إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / حرب الاستنزاف




لقاء سياسي معنوي
الرئيس يتابع أحد المشروعات
الرئيس يتفقد قواته بالجبهة
جمال عبدالناصر والفريق محمد فوزي
جمال عبدالناصر مع الجنود
جمال عبدالناصر مع الفريق محمد فوزي
جثمان الرئيس عبدالناصر
عبدالناصر وسط قواته
عبدالناصر يتابع إحدى المناورات
عبدالناصر يصافح جندي
عبدالناصر في إحدى القواعد الجوية
عبدالناصر في لقاء معنوي
عبدالناصر في الجبهة

أماكن عمل الغواصات المصرية
إغارات وكمائن العدو
إغراق المدمرة إيلات
إغراق سفينة الأبحاث الإسرائيلية
معركة الكرامة 21/3/1968
الأعمال الفدائية الفلسطينية
الإغارات المصرية في عمق العدو
الإغارات التي شنتها إسرائيل
الإغارة على إيلات
القتال الناجح للقوات المصرية
رحلة الحفار إلى أفريقيا
عمليات الضفادع البشرية
قتال الدوريات والكمائن لقواتنا
قتال القوات البحرية المصرية
قصف منطقتي رمانة/بالوظة




المبحث الخامس

المبحث الخامس

القوات البحرية والجوية والدفاع الجوي والأعمال الفدائية خلال حرب الاستنزاف

أولاُ: القوات البحرية وحرب الاستنزاف

شهدت الفترة، التي تلت حرب يونيه 1967 حتى أوائل أغسطس 1970، أنشطة قتالية بحرية بين الطرفين. وكان كلاهما يهدف إلى إحداث أكبر خسائر في القوات البحرية للطرف الآخر، بغرض إحراز التفوق والحصول على السيطرة البحرية. ويعرف هذا النوع من القتال البحري في فنون الحرب البحرية "بالأنشطة القتالية الروتينية للقوات البحرية".

استطاعت القوات البحرية المصرية، أن تطبق أسس فن الحرب البحرية، خلال فترة الاستنزاف، تطبيقاً سليماً، حقق الهدف من استنزاف البحرية الإسرائيلية (اُنظر شكل قتال القوات البحرية المصرية).

واستغلت إسرائيل قوة الردع المتيسرة لديها، المتمثلة في تفوقها، ومدفعيتها الرابضة على الضفة الشرقية للقـناة، مهددة مدنها، في انتهاك المياه الإقليمية المصرية في البحرين المتوسط والأحمر. واضعة في اعتبارها عدم قدرة القوات المصرية، آنذاك، على منعها من ذلك.

ومن هذه الأعمال الاستفزازية، دخول المدمرة الإسرائيلية (إيلات) ومعها زوارق الطوربيد من نوع جولدن، ليلة 11/12 يوليه 1967 داخل مدى المدفعية الساحلية في بورسعيد، وعندما تصدت لها زوارق الطوربيد المصرية، فتحت إيلات على الزوارق وابلاً من النيران، ولم تكتف بذلك، بل استمرت في العربدة داخل المياه المصرية ليلة 21 أكتوبر 1967 في تحد سافر، مما تطلب من البحرية المصرية ضـبطاً بالغاً للنفس، إلى أن صدرت التوجيهات إلى قيادة القوات البحرية بتدمير المدمرة إيلات. فهاجمها زورقا صواريخ، وأطلقا عليها ثلاثة صواريخ موجهة، فأغرقتها في فترة وجيزة، وعليها طاقمها، الذي يتكون من نحو مائة فرد، إضافة إلى دفعة من طلبة الكلية البحرية، كانت على ظهرها في رحلة تدريبية. كانت تلك كارثة، ليس فقط على البحرية الإسرائيلية، بل على الشعب الإسرائيلي بأكمله. وعلى الجانب الآخـر، فإن البحرية المصرية والشعب المصري بأكمله، الذي ذاق مرارة الهزيمة في الخامس من يونيه من ذلك العـام ارتفعت معنوياته إلى حد كبير. وردت إسرائيل على هذه الحادثة يوم 24 أكتوبر، بقصف معامل تكرير البترول في الزيتية بالسويس، بنيران المدفعية. كما حاولت ضرب السفن الحربية المصرية، شمالي خليج السويس.

عجّل حادث إغراق المدمرة إيلات، بانتهاء إسرائيل من بناء 12 زورق صواريخ من نوع سعر، كانت قد تعاقدت على بنائها، في ميناء شربورج بفرنسا.

أما الحادث الثاني للبحرية الإسرائيلية، فكان في شهر نوفمبر 1967، عندما اقتربت الغواصة الإسرائيلية (داكار) من ميناء الإسكندرية. في رحلة عودتها من بريطانيا إلى إسرائيل. وقد استطاعت قاعدة الإسكندرية البحرية، من اكتشاف الغواصة الإسرائيلية، وهاجمتها بفرقاطة مصرية بشكل مفاجئ، مما اضطر الغواصة للغطس السريع لتفادي الهجوم. فارتطمت بالقاع وغرقت بكامل طاقمها. وأثر ذلك بشكل كبير على الروح المعنوية للبحرية الإسرائيلية، خاصة وأنها كانت الرحلة الأولى لهذه الغواصة، بعد أن تسلمتها إسرائيل من بريطانيا.

