إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / اليمن... الثورة والحرب (1962 ـ 1970)، حرب اليمن من وجهة النظر المصرية





ميناء الحديدة
ميناء صليف
إجراءات تأمين قاعدة الحديدة
أعمال المقاومة الملكية
أعمال قتال الجانبين على المحور الشرقي
أعمال قتال الجانبين في المنطقة الشمالية
أعمال قتال الجانبين، يوليه 1967
أعمال قتال الجانبين، يونيه 1967
التوزيع الجغرافي للقبائل
السيطرة على المحور الساحلي
العملية نسر
العملية اكتساح
العملية صقر
العملية قادر
القوات المصرية والجمهورية، يوليه 1967
القوات المصرية والجمهورية، يونيه 1967
القوات المصرية، نهاية أبريل 1966
القوات الجمهورية، مايو 1967
توزيع قوات الجمهوريين بمنطقة الجوف
تطهير صحن العقبة
تضاريس اليمن
عمليات الجانبين للسيطرة على المحور
عملية جبل اللوز
فتح وتطهير طريق السر
فتح طريق المطمة ـ الحميدات
قتال المنطقة الشمالية
قتال الجمهوريين لتأمين منطقة أرحب
قتال الجانبين للسيطرة على منطقة السوده
قتال الجانبين للسيطرة على المحور الأوسط
قتال الجانبين للسيطرة على المحور الشمالي
قتال الجانبين للسيطرة على طريق الحديدة
قتال الجانبين للسيطرة على ذيبين
قتال الجانبين بمنطقة الجوف
قتال الجانبين بالمنطقة الشمالية
قتال الجانبين بالمنطقة الشرقية
قتال الجانبين على المحور الأوسط
قتال الجانبين على المحور الشرقي
قتال الجانبين على المحور الشرقي 1962
قتال الجانبين في المنطقة المركزية
قتال الجانبين في المنطقة الغربية
قتال الجانبين في جبلي حرم ورازح
قتال الجانبين في قطاع جبل رازح
قتال قوات الجمهوريين للسيطرة على مأرب
قتال قوات الجمهوريين للسيطرة على الحزم

منطقة العمليات البحرية
مسرح الحرب اليمنية
المسرح اليمني
الجمهورية العربية اليمنية
القصف الجوي 1963
القصف الجوي 1964
القصف الجوي 1965
القصف الجوي يناير ـ مايو 1967
القصف الجوي يونيه ـ ديسمبر 1967
طرق التسلل



بسم الله الرحمن الرحيم

ثالثاً: التمهيد العسكري للتسوية

1.    تصعيد الملكيين للموقف (يناير ـ فبراير 1964)

على أثر دعوة الرئيس جمال عبدالناصر، في 27 ديسمبر، إلى عقد مؤتمر قمة عربية، لمواجَهة الموقف، الذي كان يؤْذِن بالانفجار، على الجبهة الإسرائيلية ـ السورية، بعد أن قاربت إسرائيل إتمام عملية تحويل مجرى نهر الأردن ـ حاولت قيادة الملكيين تسريب أقصى ما يمكنها من الإمدادات، إلى القبائل التي تساندها، تمهيداً لتصعيد الموقف، من أجْل تحسين أوضاعها وموقفها العسكري، قبْل انعقاد مؤتمر القمة العربية، الذي قدَّرت أنه سيثير المشكلة اليمنية، حتى يمكِن مصر حشد قواتها، لمواجَهة التهديد الإسرائيلي[1].

وقد تلخصت خطة الملكيين، وقتئذٍ، في القيام بعدة عمليات، استهدفت قطْع الطرق، التي تربط صنعاء بالمناطق المختلفة، لعزْل العاصمة. في الوقت الذي يجري فيه تثبيت القوات المصرية في تلك المناطق، وإغراء القبائل، المحيطة بصنعاء، بالتمرد والانقضاض عليها.

وقد بدأت قيادة الملكيين تنفيذ مخططها، خلال شهرَي يناير وفبراير 1964، باستغلال تفرغ القبائل، بعد موسم الحصاد وتخزين المحاصيل. فنشطت أعمال قتال القبائل المحيطة بالعاصمة، لقطْع الطرق المختلفة الموصلة إليها. كما تزايدت الهجمات والإغارات والكمائن والتراشق بالنيران، من جانب الملكيين، ضد القوات الجمهورية والمصرية، في المناطق المختلفة، من النصف الشمالي لليمن كما يلي[2]:

    ‌أ.    أعمال القتال في المنطقة المركزية[3] (انظر شكل أعمال قتال الجانبين في المنطقة المركزية (يناير ـ فبراير 1964))

نجحت قوة من مقاتلي قبيلة الحيمة، التي انقلبت على النظام الجمهوري، في قطْع طريق صنعاء ـ الحديدة، بين مفحق ومناخة، خلال الفترة من 15 إلى 18  يناير. وهاجمت أحد الأرتال الإدارية المصرية. وخلال الأسبوع الأول من فبراير، تصاعدت عمليات قطْع الطرق. إذ هاجم بعض مقاتلي القبائل الملكية، بقيادة الأمير محمد بن الحسن مَواقع القوات المصرية، في بيت السيد، في وادي السر، وقطعوا الطريق إليها. في الوقت الذي حشد فيه الملكيون ما يقرب من 1000 مقاتل، من القبائل التي تساندهم، في منطقة سنحان، تحت قيادة عبدالله بن الحسن، واحتلوا الهيئات المسيطرة على الطريق المؤدي إلى جيحانة، فقطعوه. وفي جنوب العاصمة، تمكّن الملكيون من قطْع طريق صنعاء ـ تعز، في منطقتَي نجيل ووعلان. وفي منطقتَي ثلاء وكوكبان، تكررت هجمات الملكيين الفاشلة، طوال شهر فبراير، على مَواقع القوات المصرية في المنطقة.

