتخترق العمق على طول المحور المركزي تجاه جبل لبنى.

5. تنفيذ مهمة فرقة "الكمين (اُنظر شكل معركة كمين بير لحفن)

بينما كانت الفرقتان المصريتان تقاتلان باستبسال ضد قوات "تال" على المحور الشمالي وقوات "شارون" على المحور المركزي كانت الفرقة الثالثة الإسرائيلية بقيادة "بافيه" تنفذ ما كان يعتبره المصريون مستحيلاً. فقد تقدم جزء من الفرقة بالعربات والمعدات عبر الغرود الرملية الناعمة بين المحورين الشمالي والمركزي وقطعت مسافة 35 ميل في 9 ساعات. وفي مساء يوم 6 يونيه وصلت إلى تلاقي الطرق في بير لحفن التي تربط طرق جبل لبنى وأبو عجيلة والقسيمة إلى العريش، وكانت مهمة القوات منع أي تحرك عرضي من القوات المصرية بين المحورين ولإغلاق الطرق أمام أي تعزيزات من التجميعات المصرية الموجودة بمنطقة جبل لبنى. وفي نهاية اليوم تحرك من هذه التدعيمات المدرعة لواء مدرع ولواء مشاة ميكانيكي على المحور المركزي ووصلت في اتجاه اللواء الأمامي من فرقة "يافية" بقيادة عقيد "اسحق شدمى" والذي انتظر في مرابض نيران عند تقاطع الطرق، في بير لحفن وبدأت مواجهة عنيفة بالوحدات المدرعة حول منطقة تلاقي الطرق انتهت بسحق كامل للقوات المصرية وفتحت الطريق لباقي فرقة "يافية" للتقدم جنوب غرب في اتجاه جبل لبنى.

لقد تم تنفيذ مرحلة الاختراق في أقل من يومين وبذلك أصبح لقواتنا مجالاً للمناورة في قتالها مع قوات العدو وقواعده أثناء التقدم نحو القناة، ولكن معارك الاختراق كانت عنيفة جداً، لأن المصريين في المواقع الحصينة لم يؤخذوا على غرة فقد كانوا مستعدين لهجومنا وكانوا يملكون كل الأسلحة والمنشآت الدفاعية اللازمة لمواجهته. وقد هزموا لأن قوات مجموعات العمل التي تضم ثلاثاً من فرقنا أبدت تفوقاً قتالياً في مجالين رئيسين:

·   أولهما: أن تلك المجموعات كانت تتمتع بإصرار وتصميم عنيد على التقدم والاستيلاء على أهدافها بالرغم من الصعوبات التي تواجهها سواء أكانت في صورة خسائر كبيرة أم نقص في العدد، بل حتى عندما كانت تعرف في بعض الحالات أنها تعانى من نقص من الذخيرة والوقود.

·   وكان الأمر الثاني: هو خبرة هذه القوات القتالية: أي التعاون الوثيق بين القوات المدرعة والمدفعية والمشاة والمهندسين، ودقة التصويب والاستغلال الماهر لطبيعة الأرض، والمرونة في الانتشار القتالي من أجل مواجهة التغييرات السريعة في أوضاع المعركة. ويتضمن هذا العنصر الخاص بالكفاءة المهنية العالية، تلك المهارة التي أبدتها قوات المجموعات الثلاث في تقدمها عبر الكثبان الرملية في مناطق كان المصريون يعتقدون أنه يستحيل اجتيازها. وكان لهذا العنصر وزن كبير في التخطيط الشامل للمعارك. ومع نهاية اليوم الثاني كانت الدفاعات المصرية الرئيسية المكونة من ثلاثة فرق، تنسحب للخلف، وواصلت القوات الإسرائيلية تقدمها في عمق سيناء في اتجاه التجمعات المدرعة الرئيسية الموجودة في وسط سيناء والتي تعتبر آخر عقبة كبيرة قبل القناة.

6. الاستيلاء على شرم الشيخ

بنهاية اليوم الثاني بدأ المصريون الموجودون في المواقع الأمامية ـ الذين لم يقعوا في المصيدة ـ في التقهقر، تنفيذاً للأمر بالانسحاب الذي صدر لهم من القاهرة. وعندما علمنا أن قوات العدو في شرم الشيخ بدأت الانسحاب قررنا بسرعة تقديم الموعد الذي كنا قد حددناه للاستيلاء عليها وإرسال وحدة مظلات بدون انتظار وقيام قواتنا البرية بتأمين الطريق البري، وفي الساعة الواحدة بعد ظهر يوم 7 يونيه وصلت الطائرات الهليكوبتر التي تحمل قوات المظلات إلى شرم الشيخ. وأثناء تحليقها فوقها شاهدوا زورقي طوربيد إسرائيليين مربوطين إلى رصيف الميناء. وكانت قوة بحرية بقيادة الكولونيل بوتزر (شيتاه) قد وصلت إلى الميناء في الساعة الحادية عشرة والنصف صباحاً فوجدته خالياً فأنزلت مفرزتين على الشاطئ. وبعد ثلاثة أرباع الساعة تم رفع العلم الإسرائيلي فوق المستشفي التي أقامتها قوات الطوارئ التابعة للأمم المتحدة قبل أن يأمر "عبدالناصر" بسحبها، وقد وقعت المجموعة الأولى من الأسرى في هذه المنطقة في يد البحرية الإسرائيلية أيضاً. إذ تم أسر ثلاثة وثلاثين جندياً من الكوماندوز المصريين الذين كانوا يسيطرون على جزيرة تيران ومعهم أسلحتهم بينما كانوا يحاولون الفرار إلى مصر في زورقي صيد.