لم يهدأ بال إسرائيل، لغرق المدمرة إيلات والغواصة داكار خلال شهرين (أكتوبر ونوفمبر 1967) فبدأت بالإغارة على نقـط المراقبة، المنتشرة على خليج السويس، باستخدام قوات الكوماندوز المنقولة بحراً، ثم شنت إغارة بحرية باستخدام ثلاث زوارق إبرار بحري، محملة بالدبابات والعربات المدرعة، على المنطقة جنوب أبو الدرج (في خليج السويس).

عمليات القوات البحرية المصرية، خلال مرحلة حرب الاستنزاف

قررت قيادة القوات المصرية، توسيع نطاق نشاطها ضد العدو الإسرائيلي، في السواحل والموانئ، منذ شهر نوفمبر 1969. وتمثلت أهم النشاطات في الآتي:

أ. عملية قصف منطقتي بالوظة ورمانة ليلة 8 ـ 9 نوفمبر 1969 (اُنظر شكل قصف منطقتي رمانة/بالوظة)

كان للقوات الإسرائيلية على الساحل الشمالي لسيناء موقعان، أحدهما لتجمعات إدارية في منطقة رمانة، والثاني موقع صواريخ هوك في بالوظة، وتجمعات شؤون إدارية في شرقي بورسعيد بحوالي 40 كيلومتراً. وصدرت التعليمات بتدميرهما، بوساطة المدمرتين الناصر ودمياط، بالتعاون مع لنشات الطوربيد والصواريخ. وارتكزت فكرة العملية على أساس أن تغادر المدمرتان ميناء الإسكندرية، لكي تكونا أمام فنار البرلس عند الغروب. ثم يستكملان إبحارهما شرقاً حيث تلتقيان أمام بورسعيد بمجموعة من لنشات الطوربيد والصواريخ، التي ستقوم بواجب الحراسة. ثم يستكمل التشكيل إبحاره شرقاً للوصول إلى الموقع في الساعة الحادية عشرة، مساءً يوم التنفيذ. ثم يبدأ فوج المدفعية الساحلية المتمركزة في قاعدة بورسعيد، في ضرب الموقع الإسرائيلي شرق بور فؤاد، حتى يتيقن الإسرائيليون من أن الضرب يأتيهم من اتجاه بورسعيد، وفي ذلك الوقت تكون المدمرات قد وصلت موقع ضرب منطقتي رمانة وبالوظة، وكانت السّرية والخداع هما العاملان الرئيسيان لنجاح العملية.

تمت العملية طبقاً للمخطط تماماً، وبدأت رحلة العودة إلى الإسكندرية. ولكن بعد خمس دقائق ظهر هدف جوي، يحوم فوق المدمرات، تبين أنها طائرة استطلاع إسرائيلية. وكان ذلك يشير إلى توقع هجوم جوي على المدمرتين. وبعد حوالي ربع ساعة ظهرت الطائرات الإسرائيلية، من نوع فانتوم وسكاي هوك فوق المدمرتين. وتمكنت المدمرة "دمياط" من تفادي الهجوم الجوي، وكذلك لنشات الطوربيد والصواريخ بفضل صغر حجمها وسرعتها العالية، حيث تمكنت من دخول بورسعيد. أما المدمرة "الناصر"، فقد كانت هدفاً للهجوم الجوي المكثف للقاذفات المقاتلة الإسرائيلية من كل اتجاه. واشتبكت مدفعيتها مع الطائرات المغيرة، وعلى الرغم من استمرار محاولات الهجوم عليها، إلاّ أنها استطاعت أن تصل ميناء الإسكندرية سالمة. أما المواقع الإسرائيلية في رمانة وبالوظة، فقط ظلت مشتعلة لعدة ساعات متواصلة.

ب. الإغارة الأولى على ميناء ايلات 15 ـ 16 نوفمبر 1969 (اُنظر شكل الإغارة على إيلات) و(شكل عمليات الضفادع البشرية)

رداً على الإغارة الإسرائيلية على موقع الرادار، في المنطقة بين أبو الدرج والزعفرانة، التي نجحت من خلال عمليات إبرار بحري من الاستيلاء على الرادار، قررت القيادة المصرية، تنفيذ عملية الإغارة على سفن الإبرار، التي نفذت عملية أبو الدرج والمتمركزة في ايلات. بوساطة قوة الضفادع البشرية. وتوجه قائد لواء الوحدات الخاصة إلى ميناء العقبة الأردني، للاستطلاع ودراسة المنطقة، تحت ستار أنه ضابط اشارة سيقوم بالتفتيش على أجهزة نقطة المراقبة البحرية المصرية، الموجودة بجوار ميناء العقبة. وكذلك للتعرف على بعض الشخصيات، التي قد تساعد في تأدية مهمة الضفادع البشرية.