وإزاء تصاعد عمليات قطْع الطرق، دفعت قيادة المنطقة المركزية مجموعة قتال (ما يقرب من كتيبة مشاة، وسرية دبابات)، في 16 يناير إلى فتْح طريق صنعاء ـ الحديدة. وبعد قتال عنيف مع مقاتلي الحيمة، في منطقة القطع، تمكنت القوات المصرية من فتح الطريق، في 18 يناير، وإنقاذ ما تبقى من الرتل الإداري. وبعد تطهير الطريق وتأمينه، شنت القوة المصرية هجوماً تأديبياً على منطقة الحيمة. انتهى إلى السيطرة على المنطقة، وسقوط حصن مفحق في أيدي القوات المصرية، في نهاية يناير.

وفي وادي السر، دفعت قيادة المنطقة المركزية مجموعة قتال (ما يقرب من كتيبة مشاة)، خلال الأسبوع الأول من فبراير، إلى استعادة السيطرة على وادي السر، وفتْح الطريق إلى بيت السيد، بالتعاون مع القوات الجمهورية. وقد تمكنت القوات المصرية والجمهورية، خلال يومَي 5 و6 فبراير، من طرْد القوات الملكية من المنطقة، وفتْح الطريق، والسيطرة على المناطق المحيطة بمنطقة القطْع، في نهاية الأسبوع الأول من فبراير.

وفي جنوب العاصمة، دفعت مجموعة قتال أخرى، إلى فتْح طريق صنعاء ـ تعز، بالتعاون من مقاتلي القبائل الجمهورية. وقد تمكنت القوات المصرية والجمهورية من فتْحه، في نهاية الأسبوع الأول من فبراير، والقيام بعملية تأديبية ضد "الضبر" و"نجيل" و"وعلان" (منطقة القطْع)، وتمكنت من فرض السيطرة الجمهورية عليها، في نهاية الأسبوع الثالث من فبراير.

وفي الوقت الذي كانت تُجرى فيه العمليات السابقة، دفعت قيادة المنطقة المركزية مجموعة قتال مصرية أخرى، إلى فتح طريق جيحانة، المقطوع شمال سنحان. وبعد مقاومة شديدة من قوات الملكيين، التي تحتل الهيئات المسيطرة على الطريق، نجحت القوة المصرية في فتْحه وتأمينه، في 12 فبراير.

    ‌ب.   القتال في المنطقة الشرقية[4] (انظر شكل أعمال قتال الجانبين بالمنطقة الشرقية (يناير ـ فبراير 1964))

في الوقت الذي كثف فيه الملكيون نشاطهم، في المنطقة المركزية، حول العاصمة، خلال شهر يناير، نشطت عملياتهم في المنطقة الشرقية، حيث هاجمت قواتهم (حوالي 500 مقاتل، بقيادة الشيخ علي بن ناجي الغادر)، المواقع المصرية والجمهورية، في جبل جروة وشرزة والبياض (شرق جيحانة) ورأس العرقوب، خلال شهر يناير. وباستثناء قطْع طريق جيحانة ـ رأس العرقوب (جنوب الأخيرة)، فقد فشلت كل الهجمات السابقة بعد تمكّن القوات المصرية والجمهورية من صدها. وفي الفترة من 6 إلى 8 فبراير، نجحت القوات المصرية والجمهورية في فتْح الطريق المقطوع، وبدأت في دفع الدوريات والكمائن بين مأرب وصرواح، ومأرب وحريب، وفي اتجاه وادي رغدان، لقطْع الطريق على قوافل إمداد الملكيين، القادمة من بيحان. ونجحت، فعلاً في الاستيلاء على قافلتين محملتين بكميات كبيرة من الأسلحة والذخائر.

    ‌ج.   القتال في المنطقة الوسطى[5]

حشد الملكيون قواتهم، شرق رايدة، وعلى طريق الخراب ـ الحرف، لقطْع الطريق إليهما. وإزاء ذلك التهديد، حشدت قيادة القوات العربية، في المسرح، ما يقرب من 2400 مقاتل من مقاتلي القبائل الجمهورية، في منطقة الحرف، تولى نحو ألف منهم، تعاونهم بعض المدرعات، تأمين طريق الحرف ـ صعدة، واحتلال المناطق الحاكمة، على أجناب الطريق. في الوقت الذي هاجمت فيه القوة الباقية من المقاتلين مناطق آل عمار ووادي مذاب وطريق الحرف ـ الخراب، مما أحبط مخطط الملكيين في تلك المنطقة. وفي رايدة، تمكنت القوات المصرية من صد هجمات الملكيين على مواقعها الدفاعية، ودفعت مجموعة قتال إلى تأمين طريق رايده ـ عمران.

    ‌د.    القتال في منطقة الجوف[6]

استمر الملكيون في تخزين إمداداتهم، في مناطق بويع وشمال الراقب والخنجر ومحاشمة. كما حشدوا ما يقرب من 500 مقاتل، في المنطقة الأولى، استعداداً للهجوم على الحميدات. في الوقت الذي تبادلت فيه قواتهم النيران مع المَواقع المصرية، في الراقب. إلا أن القوات المصرية نجحت في صدّ هذا الهجوم، وأغارت على قواعد الملكيين، شمال الراقب.