وبهذه الطريقة السعيدة وغير الدراماتيكية عاد العلم الإسرائيلي ليرفرف على شرم الشيخ، وتم رفع الحصار عن الخليج وتحقق أحد الأهداف الرئيسية للحملة.

7. استمرار التقدم نحو القناة

في مساء 7 من يونيه وصلت معلومات أن مجلس الأمن على وشك عقد جلسة طارئة ومن المحتمل أن يفرض، تحت ضغط سوفيتي، وقف إطلاق النار في صباح اليوم التالي. فأجرينا مشاورات عاجلة وأصدرت هيئة الأركان العامة الأوامر في الساعة العاشرة مساء إلى قوْتَي عمل للتقدم فوراً نحو القناة وإلى رأس سدر على خليج السويس أيضاً. وكان على القوة التي يقودها "تال" أن تمنع القوات المصرية المنسحبة من العبور إلى الضفة الغربية لقناة السويس أما القوة التابعة "ليوفي" فكان عليها تأمين اتصال بري مستمر مع وحداتنا في شرم الشيخ.

وتحركت قوات "تال" بسرعة على امتداد المحور الشمالي يوم 7 يونيه في اتجاه القنطرة على قناة السويس وقابلت مقاومة على مسافة حوالي 10 أميال غرب القناة حيث جهزت الدبابات والمدافع المضادة للدبابات المصرية بالإضافة إلى قليل من الطائرات جهزت تلك القوات كمينا للقوات الإسرائيلية المتقدمة واستعدوا لقتال مستميت كما شنت القوات المدرعة التي تمركزت في القنطرة شرق هجوماً على مجموعة القناة الإسرائيلية الخاصة والتي تقدمت على المحور الشمالي من العريش بقيادة العقيد "إسرائيل جرانيت" والذي ألحقت به مفرزة من لواء المظلات الذي يقوده العقيد "رفائيل ايتان"، وبعد تقدير موقف سريع طبق قائد المجموعة تكتيكات الضرب مع الحركة حيث قام جزء من القوات تجاه اليورو بقفل الطريق بالنيران واشتبكت في معركة دبابات على أقصى مدى وذلك مع الدبابات المصرية بينما قامت قوات المظلات على الناقلات نصف جنزير والمدافع عديمة الارتداد المحملة على عربات جيب بتطويق القوة المصرية من الجنب والتي كانت مشتبكة مع قاعدة النيران الإسرائيلية وتم تدمير القوة المدرعة المصرية وتقدمت القوات تجاه القنطرة وفي صباح اليوم التالي (اليوم الرابع قتال يوم 8 يونيه) تم الوصول إلى ضفة قناة السويس وتم إغلاق منفذ كوبري الفردان أمام القوات المصرية.

8. تدمير الحشود المدرعة المصرية وسط سيناء

مع نجاح التقدم الشمالي، تم نقل الجهود الرئيسية للقوات الإسرائيلية المشتركة في سيناء لتدمير حشود المدرعات المصرية الضخمة الموجودة في وسط سيناء. وأمر الجنرال "جافيتس" فرقتين لتنسيق جهودهما للتعامل مع هذه الحشود. فتحركت فرقة "تال" غرباً في اتجاه بير جفجافة بينما تحركت فرقة "يوفيه" جنوباً إلى بير الحسنة ثم بير التمد ومن هناك تقدم "يوفيه" غرباً في اتجاه موازي لتحرك "تال" في اتجاه ممر متلا واندفعت فرقة "شارون" والتي كانت تطهر أم قطف اندفعت جنوباً نحو نخل وأجبرت قوات "الشاذلي" ودبابات الفرقة السادسة للتحرك في اتجاه المصيدة التي أقامها "تال" و"يوفيه" في ممر متلا وهو الطريق الوحيد للخروج من سيناء وفي الواقع فقد كانت القوات الإسرائيلية تستدرج القوات المصرية المنسحبة إلى ممر متلا حيث تنتظرهم قوات "تال" و"يوفيه" لتدميرهم، وقد أجبرت تحركات "شارون" ضد قوات الاشاذلي المدرعة والوحدات من الفرقة السادسة المدرعة على التحرك بسرعة لتجنب أي اشتباك قد يعطل انسحابهم وطاردت قوات "تال" المشاة المتمركزة في قاعدة بير الحمة غرباً في اتجاه بير روض سالم والقريبة من حشود المدرعات في بير جفجافة وتم إغلاق الطرق التي تربط بين بير جفجافة إلى الغرب والجنوب بواسطة كتائب دبابات "تال". وقد تقدمت قوات تال ووصلت منطقة حشد المدرعات المصرية التي كانت تحاول بالقتال إيجاد طريق لها للخروج من سيناء في اتجاه مصر. وحاولت وحدة صغيرة من المدرعات الإسرائيلية جذب المدرعات المصرية وإغرائها بالهجوم المضاد عليها وبالتالي تقع في مصيدة تطويقها بالمدرعات الإسرائيلية ولكن امتنعت القوات المصرية عن رد الفعل ولذا شنت القوات الإسرائيلية هجوماً بالمواجهة والذي تم نجاحه بعد معركة استمرت حوالي ساعتين.

وفي هذا الوقت أتمت قوات "يوفيه" تطهير جبل لبنى وتحركت جنوباً في اتجاه بير الحسنة وبذلك قطعت انسحاب قوات "الاشاذلي" المدرعة. وبسبب التهديد من الصراع السابق من قوات "يوفيه" و"شارون" تقهقرت المدرعات الباقية في اتجاه ممر متلا بتقدير أنه مخرج آمن ومباشر في اتجاه قناة السويس وأثناء ذلك قامت القوات الجوية بحصر الطوابير المتراجعة بدون توقف وصبت الدمار في القوات المصرية في حدود الممر الضيقة.