وبدأ تدريب الأفراد تدريباً مركزاً، في ظروف وأماكن تُشابه تماماً ظروف تنفيذ العملية. وتوجهت المجموعة على إحدى طائرات النقل المصرية، إلى إحدى المطارات العراقية، على زعم أنهم أفراد من منظمة فتح، وأن الصناديق التي معهم هي معدات خاصة بالمنظمة. ثم انتقلوا إلى بلدة الطفيلة بالأردن، حيث تجمعوا انتظاراً لوصول باقي أفراد الضفادع من القاهرة.

وفي الساعة الحادية عشرة والنصف، من مساء يوم 14 نوفمبر 1969، تحركت المجموعة من عمان في اتجاه العقبة، على غير الطريق التقليدي. حتى وصلوا إلى مكانهم حوالي الساعة الواحدة والنصف ظهر يوم 15 نوفمبر، إذ كان المفترض أن يتم تنفيذ العملية الليلة التالية، حتى ينال الأفراد قسطاً من الراحة. ولكن قائد العملية قرر تنفيذها في الليلة نفسها، خشية أن يحدث أي تغيير في الموقف.

وفي الساعة الرابعة والنصف، بدأ تحرك المجموعة في اتجاه ايلات، وكانت حالة البحر سيئة والرياح شديدة، وتم قطع المسافة إلى ميناء ايلات في ثلاث ساعات حيث بدأت المجموعة الأولى في النزول إلى الماء، ثم المجموعة الثانية، ثم الثالثة. وفي أقل من ثلاث دقائق كانت المجموعات الثلاث في الماء على بعد كيلومترين من أرصفة ميناء ايلات. وكان من المخطط أن ينتظرهم القارب المطاط في المكان نفسه، لالتقاطهم بعد انتهاء العملية، ما بين الساعة الثانية عشرة والنصف، حتى الواحدة من صباح يوم 16 نوفمبر.

وفي الساعة الحادية عشرة وخمس دقائق، وصلت المجموعات إلى مسافة 150 متراً من الهدف، ثم بدأت في الغطس لتلغيم السفينتين "هيدروما" و"داليا" الراسيتين في الميناء. وتمت العملية بنجاح، ثم بدأت رحلة العودة سباحة إلى الشاطئ الأردني. وفي تمام الساعة الواحدة وثلاث عشر دقيقة سُمع دوي هائل لانفجار في ميناء ايلات، ثم تلاه انفجارات أخرى، كانت جملتها خمس انفجارات، دمرت السفينتين الإسرائيليتين.

ج. ايلات للمرة الثانية 5 ـ 6 فبراير 1970 (اُنظر شكل الإغارة على ايلات)

بعد الإغارة الناجحة، التي قام به أفراد الضفادع البشرية على ميناء ايلات، يومي 15 ـ 16 نوفمبر 1969، أصيب الإسرائيليون بفزع شديد. وصدرت التعليمات للسفينتين "بيت شيفع" و"بات يام" بعدم المبيت ليلاً بأي من المواني الإسرائيلية، حتى يتفادوا إغارات الضفادع البشرية المصرية. وكان على تلك السفن الإبحار طوال فترة الليل، مما لا يعطي الفرصة لمهاجمتها وإغراقها. لكن شاء القدر شيئاً آخر، فأثناء تفريغ بعض المعدات والألغام، التي قامت بنقلها السفينة "بيت شيفع" من شرم الشيخ إلى ايلات، وأثناء إنزال إحدى العربات المدرعة، التي كانت محملة بكمية كبيرة من الذخائر، حدث بها انفجار أدى إلى مقتل حوالي 60 فرداً من القوات الإسرائيلية، على رصيف إيلات الحربي، وانبعاج شديد في الباب الأمامي للسفينة، الذي يعمل "هيدروليكياً". وكان لا بدّ من إصلاح هذا الباب، حتى تتمكن السفينة من الإبحار.

وصلت إلى قيادة القوات المصرية معلومات، من الاستطلاع المصري في العقبة، تفيد بأن السفينة بيت شيفع راسية على الرصيف الحربي، ويجري العمل في إصلاحها ليلاً ونهاراً. وأنه، في تقديرهم، أن عملية الإصلاح سوف تستغرق من 5 ـ 7 أيام. وبدأ على الفور التخطيط لعملية إغارة جديدة على ميناء ايلات الحربي، بهدف تدمير سفينة الإنزال "بيت شيفع"، وأي وحدات عسكرية أخرى بالميناء. وتقرر هذه المرة أن تكون نقطة الانطلاق، منطقة الاستحمام بشاطئ العقبة، بجوار فندق العقبة هوليداي، على أن يكون الذهاب إلى الأهداف بميناء ايلات ثم العودة، سباحة لحوالي أربعة كيلومترات. وكان في وسع أفراد الضفادع البشرية المصرية، أن تقطعها سباحة ذهاباً وعودة حاملين معهم ألغامهم. وصدرت التعليمات لدراسة تفاصيل العملية على الطبيعة، وبعد استطلاع منطقة الهدف، لقنت المجموعة المكلفة، بالتعليمات النهائية طبقاً لآخر معلومات، عن ميناء إيلات، ومكان إرساء كل من ناقلة الجنود بيت شيفع، وكذلك السفينة المسلحة "بات يام". كما تم تحديد خط سير الاقتراب، وخط سير العودة.