هـ.  القتال في المنطقة الشمالية[7] (انظر شكل أعمال قتال المنطقة الشمالية (يناير ـ فبراير 1964))

كانت المنطقة الشمالية من أكثر المناطق، التي تعرضت لأعمال قتال الملكيين، خلال شهرَي يناير وفبراير. فقد حاولوا عزل صعدة، بالهجوم على كل من نشور ومجز، في الشمال، والصفراء وجبل دغشف ومضيق السنارة والصحوة وجبل براش، في الجنوب والجنوب الشرقي. وباستثناء احتلال برط، فقد نجحت القوات المصرية والجمهورية في صدّ كافة هجمات الملكيين، وتكبيدهم خسائر كبيرة.

    ‌و.    القتال في المنطقة الغربية[8]

هاجمت القوات الملكية، في هذه المنطقة، قفل حرض والمحاشمة والمفتاح وأفلح، خلال شهر فبراير وحشدت ما يقرب من 500 مقاتل، لقطْع طريق الخشم ـ الطور ـ حجة. إلا أن القوات المصرية والجمهورية، نجحت في صد هذه الهجمات، والرد عليها بعدة إغارات على مَواقع الملكيين، حول طريق الخشم ـ الطور، مما أحبط محاولاتهم قطْع ذلك الطريق.

وفي نهاية شهر فبراير، كانت القوات المصرية والجمهورية، قد تمكنت من إحباط مخطط الملكيين لعزْل صنعاء والانقضاض عليها. إلا أنه كان على هذه القوات تطهير الجيوب الجبلية، التي يتخذها الملكيون قواعد، لشن هجماتهم وأعمالهم القتالية المختلفة، قبْل التحرك نحو التسوية السياسية.

2.    تحوُّل الجمهوريين إلى الهجوم

    ‌أ.    تطهير جيوب المقاومة (مارس ـ أبريل 1964)[9]

بانتهاء عمليات فتْح الطرق، وإحباط مخطط الملكيين، قرر قائد القوات العربية في المسرح، استعادة المبادأة، والتحول إلى الهجوم، لتطهير جيوب المقاومة الملكية، وتوسيع نطاق السيطرة الجمهورية. وعلى ذلك، قامت القوات المصرية، بالتعاون مع القوات الجمهورية، بعدة عمليات هجومية، لتطهير جيوب المقاومة، والقضاء على القوات الملكية، التي تتحصن بالأراضي الجبلية الوعرة، في المناطق الشمالية والشمالية الغربية لليمن.

وقد بدأت المرحلة الأولى من هذه العمليات، خلال شهر مارس وحتى منتصف أبريل، بعد تطهير جيوب المقاومة في منطقة الحيمة، خلال الأسبوع الأخير من فبراير، حين هاجمت مجموعة قتال (حوالي كتيبة مشاة) جبل الزافن (جنوب طريق عمران ـ كحلان)، وطهرته من القوات الملكية، في 14 مارس. وفي النصف الثاني من الشهر عينه، طُهرت هضبة كوكبان وجبلا حضور الشيخ ومدع، وأعلَنت قريتا كوكبان وثلاء الولاء للجمهورية[10]. وخلال الفترة من 20 مارس وحتى 15 أبريل، تمكنت قوات القبائل الجمهورية من تأمين طريق الطورـ الأمان، والقضاء على مقاومة الملكيين في الشغادرة وبَنِي العوام والأتبعي، مما دفع أغلب مشايخ المنطقة إلى إعلان الولاء للجمهورية. وفي الفترة نفسها، شنت القوات المصرية، في المنطقة الشرقية، إغارات تأديبية على بيت جرم والمصينعة (شمال جبل كنن وغربه)، رداً على أعمالهما القتالية ضد القوات المصرية في المنطقة.

    ‌ب.   توسيع نطاق سيطرة الجمهوريين (مايو ـ أغسطس 1964)

شهد ربيع وصيف عام 1964، تزايداً ملحوظاً في الجهد العسكري الجمهوري ـ المصري، الذي أخذ شكلاً تعرضياً كبيراً، للقضاء على المقاومة الملكية، وتقوية موقف المفاوض الجمهوري المصري في أي مفاوضات، تجري من أجل التسوية السياسية للحرب الأهلية في اليمن. فقد أدركت القيادة المصرية، منذ ربيع عام 1963، أن الدعم السعودي والبريطاني للملكيين، هو الذي حال دون تحقيق نصر حاسم، ونهائي، على الملكيين، وهو الذي مكّنهم من استعادة نشاطهم، بعد كل ضربة، توجهها إليهم القوات المصرية والجمهورية[11].

حيال صعوبة القضاء على مصادر هذا الدعم، عسكرياً، لتضمّنه أبعاداً سياسية خطيرة، فضلاً عن ثمنه العسكري الباهظ، بافتراض إمكان تنفيذه، فقد اتجهت القيادة المصرية إلى الطريق الوحيد المفتوح أمامها، وهو فتْح أبواب الاتصال بالمملكة العربية السعودية، من أجل التسوية السياسية، إلا أنها قبْل أن تخطو على هذا الطريق، كان عليها تصعيد عملياتها التعرضية، لتوسيع نطاق سيطرة الجمهورية والقضاء على المقاومة الملكية، أو إضعافها على الأقل، حتى يجيئ خطْوها نحو التسوية السياسية من موقع القوة. أما بالنسبة إلى بريطانيا، فقد وجدت القيادة المصرية، أن الحل الأمثل تجاهها، هو المعاملة بالمِثل، أي تصعيد دعمها العسكري، غير المباشر، لحركة المقاومة في جنوب اليمن المحتل.

