إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / يوميات الحرب اللبنانية ـ الإسرائيلية، يوليه 2006




آثار القصف الإسرائيلي لبيروت
أيهود جولدفاسر
البارجة الإسرائيلية ساعر 5
الداد ريجيف
دبابة إسرائيلية ميركافا مدمرة

مناطق تأثير صواريخ حزب الله




الحرب السادسة

بدايتها، أسبابها، دوافعها، الجهود المبذولة لإنهائها

بداية الحرب

اندلعت الحرب اللبنانية ـ الإسرائيلية في 12 يوليه 2006، ولفترة 33 يوماً.

أسباب الحرب

هاجمت قوة تابعة لحزب الله اللبناني موقعاً عسكرياً إسرائيلياً على الحدود، ونتج عن هذه العملية أسْر جنديَّين إسرائيليين؛ إضافة إلى مقتل ثمانية آخرين. ردت إسرائيل على هذه العملية بقصف مفرط القوة، استهدف البنى التحتية في لبنان. ورأت إسرائيل أن الحكومة اللبنانية مسؤولة مسؤولية كاملة عن تلك العملية، لعدم بسط نفوذها في الجنوب. وتصاعدت الأزمة بوتيرة غير مسبوقة حاملة عددا من المفاجآت. فقد وصلت صواريخ حزب الله إلى مدينة حيفا، ثالث أكبر مدينة إسرائيلية، واستطاع الحزب إصابة بارجة إسرائيلية أمام ميناء بيروت.

من ناحية أخرى، لم تقتصر الغارات الإسرائيلية على استهداف العاصمة بيروت، بل امتدت لتصيب مواقع في الشمال على الحدود مع سورية؛ إضافة إلى فرض حصار كامل على لبنان. وكانت المفاجأة الأخرى التي أسفرت عنها الأزمة هي عجز الجهود الدبلوماسية عن تحريك ساكن من أجل إنقاذ أرواح المدنيين، وظلت التحركات الدبلوماسية تراوح مكانها، خاصة بعد أن أعلنت الإدارة الأمريكية، تأييدها لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها.

دوافع الحرب

كانت الخطة الأمريكية – الإسرائيلية، هي أحد أهداف تلك الحرب من أجل إلحاق لبنان بقطار التطبيع مع إسرائيل في الأمور الآتية:

1. الأمر الأول: أن توجيه ضربة موجعه للبنان، بهدف تدمير بنية حزب الله والخلاص منه، لم يكن صدى لعملية أسر الجنديين الإسرائيليين في 12 يوليه 2006، ولكنه كان تنفيذاً لخطة أمريكية – إسرائيلية أعدت سلفاً، وكان يفترض أن تدخل حيز التنفيذ في خريف عام 2006، والهدف النهائي للخطة هو إلحاق لبنان بقطار التطبيع مع إسرائيل، وإزالة أي تهديد يمثله حزب الله لإسرائيل، في حالة الهجوم الأمريكي على إيران لإجهاض مشروعها النووي.

2. الأمر الثاني: أن إسرائيل هي التي أرادت الحرب وسعت إليها، تنفيذاً للخطة الموضوعة سلفاً بالمشاركة الأمريكية. أما حزب الله فقد أرادها عملية مقاومة محدودة، تستهدف تحرير الأسرى.

3. الأمر الثالث: أن نزع سلاح حزب الله، هو ـ قبل كلّ شيء ـ مطلب إسرائيلي وأمريكي وليس أي منهما حريصا على السيادة اللبنانية، ولا على بسط سلطان الحكومة اللبنانية على كافة أراضي الدولة، وإنما المطلوب هو إنهاء وجود المقاومة في لبنان، فضلاً عن فلسطين.

4. الأمر الرابع: أن هذه الحرب ـ التي يطلق عليها حرب الإبادة ضد لبنان – هدفها إثارة الشعوب ضد الحكومات، وتعميق الخلاف بين سورية ولبنان، وتصدير اشتباك مقصود بين الشعب اللبناني والعرب عامه- وبين حزب الله، بتحميله مسئولية الدمار الشامل الذي أصاب ويصيب لبنان.

