إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / الموسوعة المصغرة للحرب الكورية (25 يونيه 1950 ـ 27 يوليه 1953)





الدبابة المتوسطة ت 34
خط دفاع نهر كوم

مناطق التركيز لهجوم الربيع
مواقع الفرقة 38 مشاة
هجمات الفيلقين الثاني والخامس
هجمات الفرقة 12 الكورية
هجمات شمالية على تايجو
هجمات شمالية في الشرق
هجوم شمالي على ناكتونج
هجوم شمالي على تايجو
مطاردة القوات الكورية الشمالية
نطاق الفيلق العاشر
أعمال تعطيل الفوج 34
أعمال تعطيل الفرقة 21
معركة هوينج سون
معركة خزان شانج جين
معركة شونج شون 25-28 نوفمبر 1950
معركة شونج شون 28 نوفمبر – 1 ديسمبر 1950
معركة سويانج
الإبرار في إنشون
الهجوم على الفرقة 20
الهجوم على سكشون وسانشون
المرحلة الثالثة للهجوم الصيني
الالتحام عند أونسان
الانسحاب من خزان شوزين
الانسحاب لخط الفرقة الأولى
الاستيلاء على بيونج يانج
التمركز في هاجارو- ري
التدخل الصيني غرباً
التقدم إلى الممر الشرقي
الجبهة الأمريكية الكورية الجنوبية
الدفاع عن نهر كوم
الدفاع عن خط ونجو
الشماليون يعبرون نهر هان
انسحاب الجيش الثامن
العاصفة والمقدام الجبهة الشرقية
العاصفة والمقدام الجبهة الغربية
الفوج 31 شرق الخزان
الفرقة الثانية في كونو- ري
الفرقتان السابعة والثامنة مشاة
اجتياز الشماليون خط 38
تدمير رأس جسر للشماليين
تقدم الجيش الثامن
تقدم الفيلق العاشر
تقدم القوات الأمريكية والجنوبية
تقدم قوات الأمم المتحدة
جبهة شرق هواشون
دخول القوات الشمالية ناكتونج
جيب كومشون
خرق نطاق الحصار
خط إخلاء الفيلق العاشر
خط المعركة 10 يوليه
خط الاتصال 1 يوليه
خط الترسيم المقترح
خط الجبهة يتحرك للجنوب
خط الجيش الثامن 1952
خط دفاع يوسان الدائري
خطة الفيلق العاشر
رأس جسر شونجشون
سد هواشان
شيبيونج - ني
سقوط تايجون
سقوط سيول
كوريا
عملية الإلتفاف
عملية الخارق الجبهة الشرقية
عملية الخارق الجبهة الغربية
عملية الصاعقة
عملية الصاعقة فبراير 1951
عملية الشجاع
عملية القاتل
قوات واجب سميث
قوة واجب كين



حرب عام 1967

سابعاً: سقوط سيول

كان الموقف التكتيكي للدفاع عن سيول، من جانب جيش كوريا الجنوبية، هشاً ضعيفاً. وعندما أشرق شمس يوم 26 يونيه، كانت فِرقته الأولى، في كورانج بو ـ ري Korang P'o-ri، قد طوقتها الفِرقة الأولى الشمالية. كما حوصرت فِرقتاه، الرابعة والثالثة، في أويجونجبو. بينما قاومت الفِرقة السابعة، ومعها عناصر من الفِرقتَين، الثانية والخامسة، وفِرق القيادة، بلا نظام، ولا تنسيق بينها، في محاولة لتعطيل تقدم القوات الكورية الشمالية، من دون جدوى.

في المساء، قررت حكومة كوريا الجنوبية، الانتقال من سيول إلى تايجون. بينما أصر أعضاء من مجلسها الوطني على البقاء في العاصمة، مهما كانت النتائج. وفي الليل، قررت قيادة جيش كوريا الجنوبية، مغادرة سيول. وانطلقت، في الصباح، إلى سيهونج ـ ني Sihung-ni، على بعد خمسة أميال، جنوب يونج دونجبو Yong-dungp'o، من دون أن تلقي بالاً إلى العقيد وليم رايت William Wright، ورجاله من أعضاء قيادة الـ KMAG.