(1) ضغط الجمهوريين في المنطقتين، الشمالية والوسطى (مايو ـ يونيه 1964) (انظر شكل أعمال قتال الجانبين بالمنطقة الشمالية (العملية نسر))

(أ)  العملية الهجومية "نسر"

بانتهاء عمليات التطهير ضد جيوب المقاومة، بدأت مرحلة توسيع نطاق السيطرة الجمهورية، والقضاء على المقاومة الملكية، في المناطق الوعرة من المنطقتين الشمالية والوسطى. وتمهيداً للعمليات الرئيسية في المنطقة الشمالية، قامت القوات الجمهورية باحتلال جبل الحصن وجبل الحناجر، على طريق صعدة ـ الحرف، خلال شهرَي أبريل ومايو. كما تم تأمين نشور ومجز ووادي علف.

وخلال الفترة من 8  إلى 12  يونيه، هاجمت القوات المصرية والجمهورية منطقة شرق الصفراء، لتطهيرها والقضاء على المقاومة الملكية فيها، أُطلق على الهجوم العملية "نسر". وحُشد لهذه العملية مجموعة قتال مصرية (كتيبة مشاة مدعمة)، ونحو 1500 مقاتل من قبيلة الحِدا الجمهورية، و200 جندي من قوات الجيش الجمهوري.

وقد تلخصت فكرة العملية في عزل قوات الملكيين، في منقطة براش وما حولها، بالسيطرة على ضيقة خزام، وقطْع طريق الإمداد من عظلة إليها. وبإتمام عملية العزل، يبادر بعض القوات المصرية والجمهورية إلى احتلال جبل دماج. في الوقت الذي تتقدَّم فيه قوة الهجوم الرئيسية في اتجاه جبل براش، لتطهيره وتأمين المنطقة، شرق الصفراء (انظر شكل أعمال قتال الجانبين بالمنطقة الشمالية (العملية نسر)).

وبدأ التمهيد للعملية "نسر"، في 8 يونيه، بدفع قوة من مقاتلي قبيلة الحِدا إلى قطْع الطريق بين عظلة وغرير، في منطقة ضيقة خزام، شمال برط. وفي اليوم التالي، تمكّن مقاتلو الحِدا من قطْع الطريق، بعد احتلال الهيئات المسيطرة عليه. وفي يوم 10 يونيه، احتلت قوة من مقاتلي قبيلة الحدا، بالتعاون مع بعض القوات المصرية (سرية مشاة)، جبل دماج، من دون مقاومة فاعلة.

وبعد تمهيد بالمدفعية والطيران، بدأت القوة الرئيسية، من مقاتلي الحدا والقوات المصرية، هجومها على جبل براش، في 10 يونيه، لتطهيره من الملكيين. وحاولت القوات الملكية شن هجوم مضادّ، ليلة 10/11، على المَواقع المصرية في الصحوة، إلا أنها باءت بالفشل، وتكبدت خسائر كبيرة. وفي نهاية يوم 11 يونيه، كان قد قُضي على المقاومة الملكية، شرق براش وجنوبها الشرقي. وفي اليوم التالي، استكملت القوات المصرية ومقاتلو الحِدا تطهير المنطقة، شرق الصفراء، واستولوا على وادي شرمان والمرتفعات، شماله وجنوبه. وبذلك، انهارت مقاومة الملكيين، واضطرت قواتهم إلى الانسحاب في اتجاه البرجة، بعد أن تكبدت خسائر جسيمة، مخلِّفة، وراءها، كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر، وبعض الوثائق المهمة لمستشاري الأمير أحمد بن الحسين، الذي جُرح في هذه العملية.

(ب)  العملية الهجومية "صقر"

هاجمت القوات المصرية والجمهورية، في المنطقة الوسطى، في عملية ذات مرحلتين، في قطاع رايدة، أُطلق عليها الاسم الكودي "صقر"[12] (انظر شكل أعمال قتال الجانبين في المنطقة الوسطى (العملية صقر) (يونيه 1964)). وأُديرت المرحلة الأولى من هذه العملية، في الفترة من 12 إلى 15 يونيه، على محور عمران ـ كحلان ـ حجة، بهدف إعادة السيطرة على محور حجة، وتطهير المنطقة شمالاً، حتى السودة، واستكمال تمهيد الطريق من كحلان حتى الأخيرة.

وبدأت هذه المرحلة، بعد تمهيد نيراني، بالمدفعية والطيران، بهجوم القوات المصرية (حوالي كتيبة مشاة مدعمة)، على مَواقع الملكيين في جبل الزافن، والاستيلاء عليه يوم 11 يونيه، وبتأمين الجانب الأيسر للقوات المهاجمة، تقدَّم نحو 1500 مقاتل من مقاتلي قبيلة حاشد، في اتجاه السودة، وتمكنوا من دخولها، في 12 يونيه، والاستيلاء على المناطق شرق كحلان وجنوبها الشرقي. وفي اليوم التالي، طورت القوات الجمهورية هجومها، في اتجاه مناطق بَنِي عشب وبني التربي (غرب كحلان وشمالها الغربي). وفي نهاية يوم 15 يونيه، كانت قوات الجمهورية، قد سيطرت تماماً على المناطق السابقة، فضلا عن منطقة بَنِي موهب. كما سقطت الجاهلي والمكحلة، وفُتح الطريق إلى حجة، وتم الاتصال بها.

أما المرحلة الثانية من العملية "صقر"، فقد أُديرت، في الفترة من 28 يونيه إلى 1 يوليه، بغرض السيطرة على منطقة السودة، وتطهيرها من القوات الملكية. وقد بدأت هذه المرحلة باحتلال قواعد الهجوم، بوساطة مجموعة قتال مشتركة (كتيبة مشاة مصرية، وسرية مظلات يمنية، وحوالي 300 مقاتل من قبائل عيال يزيد)، يوم 28 يونيه. وبعد قتال، استمر يومَي 29 و30 يونيه، تمكنت قوة الهجوم من الاستيلاء على السودة، والقضاء على القوات الملكية فيها، وتطهير المناطق حولها.