9. إغلاق ممر متلا لمنع تدفق المصريين غرباً

تحركت قوات يوفيه بسرعة لممر متلا بهدف قفل المدخل وتدمير المدرعات الكثيفة والمتوقع محاولتها الانسحاب خلاله وكانت طرق العودة من سيناء والتي تلتقي عند ممر متلا سريعاً ما تمتلئ بالوحدات المصرية المنسحبة من الفرقة الثالثة والسادسة ومجموعة الاشاذلي وبعض عناصر الفرقة الرابعة المدرعة وقد بذل اللواء الغول قائد الفرقة الرابعة المدرعة كل جهد لخلق نوع من النظام في القوات التي كانت تتزايد على طول الطريق.

وأثناء ذلك كانت الوحدات المتقدمة للعقيد "شارمى" تتقدم بسرعة في اتجاه المدخل الشرقي لممر متلا لعمل كمين بها للقوات المصرية ولغلق مرورهم في اتجاه الغرب إلى قناة السويس وكانت القوات الجوية الإسرائيلية والتي سيطرت تماماً على الأجواء وقامت بحصر وقصف الحشود الهائلة من مركبات المصريين التي تلتقي عند الممر وكانت أولاً تتكدس بالمئات ثم بالآلاف من العربات المحترقة بالمنطقة ولم تترك أي ثغرة لمناورة القوات. وأثناء تقدم مقدمة مجموعة القتال وعددها تسعة دبابات بقيادة العقيد "شارمى"، نفذ منها الوقود، ووصلت الدبابات لهدفها بأربع منها مقطورة في الآخرين، واتخذوا مواقع بالمنطقة وقاموا بقفل طرق الاقتراب والسيطرة عليها ضد القوات اليائسة والتي تحاول شق طريقها خلال الممر وفي هذه العملية فغالبا تضمن العزل وحدات "شارمى" أيضاً (وبالصدفة فقد ألحقت هذه القوة بقوات "يوفيه" المتبقية ولم تنجح إلا دبابة واحدة مصرية في اختراق هذه المصيدة أما الآخرين فقد تم تدميرهم).

وفي هذا الاضطراب الذي حدث عند تلاقى الطرق المؤدية إلى ممر متلا حيث كانت القوات الإسرائيلية تصارع لتصل إلى وحدة "شارمى" الصغيرة القائمة بإغلاق الممر والسيطرة عليه بينما كانت الوحدات المصرية، تصارع أيضاً للوصول للممر واختراقه للوصول إلى قناة السويس فقد وقعت سرية دبابات إسرائيلية في اشتباك مع طابور من الدبابات المصرية، ونتيجة للظلام لم يكن من السهل التمييز بين الدبابات المصرية والإسرائيلية، وإدراك الإسرائيليين أنهم أخطئوا وسط طابور مصري، ولكن نتيجة لذعر المصريين واندفاعهم غرباً لم يجعلهم يدركون التعرف على الدبابات التي لحقت بهم في الظلام وهنا أمر القائد الإسرائيلي وحدته بالاستمرار في الطابور وكأن شيئاً لم يحدث على امتداد الطريق ولمسافة قصيرة وبعدها صدر الأمر بتغيير الاتجاه فجأة إلى اليمين ثم أضاءوا أنوارهم وأطلقوا نيرانهم على أي دبابة ظلت على الطريق وفي هذه العملية قاموا بتدمير كتيبة دبابات مصرية كاملة وخلال ذلك قاتلت قوات "شارمى" ضد قوات كبيرة طول الليل وأنقذهم حصولهم على الوقود من الدبابات المصرية المهجورة.

واستمرت قوات "شارون" في اندفاعها جنوباً في اتجاه نخل وفي أحد المراحل تقابلت مع لواء مدرع مصري كاملاً وهو اللواء الثاني مدرع من الفرقة السادسة المشاه الآلي وبدون أفراد حيث هرب الأفراد وكانت جميع المعدات بحالة صالحة وفي مكانها ولم يكن "شارون" يعلم أن قائد هذا اللواء وهو العميد "أحمد عبدالنبي" قد أخذ أسيراً ومعه عدد من رجاله بواسطة وحدات فرقة "يوفيه" وعند سؤاله عن ترك الدبابات وهي سليمة أجاب أنه اصدر أوامره بالانسحاب ولكن لم يتلقى تعليمات بتدمير الدبابات واشتبكت قوات "شارون" مع لواء مشاة ولواء مدرع من الفرقة السادسة المصرية بالمنطقة خارج نخل وكان من نتيجة تلك المعركة تدمير 60 دبابة وأكثر من 100 مدفع وأكثر من 300 مركبة وأعادت قوات "شارون" تجميعها وتحركت لتنضم لفرقة "يوفيه" في بير التمادا.

وفي طريق قوات "تال" من بير جفجافة في اتجاه القناة غرباً قابلت تدعيمات مصرية مدرعة تتخذ طريقها شرقاً من الإسماعيلية تهدف لشن هجوماً مضاداً لتأخير التقدم الإسرائيلي للقناة وكانت دبابات مقدمة "تال" من طراز إم اكس خفيفة التدريع فقاتلت في معركة قوية ضد الدبابات المصرية والتي ثبت أنها فرقة مدرعة من دبابات متوسطة سوفيتية الصنع ت - 55، وعندما وصلت التعزيزات الإسرائيلية اشتبكت مع اللواء المصري من مدى بعيد من حوالي 3000 ياردة لعدم القدرة على المناورة بسبب الغرود الرملية وقد انتشر اللواء المصري لعمق حوالي 4 ميل وبعد قتال استمر حوالي 6 ساعات تم تدمير اللواء وواصل "تال" تقدمه في اتجاه القناة وذلك بواسطة لواء المقدمة والذي كان منتشراً على مواجهة واسعة.