بدأ التنفيذ بنزول المجموعة الأولى، إلى البحر من نقطة الانطلاق، وهدفها، ناقلة الجنود "بيت شيفع". وتلتها المجموعة الثانية، وهدفها السفينة الإسرائيلية المسلحة "بات يام". ووصلت المجموعتان إلى مسافة حوالي مائة متر من الأهداف، وانفصلت المجموعة الثانية واتجهت إلى هدفها وهي السفينة "بات يام"، التي كانت، في ذلك الوقت، تقف على رصيف الميناء الحربي، على مسافة عشرين متراً أمام الناقلة "بيت شيفع". ووصلت المجموعة الثانية إلى هدفها في الساعة الحادية عشرة وخمس وخمسين دقيقة، قبل منتصف الليل. وتمكن الفريق من تنفيذ مهمته على أكمل وجه. ثم بدأ في الانسحاب خارج الميناء. أما المجموعة الأخرى فأخذت طريقها نحو "بيت شيفع"، التي كانت محاطة بسياج قوي من الحراسة، وأكملت المسافة إلى الهدف، وصعدت حتى سطح قاع السفينة، وجرى تثبيت الألغام وضبط توقيت الانفجار، ثم اتجهت المجموعتان طريق العودة إلى نقطة الالتقاط، فوصلاها في تمام الساعة الثانية وخمس وثلاثين دقيقة، من صباح السادس من فبراير 1970.

وفي حوالي الساعة الثانية من صباح السادس من فبراير 1970، انفجرت الألغام في السفينة "بات يام" وغرقت على الفور. أما السفينة "بيت شيفع" فنتيجة لإنفجار وغرق السفينة "بات يام" قبل انفجار الألغام في "بيت شيفع"، فقد أعطاها ذلك فسحة من الوقت لكي تتحرك إلى منطقة ضحلة بالميناء، حيث شحطت. وكان ذلك سبباً في أنها لم تغرق تماماً، على الرغم من أن قوة التدمير كانت شديدة، والخسائر فادحة.

د. عملية تدمير الحفار "كينتنج" في أبيدجان عاصمة ساحل العاج، في 8 مارس 1970(اُنظر شكل رحلة الحفار إلى أفريقيا)

بعد احتلال إسرائيل لسيناء، بدأت في نهب ثرواتها الطبيعية، وأهمها البترول. ومن أجل ذلك اشترت حفاراً بحرياً من كندا، لاستخدامه في البحث والتنقيب عن البترول في مياه خليج السويس. وفي شهر فبراير 1970، صدرت الأوامر إلى قيادة القوات البحرية، لمنع وصول هذا الحفار إلى منطقة خليج السويس، وأن يتم تدميره قبل دخوله حقل البترول المصري "مرجان"، في خليج السويس.

شرعت القوات على الفور في جمع المعلومات المتيسرة عن الحفار، من خلال المخابرات العامة. فاتضح أن الحفار قد وصل فعلاً إلى ميناء داكار بالسنغال على الساحل الغربي لأفريقيا، وسيمكث هناك حوالي ثلاثة أسابيع، لإجراء بعض الإصلاحات.

استدعى قائد القوات البحرية، قائد المجموعة المسند إليها تنفيذ المهمة، وأخطره بالمهمة المنتظرة. وبدأت الخطة بعمل رسم تفصيلي للحفار. وتلخصت الخطة في تقسيم قوة الهجوم، المكونة من سبعة أفراد، إلى مجموعتين، مجموعة مكونة من أربعة أفراد تتوجه إلى باريس، ومجموعة ثانية مكونة من ثلاثة أفراد تتوجه إلى زيورخ، ثم من باريس وزيورخ يحصل كل منهم على تأشيرة دخول إلى السنغال، ثم يتوجهون، بعد ذلك، بطريقة فردية إلى داكار.

وتقرر أن تتم العملية في الليلة التالية. وعند الظهر في اليوم التالي، وبينما كان قائد المجموعة يعد الألغام والمعدات، ويقوم بتلقين الأفراد، علم بخروج الحفار من ميناء داكار مقطوراً بوساطة قاطرة هولندية، إلى جهة غير معلومة. فتأجلت العملية لحين الحصول على معلومات جديدة، وتقرر عودة الأفراد إلى القاهرة، عن طريق زيورخ.