(2)     استمرار ضغط الجمهوريين في إتجاه الشمال والشمال الغربي (يوليه ـ أغسطس 1964)

في نهاية شهر يونيه، كان حجم القوات المصرية في المسرح اليمني، قد زاد على 10 ألوية مشاة و4 كتائب مظلات و 6 كتائب صاعقة و 3 كتائب مدرعة وأكثر من ثلاث كتائب مدفعية، إلى جانب عناصر الدعم الأخرى، تمهيداً لحسم الموقف في المرتفعات الشمالية الغربية لليمن. ويوضح الملحق الرقم (27) تفصيل هذه القوات.

وخلال شهرَي يوليه وأغسطس 1964، استمر الضغط العسكري، المصري والجمهوري، على الملكيين، شرق براش، وفي السلاسل الجبلية الوعرة، شمال غرب اليمن، للحفاظ على قوة الدفع والنجاح، الذي حققه الجمهوريون، خلال الأشهر السابقة، ومد نطاق السيطرة الجمهورية إلى أقصى مدى لها، قبْل لقاء القمة المصرية ـ السعودية، المرتقب في شهر أبريل (تأجل ذلك اللقاء عدة مرات، حتى تم في إطار مؤتمر القمة العربية الثاني، في شهر سبتمبر).

وقد شجع قيادة القوات العربية في المسرح اليمني على ذلك، موقف القبائل، التي يوجود بين ظهرانيها أمراء أسرة حميدالدين. فنتيجة للضربات الجوية، والإغارات البرية، على مناطق تلك القبائل، خلال الأشهر السابقة، اهتز ولاؤها لأُسرة حميدالدين، وأصبح مصدر خطر عليها. وعلى ذلك، أصبحت تُّرحب بدخول القوات المصرية والجمهورية  إلى مناطقها، تفادياً للتدمير، الذي كانت تُّلحقه بها الإغارات، الجوية والبرية، المصرية، ورغبةً في تلقّي المعونات، أسوة بالقبائل الأخرى.

وعلى ذلك، دفعت قيادة القوات العربية في المسرح، ما يقرب من ألف مقاتل من القبائل الجمهورية، تدعمهم نيران المدفعية، وسرية صاعقة بحرية إلى الهجوم على منطقة السهلين، شرق جبل براش، في 9 يوليه، لتطهيره من قوات الملكيين، التي عادت للتجمع فيه. وحاول الملكيون شن هجوم مضاد، ليلة 9/10، وطوال يوم 10 يوليه، بنحو 600 مقاتل. إلا أنهم فشلوا. وفي نهاية يوم 11 من الشهر عينه، كانت القوات الجمهورية، تسيطر على شرق براش، بعد انسحاب القوات الملكية، في اتجاه جبال سحار، مخلّفة، وراءها، 54 قتيلاً و11 أسيراً[13] (انظر شكل أعمال قتال الجانبين في المنطقة الشمالية (يوليه ـ أغسطس 1964)).

(أ)  العملية الهجومية "اكتساح"

شنت القوات المصرية والجمهورية هجومها الكبير، الذي أُطلق عليه الاسم الكودي "اكتساح"، خلال الفترة من 11 إلى 25 أغسطس، مستهدفة القضاء على وجود الإمام المخلوع في المنطقة الجبلية، التي يتحصن بها، شمال غربي اليمن، ومد سيطرة النظام الجمهوري حتى الحدود السعودية[14] (انظر شكل الهجوم على جبل رازح وشعار (العملية اكتساح) (10 ـ 22 أغسطس 1964)).

وخُصص لهذه العملية قوة ضخمة، تشمل مجموعة قتال، تزيد قوّتها على كتيبتَي مشاة (إحداهما يمنية، من القوات التي تم تدريبها في مصر) وكتيبة مدرعات، إضافة إلى كتيبة مدفعية، وسرية هاون 120 مم، وعناصر الدعم الأخرى، إلى جانب بعض وحدات الحرس الوطني، وقوة من مقاتلي القبائل الجمهورية، قدر عددها بنحو 4900 مقاتل.

وتلخصت فكرة العلمية "اكتساح" في تقدّم القوات المخصصة للهجوم، لتطهير منطقة المرتفعات، على محورين، يلتقيان عند الحدود السعودية، جنوب جبل رازح، كما يلي:

المحور الأول (مجز ـ رازح)

ويبدأ هذا المحور من مجز مروراً بغمر وجبل حرم، ثم جبل رازح. ويعمل عليه ما يقرب من 3400 مقاتل من القبائل الجمهورية، المدعمة بنيران المدفعية والقوة الجوية المصرية.

المحور الثاني (حرض ـ الخربة)

ويبدأ هذا المحور من حرض مروراً بجبل غنم وجبل شعار، ثم جبل غالب والخربة. ويعمل عليه مجموعة قتال مشتركة، من القوات المصرية والجيش الجمهوري، وعناصر من الحرس الوطني، إضافة إلى نحو 1500 مقاتل من القبائل الجمهورية.

واستغرق التحضير لهذه العملية ما يقرب من شهرين (يونيه ويوليه)، تم فيهما التخطيط، وحشد القوات وإعدادها، وتحريكها إلى مناطق التجمع، وإجراء الاستطلاع التفصيلي، والتنسيق بين مشايخ القبائل المشاركة في الهجوم.

