المبحث السادس

الخط المنيع "هندنبرج" (1917)

أولاً: الإستراتيجية

كان الاستهلال بقادة جدد تولوا القيادة العامة على الجانبين.

روبرت جورج نيفيل في فرنسا يقابله فريق العمل الألماني هندنبورج ولودندورف.

أمّا بريطانيا فقد حافظت حسب تقاليدها بقيادتها في الجبهة الغربية، ألكسندر هيج.

بلغ حجم القوات المتضادة في الجبهة الغربية: 154 فرقة للألمان مقابل 190 فرقة للحلفاء.

1. الجانب الألماني

أ. اطمأن الألمان إلى تحييد القوات الروسية في الجبهة الشرقية.

ب. ركزوا إستراتيجيتهم على الدفاع في الجبهة الغربية مستندين إلى خط الدفاع الجديد "خط هندنبرج" شديد التحصين الممتد من آراس قرب البحر حتى لافير.

2. الحلفاء

أ. خطط الحلفاء للهجوم بشن معارك بحشد كثيف من القوات والنيران.

ب. خطط البريطانيون لاستخدام الدبابة في حشود كبيرة مراعين تجنب أخطاء التجربة الأولى.

ج. دخلت أمريكا الحرب في جانب الحلفاء ـ وصلت أمريكا إلى الجبهة الغربية في وقت كان جميع الأطراف قد بلغوا حداً بعيداً من الإعياء والترنح لفرط ما بذله من تضحيات بشرية ومادية. فقُلبت الموازين بشدة ورجحت كفة الحلفاء بشكل متدرج وحاسم بفضل إمكانياتها الهائلة والأهم ما أحدثته من تأثير معنوي هائل لدى الحلفاء.

د. في الوقت الذي ظهرت فيه أمريكا على مسرح الحرب كانت روسيا تنسحب وتخرج من المسرح بعد أن عجزت عن مواصلة تحمل خسائرها الباهظة.

وبحساب الخسائر والأرباح كسب الحلفاء كثيراً بدخول أمريكا إلى جانبهم وخسروا قليلاً بخروج روسيا من صفوفهم.

الأسباب التي دفعت أمريكا إلى دخول الحرب:

كان السبب الظاهري المعلن هو عودة ألمانيا إلى شن حرب الغواصات غير المحدودة اعتباراً من 31 يناير 1917 ـ وكانت ألمانيا قد أنزلت خسائر كبيرة بالسفن المدنية التجارية ومنها سفن الركاب عام 1915 ـ ونتج عن إغراق هذه السفن خسائر في الأرواح منهم مواطنين أمريكيين فاحتجت أمريكا على الحادث وبعده وعدت ألمانيا بعدم مهاجمة السفن المدنية ونفذت هذا الوعد طوال عام 1916 ـ ومع إعلان ألمانيا عام 1917 بالعودة مرة أخرى إلى إغراق السفن التجارية وجدت أمريكا في هذا الإعلان تحدياً لمصالحها وإضراراً بعلاقاتها التجارية عبر البحار. فلم يمض سوى شهران حتى أعلنت الحرب على ألمانيا في 6 أبريل 1917.

أما السبب الحقيقي فنرجح أن يرجع إلى إستراتيجية أمريكا القائمة على مساندة الحلفاء الغربيين وعدم التدخل إذا كانت لديهم القدرات لمواصلة الحرب وإحراز النصر ـ غير أن الموقف في مطلع عام 1917 كان يُشير إلى تراجع قوة الحلفاء فبعد البوادر المؤكدة بانهيار روسيا وخروجها من الحرب، وبعد ما تحملته فرنسا في معارك فردان وبريطانيا في معارك السوم عام 1916 من خسائر بشرية فادحة وخسائر مادية تبين لأمريكا عجزهما عن إحراز النصر وإنهما في حاجة إلى دعمها ـ وهو ما يتفق مع الخط الإستراتيجي بعدم التخلي عن الحلفاء وأن الانتصار الألماني النهائي مرفوض وضار بالمصالح الأمريكية.

كان قرار دخول الحرب من جانب أمريكا قراراً موقوتاً نجح في اختيار اللحظة التاريخية المناسبة بل والحاسمة كما ظهر من نتائجه عام 1918.