ونشطت أجهزة المخابرات، في تجميع المعلومات عن الحفّار. وبعد عشرة أيام جاءت المعلومات تفيد، أن الحفار لجأ إلى ميناء أبيدجان، في ساحل العاج. وفي اليوم التالي كان الأفراد بمعداتهم وألغامهم في القاهرة، استعداداً للسفر إلى الميناء الجديد وبالأسلوب السابق، وبعد وصول المجموعة إلى أبيدجان، تقرر أن تتم العملية مساء السابع من مارس، ويوافق ليلة الأحد التي يحتفل فيها الأهالي حتى الصباح. وبعد الاستطلاع الدقيق للميناء، تم وضع الخطة التفصيلية لتنفيذ الهجوم على الحفار. وفي منتصف الليل تماماً، بدأ في تجهيز الألغام وتعميرها وضبطها، على أن تنفجر بعد ثلاث ساعات، من نزع تيلة الأمان. كما جرى تجهيز المعدات وأجهزة الغطس. وأستقل أفراد المجموعة سيارة أجرة، أوصلتهم في الرابعة صباحاً إلى منطقة العملية. وغادر الأفراد الشاطئ، واتخذوا خط السير في اتجاه الحفار، حيث وصلوا إليه في الساعة الخامسة. وثبتوا الألغام الأربعة، وعادوا إلى الشاطئ الساعة الخامسة وعشر دقائق.

بعد فترة قصيرة من الراحة، توجهت مجموعة الضفادع إلى الفندق، فجمعوا ما كان لهم من متاع، ثم توجهوا مباشرة إلى المطار، الذي وصلوا إليه في الساعة الثامنة، وهو توقيت انفجار الألغام. وأقلعت الطائرة إلى باريس في الساعة العاشرة والنصف صباحاً. وقبل إقلاع الطائرة من أبيدجان، علم الفريق أن الألغام الأربعة، انفجرت في الحفار، فيما بين الساعة السابعة والنصف والثامنة والنصف.

هـ. إغراق سفينة أبحاث في رأس بيرون، شمال البردويل (13 ـ 14 مايو 1970) (اُنظر شكل إغراق سفينة الأبحاث الإسرائيلية)

في ليلة 13 ـ 14 مايو 1970، تمكنت البحرية المصرية من إغراق سفينة أبحاث تعمل لمصلحة إسرائيل، أمام منطقة راس بيرون في شمالي البردويل (بالبحر المتوسط)، بواسطة زوارق الصواريخ المصرية.

و. إيلات للمرة الثالثة 14 ـ 15 مايو 1970 (اُنظر شكل الإغارة على إيلات)

بعد عملية الإغارة الناجحة للمرة الثانية، لرجال الضفادع البشرية المصرية، على ميناء ايلات، تم تغيير قيادة السلاح البحري الإسرائيلي. واتبعت القيادة الجديدة أسلوب إخلاء الميناء، قبل الغروب بساعة، حتى صباح اليوم التالي. وكان ذلك يكبدهم تكاليف باهظة، فضلاً عن الإرهاق لأطقم السفن والوحدات البحرية. من هنا نشأت فكرة العملية الثالثة، حيث وصلت معلومات من المخابرات الحربية تفيد، أن ناقلة الجنود "بيت شيفع" قد تم إصلاحها بعد التدمير، الذي أصابها أثناء عملية الإغارة الثانية على ميناء إيلات، غير أنها، كبقية السفن، تغادر الميناء كل ليلة، وتعود إليه في صباح اليوم التالي. وكان لا بدّ من إيجاد وسيلة لتعطيل "بيت شيفع"، عن الإبحار، وإرغامها على قضاء ليلتها في ميناء إيلات، ولو ليلة واحدة، حتى يمكن مهاجمتها وإغراقها.

وتتلخص فكر القيادة في وضع لغمين كبيرين، يحتوي كل منهما على مائة وخمسين كيلوجراماً من مادة الهيلوجين، على القاع أسفل الرصيف الحربي، الذي ترسو عليه ناقلة الجنود "بيت شيفع" عند دخولها إلى الميناء صباح كل يوم. فيتم وضع اللغمين عند منتصف الليل، ويضبط جهاز تأخير التفجير إلى 12 ساعة، أي أن انفجار الألغام يحدث نحو الساعة الثانية عشرة ظهراً، ففي هذا الوقت لا بدّ وأن تكون "بيت شيفع" راسية بجوار الرصيف الملغوم. وتحدد يوم السبت، (يوم السكون الإسرائيلي)، 14 مايو 1970 لتنفيذ العملية، وفعلاً تم وضع اللغمين كمرحلة أولى في الأماكن السابق تحديدها. ولكن اللغم الأول أنفجر في الساعة السابعة وخمس وثلاثين دقيقة، من صباح يوم 15 مايو على غير انتظار، وخلافاً لما تم ضبطه على جهاز التفجير. وفي الوقت نفسه تأخر وصول الناقلة بيت شيفع حتى الساعة الثانية عشرة إلا خمس دقائق، أي أن الناقلة هي الأخرى وصلت بعد الموعد المحدد لوصولها بحوالي ست ساعات. أما اللغم الثاني، فانفجر في الساعة التاسعة والنصف، من صباح يوم 15. وعلى الرغم من أن العملية لم تحقق الهدف الرئيسي لها، إلا أنها حققت بعض الأهداف، التي أثرت في القوات الإسرائيلية وزعزعت ثقتهم في قيادتهم. فقد شوهدت عملية انتشال جثث كثيرة من الماء، لأفراد ضفادعهم البشرية، الذين كانوا يعملون وقت حدوث الانفجار، في تقطيع جسم السفينة "بات يام"، التي أغرقتها الضفادع المصرية خلال الإغارة الثانية على ميناء إيلات. كما شوهدت أكثر من ست عربات إسعاف تنقل الجرحى والمصابين من مبنى الضباط، المقام خلف الرصيف الحربي مباشرة.