وتم في يوم القتال الأخير تدمير القوات المدرعة المصرية في سيناء وكذا التقدم الأخير لقناة السويس وحققت كلا من قوتي "تال" اتصالها على الطريق الممتد على الضفة الشرقية لقناة السويس ولكن بمجرد وصول القوات الإسرائيلية للقناة قامت القوات المصرية بمنطقة الإسماعيلية بمهاجمتها بحشود نيران المدفعية الثقيلة والمقذوفات الموجهة المضادة للدبابات عبر قناة السويس وتم الرد السريع عليها.

واخترقت قوات "يوفيه" على المحور المركزي ممر الجدي بعد أن اعترضتها ثلاثون دبابة مصرية مدعمة ببقية القوات الجوية المصرية وبالتوازي مع هذا التحرك وفي آن واحد اندفعت قواته في طريقها وسط الدبابات والمعدات التي تم تدميرها بممر متلا في اتجاه القناة. وتحركت وحدة أخرى من فرقة "يافية" في اتجاه الجنوب الغربي إلى خليج السويس في اتجاه رأس سدر وبمساعدة الإبرار الجوي استولت القوات المشتركة على المنطقة وتقدمت فوراً في اتجاه الجنوب على طول الساحل إلى شرم الشيخ ولم يتم في هذه المرة اصطدام مأساوي، كما حدث مع اللواء التاسع المشاة بقيادة "يوفيه" في حرب 1956، أثناء التقدم من ايلات إلى شرم الشيخ.

10. الاستيلاء على قطاع غزه

كانت قد تمت مهاجمة قطاع غزة في اليوم الأول للحرب ويقول "موشي ديان" في كتابه"قصة حياتي": "كنت قد عارضت مثل هذا العمل خلال المرحلة الأولى لأنني كنت أعتقد أن القطاع سيصبح معزولاً، وسوف يستسلم بدون معركة بمجرد الاستيلاء على رفح والعريش ولكن بعد ما قامت وحدات العدو بقصف المستعمرات الإسرائيلية على الحدود، ألح قائد قوات الجبهة الجنوبية ورئيس أركان حربه على ضرورة الاستيلاء على القطاع فورا، واستغرقت عملية الاستيلاء عليه أكثر من يومين من القتال، (وكان يمكن تجنب معركة غزة).

وكانت المعركة التي تمت في شريحة صغيرة بطول 25 ميل وعرض 8 ميل وبها تكدس سكاني وتم نجاح القوات الإسرائيلية فيها خلال اليومين الأوليين من القتال عندما كان "يوفيه" يخطط لاقتحام جبل لبنى وعندما اقتربت القوات المدرعة الإسرائيلية في البداية في الاتجاه  نحو خان يونس يوم 5 يونيه، ثم عدلت اتجاهها جنوب غرب في اتجاه رفح الذي تحرك فيه لواء مظلي مدعم بالدبابات شمالاً على طول القطاع في اتجاه مدينة غزة مقاتلاً داخل القرى ومعسكرات اللاجئين وكان كثيراً من السكان المدنيين مزودين بالسلاح لدعم الفرقة الفلسطينية، وبالتوازي مع هذا الإجراء تم مهاجمة غزة من الحدود الإسرائيلية غرب المدينة والملاصقة لخط نقط الحدود المصرية على الميول الشرقية لتبة على المنطار. وفي المساء تمكنت القوات المتقدمة من خان يونس شمالا من الاستيلاء على تبة على المنطار من الجنوب وأمطرتها بنيران كثيفة وبقتال متلاحم عنيف تم الاستيلاء على بلدتى خان يونس وغزة وفي اليوم التالي تمت السيطرة على القطاع في الساعات الأولى من صباح اليوم الثالث للحرب.

واكتملت السيطرة على كل سيناء بواسطة عملية اتصال تحققت مساء يوم السبت 10 من يونيه عند أبو زنيمة، وهي قرية صغيرة يسكنها الصيادون على الشاطئ الشرقي لخليج السويس، فقد اتجهت قوة من رأس سدر جنوبا، بينما اتجهت قوات المظليين التي هبطت عند شرم الشيخ نحو الشمال. واستولت قوات المظلات على الطور في طريقها، وواصلت تقدمها واستولت على آبار بترول أبو رديس، وكان من المفروض أن تتم عملية الاتصال قبل هذا بثمان وأربعين ساعة، وعندما وصل "ديان" إلى هناك ثارت ثائرته نتيجة لهذا التأخير، ولكن كانت أبو زنيمة هادئة وفي حالة استرخاء. فهنا منذ أكثر من 3500 سنة كانت السفن المحملة بالفيروز المستخرج من المناجم القريبة من شربيت شرابة الخادم تنقل شحناتها القيمة عبر الخليج لزخرفة قصور الفراعنة المصريين.

11. الحالة النفسية المتدهورة من أثر الهزيمة وأثرها على الجيش والشعب في مصر.