ثانياً: أهم المعارك في الجبهة الغربية

1. هجوم الربيع

هجوم مشترك فرنسي بريطاني ـ فرنسي عند ريمز، بريطاني عند آراس بُني الهجوم على المفاجأة والسرعة الخاطفة.

2. عمليات الفلاندرز

3. معركة كمبراي

دروس معركة كمبراي

قامت الدبابة بدور رئيسي في موجات الهجوم الأولى. وأكدت مرة أخرى أنها مفتاح الحل لحرب الخنادق مع مراعاة شروط استخدامها.

ثالثاً: أهم الأحداث في باقي مسارح الحرب  1917

1. الجبهة الشرقية

ما بين مارس 1917 ومارس 1918 حث انهيار دولة روسيا القيصرية وخروجها من الحرب.

2. جبهة البلقان

3. الجبهة الإيطالية

4. الشرق الأوسط

أ. العراق

ب. فلسطين

5. جبهة القوقاز

حدث تمرد بين الجنود الروس وبدأ فرسان القوقاز العودة إلى قراهم وحقولهم ظناً منهم أن الأرض ستصبح ملكاً لهم كفلاحين أحرار ـ حدث شلل في قيادة فيلق يودينتش فعاد هو إلى وطنه وظهر بعد ذلك في الحرب الأهلية.

عاش الأتراك أياماً سعيدة بعد انهيار القوات الروسية ـ واستمروا في نشوة الانتصار في جبهة القوقاز حتى وقعت تركيا الهدنة مع الحلفاء في 30 أكتوبر 1918 (تسري من 31 أكتوبر 1918).

ارتكب الأتراك مذبحة في الأرمن عام 1915 أثناء القتال ضد الروس ـ وارتكبوا مذابح أخرى عام 1918 ـ وبلغ ضحايا الأرمن من الجوع والمذابح نصف مليون فرد.

رابعاً: حصاد العام 1917

1. دخول الولايات المتحدة الأمريكية وخروج روسيا من حلبة الصراع

لعل هذين الحدثين هما أهم علامات الطريق في مسار الحرب عام 1917 ـ بل ربما في الحرب بأسرها ـ ففي 6 أبريل 1917 ألقيت الولايات المتحدة بثقلها البشري والمادي والمعنوي في الحرب إلى جانب الحلفاء ـ وفي ديسمبر من العام نفسه انهار النظام القيصري وتداعى بناء القوات الروسية وخرجت روسيا من الحرب وتم تصفية الجبهة الشرقية ـ وأصبحت ألمانيا تركز جهودها في جبهة واحدة (الغربية) بدلاً من جبهتين.

2. الجبهة الشرقية

حققت ألمانيا ما سعت إليه لعدة سنوات بإخراج روسيا من الحرب ـ فقامت بنقل 4 جيوش ألمانية من الجبهة الشرقية إلى الجبهة الغربية.

تخلصت النمسا من كابوس روسيا الثقيل على حدودها الشرقية ـ فحولت جهودها هي أيضاً إلى الجبهة الإيطالية وأوقعت أول هزيمة ساحقة بإيطاليا في معركة كابوريتو منهية عامين ونصف من معارك مائعة بلغ عددها 11 معركة كلها باسم ايسونزو.

3. الجبهة الغربية

أ. أكدت معركة كمبراي أن البريطانيين قد وجدوا الحل لحرب الخنادق في سلاحهم الجديد الدبابة وكل ما تحتاجه الدبابة هو شيء من الصقل في الصناعة وفي الاستخدام.

ب. كانت ظاهرة التمرد بين القوات الفرنسية جديدة بين الأطراف المتحاربة وسرعان ما تم تغيير القيادة وتعيين الجنرال بيتان الذي نجح في علاج الظاهرة واحتوائها بسرعة.

ج. أصبح استخدام الغاز السام مشاعاً من الجانبين ـ وثبت عدم جدواه كسلاح تكتيكي حاسم.

4. جبهة البلقان

سيطرت ألمانيا والنمسا على جبهة البلقان وحققتا الاتصال البري مع تركيا على الرغم من دخول اليونان الحرب في صف الحلفاء.

5. الشرق الأوسط

دخلت القوات البريطانية مدينة بغداد يوم 11 مارس 1917 ـ وفي ديسمبر 1917 دخلت مدينة القدس ـ محققة نصراً سياسياً ومعنوياً كبيراً على تركيا.