ظلت المدفعية الكورية الشمالية، تقصف العاصمة، سيول، طوال الليل. وفي صباح يوم 27 يونيه، وهو اليوم الثالث للغزو، ملأ اللاجئون الشوارع، هاربين جنوباً، إلى نهر "هان". وأخذت الطائرات الكورية الشمالية، تمطر العاصمة بالمنشورات الداعية إلى الاستسلام؛ جنباً إلى جنب مع إذاعة كوريا الشمالية. وانتشرت الفوضى في المدينة، وملأ الرعب قلوب جنود كوريا الجنوبية، وهم يتوقعون هجوم الدبابات ت ـ 34. وأهملت متاريس الطرق. وفر الحرس، المنوط بهم حماية المواقع الطبيعية، التي سبق إعدادها للدفاع. كما لم تنفذ أوامر نسف جسور معينة، كانت قد صدرت عند الهجوم على سيول. ولم تثبت من قوات كوريا الجنوبية، المدافعة عن سيول، إلاَّ وحدة، بقيادة عقيد من سلاح المهندسين، وأخذت تقاوم وتضرب الوحدات المدرعة الزاحفة، من قوات كوريا الشمالية، بالقذائف والعبوات الحارقة، وشديدة الانفجار، فتمكنت من تدمير أربع دبابات. ولكن القوات الشمالية، تمكنت، في النهاية، من إسكاتها.

استمر زحف القوات الشمالية نحو المدينة، ما دعا الجنرال "شي"، الذي ملأه الرعب، إلى الفرار من أرض المعركة، متجهاً إلى جنوب نهر هان. وتبعه العقيد وليام رايت، من مجموعة الخبراء الأمريكيين، لإقناعه بالعودة. وقد عاد بالفعل. وفي منتصف الليل، غادر السفير موكيو، ومعه رجاله، مدينة سيول، متجها إلى سو ون Suwon، الواقعة على مسافة 15 ميلاً، جنوب سيول. بينما كانت حكومة كوريا الجنوبية، تواصل سيرها صوب الجنوب، إلى تايجو. أما الأفراد من الجمعية الوطنية، الذين صوتوا للبقاء في سيول، فقد بدأوا بدورهم في مغادرتها. واضطر الجنرال "شاي بيونج دوك"، بعد إلحاح من هيئة أركان حربه، إلى التوجه، مرة ثانية، إلى نهر هان. بينما كانت كل الممرات، والجسور، والمنافذ المؤدية إلى نهر هان قد اكتظت بالجنود الضالين، والفارين الهائمين على وجوههم، وقد حملوا معهم القليل الذي استطاعوا نقله أو حمله من أمتعتهم، بينما ركب بعضهم عربات "الكارو" متجهين إلى المصير نفسه. حدث هذا كله، في الوقت الذي كان مشاة كوريا الشمالية وعرباتهم المدرعة، يندفعون، بحذر، إلى الضواحي الجنوبية للعاصمة.

أسرعت القيادة الكورية الجنوبية، في سعت 825، 28 يونيه، بنسف الجسور الأربعة، على نهر هان؛ لتحول دون عبور قوات كوريا الشمالية إلى العاصمة. ولكن كان هناك آلاف الجنود من قوات كوريا الجنوبية، ومعهم معداتهم الثقيلة وعرباتهم، في حاجة ماسة إلى وقت لعبور النهر؛ فضلاً عن أن الجسور، كانت تغص بالبشر؛ فقد كان الجسر المخصوص بالنقل البري، بالسيارات والمرور العادي، مكتظاً بأربعة آلاف شخص، مشاة، أو على عربات، تكاد تتصادم من زيادة حمولتها، وبطء سيرها. ومن ثم، تسبب ذلك بسقوط كتيبتَين من قوات كوريا الجنوبية، في النهر، وغرق نحو 800 شخص، وسقط مئات آخرون من الجسور، التي كانت مخصوصة بالسكة الحديد. وبذلك حاقت بكوريا الجنوبية كارثة عسكرية كبرى؛ إذ كان معظم قواتها، لم يزل شمال النهر، حينما نسفت الجسور، وكان منهم الجنود، الذين قاوموا قوات كوريا الشمالية، مقاومة عنيفة مستميتة، عند زحفها إلى سيول. والآن، أصبح عليهم إخلاء معظم عرباتهم، والتخلي عن معداتهم، ومعظم أسلحتهم الثقيلة؛ كي يستطيعوا التحرك إلى الضفة الجنوبية من نهر هان، عبر الجبال، كي يستطيعوا، من هناك، تدبير وسائل العبور بالقوارب الصغيرة.