تصريحات بعض قادة ورؤساء الدول خلال الأزمة

مصر: في بداية الأزمة، قال الرئيس حسني مبارك: إن "جيش مصر للدفاع عن مصر وحدها، ونحن نرفض أي محاولة لجر مصر إلي صراع لا يحكمه العقل أو المنطق" ويبدو أن التصريح رد علي الأصوات التي تطالب بدخول مصر في صراع مع إسرائيل علي خلفية اعتدائها على لبنان.

وفي تصريحات أخرى بعد الحرب، في 19/8/2006، أكد: "أن المرحلة الحالية من العمل العربي لا تتحمل أي نوع من "المزايدات الرخيصة"، محذرا من أي محاولات للتدخل في الشأن الداخلي اللبناني. كما شدد على أن "حزب الله جزء من النسيج اللبناني" وعلى أن "وحدة اللبنانيين وتماسكهم وعدم فرقتهم تمثل ضرورة قصوى خلال الفترة القادمة، ويجب الابتعاد عن أي أسباب تؤدي للشقاق أو الخلاف الداخلي؛ لأنه يصبح خطرا يهدد وحدة لبنان".

السعودية: قالت في وكالة الأنباء السعودية "واس": "إن السعودية تود أن تُعلن بوضوح أنه لا بد من التفرقة بين المقاومة الشرعية وبين المغامرات غير المحسوبة، التي تقوم بها عناصر داخل الدولة ومن ورائها، دون رجوع إلى السلطة الشرعية في دولتها، ودون تشاور أو تنسيق مع الدول العربية، فتوجد بذلك وضعاً بالغ الخطورة، يُعّرض جميع الدول العربية ومنجزاتها للدمار، دون أن يكون لهذه الدول أي رأي أو قول".

وأضاف البيان "إن المملكة ترى أن الوقت قد حان لأن تتحمل هذه العناصر وحدها المسؤولية الكاملة عن هذه التصرفات غير المسؤولة، وأن يقع عليها وحدها عبء إنهاء الأزمة التي أوجدتها".

وقال وزير الخارجية السعودي في اجتماع وزراء الخارجية العرب الطارئ: إذا كان انفراد دولة واحدة بالقرار أمرا غير مقبول، فإن انفراد عناصر غير منضبطة وغير مسؤولة داخل الدولة باتخاذ القرارات التي لا تكتفي بتوريط الدولة ذاتها، بل تدفع بقية الدول إلى مغامرات غير محسوبة، هو أمر مرفوض جملة وتفصيلا. هذه الحقيقة يجب أن تكون واضحة وضوح الشمس لنا جميعا.

الجهود المبذولة لإنهاء الأزمة

عقد اجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب، في القاهرة، في 15/7/2006. وفيه دان مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري، العدوان الإسرائيلي على لبنان، والذي يتعارض مع كل القرارات والقوانين والأعراف الدولية، وحيا أرواح الشهداء، وصمود اللبنانيين، وحرصهم على تضامنهم ووحدتهم، التي تعد العامل الأساسي في مواجهة العدوان.

وأعرب المجلس في بيان صدر في ختام اجتماعه (انظر ملحق نص قرار مجلس الجامعة العربية في 15 يوليه 2006)، عن التضامن المطلق مع لبنان ودعم صموده في مواجهة هذا الاعتداء الغاشم، الذي يتعرض له المدنيون، ويودي بالأرواح البريئة، ويوقع خسائر مادية واقتصادية جسيمة.. مؤكدا على الدعم الكامل للشكوى اللبنانية أمام مجلس الأمن.

وطالب الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب، مجلس الأمن باتخاذ قرار فوري بوقف شامل لإطلاق النار، ورفع الحصار الإسرائيلي عن لبنان.