ثانياً: الدفاع الجوي وحرب الاستنزاف

وقف الجنرال اسحق رابين، بعد نكسة يونيه 1967، قائلاً، في غرور، "بواسطة قواتي الجوية أستطيع غزو أي مكان في العالم، حتى ولو كان في القطب الشمالي"، واسـتغلت إسرائيل ذلك النجاح، وتعاقدت مع الولايات المتحدة على إمدادها بصفقة من الطائرات الحديثة، من نوع (الفانتوم) و(سكاي هوك).

وفي صيف عام 1968، شكلت قيادة الدفاع الجوي المصري، لتتحمل المسئولية الكبيرة في مواجهة القوات الجوية الإسرائيلية، وكانت المهمة شاقة للغاية، فالقوات الجوية الإسرائيلية لديها الطائرات الحديثة، والطيارين المدربين جيداً، وفي مواجهة ذلك كانت هناك روح التحدي، لدى الإنسان المصري.

وكنتيجة مباشرة للخسائر الكبيرة، التي لحقت بالقوات الإسرائيلية على جبهة القناة، خلال حرب الاستنزاف، وتأثيرها السلبي على الروح المعنوية للجنود الإسرائيليين في الجبهة، إضافة إلى التأثير المادي المباشر، دفع ذلك إسرائيل لمهاجمة القوات المصرية على طول مواجهة القناة، باستخدام قواتها الجوية، مركّزة قصفها ضد مواقع المدفعية والدفاع الجوي، ثم تلى ذلك مد غاراتها الجوية إلى عمق الأراضي المصرية، بهدف شل القدرة العسكرية، وتهديد الجبهة الداخلية.

واستخدمت إسرائيل مئات الطائرات، لقصف القوات على طول جبهة قناة السويس، وإسقاط آلاف القنابل والصواريخ، من أجل إيقاف حرب الاستنزاف، التي أثرت على معنويات جنودها. وأصبحت جبهة قناة السويس جحيماً لا يطاق، لمن يعيش على الضفة الشرقية لها.

وجاء دور الدفاع الجوي المصري للقيام بدوره، ولم تكن المهمة سهلة‍ فقد كان كل ما لدى الدفاع الجوي المصري في جبهة القناة ست كتائب صواريخ (سام ـ 2)، وعدد من وحدات المدفعية المضادة للطائرات. وحاول الطيران الإسرائيلي مهاجمة هذه الصواريخ وتدميرها، ولكنه لم ينجح كلية، واستطاع الدفاع الجوي عن الجبهة أن يوفر، بإمكانياته المحدودة، أدنى حد من التكامل، بين وحدات المدفعية المضادة للطائرات، ووحدات الصواريخ. وفي أعقاب كل هجمة جوية، يتم الإسراع باستعادة الموقف، واستعادة الكفاءة القتالية، وتحليل الهجوم، ومعرفة نقاط القوة والضعف، ودراسة أساليب القوات الجوية الإسرائيلية، واستخدامها لأسلحتها، واكتساب خبرات جديدة، تؤدي إلى إدخال التعديلات المناسبة على طرق الاشتباك، لدى وحدات الدفاع الجوي المصري.

وبالفعل، نجحت وحدات الدفاع الجوي، في حرمان القوات الجوية الإسرائيلية من تحقيق أهدافها، حتى منتصف عام 1968. ومع تصاعد حرب الاستنزاف على الجبهة، تصاعد القصف الجوي المعادي، خلال الفترة من يوليه حتى ديسمبر 69، ضد وحدات الدفاع الجوي بالجبهة. فأُسقطت عليها مئات الأطنان من القنابل. ومع هذا الموقف المتصاعد، وزيادة حجم خسائر وحدات الدفاع الجوي، كان لا بدّ من وضع خطة جديدة للدفاع الجوي عن جبهة القناة، تبلورت أهم ملامحها في الآتي[1]:

·   مد مظلة الوقاية بالصواريخ، إلى أقصى مسافة ممكنة شرق القناة، لحماية القوات المصرية، التي ستهاجم القناة.

·   حشد أكبر عدد من وحدات الصواريخ والمدفعية المضادة للطائرات، من أجل الدفاع عن الجبهة وتأمين التشكيلات المقاتلة.

·   التدريب المكثف، واسـتخدام تكتيكات جديدة، بناء على خبرات القتال المكتسبة، مع إدخال تعديلات فنية على الأسلحة والمعدات، من أجل زيادة إمكاناتها النيرانية.

·   وضع خطة كاملة تحقق الإنذار المبكر، عند اقتراب الطيران المعادي، وتحقق التكامل والتعاون التام، بين الوحدات.

·   بناء مواقع محصنة بدرجة تمكنها من الصمود، أمام القصف الجوي المعادي، وبالكثافة التي تمكِّن وحدات الدفاع الجوي، من مواجهة القوات الجوية الإسرائيلية.