وقد بدأت العملية، في 11 أغسطس، بتقدم قوات المحور الأول، من منطقة تجمّعها، في مجز، في اتجاه غمر. وبعد مقاومة محدودة من قوات الملكيين، تمكنت القوات الجمهورية من احتلال غمر والهيئات المشرفة عليها وتأمينها، في 12 من الشهر نفسه. وبعد يومين من التقدم الناجح، وصلت القوات الجمهورية إلى جبل حرم، في 14 أغسطس. وبعد مناوشات محدودة، أعلنت قبائل حرم ولاءها للجمهورية، واستعدادها للقتال مع قواتها ضد الملكيين، في رازح.

وبعد تقدم ناجح، بدأت القوات الجمهورية هجومها على جبل رازح وقلعته، في 15 أغسطس. وفي نهاية اليوم، تمكنت القوات الجمهورية من إخماد مقاومة القوات الملكية في المنطقة، فانسحب الملكيون إلى الحدود السعودية، بعد تكبدهم خسائر جسيمة. وفي اليوم التالي، أعلنت قبائل رازح ولاءها للجمهورية. وبعد استقرار الأوضاع في المنطقة، عادت قوات القبائل إلى صعدة، في 30 أغسطس، بعد أن حلت محلها، في رازح، إحدى كتائب الجيش الجمهوري.

وعلى المحور الثاني، بدأ تقدم القوات المخصصة للهجوم، من منطقة تجمّعها في حرض، في 17 أغسطس، في اتجاه الجمة. وبعد اشتباك محدود مع قوات الملكيين، شمال قفل حرض، تمكنت القوات المهاجمة من احتلال الجسر المشرف على الجمة، بعد تكبيد الملكيين 15 قتيلاً وأسيراً واحداً. وفي اليوم التالي، تمكنت قوات القبائل الجمهورية من احتلال منطقة الجمة، والتقدم، شمالاً، في اتجاه جبل غُنم، والاستيلاء على بعض أجزائه. إلا أن القوات الملكية، شنت هجوماً مضاداً ناجحاً، في 19 أغسطس، استعادت به بعض المَواقع التي فقدتها.  وفي اليوم عينه، ردت القوات المصرية، والحرس الوطني اليمني، بهجوم مضادّ آخر، استعادت به الأجزاء المفقودة، واستكملت احتلال الجبل، والقضاء على المقاومة الملكية فيه.

وبعد تأمين جبل غُنم بإحدى كتائب الجيش اليمني، وبعض قوات الحرس الوطني، في 20 أغسطس، تقدمت الكتيبة 12 المشاة المصرية، في 21 من الشهر عينه، في اتجاه جبل شعار، حيث جُبِهَت بمقاومة شديدة من قوات الملكيين في المنطقة. إلا أن نيران المدفعية، والقصف الجوي المصري، قضَيا على هذه المقاومة، مما مكّن القوة المهاجمة من احتلال جبل شعار، ودفع بعض وحداتها الفرعية إلى احتلال جبل غالب والخربة.  وفي نهاية يوم 22 أغسطس، كان قد تم تأمين منطقة شعار وما حولها، والاستيلاء على كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر، التي خلّفتها قوات الملكيين، في مستودعاتها في المنطقة، قبْل انسحابها في اتجاه الحدود السعودية، التي سبقها إليها الإمام المخلوع، بعد إدراكه أبعاد الهجوم المصري والجمهوري ونتائجه.

وفي 27 أغسطس، حاولت القوات الملكية شن هجوم مضادّ على مَواقع القوات المصرية في جبل شُعار، من اتجاه الغرب. إلا أنها باءت بالفشل. وعندما كرر الملكيون هجومهم المضادّ، بعد ثلاثة أيام، بقوة، زادت على 1500 مقاتل، فإنهم نجحوا في اختراق أحد المَواقع المصرية. غير أن قيادة القوات المصرية في المنطقة، أسرعت بدفع احتياطيها إلى سدّ الثغرة، والقضاء على هجوم الملكيين، الذين اضطروا إلى الانسحاب، على أثر خسائرهم الكبيرة، التي قدرت بنحو 150 قتيلاً وعدد مماثل من الجرحى.

وبنجاح العملية "اكتساح"، وإعلان قبائل المنطقة ولاءها تمكّن الجمهوريون من إغلاق سلسلة المرتفعات الشمالية الغربية، في وجه الإمدادات السعودية، من اتجاه جيزان، وثبتوا أقدامهم في تلك المنطقة، التي لم تدخلها قواتهم، منذ قيام الثورة اليمنية.

(ب)  ردود فعل الملكيين في المنطقتين، الشمالية والوسطى (يوليه ـ أغسطس 1964)

في الوقت الذي كانت تُّجرى فيها العملية "اكتساح"، قرب الحدود الشمالية الغربية لليمن، هاجم الملكيون نشور (شمال صعدة)، في 23 أغسطس، في محاولة مستميتة، لتخفيف ضغط الجمهوريين على منطقة المرتفعات الشمالية الغربية. وقد نجحت القوات الملكية في اختراق أحد المَواقع الدفاعية، حول البلدة، بيد أن القوات المصرية المدافعة، سرعان ما شنت هجوماً مضاداً، استعادت به المَوقع، وأجبرت المهاجمين على الانسحاب، بعد تكبدهم خسائر، بلغت 40 قتيلاً و70 جريحاً، في مقابل 6 قتلى من القوات المدافعة[15] (انظر شكل أعمال قتال الجانبين في المنطقة الشمالية (يوليه ـ أغسطس 1964)).

