إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان




أحد مقاتلي حزب الله
مذبحة صابرا وشاتيلا


منطقة انتشار قوات الأمم المتحدة
مسار نهر الليطاني
انتهاكات إسرائيل في لبنان
الحزام الأمني وتمدد القوات الإسرائيلية



مقدمة:

سادساً: المشاكل المعلقة

1. القضاء على جيش لبنان الجنوبي

اجتاحت إسرائيل، عام 1978، جنوبي لبنان، على ثلاثة محاور: الساحلي والأوسط والشرقي، على امتداد وادي الليطاني، حيث استولت على مناطق عديدة؛ وسُميت هذه العملية "عملية الليطاني". استهدف غزوها الوصول إلى نهر الليطاني، الذي تقع منابعه في الشمال من منطقة البقاع[1] (انظر خريطة منطقة انتشار قوات الأمم المتحدة)، ويجري عشرة كيلومترات، شمال الحدود الإسرائيلية، وفي بعض المناطق المتاخمة لمرجعيون وكفركل[2]ا ودير ميماس[3]، ثم ينحرف غرباً، ليصب في البحر، عند منطقة القاسمية[4]، شمال صور.

كما سعت إسرائيل إلى إبعاد الوجود العسكري الفلسطيني عن الحدود. فبادرت إلى إنشاء الحزام الأمني في الجنوب اللبناني، لتضمن السيطرة الكاملة عليه؛ إذ وسوست لجماعة من الجنود اللبنانيين، يناهزون 400 جندي، يتزعمهم ضابط برتبة رائد، يُدعى سعد حداد، فتمردوا على قيادتهم المركزية في بيروت، ولم يترددوا في مساعدة جيش الدفاع الإسرائيلي على إحكام سيطرته على ثكنة مرجعيون، وتحويلها إلى مقر له. لا، بل أيدوه على غزو وطنهم، عام 1982، حين شن عملية "سلام الجليل"، التي بلغت بيروت، وانتهت إلى إخراج الوجود الفلسطيني العسكري من لبنان.

آزر هذا الجيش إسرائيل على عملية "عناقيد الغضب"، عام 1996، فكافأته بترقية قائده، الرائد المنشق، إلى رتبة لواء؛ غير أنه لم يهنأ بها طويلاً، إذا مات، فخلفه اللواء أنطوان لّحْد الذي استمر في دعم الجيش الإسرائيلي ومساندته؛ واستمرت المقاومة في التصدي له، حتى إنها كبدته ما يفوق 500 قتيل من رجاله.

وسرعان ما أثارت الخسائر في أرواح العسكريين الإسرائيليين داخل الشريط اللبناني المحتل، ردود فعل قوية داخل المجتمع الإسرائيلي، انتهت إلى إعلان إسرائيل نيتها في الانسحاب من جنوبي لبنان، قبل الأول من يوليه 2000؛ لا، بل أجبرتها على التبكير فيه، فتراجع جيشها، بفوضى شاملة، بعيداً عن الأساليب العلمية للارتداد العسكري.

وقد نشأ عن هذا الأمر نتيجتان ملموستان:

أ.  خسائر غير مبررة بين القوات الإسرائيلية، التي ولَّت عن مواقعها، متدافعة نحو إسرائيل.

ب. افتضاح جيش لبنان الجنوبي، واضطره إلى إلقاء سلاحه والتسليم للسلطات اللبنانية، أو محاولة دخول إسرائيل، بالاندفاع نحو حدودها، فواجهته النيران الإسرائيلية، وصرعت العديد من رجاله. وقد بلغ عدد الفارين، من جنود وضباط وأُسرهم، 6500 عميل.

لم يركن الجيش الجنوبي للمواقف المطمئنة، الصادرة عن الدولة اللبنانية والمقاومة، ففر معظم رجاله وأُسَرهم إلى إسرائيل؛ ولم يستسلم منهم إلا زهاء 1600 شخص، ستلتمس لهم المحكمة ما يعذرهم. وما لبث مئات من الفارين، أن تداركوا أنفسهم، فانصاعوا إلى الاستسلام للسلطات القضائية اللبنانية، بعد أن تنكرت لهم إسرائيل، التي أبدت رغبتها في بناء قرية لبنانية في أراضيها، لعدد منهم، تختاره بدقة، وإعادة الباقي، من خلال الصليب الأحمر، إلى لبنان، أو تهجيرهم إلى بلد ثالث؛ وخاطبت، في ذلك عدة دول: أوروبية وأمريكية، فاستجابت لها ألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية. واللافت أن احتفاظ إسرائيل بعدد من هؤلاء يمكنّها، مستقبلاً، من استخدامهم في أنشطة استخباراتية معادية للبنان وسورية والدول العربية.