في 28 يونيه، سقطت العاصمة، سيول SEOUL، ومعها مطار كيمبو Kimpo، في أيدي قوات كوريا الشمالية، وانهار جيش كوريا الجنوبية ROKA تماماً. وكانت جملة المفقودين 44 ألفاً، إضافة إلى ما خسره الجيش من أسلحته الخفيفة، والمقدرة بنسبة 30%. ولم ينج من هذه الكارثة من قوات كوريا الجنوبية سوى الفِرقتَين، السادسة والثامنة.

ولجأت حكومة "سينجمان ري" إلى اتخاذ مقر لها في "تايجو"، بعد أن فقدت جيشها، الذي اكتسحته دبابات كوريا الشمالية. وبدأ الشيوعيون، داخل كوريا الجنوبية، يتحركون بسرعة؛ ليساعدوا الغزاة على اعتقال جنود كوريا الجنوبية، ورجال الشرطة، والمسؤولين الرسميين. وقد تحول معظم جنود كوريا الجنوبية إلى المعتقلات، أسرى حرب. بينما تحول بعضهم إلى جنود، يعملون مع قوات كوريا الشمالية. كما أعدمت قوات كوريا الشمالية معظم الرسميين، الذين قبضت عليهم، رمياً بالرصاص.

ثامناً: الموقف الدولي من الأحداث

في غضون أيام 26 و 27 و28 يونيه، كانت السفن الحربية الأمريكية، تتولى إخلاء النساء والأطفال الأمريكيين، تعاونها الطائرات الأمريكية والسفن التجارية كذلك. كما أرسل ماك آرثر، في 26 يونيه، من مقر قيادته في طوكيو، رسالة إلى الرئيس الأمريكي، في واشنطن، عقب فشل الهجوم المضاد، وسقوط مدينة يوجنجبو، يقول فيها:

"لقد عجزت قوات كوريا الجنوبية عن مقاومة هجوم قوات كوريا الشمالية الكاسح، الذي زاد من فاعليته امتلاك تلك القوات للدبابات والطائرات المقاتلة. ويبين حجم خسائر قوات كوريا الجنوبية مدى قصورها، وعجزها عن المقاومة، وافتقاد أي نية في القتال. ومن ثم، فإن كوريا الجنوبية، في تقديرنا، توشك أن تسقط تماماً".

وقد صعق الرئيس ترومان، لدى سماعه هذه الأخبار المفزعة، وقال مخاطباً أعضاء مجلس الأمن القومي: "ليس هناك أي شك في أن جمهورية كوريا الجنوبية، في حاجة إلى مساعدة فورية، تحول دون اكتساحها وانهيارها. وما يزيد الأمور سوءاً، أن أي نجاح، يحرزه الشيوعيون، في كوريا، سيجعلهم، بطائراتهم، على مسافة قريبة؛ ما يشكل تهديداً لليابان، ويمهد الطريق لغزو أوكيناوا والصين الوطنية".

وأكد الرئيس الأمريكي، في الاجتماع الثاني، في "بلير هاوس"، ضرورة وقوف الولايات المتحدة الأمريكية إلى جوار كوريا الجنوبية. وأرسل إلى الفريق الأول ماك آرثر، يأمره باستخدام القوات الجوية، والقوات البحرية الأمريكية، في التصدي لقوات كوريا الشمالية. ويأمره بإرسال الأسطول الأمريكي السابع إلى مضيق فورموزا؛ للحيلولة دون وقوع أي اصطدام بين قوات "ماو تسي تونج"، في الصين الشعبية، وقوات "شانج كاي شيك"، في فورموزا؛ كي لا يتسع نطاق الصراع في المنطقة.