مع بدء الحرب بدأت الدعاية المصرية في إعلان قصص وهمية عن الانتصارات الكبيرة التي حققتها القوات العربية. فقد خرجت تقارير عن وقوع تل أبيب تحت قصف جوى عنيف وأن مصفاة البترول في حيفا مشتعلة بالنيران بالإضافة إلى العديد من الانتصارات الوهمية من ميدان القتال وقد تلقى الشعب المصري أخبار اليوم الأول للحرب بسعادة حماسية وفي اليوم الثاني استمرت وسائل الإعلام المصرية في نشر قصص عن النجاح المستمر ولكن بدأت القصص تكون أكثر اتزاناً وفي اليوم الثالث كان هناك تغيراً جذرياً وكان رد الفعل الشعبي مصبوغاً بالفزع والغضب والحزن. وقد فقد المشير "عبدالحكيم عامر" القائد العام للقوات المسلحة والذي حكى عنه الكثير من القصص فيما يختص بإدمانه للمخدرات ـ فقد أعصابه وبدأ في إصدار أوامر متضاربة إلى القادة في الميدان مباشرة أما الرئيس "عبدالناصر" فقد ظل يتلقى طول اليوم تقارير تفاؤلية مزيفة من خط المواجهة الأمامي وقد شجع "الملك حسين" في محادثة تليفونية في ساعات الصباح على شن هجوم بقواته على طول الحدود الأردنية وأبلغه أن المصريين في طريقهم لعبور صحراء النقب لمقابلة القوات الأردنية المتقدمة من تلال حبرون.

وطبقاً لأحاديث "عبدالناصر" التي تلت الحرب وما ظهر في محاكمات القادة المصريين بعد الحرب فإنه لم يكن يعلم بالكارثة التي لحقت بالقوات الجوية المصرية في الساعات الأولى من الصباح وحتى الساعة 1600 نفس اليوم وأخيراً اتفق كل من الرئيس "عبدالناصر" و"الملك حسين" على الإدعاء بأن القوات الجوية الأمريكية قد اشتركت في الهجوم على القوات الجوية المصرية، وذلك لتفسير وتبرير الهزيمة القاسية للقوات الجوية العربية والتي تمت على أيدي الإسرائيليين. وكانت هذه المحاولة الخرقاء لتبرير الهزيمة التي كشفت القادة العرب أمام بعضهم وأنها تمت بواسطة الإسرائيليين الذين التقطوا وسجلوا محادثة تليفونية للقائدين العربيين وبعد يومين تم تأكيدها فقد اعترف "الملك حسين" بعد ذلك بأن شريط التسجيل الإسرائيلي كان صحيحاً، وسحب المزاعم السابقة والتي أدت إلى المظاهرات ضد الأمريكيين والبريطانيين في الشرق الأوسط.

وكانت الأوامر المتضاربة التي وجهها المشير "عبدالحكيم عامر" إلى الوحدات الميدانية في سيناء قد خلقت مناخاً من الرعب بين كثير من القادة المصريين مما دعاهم للفرار لإنقاذ أنفسهم وتركوا تشكيلاتهم لإيجاد مكان لتأمين العبور من قناة السويس بل أن المشير "عبدالحكيم عامر" نفسه قد انتحر بعد أن أصبح واضحاً أنه سيقدم للمحاكمة.

وفي الوقت الذي انتشرت فيه حالة الإحباط المعنوي على مستويات القيادة العليا للجيش المصري قابل الجنرال "جافيتش" قادته الثلاثة (تال، وشارون، ويوفيه) وحثهم على تنمية خططهم بالمطاردة السريعة لقطع القوات المصرية قبل تمكينهم من الفرار عبر سيناء وفي يوم القتال الثاني تم تعزيز مكاسب اليوم الأول وقامت قوات "تال" والتي سبق أن غيرت اتجاهها جنوبا خلال مطار العريش وصلت بير لحفن في اتجاهها إلى جبل لبنى وقد سقطت بير لحفن بعد تطويق جنب القوات المصرية كما يمثل جبل لبنى أحد القواعد المصرية الرئيسية في عمق سيناء وبه عدة معسكرات محصنة وقاعدة جوية وتلاقى طرق مركزي يربط جميع الاتجاهات في سيناء وقد قام "الفريق مرتجى" بفتح الفرقة الثالثة المشاة المدعمة بوحدة دبابات هنا في لبنى ولمسافة 12 ميل جنوبها أي بمنطقة الحسنة حيث قامت قوات "تال" من الشمال وقوات "يوفيه" من الشرق بمهاجمة هذه القوات المحصنة والممتدة بمناطق لبنى والحسنة ومع غسق يوم 6 يونيه سقطت معظم المعسكرات بجبل لبنى وتابعت قوات يوفيه تقدمها جنوباً إلى بير الحسنة وكانت قوات "شارون" في نفس الوقت تقوم بتطهير منطقة أم قطف. وبعد ذلك غيروا اتجاههم جنوباً إلى نخل للتعامل مع مجموعة "الاشاذلي" المدرعة بين القسيمة والكونتلا[7].

12. قبول مصر وقف إطلاق النار

بعد أربعة أيام من القتال الدامي والفشل والشعور بالصدمة السياسية والعسكرية - التي عانى منها كل من الجنود المصريين في الميدان وقادتهم وافق "عبدالناصر" على وقف إطلاق النار في نهاية يوم الخميس 8 من يونيه 1967، وكان "عبدالناصر" وقادته العسكريون قد فشلوا في أن يستشفوا النوايا الإسرائيلية على الرد على حصاره البحري، بالرغم من أن الدلالات كانت واضحة. وكان من المفروض أن يكون واضحاً لهم، وخاصة بعد تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، أن إسرائيل ستعمل على كسر الحصار عن طريق الاستيلاء على مضيق تيران - الأمر الذي لا يمكن أن يتحقق إلا بعد القتال في قلب سيناء أولاً. غير أن المصريين أقنعوا أنفسهم بأن إسرائيل لن تجرؤ على القيام بعمل ما. وقد علم "عبدالناصر" ببدء الحرب عندما سمع بأذنيه الانفجارات الناجمة عن مطار غرب القاهرة. وعلم قائد جيشه المشير "عامر"، ببدء الحرب عندما شاهد بعينه أعمدة الدخان المتصاعدة من القاعدة الجوية بأبو صوير.