الجهود الأمريكية لعرقلة المساعي الدولية لحل الأزمة اللبنانية

على الرغم من قدرة الولايات المتحدة الأمريكية في استصدار قرار فوري لوقف إطلاق النار في لبنان، في ضوء ما تمثله من قوة عظمى تسيطر على النظام الدولي الجديد، وما يفرضه ذلك من ضرورة التدخل بفاعلية لحل الأزمة اللبنانية، التي تهدد أمن هذا البلد واستقراره، إلاّ أن الموقف الأمريكي، منذ بداية الأزمة، بدا منحازاً انحيازاً واضحاً لإسرائيل. وقد حرصت واشنطن منذ بدء الأزمة على تعطيل القرارات الدولية (خاصة دعوة كوفي عنان "الأمين العام للأمم المتحدة للوقف الفوري لإطلاق النار وعودة الجنديَّين الأسيرَين)، وتخطيها في ذلك دول الإتحاد الأوروبي، ورغبات أكثر دوله في سرعة إنهاء تلك الأزمة. وتبَدَّى ذلك في الآتي:

1. رفض الإدارة الأمريكية للمطالب الدولية لوقف إطلاق النار، وحرصها على تمديد فترة التلكؤ في اتخاذ قرار بوقف إطلاق النار لضمان نجاح إسرائيل في إضعاف القوة العسكرية لحزب الله قبل بدء التفاوض للتوصل إلى حل، وذلك بعرقلة الجهود الدولية في الأمم المتحدة، وجهود رؤساء الدول الثماني الكبرى، الذين طالب غالبيتهم بضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار.

2. إصرار الولايات المتحدة الأمريكية – من خلال الخطة التي قدمتها وزيرة خارجيتها، خلال زيارتها لبيروت يوم 24 يوليه - على نشر قوات دولية بقيادة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في جنوبي لبنان، لمدة تتراوح ما بين 60 و90 يوماً، قابلة للتمديد لمساعدة الجيش اللبناني في السيطرة على جنوبي لبنان. كما أن القوة ستكون معنية أيضاً بتدريب الجيش اللبناني لمساعدته في نزع سلاح حزب الله، وذلك على الرغم من تشكيك كل من رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة، ورئيس مجلس النواب، نبيه بري، في نجاح تلك الخطة، وتحذيرهم من أن حزب الله لن يقبل بنزع سلاحه.

3. الترويج – غربياً وأمريكياً – وعلى نطاق واسع للحملة التي تزعم أن هذه المقاومة لا تخدم الأهداف اللبنانية، ولكنها تخدم الأجندة الإيرانية والسورية على حساب لبنان. ويُشار في هذا الإطار إلى ما صرح به الرئيس بوش من أن إخفاء حزب الله للصواريخ، التي يستخدمها في ضرب إسرائيل، تظهر أن هذا الحزب ليس صديقاً للبنان، بل إنه يعرض للخطر خطوات التقدم الهائل التي تحققت في هذا البلد.

القرار 1701 ووقف إطلاق النار

وافق مجلس الأمن الدولي، بالإجماع، على قرار، أعدته الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا، في 11 أغسطس 2006، بالرقم 1701. يدعو إلى وقف كامل للعمليات الحربية مِن الطرفين. ويطلب من حزب الله وقف كلّ الهجمات، من الفور؛ ومن إسرائيل وقف كلّ العمليات الهجومية. ويجيز إرسال 15 ألف جندي جديد؛ لحفظ السلام في المنطقة. وينص على إفراج حزب الله، غير المشروط، عن الجنديَّين الإسرائيليَّين المختطَفَيْن.

وقد انتهت الحرب بعد 33 يوما من بدايتها، وفشلت إسرائيل في تحقيق أيٍّ من أهدافها, بل إن صمود حزب الله قضى على ما بقي من الأساطير التي قضت إسرائيل عقوداً في بنائها. فلأول مرة تُضرب إسرائيل في عمقها ويلجأ مستوطنوها إلى الخنادق، منذ أن أُعلنت دولتهم. وعلى الطرف الآخر، لا يزال حزب الله محتفظا بأسيريه, محافظًا على أراضي دولته.. فبكل معايير النصر والهزيمة العسكرية، صمد حزب الله, بل وانتصر.