ووافق الرئيس الأمريكي على ما صدر من مقترحات، ترى ضرورة تدعيم القوات الأمريكية، في جزر الفيليبين، وزيادة المساعدات للقوات الفرنسية، التي تحارب الشيوعيين، في الهند الصينية. وأعلنت هذه الإجراءات الأمريكية، في 27 يونيه.

لم تشمل أوامر الرئيس هاري ترومان تدخل القوات البرية الأمريكية، وإنما اقتصرت على القوات البحرية والجوية؛ ما أثار استياء الفريق ماك آرثر، الذي كان من القادة، الذين يخافون أن تكون الحرب في كوريا، نذيراً بهجوم شيوعي كاسح على الغرب، في أوروبا. وكان دين آتشسون، وزير الخارجية الأمريكي، قد وجه تحذيراً إلى القادة، العسكريين والسياسيين، في واشنطن، في بداية الغزو، قال فيه: "من المرجح، أن تكون كوريا هي الحلقة الأولى في سلسلة عمليات منظمة، أعد لها السوفيت. وهذا يستوجب أقصى حد من الانتباه؛ والتبليغ، فوراً، لأي معلومات في هذا الخصوص".

سقطت سيول في أيدي قوات كوريا الشمالية، في 29 يونيه 1950، أي اليوم الرابع من الغزو. وهو اليوم الذي أصدر فيه مجلس الأمن، التابع لهيئة الأمم المتحدة، قراره، الذي تضمن ما يلي: "بعد الاطلاع على تقرير بعثة هيئة الأمم المتحدة إلى كوريا، الذي تضمن أن السلطات في كوريا الشمالية، لم توقف نشاطها العدواني، ولم تسحب قواتها المسلحة إلى شمال خط العرض 38؛ ما يستدعي اتخاذ تدابير عسكرية عاجلة، لإعادة السلام والأمن الدوليَّين. وكذلك، بعد الإطلاع على طلب جمهورية كوريا الجنوبية، المقدم إلى الأمم المتحدة، مطالباً باتخاذ خطوات عاجلة، وحاسمة، لتأمين السلام والأمن الدوليَّين؛ يوصي مجلس الأمن الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، بتقديم المساعدة الى جمهورية كوريا الجنوبية، كإجراء لازم، لإيقاف الهجوم المسلح، وإعادة السلام والأمن الدوليَّين إلى منطقة النزاع".

وكانت هذه أول مرة، تلجأ فيها هيئة دولية إلى استخدام قوة السلاح، لصد عدوان، وحفظ السلام. ولم يعارض هذا القرار سوى يوغسلافيا؛ بينما امتنعت كل من مصر والهند عن التصويت؛ وغابت روسيا عن الاجتماع. ولم تعد روسيا إلى مجلس الأمن، إلاَّ في شهر أغسطس، حينما حان تولِّيها رئاسة المجلس. وعندئذٍ، أعلنت أن كل القرارات، التي صدرت في غيابها، تعد باطلة. وقد وكل المجلس إلى الولايات المتحدة الأمريكية، مهمة تعيين قائد أمريكي لقوات الأمم المتحدة في كوريا.

في 26 يونيه، تركت الأسر الأمريكية مساكنها، في سيول، إلى سفينة نرويجية، جهزت على عجل، في ميناء إنشون Inchon. وفي سعت 1800، استعدت السفينة للإقلاع إلى اليابان. وفي الوقت نفسه، تحركت سفينة أخرى من بوزان Pusan. وأكمل الطيران عمليات الإخلاء، في اليوم التالي.

قبل الرئيس الأمريكي ترومان مسؤولية القيادة الأمريكية، وأصدر أوامره بتعيين الفريق الأول ماك آرثر أول قائد لقوات الأمم المتحدة؛ على أن يتلقى أوامره من رئاسة أركان الجيش الأمريكي المشتركة. وكانت هيئة الأركان المشتركة، تتكون من:

1. قائد الجيش الأمريكي عمر برادلي Omar N. Bradley رئيساً.

2. الفريق الأول لاوتون كولينز Lawton Collins رئيس أركان الجيش.