2. الإفراج عن المعتقلين اللبنانيين

عقب الاجتياح الإسرائيلي، عام 1982، أنشأ جيش الاحتلال عدداً من السجون والمعتقلات في الجنوب اللبناني، ولا سيما في بلدة أنصار، ليواجه أعداد المعتقلين المتزايدة، من أبناء لبنان والدول المجاورة، والمُسَمَّين "النشطاء". غير أنه اكتفى، إثر انسحاب 1985، بمعتقل " الخيام"، الذي أودعه، في العام نفسه، 200 معتقل، ثم نقل إليه بعض معتقلي أنصار. وسرعان ما بدأ تحرير دفعات متتالية من سجنائه:

أ. عام 1985، أُطلق 267 معتقلاً.

ب. عام 1986، أُطلق 95 معتقلاً.

ج. عام 1987, أُطلق 46 معتقلاً (في 27 مايو).

د. عام 1988، أُطلق 29 معتقلاً (على دفعتين: في 15 فبراير والأول من يوليه).

هـ. عام 1990، أُطلق 42 معتقلاً.

و. عام 1991، أُطلق 91 معتقلاً.

واستمر تسريح المعتقلين، وتبادل الأسرى، حتى 24 مايو 2000، حينما أُفرج عن 163 معتقلاً. وبقي في السجون الإسرائيلية 32 معتقلاً، أُفرج عن 13 منهم في أبريل 2000.

3. استمرار النزاع في مزارع شبعا

انسحبت إسرائيل من جنوبي لبنان، ولكنها رفضت الانسحاب من المنطقة المعروفة بمزارع شبعا (250 كم2)، وعددها 13 مزرعة، هي: المسفر، فشكول، زبدين، حارة أفون، برتعيا، ربعة، بيت البراق، برختا، كفردورة، جورة العليق، رمتا، خلة الغزال، وادي القرن. وعمدت إلى طرد جميع سكانها، المقدر عددهم بنحو 3500 نسمة، وأنشأت على أنقاض مساكنهم، منشآت عسكرية ضخمة؛ كما وزعت أراضيهم الصالحة للزراعة على مستوطنين يهود، جاء معظمهم من أوروبا (انظر خريطة انتهاكات إسرائيل في لبنان).

وتعلل إسرائيل احتلالها تلك المزارع، بأنها جزء من منطقة الجولان السورية، التي احتلتها عام 1967، وتتشبث بها، لما تتميز به من موقع إستراتيجي مهم. ويرى لبنان أن انسحاباً، يستثني مزارع شبعا إعادة انتشار، وتطبيق منقوص للقرار الرقم 425؛ ومن ثَم، فإنه يحتفظ بحقه في تحرير ما تبقى من أراضيه، سواء بالمقاومة أو التحكيم. اختلف المبعوث الدولي، لارسن، والجانب اللبناني، في شأن بعض المناطق، التي لا تريد إسرائيل استمرار احتلالها، بدعوى أهميتها الأمنية. ولكن تمسك الجانب اللبناني بضرورة الانسحاب الإسرائيلي من كلّ الأراضي اللبنانية، أرغم إسرائيل على تنفيذ عدة انسحابات أخرى، منها الانسحاب من قرية العباسية، ومنطقة سهل الخيام.

4. الأطماع الصهيونية بالثروة المائية اللبنانية

أ. جذور الأطماع

تؤكد الوثائق أن الأطماع الصهيونية بالثروة المائية اللبنانية، ولدت منذ اللحظة الأولى لتأسيس دولة إسرائيل؛ وذلك أن مصادر المياه الفلسطينية محدودة، ولا تفي بالطموح الإسرائيلي في جلب المزيد من المستوطنين إلى فلسطين، والتوسع في الإنتاج الزراعي، وإنشاء المشاريع الكهربائية. ويبدو ذلك جلياً في رسالة الحركة الصهيونية، عام 1919، إلى مؤتمر السلام، الذي عُقد في باريس، والتي طالبت فيها بضم جبل الشيخ، الذي تغذي روافده نهر الليطاني، إلى حدود فلسطين الشمالية. وكرر وايزمان في رسائله إلى رئيس الحكومة البريطانية، لويد جورج، في 29 ديسمبر 1919، المطالبة بأن يضم حدّ فلسطين الشمالية وادي الليطاني، إلى مسافة 25 ميلاً، فوق منحنى جبل حرمون ومنحدراته الجنوبية؛ لضمان السيطرة على منابع نهر الأردن[5]، وإعادة توزيع مياه المنطقة.