وفشل "عبد الناصر" وقادته العسكريون أيضاً في إدراك خطة العمليات الإسرائيلية بعد بدء المعركة. وفشلوا في أن يحكموا حكماً سليماً على الأحداث في ميدان المعركة - وكانوا في أكثر الأحيان لا يدركونها إلا بعد أن يكون قد فات أوان اتخاذ إجراءات مضادة، وأخيراً فشلوا في إظهار المرونة اللازمة بعد الصدمة التي سببتها ضربتنا الجوية الوقائية، وكان أثر الصدمة نفسياً أكثر منه عملياً في المرحلة الأولى للحرب، إذ أنه بالرغم من حصول إسرائيل على السيطرة في الجو، فإن المدن المصرية لم تقصف وكان في إمكان الوحدات المدرعة المصرية الموجودة في الجبهة أن تقاتل حتى بدون مساندة جوية.

وفي الساعة التاسعة والدقيقة الخامسة والثلاثين مساء الخميس 8 من يونيه أبلغ "يوثانت"، سكرتير عام الأمم المتحدة، مجلس الأمن بأن المندوب المصري قد أخطره لتوه بقبول مصر وقف إطلاق النار بلا أي شرط. وكان هذا تحولاً كاملاً عن الموقف المصري الذي كان يقاوم حتى تلك اللحظة، فقبل ذلك بسبع دقائق فقط كان المندوب السوفيتي قد قدم مشروع قرار لا يدعو إلى وقف إطلاق النار فحسب، بل إلى انسحاب إسرائيل إلى خطوط سنة 1949، وقبل 24 ساعة من ذلك كان "عبدالناصر" قد أبلغ رؤساء الجزائر والعراق وسورية وملك الأردن بأن مصر لن تتوقف عن القتال طالما ظل جندي إسرائيلي واحد على الأراضي المصرية. وقد أدلى بهذا التصريح بعد ساعة ونصف من اتخاذ مجلس الأمن قراراً يطالب بقبول جميع الأطراف وقف إطلاق النار على أن يسرى مفعوله ابتداء من الساعة العاشرة من مساء 7 من يونيه، ولم يكن "عبدالناصر" يردد شعارات جوفاء. فقد كان يود فعلا الاستمرار في القتال، وكان يعتقد أنه يستطيع ذلك. وفي مساء اليوم نفسه، أصدرت القيادة العليا بالقاهرة أوامرها للقوات المصرية بشن هجوم مضاد ضد الجيش الإسرائيلي، وقد حاولت إحدى الوحدات أن تفعل ذلك فعلاً.

ولم يدرك "عبد الناصر" حقيقة الأوضاع المؤلمة إلا مساء 8 من يونيه عندما علم بسقوط القنطرة شرق، وأن قواته في سيناء تهرب مذعورة وليس هناك أمل في إقامة خطة دفاع. عند ذلك فقط أصدر تعليماته لمندوبه في الأمم المتحدة بقبول وقف إطلاق النار.

"ويقول "موشي ديان" في كتابه قصة حياتي Story of  my life" كانت قواتنا قد وصلت إلى القناة بالفعل عندما قبلت مصر وقف إطلاق النار. ومع ذلك كنت أعتقد أننا قد نستطيع إقامة خط دفاعي على مسافة من القناة بعد الحرب. وكنت أريد إقامة خط يمنع مصر من إعادة قواتها المسلحة إلى سيناء، وفي الوقت نفسه يمكنها من المحافظة على الحياة الطبيعية في منطقة قناة السويس، وكنت قد طلبت، بعد استيلاء قواتنا على القنطرة شرق، عقد اجتماع للتشاور مع رئيس الوزراء ورئيس الأركان، وقررنا أن تتوقف قواتنا على مسافة 12.5 ميل من قناة السويس. ولكن حدث تطوران جديدان. أولهما أنه بالرغم من قبول مصر لوقف إطلاق النار، فإن بقايا قواتها استمرت في إزعاج وحداتنا في شرق القناة، ثانياً، أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت على وشك تقديم قرار إلى مجلس الأمن يدعو إلى سحب كلا الجانبين لقواته المسلحة إلى مسافة ستة أميال من القنال. واعتقدنا أنه من مصلحتنا أن تكون لدينا منطقة نستطيع الانسحاب منها. وعلى ذلك أصدرت هيئة الأركان العامة تصحيحاً لقرارها السابق، وقالت أن التوزيع الجديد للقوات لن يصبح ساري المفعول إلا بعد انتهاء القتال".

13. الخسائر المصرية

قدرت إسرائيل خسائر المصريين في حرب الأيام الستة بحوالي 15000 وقد خفض المصريين هذا الرقم وأعلنوها 10000 وأسرت القوات الإسرائيلية أكثر من 5000 جندي وأكثر من 500 ضابط كما تم فقد أكثر من 800 دبابة دمر أكثر من ثلثيهما وبالإضافة لعدة مئات من المدافع الروسية الصنع والمدافع ذاتية الحركة وأكثر من عشرة آلاف مركبة مختلفة الأنواع وبعد عدة شهور اعترف الرئيس "عبدالناصر" أن 80% من المعدات العسكرية التي يمتلكها الجيش المصري فقدت في معارك سيناء وكانت خسائر إسرائيل على تلك الجبهة حوالي 300 قتيل وأكثر من 1000 جريح.

