إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان




أحد مقاتلي حزب الله
مذبحة صابرا وشاتيلا


منطقة انتشار قوات الأمم المتحدة
مسار نهر الليطاني
انتهاكات إسرائيل في لبنان
الحزام الأمني وتمدد القوات الإسرائيلية



مقدمة:

المقدمة

منذ الاجتياح الإسرائيلي للبنان، عام 1982، تلاشت، في الخريطة اللبنانية السياسية فقط، الحدود الجغرافية للجنوب اللبناني؛ ولكنه سرعان ما أمسى أفقاً تاريخياً في مستقبل البلد؛ إذ أثبتت المقاومة الوطنية فيه، أصالة انتمائها؛ واتضح أنه لا يمكن لبنان التخلي عنه؛ واستحالة انسلاخ الجنوب من لبنان، على الرغم من الحرمان الذي عاناه في ظل الحكومات اللبنانية المتعاقبة. فكان للمقاومة الوطنية في الجنوب، دورها الحيوي، وتأثيرها المباشر في مسار الصراع العربي ـ الإسرائيلي، كما في مسار الصراع اللبناني ـ اللبناني؛ ما أغرى الأطماع الإسرائيلية بالجنوب اللبناني.

سعت إسرائيل، حثيثاً، إلى تحقيق استقرار الجنوب، ليس حباً به؛ وإنما استغلالاً لمياهه وتدميراً لاقتصاده؛ لإرغامه على التعلق بالأسواق الإسرائيلية، والارتهان بها. بيد أنها جُبِهَت برفض معاونة الاحتلال، بل تحريم التعامل معه؛ ليصبح هو المعزول، وليس عازلاًَ.

كان نضال المقاومة الوطنية، في الجنوب، نموذجاً لتلاحم المقاومة: الشعبية والعسكرية، التي خاضت حرب تحرير، فنشطت في استنزاف الاحتلال، وموجهة حليفه الداخلي، الذي أفرزته الحرب الأهلية وانقسام اللبنانيين، قوى متناحرة. غير أن عدم التوازن الإستراتيجي العسكري بين الجانبَين، وعدم تكافئهما، اقتضيا تحييد الخلافات الطائفية؛ كيّ يمكن تحقيق قومية الصراع، وإعادة القوى الوطنية اللبنانية المختلفة إلى مظلة العمل العربي، والتزام إستراتيجيته في مواجهة إسرائيل.

كان للانسحاب الإسرائيلي أحادي الجانب، من الجنوب اللبناني، ردود فعل متعددة، على جميع الصعُد الإقليمية والدولية؛ فقد دخلت قوات الاحتلال الإسرائيلي إلى الأراضي اللبنانية تحت أسماء شتّى، دارت جميعها حول كلمتَي الأمن والسلام؛ وراوح الخطاب الإسرائيلي، منذ ذلك الوقت، ما بين "سلام الجليل" و"أمن المستعمرات الشمالية". لكن القوات الإسرائيلية المحتلة، تعرضت لمقاومة عنيفة، منذ أن دخلت الأراضي اللبنانية، عام 1982؛ وعجزت عن الصمود لها. وسيظل التاريخ يشهد للدولة اللبنانية، حكومة وشعباً، دعمها للمقاومة الوطنية، وتحمُّل تبعاته الانتقامية، التي وصلت إلى حدّ ارتكاب المجازر.

ولم تتحمل إسرائيل الثمن، الذي فرضه عليها لبنان. فكانت التعهدات الحكومية المتتالية بالخروج من "المستنقع اللبناني"، بل إن إيهود باراك، حدد 7 يوليه 2000، موعداً للخروج من لبنان؛ ونسي أن الطرف المضغوط، والراغب في إنقاذ ما يمكن إنقاذه، لا يحدد المواعيد، بل تُفرض عليه فرضاً. فكان الهروب المضطرب، تحت جنح الظلام، وكانت فوضى الانسحاب مشهداً، لا يمكن أن تناسه الذاكرة: اللبنانية والعربية، التي لم تشهد مثيلاً له، منذ سنوات طويلة.