·   إعادة تمركز الوحدات الجديدة، في إطار خطة خداع متكاملة، تمنع طيران العدو من التدخل ضدها، أثناء اتخاذها لأوضاعها الجديدة.

والواقع أن هذه الخطة، بنيت على أساس الخبرة القتالية، لوحدات الدفاع الجوي، التي أصبحت متوفرة عن سلاح الجو الإسرائيلي، التي لولا حرب الاستنزاف ما كان يمكن أن تحصل القوات المصرية عليها.

كانت هناك مشاكل عديدة، بطبيعة الحال. وكان لها، كذلك، الدراسات من قيادات وحدات الدفاع الجوي، على كافة المستويات، من أجل إيجاد الحلول المناسبة لها. فعلى سبيل المثال:

·   كانت هناك المشكلة التي تتعلق بالإمكانيات، وكيف توفر قيادة الدفاع الجوي العدد اللازم من وحدات الصواريخ، والمدفعية المضادة للطائرات، والإنذار، لبناء تجميع دفاع جوي متماسك وفعال؟ واحتاجت الإجابة على هذا السؤال، تحديد الأهداف الحيوية في مصر، ووضع أسبقية لكل منها، ثم النظر إلى هذه الأهداف من وجهة نظر العدو، وتحديد مدى تعرضها للهجوم الجوي المعادي. واستطاعت قوات الدفاع الجوي في النهاية، أن توفر ثلاث عشرة كتيبة (سام ـ 2)، وثلاث كتائب (سام ـ 3)، وكان هذا العدد يكاد يكفي لتحقيق دفاع خطي فقط عن الجبهة. ومعنى ذلك، سيصبح هذا التجميع هشاً، ويستطيع السلاح الجوي الإسرائيلي، بتركيز جهوده، أن يدمّره. واسـتقر الرأي على ضرورة خداع القيادة الإسرائيلية، عن مكونات التشكيل الحقيقي، وإيهامها بأن عدد وحداته يزيد كثيرا على الواقع، وذلك بالتوسع في اسـتخدام المعدات الهيكلية، والقيام بالمناورة بين الحين والآخر، ودفع الكمائن هنا وهناك. ونجحت الفكرة تماماً، بدليل أن الطائرات الإسرائيلية ركزت جهودها يوم 18 يوليه 1970، في مهاجمة سبع مواقع صواريخ، كانت كلها هيكلية.

·   المشكلة الثانية، وهي مشكلة المناورة لوحدات الدفاع الجوي، بحيث تقوم بالمناورة ليلاً، مع استعدادها، في أول ضوء، لصد الهجمات الجوية المعادية. وتذكر الأزمنة النموذجية للمناورة، استحالة تنفيذ ذلك في وقت محدود، ولكن تم كسر تلك الأزمنة بالتدريب المستمر للوحدات، على تنفيذ المناورة. فاستطاعت وحدات الدفاع الجوي أن تختصر ذلك الزمن إلى النصف تقريباً، وهو ما مكنها من تنفيذ مناورتها كاملة، خلال ليلة واحدة.

·   المشكلة الثالثة: مشكلة الوقت اللازم للتدريب، إذ لم يكن ممكنا إخلاء أي وحدة من تلك الوحدات، من واجب العمليات، حيث كانت تواجه أعداداً كبيرة من الطائرات المعادية بصفة مستمرة، والموقف لا يسمح بتفرغ أي وحـدة للتدريب. ومع ذلك تم التغلب على هذه المشكلة، بوضع الوحدات تحت التدريب في مواقع قتالية، أقل تعرضـا للغارات الجوية، والاستفادة من الاشتباكات الفعلية في تدريب تلك الوحدات، تدريباً راقياً، وتطعيمها للمعركة، وتمرسها بالقتال.

·   والمشكلة الرابعة كانت تتعلق بالحرب الإلكترونية، حيث بنت إسرائيل مركزين كبيرين للإعاقة الإلكترونية في سيناء، وجهزتها بمجموعة حديثة فائقة الإمكانيات، من معدات الإعاقة. ونظراً لقربها من القناة، كان تأثيرها فعالاً. وكان لديها، علاوة على ذلك، عدد من مراكز الحرب الإلكترونية الطائرة، التي تقوم بالاسـتطلاع الإلكتروني لكشف المواقع وتحديد تردداتها، ثم توجيه إعاقة كثيفة ضدها. وفوق ذلك كله، كانت طائرات الهجوم تحمل أجهزة إعاقة إيجابية، ومستودعات إعاقة سلبية. أما طائرات الفانتوم، فكان بها أجهزة استطلاع لإنذار الطيار لحظة دخوله في مجال إشعاع أجهزة الدفاع الجوي المصري، ولحظـة انطلاق الصواريخ سام. وكانت المشكلة هنا ذات شقين: الأول: وهو كيف يمكن اكتشاف الطائرات المعـادية، وتوجيه الصواريخ المصرية، وسط هذا الزخم من الإعاقة الإلكترونية؟. والشق الثاني وهو كيف يمكن تضليل وخداع جهاز الإنذار، الموجود في طائرات الفانتوم. وعكف الجميع، قادة وضباط ومهندسين، على دراسة كيفية التغلب على هذه المشاكل. وكانت النتيجة تنفيذ بعض الإجراءات الفنية والتكتيكية، التي أمكن بواسطتها والتدريب عليها، التغلب على جميع هذه الصعاب.