3. الأدميرال فورست شيرمان Forrest P. Sherman رئيس عمليات الأسطول.

4. الفريق الأول هويت فاندنبرج Hoyt S. Vandenberg رئيس أركان القوات الجوية.

في 27 يونيه، ناقش الكونجرس الأمريكي أبعاد الأزمة، واستجابة الرئيس الأمريكي لتحمل المسؤولية. وصدر قرار، يتضمن موافقة الأغلبية على تأييد خطوات الرئيس، واستدعاء قوات الاحتياطي من جميع الأفرع. وفي اليوم التالي، وافق الكونجرس على القرار 70-0، الذي يسمح بدخول القوات الأمريكية الحرب.

وقد أصدر ماك آرثر أوامره، على الفور، بتعيين الفريق والتون ووكر Walton H. Walker، قائد الجيش الثامن الأمريكي، قائداً عاماً لجميع القوات البرية في كوريا. كما أمر الرئيس الكوري الجنوبي، سينجمان ري، أن توضع جميع وحدات جيش كوريا الجنوبية تحت إمرة القائد الجديد.

استجابت الدول الغربية لتقديم العون إلى كوريا الجنوبية. وتلقى الأدميرال "تيرنر جوي C. Turner Joy"، قائد القوات البحرية الأمريكية في الشرق الأقصى، رسالة من الأدميرال "سير باتريك بريند"، القائد العام للقوات البريطانية ـ الفرنسية في الشرق الأقصى، المتمركزة في هونج كونج، يقول فيها: "يسعدني غاية السعادة، أن تخبرني عن أي عمليات، يمكن قواتي أن تسهم فيها. كما أود أن أخبركم، أنه توجد، حالياً، قوات خاصة في بحر اليابان الجنوبي، تحت قيادة الأدميرال أندروز Andrews، تشمل القطع البحرية: تريومف Triumph وبلفاست Belfast وجامايكا، Jamaika وثلاث فِرقاطات ومدمرتَين".

في الوقت نفسه، عرضت كلٌّ من أستراليا وكندا ونيوزيلندا، وست عشرة دولة أخرى، تقديم قواتها للعمل تحت راية الأمم المتحدة. أما فرنسا، فقد أرسلت، على انشغالها في الهند الصينية، كتيبة مشاة، بقيادة المقدم رالف مونكلار Ralph Monclar . كما أرسلت تركيا قوة لواء (ثلاث كتائب). بينما أرسلت تايلاند فوجاً (كتيبتَين) وبضع سفن. وأرسلت الفيليبين قوة من خمسة آلاف جندي، من حملة البنادق.

وأسهمت كولومبيا بقوات. وشاركت هولندا بسفينة حربية صغيرة. ووصلت كتيبة من بلجيكا، وأخرى من أثيوبيا. كما أرسلت جنوب أفريقيا سرباً من الطائرات المقاتلة. وجاءت سرية من لوكسمبورج. وأسهمت اليونان بكتيبة من المشاة، وسرب طائرات نقل. وأرسلت السويد والنرويج وإيطاليا وحدات طبية مجهزة. وأرسلت الدانمارك سفينة مستشفى. كما قدمت الهند مستشفى ميدان. وقد نجمت متاعب شتى عن اختلاف جنسيات هذه القوات ولغاتها وعاداتها ونُظُمها.

كانت القوات الكورية الشمالية تواصل تقدمها، من دون أي مقاومة؛ باستثناء تصدي المقدم أوم هونج سوب Oum Hong Sup، قائد المدرسة العسكرية الهندسية، في قوات كوريا الجنوبية، مع جماعة من رجاله، وتدميرهم ببعض القنابل، وزجاجات المولوتوف، أربع دبابات، ت ـ 34، فوق جسر على طريق أويجونجبو ـ سيول.

وكان الفوج التاسع، التابع للفِرقة الثالثة من قوات كوريا الشمالية، هو أول من دخل ضواحي مدينة سيول، في سعت 1950. ثم تراجع أمام مقاومة شديدة، بنيران المدافع، ولكنه عاود الهجوم. ونحو سعت 2300، دخلت دبابة ت ـ 34، وفصيلة مشاة، ميدان "الحدائق المقدسة Secret Gardens" في قصر شانج ـ دوك Chang - Duk، في الجزء الشمالي الشرقي من سيول. وقد نجحت الشرطة الكورية الجنوبية في تدمير الدبابة، وتشتيت شمل الفصيلة.