14. إغراق السفينة الأمريكية "ليبرتى"

كانت هناك سفينة مخابرات إلكترونية (ليبرتى) تتمركز بعيداً عن الحرب خارج ساحل سيناء ظلت تبحر ببطيء حوالي 14 ميل بحري شمال غرب العريش. ولم يخطر الأمريكيون أي من الجانبين عن هدفها أو مهمتها أو حقيقة ما تفعله السفينة بالمنطقة وباستعادة الذاكرة أنه عندما اخترقت قوات اللواء "تال" على امتداد المحور الشمالي في اتجاه العريش قامت القوات المصرية بإعادة التجميع وإعادة الاستيلاء على بعض المواقع التي سبق الاستيلاء عليها بواسطة القوات الإسرائيلية وقد حدث جو من الاضطراب بسبب هذا الموقف وفي 8 يونيه تم إطلاق النيران على القوات الإسرائيلية في منطقة العريش بصفة عامة وأبلغت القوات الإسرائيلية أنه يتم قصفهم من البحر وقد تم إنذار القوات الجوية والتي تعرفت على قطعة بحرية تبحر قرب ساحل سيناء من المنطقة التي تم منها قصف القوات بصفة عامة وكان خيال الباخرة مشابه وخاصة بالنسبة لطيار يقود طائرة نفاثة على ارتفاع عالي لخيال السفن التي في القوات البحرية المصرية وبدون أي تأكيدات أخرى هاجمت طائرة إسرائيلية هذه الباخرة الغريبة والتي لم يتضح أنها صديقة ونتج عن ذلك قتل 34 من طاقمها وجرح 164 وقد تمكنت السفينة من الإبحار عائدة إلى مالطة وبعد استفسار عسكري عبر الإسرائيليون عن أسفهم وعرضت دفع تعويضات للولايات المتحدة الأمريكية وإلى عائلات هؤلاء الذين قتلوا أو جرحوا ولكن المحاولات التي بذلت لتأكيد أن ما حدث كان هجوماً سريعاً من جانب القوات الإسرائيلية ولم يتم فيه الفحص أو التدقيق وخاصة ما يربط الحكومتين الإسرائيلية والأمريكية من علاقات الود والتفاهم البالغ بين البلدين والذي عبر عنه الرئيس "ليندون جونسون" للحكومة الإسرائيلية أنه متفهم حالة إسرائيل عندما لا تجد لها مخرج إلا الحرب وأن اللوم هنا يقع أولاً على السلطات الأمريكية التي رأت أنه من المناسب وضع سفينة تجسس بجوار ساحل دولة صديقة في وقت الحرب دون تبليغها أو تحذيرها وبدون إخطار إسرائيل عن مكان سفنها.


 



[1] يقول الجنرال أهارون باريف (مدير الاستخبارات الإسرائيلية في هذا الوقت) أنه تم اختيار ساعة الصفر عند بدء تحرك معظم أفراد وقادة الوحدات الجوية المصرية، وهم في طريقهم إلى قواعدهم بعد تناول الإفطار "أهارون باريف، مصدر سابق، ص 218". ويذكر الأخوان رودلف، وونستون تشرشل في كتابهما، ص ص 34-35 : "أنه كانت هناك أربعة أسباب رئيسية وراء اختيار إسرائيل لهذا التوقيت منها : 1- كانت حالة الاستعداد المصرية قد بلغت الذروة، وكان من الصواب الافتراض بأن المصريين كانت لديهم منذ أن بدأوا في حشد قواتهم في سيناء بطريقة عدوانية، عدة طائرات من طراز "ميج - 21" تقف على أهبة الاستعداد في نهاية الممر في كل صباح، بحيث تكون على استعداد للتحليق في الجو في مدى خمس دقائق. كما كان من المحتمل أيضاً أن لديهم دوريات تحلق في الجو. وتتألف من طائرة أو طائرتين من طراز "ميج - 21" في هذه الفترة من اليوم. وهي الفترة التي من المرجح فيها على الأغلب أن يقع هجوم العدو. غير أنه رؤى، أنه ليس من المرجح، إلى حد كبير، أن يستمر المصريين في هذه الحالة من الاستعداد إلى فترة غير محدودة، وبما أنه لم يقع هجوم خلال ساعتين أو ثلاث ساعات بعد الفجر. فمن المرجح أن المصريين كانوا يخففون من حالة استعدادهم، ويطفئون بعض أجهزة الرادار لدواعى الصيانة. وقد شعر الإسرائيليون أنه من الصواب الافتراض بأن المصريين كانوا يقللون من درجة استعدادهم في الساعة 7.30 (8.30 بتوقيت القاهرة). 2- أن الهجمات الجوية تقع في أغلب الأحيان في الفجر، ولذلك كان لابد على الطيارين أن يكونوا داخل طائراتهم قبل ثلاث ساعات على الأقل من تحليقهم في الجو. ومعنى هذا أنه كان لابد عليهم أن يستيقظوا في حوالى منتصف الليل أو لا يناموا على الإطلاق في تلك الليلة. وبتحديد الساعة 7.45 لتوجيه الضربة الأولى، أصبح في استطاعة الطيارين الإسرائيليين أن يناموا حتى الساعة 0400 صباحاً أو نحوها. 3- في هذا الوقت من العام يوجد ضباب في المنطقة ينقشع تماماً مع بلوغ الساعة الثامنة صباحاً، وتكون الرؤية واضحة إلى أقصى حد بسبب زاوية الشمس. 4- وأخير ذلك نفس السبب "الذي سبق أن ذكره ياريف من ذهاب الموظفين إلى مكاتبهم".