أرسل بن جوريون، عام 1941، مذكرة إلى وزارة الخارجية البريطانية، تلح عليها بضم النقب ونهرَي الأردن والليطاني إلى الدولة اليهودية المزمّع إنشاؤها.

وعقب إنشاء دولة إسرائيل، توالت مشروعات استغلال مياه المنطقة، والتي آثرتها بحصة كبيرة من مياه أنهار الأردن والليطاني والحاصباني لإسرائيل؛ ولذلك، رفضت جميعها.

وقد تنبّه العرب للأطماع الإسرائيلية في مياههم، وبخاصة مياه نهر الأردن وروافده، بما فيها نهر الحاصباني. وقرر مؤتمر القمة العربي، عام 1964، تحويل مجرى هذا النهر إلى حيث يُسْتَغَلّ في مشاريع تنموية، تستفيد منها كلّ من سورية والأردن ولبنان، فعمدت إسرائيل إلى تعطيل هذه المشاريع، بالتهديد العسكري. ثم أعقب ذلك عدوان 1967، وأُلغيت فكرة التحويل.

ويمكن تحديد أربعة عوامل تختفي وراء الأطماع الإسرائيلية في مياه دول الجوار، وهي:

(1) تخطيط إسرائيل لاستجلاب مزيد من يهود العالم؛ ما يستدعي، حتماً، ازدياد حاجتها إلى المياه.

(2) تطوير القطاع الزراعي تطويراً مطرداً، من أجل تصدير المنتجات الزراعية إلى الخارج، وبكميات كبيرة؛ ما يجعل إسرائيل تتطلع دائماً إلى السطو على مياه جيرانها.

(3) إسراف الإسرائيلي في استعمال المياه، باستهلاكه، يوميا، نحو 300 لتر.

(4) إمعان إسرائيل في أطماعها التوسعية، ورفضها القناعة بمواردها المائية المتاحة.

ب. نهْب مياه نهر الليطاني  

نهر الليطاني ليس نهراً دولياً؛ لأنه ينبع من الأراضي اللبنانية ويصب فيها (انظر خريطة مسار نهر الليطاني)، ولا يمر في أيّ دولة أخرى. واحتالت له إسرائيل بنفق، يسرق، سنوياً، ما يراوح بين 150 و200 مليون متر مكعب من المياه؛ ويمر تحت قريتَي دير ميماس وكفركلا، وأسفل جسر الخردلي (داخل الأراضي اللبنانية)، وينتهي قرب مستوطنة الخالصة الإسرائيلية (كريات شمونة)، حيث يلتقي المجرى الجديد، الذي حفرته إسرائيل لنهر الحاصباني.

وتسعى إسرائيل، بتحويل مجرى نهرَي الليطاني والحاصباني، إلى تحقيق الأهداف التالية:

(1) الحصول على حصة كبيرة من مياه نهر الليطاني، تعادل ثلث تصريفه السنوي، على الأقل. وطبقاً للمشاريع الإسرائيلية المعلنة، فإن إسرائيل تسحب ما يراوح بين 120 مليون متر مكعب في السنة العادية الأمطار، و250 مليون متر مكعب في السنة شديدة الأمطار؛ وذلك لري مساحات شاسعة في صحراء النقب، الواقعة تحت السيطرة الإسرائيلية.

(2) الحؤول دون وصول مياه نهر الحاصباني إلى بحيرة طبرية، فتسهم في تخفيف الملوحة في مياه نهر الأردن، المتجهة نحو صحراء النقب.

(3) النفقات الباهظة لضخ المياه، باستغلال خاصية الجاذبية الأرضية في سحب مياه نهر الحاصباني.

 



[1]  البقاع الغربي: جزء من البقاع السوري، يقع داخل الأراضي اللبنانية، شمال فلسطين.

[2]  كفركلا: إحدى قرى الجنوب اللبناني، الواقعة داخل الحزام الأمني الإسرائيلي، ويمتد أسفلها إلى دير ميماس نفق سحب مياه الليطاني.

[3]  دير ميماس: إحدى قرى الجنوب اللبناني، الواقعة داخل الحزام الأمني الإسرائيلي، ويمتد أسفلها إلى كفركلا نفق سحب مياه الليطاني.

[4]  القاسمية: منطقة السهول الجنوبية في لبنان، يمر بها نهر الليطاني، قبل مصبه في البحر المتوسط.

[5]  نهر الأردن: أحد الأنهار الأردنية، ينبع من الأراضي اللبنانية، ويصب في بحيرة حولة.