في يوم 29 يونيه كانت مجموعة من 56 فرداً من الـ KMAG في طريقها إلى بوزان، هرباً من سيول، وفي رفقتها أربعة من أشهر المراسلين الأمريكيين جاءوا من طوكيو، هم:

1. كييز بيتش Keyes Beech من شيكاجو ديلي نيوز.

2. وبورتون كران Burton Grane من النيويورك تايمز

3. وفرانك جيبني Frank Gibney من التايم ماجازين

4. ومارجريت هيجنز Marguerite Higgins من النيويورك هيرالد

ولدى وصولهم إلى بوزان، وضعوا أنفسهم تحت قيادة المقدم رولنز إيميريك Rollins Emmerich مستشار الـ KMAG في الفِرقة الثالثة من قوات كوريا الجنوبية.

وفي يوم 29 يونيه، أصدر قائد الجيش الثامن الجنوبي، إلى مركز قيادة الفِرقة الخامسة والعشرين، أمراً بضرورة الثبات، أو الموت. ولكن هذا لم يكن له جدوى تذكر، إذ تمكنت قوات كوريا الشمالية من احتلال معظم كوريا الجنوبية؛ ولم يبق، مع نهاية شهر يونيه، تحت سيطرة قوات كوريا الجنوبية، والأمم المتحدة إلاّ جزء، لا تزيد مساحته على 80 ميلاً طولاً، و50 ميلاً عرضاً.

قام الفريق ماك آرثر، بعمليات استطلاع كاملة للجبهة الكورية، حتى وصل إلى نهر هان، الذي كانت قوات كوريا الشمالية وراءه مباشرة، تجمِّع قواتها، من جديد، لاستئناف تقدمها، واجتياح بقية أراضي كوريا الجنوبية. وقد أصاب الفزع ماك آرثر مما رآه؛ فقد شاهد آلاف اللاجئين المدنيين، وآلافاً من جنود كوريا الجنوبية، تحطمت معنوياتهم؛ وهم يتدافعون، في هلع، نحو الجنوب. فأرسل تقريره، فوراً، إلى واشنطن، قائلاً:

"قوات كوريا الجنوبية في حالة فزع وفوضى، على الرغم من أنها لم تخض جدياً القتال. وذلك بسبب افتقارها إلى القيادة؛ إذ كان تنظيمها وتسليحها على أساس أن تكون قوة للأمن الداخلي فقط؛ فلم تكن مستعدة للهجوم بالمدرعات، ولا بالطائرات. استطراداً، فإنها لم تكن قادرة على أي صمود، أمام مثل هذه القوات الساحقة لكوريا الشمالية. ولم يبذل الكوريون الجنوبيون أي استعدادات، للدفاع في العمق. وليس لديهم أي خطوط خلفية، للتموين أو الإمدادات؛ إذ ليس لديهم أي خطة؛ وإنْ وُجدت، فإنها لم تنفَّذ، ولا سيما ما يتعلق منها بالتموينات، بسبب عمليات الانسحاب والتقهقر. وكانت نتيجة ذلك كله، أنهم إما فقدوا مراكز إمدادهم وعتادهم الثقيل، أو تخلوا عنها. وإن الضمان الوحيد للاحتفاظ بالخط الحالي، واستعادة الأرض المفقودة، هو أن ترسل الولايات المتحدة الأمريكية، قوات برية إلى أرض المعركة، في كوريا. أما الاستمرار في استخدام قواتنا، الجوية والبحرية، من دون وجود أي قوات برية فاعلة، فلن يكون له جدوى تذكر. ومن ثم، فإنني أقترح أن ترسل الولايات المتحدة الأمريكية، على الفور، قوات مدربة، للتمركز في المناطق الحيوية. ثم ترسل فِرقتَين أخريين من القوات الموجودة في اليابان؛ للمشاركة في شن هجوم مضاد سريع. وللعلم، فإنه من دون تقديم العون، الذي ذكرتُ، لضمان حسن الاستفادة من قواتنا، البرية والبحرية والجوية، في هذه المنطقة المتداعية، فإن مهمتنا ستزداد صعوبة، وسنفقد الأرواح والمال والكرامة وستكون النتيجة الحتمية، هي الفشل الذريع".