·   المشكلة الخامسة: تتعلق ببناء مجموعة كبيرة من المواقع المحصنة، تحصينا قوياً قادراً على تحمل القنابل والصواريخ الإسرائيلية. وبداهة لن تكون الهوائيات الضخمة داخل التحصينات، لكن باقي المعدات سوف تتوفر لها الحماية، على أية حال. وكان لا بدّ من أن يكون عدد هذه المواقع كبيراً، كي تتمكن الكتائب من إجراء المناورة بينها، ويمكن شغل الخالي منها، بمعدات هيكلية لخداع القوات الإسرائيلية، وامتصاص بعض هجماتها. ووضع المهندسون تخطيط هذه المواقع ومواصفاتها. وبدأت الشركات المصرية في التنفيذ[2].


 



[1] المشير محمد علي فهمي ، القوة الرابعة ، الهيئة المصرية للكتاب القاهرة 1977

[2] أول ما بدأ العمل في بناء هذه المواقع، انهالت تصريحات قادة إسرائيل، معبرة عن إصرارهم على منع مصر من إدخال صواريخها إلى الجبهة، والسماح بإنشاء تجهيزات هندسية لاستقبال هذه الأسلحة. ففي 29 مارس 1970 صرح حاييم باريف لمجلة تايمز الأمريكية بأن صواريخ سام ليست دفاعية، وأن إقامة هذه الصواريخ فقط سيعطي مصر قوة هجومية، وسيخلق لديها شعوراً بالحرية لفعل ما تريد. وفي اليوم التالي مباشرة قال ايجال آلون: إن إسرائيل تنوي القيام بأقصى مجهود لتحول دون إقامة شبكة الدفاع الجوي المصرية، وأن السيطرة الإسرائيلية فوق منطقة القناة ضرورة لا يمكن الاستغناء عنها، وأن خطتنا هي متابعة القصف الجوي، لمنع إقامة شبكة دفاعية جديدة، أو ترميم الشبكة القديمة. وفي 10 مايو صرح موشى ديان، في ثقة وصلف، بأن إسرائيل لن تسمح بإقامة شبكة صواريخ دفاع جوي في منطقة القناة. وأصبحت الصورة واضحة تماماً منذ منتصف شهر يوليه، فالقادة في كل من مصر وإسرائيل يعلمون علم اليقين، أن القوات المسلحة المصرية لا يمكن أن تعبر القناة وتهاجم المواقع الإسرائيلية في سيناء، دون حماية من الصواريخ. ولهذا فهو أمر حتمي بالنسبة لمصر، وعلى العكس بالنسبة لإسرائيل. وتحول الموضوع إلى صراع سافر وعنيف بين إرادتين. وبالفعل، قامت إسرائيل بتوجيه هجماتها بقصف المهندسين والعمال القائمين ببناء المواقع، بآلاف القنابل والصواريخ. وفي مارس 1970 وجهت إسرائيل 116 هجمة جوية ضد العاملين، في إنشاء هذه المواقع. وفي شهر أبريل تعرض العمال إلى 103 هجمة جوية إسرائيلية، ونتيجة لهذا القصف الجوي المستمر، استشهد كثير من المهندسين والعمال، إضافة إلى عدد كبير من ضباط وجنود الدفاع الجوي. وعلى الرغم من ذلك، فقد صمم العاملون على إتمام عملهم، ولما كان القصف الجوي يتم عادة أثناء النهار، فقد قرروا العمل ليلاً باستخدام المصابيح، ومع ذلك فقد كانت الطائرات الإسرائيلية تقوم في صباح اليوم التالي، بقصف ما تم إنشاؤه.

[3] شملت هذه الهجمات الجوية مناطق التل الكبير وأنشاص ودهشور وبعض المناطق المدنية الأخرى في وادي النيل وشرق الدلتا، وكان من نتائج ذلك قصفها لأحد مصانع أبو زعبل في فبراير 1970 ولإحدى مدارس الأطفال في بحر البقر في إبريل  1970

[4] أوردت المجلة الأمريكية افييشن ويك (Aviation week) في 11 نوفمبر 1970، حصراً لخسائر إسرائيل والطائرات، خلال الفترة من 30 يونيه حتى 7 أغسطس 1970، قالت فيه إن عدد الطائرات التي أسقطت بلغ 51 طائرة تم تدميرها تماماً، بينما أصيبت 34 طائرة

[5] يتآكل ورد ذلك على لسان (آبا ايبان) في الكنيست عندما ذكر أن الطيران الإسرائيلي الذراع الطويلة وقوة الردع الإسرائيلي بدأت تتآكل أمام الدفاع الجوي المصري

[6] أطلق على تلك المنظومة اسم حائط الصواريخ، الذي تحطمت عليها الطائرات الإسرائيلية في السادس من أكتوبر 1973