وفي المنطقة الوسطى، حاول الملكيون حصار منطقة السودة، التي انتزعها الجمهوريون منهم، خلال العملية "صقر". وشددوا عليها الخناق، خلال شهر أغسطس، في محاولة مستميتة لاستعادتها، لِما لها من أهمية كبيرة في السيطرة على مرتفعات المنطقة الوسطى، إذ إنها قلب المنطقة الموصلة إلى رايدة، شرقاً، ووشحة شمالاً، والمحابشة غرباً، وكحلان وحجة جنوباً. ومع تشديد هجماتهم، خلال الأسبوع الثالث من أغسطس، تمكنوا من اختراق  بعض مَواقع قوات الجمهوريين المدافعة عن المنطقة، والاستيلاء على السودة وبَنِي الحجاج (انظر شكل أعمال قتال الجانبين للسيطرة على منطقة السوده (يوليه ـ أغسطس 1964)).

وإزاء هذا الموقف، دفعت قيادة القوات العربية في المسرح بمجموعة قتال (مشكلة من الكتيبة 81 مظلات، وسرية مظلات يمنية) إلى استعادة منطقة السودة. وفي الرابع والعشرين من أغسطس، شنت مجموعة القتال، المشار إليها، هجوماً مضادّاً ناجحاً على مَواقع الملكيين، حول السودة، بالتعاون مع القوة الجوية في المسرح. وتمكنت من استرداد المَواقع، التي خسرها الجمهوريون، في بَنِي الحجاج والسودة، واستعادة المنطقة، في نهاية شهر أغسطس، بعد أن خسر الملكيون خمسين فرداً، بين قتيل وجريح، في مقابل تسعة من الجرحى المصريين والجمهوريين (انظر شكل أعمال قتال الجانبين للسيطرة على منطقة السوده (يوليه ـ أغسطس 1964)).

    ‌ج.   فتح جبهة الجنوب اليمني

منذ بداية شهر أبريل 1964، تأكدت القيادة المصرية، أن مركز الثقل في عملية دعم الملكيين وإمدادهم بالأسلحة والمستشارين، قد انتقل من المملكة العربية السعودية إلى السلطات البريطانية في الجنوب اليمني (من طريق بيحان).غير أنها اكتفت بالرد على ذلك بالتأييد، السياسي والعسكري، غير المباشر، لحركة المقاومة في الجنوب المحتل[16] لِعِلمها بمحدودية الإمدادات البريطانية لقبائل المنطقة الشرقية.

إلا أنه مع تزايد هذه الإمدادات، خلال الأشهر الأولى من عام 1964، صعَّدت القيادة المصرية موقفها، سياسياً، في سلسلة الخطب، التي ألقاها الرئيس جمال عبدالناصر، خلال زيارته اليمن في أبريل من العام نفسه، إذ هاجم الرئيس المصري، بشدة، السياسة البريطانية الاستعمارية في المنطقة، وطالب بضرورة جلاء بريطانيا عن عدن، وطرْدها من كل مكان في الوطن العربي. وأعلن مساندة أبناء الجنوب، في كفاحهم من أجل التحرر من الاستعمار البريطاني.

وأمام استبعاد القضاء على مصادر الدعم البريطاني للملكيين، بتصعيد العمل العسكري المباشر، ضد البريطانيين في الجنوب اليمني، فقد اتجهت القيادة المصرية إلى الحل البديل، وهو التصعيد العسكري غير المباشر، بزيادة الدعم المصري للمقاومة المسلحة ضد الوجود العسكري البريطاني، بالسلاح والتدريب. الأمر الذي أدى إلى تصاعد العمليات العسكرية، ضد الوجود البريطاني في جنوبي اليمن، في أعقاب زيارة الرئيس جمال عبدالناصر[17].

3.    تعزيز الدفاع عن الشمال والشمال الغربي (سبتمبر ـ أكتوبر 1964)[18]

دعمت قيادة القوات العربية في المسرح، خلال شهرَي سبتمبر وأكتوبر، الدفاع عن المناطق، التي امتدت إليها سيطرة النظام الجمهوري، في الشمال والشمال الغربي (رازح وشعار). وإزاء استمرار محاولات الملكيين الاستيلاء على جبل شعار، لإعادة فتح طريق الإمداد إلى وشحة، بادرت القوات المصرية والجمهورية  في شعار، في 12 سبتمبر إلى عملية هجومية ناجحة، بالتعاون مع القوة الجوية في المسرح، انتهت إلى الاستيلاء على مجموعة الهيئات الواقعة غرب جبل شعار، التي كان الملكيون يتخذونها قاعدة، لشن هجماتهم على المَواقع المصرية في المنطقة. وأجبرت الملكيين على الانسحاب إلى داخل الحدود السعودية، مخلّفين، وراءهم، خمسين قتيلاً وكمية كبيرة من الأسلحة والذخائر، في مقابل قتيلين وأحد عشر جريحاً من القوات المصرية والجمهورية (انظر شكل أعمال قتال الجانبين في المنطقة الغربية (سبتمبر ـ أكتوبر 1964)).

وعلى الجانب الآخر، بذل الملكيون جهوداً مستميتة، خلال شهرَي سبتمبر وأكتوبر، لاستعادة المناطق، التي فقدوها خلال المرحلة السابقة، قبْل انعقاد المؤتمر الوطني اليمني، مركزين هجماتهم الرئيسية في منطقتَي شعار ورازح.

ففي المنطقة الأولى حاول الملكيون بثماني هجمات رئيسية، استعادة جبل شعار، خلال شهرَي سبتمبر وأكتوبر (منها ست في سبتمبر، واثنتان في أكتوبر) (انظر شكل أعمال قتال الجانبين في المنطقة الغربية (سبتمبر ـ أكتوبر 1964)) ، وزادت قوة كل هجمة على 700 مقاتل. وعلى الرغم من استمرار عمليات الدعم والإمداد للقوات المهاجِمة، من اتجاه الأراضي السعودية، إلا أنها فشلت، وخلفت، وراءها، ما يزيد على 120 قتيلاً، وعدداً كبيراً من الجرحى مقابل ثلاثة قتلى وخمسة وثلاثين جريحاً من القوات المصرية والجمهورية  المدافعة.