وقبل اتخاذ الإدارة الأمريكية قرارها، في هذا الشأن، استفسر الرئيس الأمريكي، هاري ترومان، القيادة السوفيتية، عن نياتها في كوريا. وتلقى رداً غامضاً، يحمل نبرة التهكم الواضح؛ إذ قالت إنها سوف تترك الصينيين والكوريين، يتحملون أعباء القتال وحدهم. وأصبح واضحاً، أن كوريا الشمالية، تسرع في عملية غزو كوريا الجنوبية؛ بهدف إجراء انتخابات تحت سيطرتها، قبل منتصف أغسطس.

في 30 يونيه، أصدر الرئيس هاري ترومان أوامره، بنقل قوات برية أمريكية، من اليابان إلى كوريا. وأيد الكونجرس القرار، من دون إعلان الحرب، رسمياً، من جانب الولايات المتحدة الأمريكية، على كوريا الشمالية. وتبع ذلك إصدار تعليمات بإرسال كلِّ ما يمكن إرساله من الأسلحة إلى كوريا. وحدد بعض الأهداف، شمال خط العرض 38؛ لتوجيه الهجوم عليها، بالطائرات والسفن الأمريكية. وتلقى ماك آرثر، من رئاسة الأركان المشتركة، وهو في طوكيو، التوجيه التالي:

1. استخدام القوات العاملة في الجيش الأمريكي U. S. Army Service Forces، في كوريا الجنوبية، في تأمين الاتصالات والمرافق الحيوية الأخرى.

2. استخدام الجيش القتالي، والقوات العاملة؛ في تأمين الميناء، والقاعدة الجوية، في منطقة بوزان ـ شينهاي Pusan-Chinhae.

3. استخدام القوات، البحرية والجوية، في ضرب الأهداف العسكرية، في كوريا الشمالية؛ مع الحرص على عدم المساس بحدود منشوريا والاتحاد السوفيتي.

4. الدفاع عن فورموزا، بحراً وجواً، دون أي غزو محتمل من الصين الشعبية؛ ومنع قيادات فورموزا من استخدمها قاعدة عمليات على أراضي الصين.

5. إرسال أي إمدادات أو ذخائر، إلى كوريا، حسبما يرى؛ وإعداد تقديرات لكميات المساعدات المطلوبة وأنواعها، مما ليس تحت سيطرته.

كما صدرت التعليمات إلى قيادات الأسطول السابع، ليكون تحت تصرف ماك آرثر؛ وإلى قيادات البحرية، في المحيط الهادي، بضرورة دعمه، عند اللزوم، دعماً عملياً.

واختتم التوجيه بتجنب الدخول في حرب مع الاتحاد السوفيتي، إذا قررت موسكو التدخل في كوريا. ومن الملاحظ أن هذا التوجيه لم يشمل السماح لماك آرثر باستخدام القوات البرية الأمريكية في منطقة نهر هان. وقد صدر قرار إرسال جنود أمريكيين إلى أرض المعركة، في اللحظة نفسها، التي بدأ فيها الكوريون الشماليون زحفهم إلى "بوزان". وكانت خطتهم، هي الاستيلاء على جميع الطرق المتجهة إلى الجنوب؛ وتوجيه الضربات إلى عدة مواقع؛ حتى يعجز أعداؤهم عن تحملها؛ فيقيمون دولة شيوعية في كوريا كلها، قبل وصول قوات الولايات المتحدة الأمريكية، والدول المشاركة. كما هدف الكوريون الشماليون إلى ضرورة سرعة الاستيلاء على "تايجو"، حيث كان يقيم سينجمان ري، مع أعضاء حكومته؛ والاستيلاء على ميناء "بوهانج Puhujang" الإستراتيجي، على الساحل الشرقي؛ فيحرمون قوات الأمم المتحدة القواعد الجوية في كوريا بل يمكنهم رميها، وهي لمّا تزل، في البحر.