[2] كانت الدورة الزمنية للطائرات لكي تضرب القواعد المصرية الرئيسية في منطقة القناة تحسب كالآتى : - الوقت اللازم لوصول الطائرات إلى الهدف = 22.5 دقيقة تقريبا. - الوقت الذي تستغرقه الطائرات للتحليق فوق الهدف = 7.5 دقيقة تقريباً. - الوقت اللازم لعودة الطائرات إلى القاعدة = 20 دقيقة تقريباً. - الوقت اللازم لهبوط الطائرات = 7.5 دقيقة تقريباً. - المجموع الكلى = 57.5 دقيقة تقريباً

[3] يقول الأخوان رودلف، وونستون تشرشل في كتابهما، حرب الأيام الستة،  ص 40 : "برغم من أن 23 شبكة رادار مصرية (من بينها 16 شبكة في سيناء) قد عطلها سلاح الجو الإسرائيلي عن العمل، إلا أن ذلك لم يتم قبل بعد ظهر يوم الاثنين. ومن المحتمل أن أجهزة التشويش الإلكترونية، لم تستخدم قبل الساعة 7.45 صباحاً. نظراً لأن ذلك كان سيحذر العدو من أن شيئاً يحدث حوله. ولكن بعد ذلك، فإن الإسرائيليين تلاعبوا تماماً بشبكات الرادار المصرية"

[4] يمثل خط الفاصل الزمني الكبير بين بدء الضربة الجوية على الجبهة المصرية 7.45، وإقلاع طائرات سورية لتنفيذ مهام 11.50، أي أكثر من أربعة ساعات. وقد حقق ذلك انفراد إسرائيل بكل جبهة على حدة

[5] يقول ونستون، ورودلف تشرشل: "يرجع تدمير في المطارات إلى استخدام إسرائيل لقنبلة عجيبة، ابتكرها الإسرائيليون، وعملوا على تطويرها لكي تستخدم في غرض معين، وهو تدمير الممرات.. ففي الوقت الذي يتم فيه إلقاء القنبلة، يجرى إطلاق صاروخ عكسى يمنع انطلاقها إلى الأمام، ثم يجرى إطلاق صاروخ آخر يعمل على دفعها عموديا داخل الممر. وفي الوقت الذي تخترق فيه القنبلة الخرسانة، يقوم جهاز تفجير زمنى بتفجيرها وقد يقوم جهاز التفجير بعمله في الحال، أو ربما يؤجل عملية التفجير لفترة زمنية متغيرة. وقد روى الملك حسين شيئاً عن الأضرار التي حدثت نتيجة إلقاء القنابل الصاروخية، في حديث أدلى به إلى "جون بنتلى" مراسل جريدة "فلايت". قال : "أن الحفر التي نجمت عن قذف هذه القنابل كان عمقها يصل إلى متر أو مترين. وأن القنابل التي تنفجر في زمن لاحق لوقت إلقائها، جعلت عملية إصلاح الممرات مستحيلة وقد انتظرنا حتى يهدأ الموقف، ولكن الطائرات الإسرائيلية كانت تتابع في أمواج متعاقبة، وقد كنا نظن أن الليل سيسمح لنا بالتحرك فوق الأرض، ولكنهم كانوا يشعلون الحرائق ويحولون الظلام إلى نهار

[6] العقيد جونين، يعتبر ضابط صلب شديد المراس وقاطع اللهجة معروف بارتداء نظارة شمس وقد خرج من هذه الحرب بسمعة طيبة وهو مواطن من القدس وابن لوالدين أرثوذكس وكان طالباً في مدرسة دينية للأرثوذكس في القدس وكانت أول تجربة له في القتال وهو في السادسة عشر في حصار القدس خلال حرب الاستقلال وفي حملة سيناء خدم كقائد سرية في اللواء السابع بقيادة بن آرى في ذلك الوقت وتدرب في الولايات المتحدة في مدرسة المدرعات في فورت نوكس مثل معظم ضباط المدرعات في إسرائيل. وفي صيف عام 1973 حل محل أريك شارون كقائد عام للمنطقة الجنوبية وبعد شهور قليلة اندلعت حرب يوم كيبور 73 وفي الأوقات التي ظهر فيها أمام لجنة "اجرانات" وفي مقابلاته العامة التالية ظل جنين يقول أنه ورث عبء القيادة الجنوبية وعانى إهمال القائد السابق وهو الجنرال شارون في حرب يوم كيبور، ووصل هذا الجندي الشجاع إلى نهايته المفاجئة

[7] كان اللواء سعد الدين الشاذلي ضابط قوات خاصة له تقديره عند الرئيس جمال عبدالناصر وفي 1960 قاد كتيبة من القوات الخاصة المصرية في الكونغو في إطار الأمم المتحدة. ورغم أن الكتيبة لم توفي مهامها بصورة طيبة في تلك العملية إلا أن العقيد سعد الشاذلي اكتسب شعبية ملحوظة ومتميزة وقد كلفت قواته في عام 1967 بعمل هجوم كبير وذلك بقطع النقب الإسرائيلي في الجنوب وحتى شمال إيلات وفي فترة الانتظار التي سبقت الحرب بأسابيع كانت له تصريحات في الصحف العالمية تشيد بالقوة المدرعة المصرية وتقلل من قيمة القوات الإسرائيلية التي تواجهها وقد اشترك في التخطيط لحرب أكتوبر كرئيس أركان القوات المسلحة المصرية وكان قد فقد أعصابه في تلك الحرب بعد أن أقامت إسرائيل جسرا عبر القناة وقد حدث خلاف بينه وبين السادات أثناء إحدى المقابلات وطبقا لما رواه السادات أن الشاذلي كان في حالة هستيرية وحث الرئيس على سحب القوات المصرية من الضفة الشرقية لقناة السويس وقد رفض الرئيس السادات اقتراحاته وأعفاه من القيادة، وقد تم إبعاده كسفير لمصر في بريطانيا ثم في البرتغال ولكنه بعد ذلك أقيل من منصبه ودعى لثورة ضد السادات ثم تعامل مع العقيد القذافي رئيس ليبيا ربما ليجمع حوله قوات مصرية مناهضة للسادات