أما في منطقة رازح، فقد شن الملكيون ثلاث هجمات رئيسية، خلال شهر أكتوبر، بدأت أولاها، في 6 أكتوبر، بقوة بلغت 200 مقاتل، من جهة الغرب، ضد مَواقع إحدى كتائب الجيش الجمهوري (الكتيبة الرابعة)، التي تمكنت من صدّ المهاجمين وتكبيدهم أحد عشر قتيلاً. وعلى أثر ذلك، دُعمت المَواقع الدفاعية في منطقة رازح، بالكتيبة الثالثة من الجيش الجمهوري (انظر شكل أعمال قتال الجانبين في قطاع جبل رازح (أكتوبر 1964)).

وعندما شن الملكيون هجومهم الثاني، في 26 أكتوبر، بقوة زادت على 500 مقاتل، لم يكن حظهم بأحسن منه في الهجوم الأول. وعلى ذلك، اتجهت قيادة الملكيين في المنطقة إلى استمالة بعض قبائل رازح، مستغلة الخلاف، الذي نشب بين قوات الجيش الجمهوري وتلك القبائل، لتشكّكها في ولاء الأخيرة، التي سمحت بتسلل قوات الملكيين عبْر أراضيها، مما أدى إلى نجاح الملكيين في احتلال الميول الغربية لجبل رازح، بعد تحول ولاء القبائل، التي كانت تؤمنها، وفتْح أراضيها لقوات الملكيين، خلال هجومهم الأخير، في 28 أكتوبر (انظر شكل أعمال قتال الجانبين في قطاع جبل رازح (أكتوبر 1964)).

وعلى أثر سقوط الميول الغربية في يد الملكيين، دعمت قيادة القوات العربية في المسرح، قوات الجيش الجمهوري في رازح، وركزت القصف الجوي، نهاراً وليلاً، في قوات الملكيين في المنطقة، مما أدى إلى فشلهم في الوصول إلى قلعة رازح وحرم وغمر. غير أنهم نجحوا في قطْع طريق الإمداد إلى رازح (عند مروره شرق جبل حرم)، خلال الأسبوع الأخير من أكتوبر.

وفي الوقت الذي ركز فيه الملكيون جهودهم السابقة في منطقتي رازح وحُرم، فقد استمرت أعمالهم القتالية في المناطق الأخرى، وإن قلّت كثافتها عن المنطقتين السابقتين.

ففي قطاع رايدة، تكررت هجماتهم على مَواقع القوات الجمهورية في السودة. كما شهدت منطقة الجوف عدة هجمات على مَواقع القوات المصرية، في كل من اللسان والقمع والراقب وهرابة. وفي المنطقة الشمالية، تركزت هجمات الملكيين حول جبل دماج، يومَي 5 و6 سبتمبر، وسلسلة الجبال، شرق مجز ونشور، يومَي 9 و23 من الشهر عينه. وفي منطقة عبس، هاجم الملكيون مَواقع الجمهوريين، في الزرقا (شمال غرب عبس)، يومَي 3 و4 أكتوبر (انظر شكل أعمال قتال الجانبين في المنطقة الغربية (سبتمبر ـ أكتوبر 1964)). وقد باءت كل هجمات الملكيين السابقة بالفشل، وردت عليها القوات المصرية والجمهورية  بالإغارات، البرية والجوية، ضد المناطق، التي اتخذت قواعد لتلك الأعمال الهجومية.

أما في منطقة المحابشة، فقد كان الملكيون أحسن حظاً. إذ على الرغم من فشل هجومهم على مَواقع الجمهوريين في المحرق (شمال غرب المحابشة)، في 9 أكتوبر، فإنهم نجحوا، في 16 من الشهر عينه، في الاستيلاء على مَوقعَي "القاهرة" و"أفلح"، شمال "المحابشة"، اللذين كانت تدافع عنهما إحدى كتائب الجيش الجمهوري. وفي اليوم التالي، شن الجمهوريون هجوماً مضاداً ناجحاً، بالتعاون مع القوة الجوية في المسرح، استعادوا به السيطرة على المَوقعين اللذين استولى عليهما الملكيون (انظر شكل أعمال قتال الجانبين في المنطقة الغربية (سبتمبر ـ أكتوبر 1964)).

 



[1]   المصادر المصرية الرسمية.

[2]   المصادر المصرية الرسمية.

[3]   المصادر المصرية الرسمية.

[4]   المصادر المصرية الرسمية.

[5]   المصادر المصرية الرسمية.

[6]   المصادر المصرية الرسمية.

[7]   المصادر المصرية الرسمية.

[8]   المصادر المصرية الرسمية.

[9]   المصادر المصرية الرسمية.

[10]   أعاد الملكيون احتلال جبل الزافن ومدع وحضور الشيخ بعد تطهير القوات المصرية والقبائل الجمهورية هذه الجبال، في فبراير 1963، وهو ما كان يتم في معظم بؤر المقاومة الملكية بعد انسحاب القوات المصرية منها.

[11]   المصادر المصرية الرسمية.

[12]   المصادر المصرية الرسمية.

[13]   المصادر المصرية الرسمية.

[14]   المصادر المصرية الرسمية.

[15]   المصادر المصرية الرسمية.

[16]   المصادر المصرية الرسمية.

[17]   المصادر المصرية الرسمية.

[18]   المصادر المصرية الرسمية.