تاسعاً: عبور نهر هان

في صباح 30 يونيه، وفي وطأة الحر، وتحت الأمطار الموسمية الغزيرة، بدأ عبور القوات الكورية الشمالية، تتقدمها الفِرقة الثالثة، نهر هان، في ثلاثة أنساق:

1. أحدها، على الطريق الرئيسي، من سيول إلى تايجو وبوزان، صوب الغرب

2. والثاني، على الطريق الأوسط الغربي، المتجه إلى شونجو

3. والثالث، من الممر بين الجبال الوسطى، ليقطع الطريق الأفقي، بين تايجو وبوهانج.

وتقدم نسق رابع، على امتداد الساحل الشرقي، متجهاً إلى بوهانج نفسها. وبدأت المدفعية، ومدافع الدبابات، على الساحل الشمالي، التمهيد بالقصف. ثم نزل رجال الفِرقة الثالثة الكورية الشمالية، إلى النهر، فاجتازوه سباحة، أو على جذوع الأشجار، أو بالزوارق الخشبية الصغيرة. وقد حاول رجال كوريا الجنوبية، بعناد وإصرار، تجميع أنفسهم، وإعادة تنظيم أنفسهم على طول الضفة الجنوبية لنهر هان؛ ولكن من دون جدوى (أُنظر خريطة الشماليون يعبرون نهر هان).

ركز الفريق الأول ماك آرثر اهتمامه الأكبر، بالنسق المتجه صوب الغرب، إلى "تايجو" و"بوزان"؛ إذ كانت مخاوفه من هذا القطاع أكثر من سواه؛ بسبب ما رآه بنفسه، أثناء عمليات الاستطلاع، من حشد الكوريين الشماليين لأحسن فِرقتَين لديهم، الثالثة والرابعة، لا سيما أن الطريق في تلك الجبهة، كان خالياً من أي دفاع. وكان الكوريون الشماليون يتعجلون عبور نهر هان، حتى إنهم تركوا دباباتهم وراءهم، ريثما يتيسر إصلاح أحد جسور السكة الحديدية، التي سبق نسفها.

وتولت المدفعية، ومدافع الدبابات، على الشاطئ الشمالي للنهر، التمهيد بالقصف؛ لتغطية عمليات عبوره، واجتازه رجال الفوج الثامن، من الفِرقة الثالثة الكورية الشمالية، سباحة أو على جذوع الأشجار؛ أو بالزوارق الخشبية الصغيرة، التي يمكن أحدها حمل عربة، تزن طنَّين ونصف، أو قوة من الجند، تعدادها ثلاثون فرداً. واستطاعوا سحق قوات كوريا الجنوبية، المدافعة على الشاطئ الجنوبي. واستعدوا لبدء عمليات الاقتحام لضاحية "يونجدونجبو Yongdungp'o"، الصناعية الشهيرة، جنوب النهر، والتي تعد مفتاح الطريق الرئيسي، وشبكة السكة الحديد المتجهة إلى الجنوب. كذلك عبروا النهر، من الجهة الجنوبية، على مشارف منطقة سوبينجو Sobinggo، حيث بدأوا بتحصين مواقعهم هناك.

قاوم رجال كوريا الجنوبية، بعناد وإصرار. وحاولوا استعادة مواقعهم المفقودة، بعد أن أصدر الجنرال "شاي" أوامره بشن هجوم مضاد، بناء على اقتراح، تقدم به العميد "جون تشيرش John Church"، رئيس أركان مقدمة قوات الجنرال ماك آرثر في كوريا. غير أن مدفعية الكوريين الشماليين، أفشلت كل محاولاتهم. وفي اليوم التالي، الأول من يوليه، عبرت الفِرقة الرابعة، والمشاة، من قوات كوريا الشمالية، نهر هان من دون أي صعوبة، عند النقطة، التي سبق أن أقامت فيها الفِرقة الثالثة جسراً، قوياً ووفرت حمايته. واستمرت مقاومة قوات كوريا الجنوبية، خارج "يونجد ونجبو"، ما كبد القوات الكورية الشمالية خسائر فادحة.