إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / العلاقات الإسرائيلية ـ الأمريكية









المقدمة

المقدمة

ليست العلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل علاقة ثنائية، وإنما هي علاقة من ثلاثة أضلاع، علاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل واليهود الأمريكيين. وقد أسهمت الثقافة الأمريكية إسهاماً أساسياً في ميل شريحة كبيرة من المواطنين الأمريكيين إلى إسرائيل والارتباط بها وتأييدها، وذلك من خلال التعاطف مع اليهود الذين استطاعوا أن يكونوا لأنفسهم صورة إيجابية في المجتمع الأمريكي انعكست بالتالي على إسرائيل.

كما يؤثر اليهود تأثيراً فاعلاً في الإستراتيجية الأمريكية، ليس على المستوى السياسي فقط، بل على كافة المستويات، فهم يسهمون في المستوى المحلي بخدمة القضايا النبيلة داخل المجتمع الأمريكي، مثل حركة الحقوق المدنية، وكذلك مشاركتهم في قضايا البيئة وغيرها؛ لذا، فإن المواطن الأمريكي العادي الذي لا يعلم الكثير عن السياسة الخارجية، يعرف المواطن اليهودي ويحترم مساهمته ووجوده في المجتمع الأمريكي؛ ومن ثَم، يصبح من السهل أن يقبَل منه فكرته عن إسرائيل، من دون مراجعة.

وقد اضطلعت المسيحية الصهيونية الأمريكية، التي انبعثت من تراث اللاهوت البروتستانتي (المتهود)؛ بإسهام رئيسي في توجُّه معظم الرؤساء الأمريكيين والنخبة الحاكمة إلى الاعتقاد، أن دعم وجود إسرائيل وبقائها، وعودة اليهود إلى فلسطين والانحياز إليهم، هما التزام لاهوتي أخلاقي وثقافي ثم سياسي. كما ينظر كثير من اليهود الأمريكيين إلى إسرائيل، أنها الملاذ الأخير لهم، والذي يضمن عدم تعرضهم مرة أخرى للشتات والتعذيب والطرد. كما أن التأثير الذي مارسه ويمارسه اللوبي اليهودي المؤيد لإسرائيل، أصبح موضوعاً لا مناقشة فيه ولا إنكار له، بل أمسى إحدى الحقائق في المجتمع الأمريكي، وأحد أسباب الانحياز الأمريكي إلى إسرائيل تجاه قضاياها في المنطقة. ويعتمد اللوبي في عمله المؤيد لإسرائيل على المال اليهودي والقدرة الاقتصادية والسيطرة الإعلامية والمهارة التنظيمية.

والعلاقات الإسرائيلية ـ الأمريكية، والدعم الأمريكي لها بمختلف أشكاله اقتصاديا وعسكرياً وسياسياًً، يظهر وجود روابط ذات نوعية خاصة بين البلدَين، فالعلاقات بينهما يمكن وصفها بالخاصة والمتميزة، في ضوء كثافة المبادلات بين البلدَين على الصعيد الحكومي والاجتماعي، بالإضافة إلى دعم إسرائيل اللامحدود.

وتؤكد الولايات المتحدة الأمريكية أن مصالحها في الشرق الأوسط مرتهنة بتحقيق أمن إسرائيل وحماية بقائها، من منظور أن وجودها – أيْ إسرائيل – يمثل عنصراً أساسياً ورئيسياً في تحقيق أمن واستقرار المنطقة من خلال الخدمات التي يمكن أن تقدمها إسرائيل للولايات المتحدة الأمريكية. وتحاول إسرائيل إقناع واشنطن أنها الأجدر بالاضطلاع بمهمة الشرطي في المنطقة.

وفي ظل النظام العالمي الجديد، وانفراد الولايات المتحدة الأمريكية بالسيطرة على العالم، وفي ظل الإدارة الأمريكية برئاسة جورج بوش الابن George W. Bush، أصبحت إسرائيل هي الرصيد الأمريكي الأساسي في منطقة الشرق الأوسط، ومن ثم ازدادت قاعدة توسيع التعاون الإستراتيجي بين البلدَين، خاصة في ضوء السياسة الأمريكية الجديدة بإعلان الحرب على الإرهاب، ومن ثم تستمر واشنطن في دعم إسرائيل عسكرياً بأحدث ما تنتجه الترسانة الأمريكية، علاوة على مساندتها في مجلس الأمن باستخدام حق النقض ضد أيّ محاولة لإدانة إسرائيل، وغض الطرف عما ترتكبه إسرائيل من مجازر ومماراسات غير أخلاقية في حق الشعب الفلسطيني، وانفراد إسرائيل بالتسلح النووي ودعم قاعدة التصنيع الحربي الإسرائيلية ودعم اقتصادها من خلال التسهيلات والهبات والدعم المالي والتجاري بما يؤدي إلى تحقيق التفوق العسكري النوعي والتكنولوجي المطلق لإسرائيل وضمان قدراتها الاقتصادية بما يحقق لها الأمن والحماية في المنطقة.

ويمثل الوجود الإسرائيلي في منطقة الشرق الأوسط، أهمية كبيرة للمصالح الأمريكية، على أساس أن القدرة العسكرية الإسرائيلية (تقليدية – غير تقليدية) قدرة محسوبة ومضافة للقدرات الأمريكية المخصصة للمنطقة، خاصة في مجالَي الردع وبناء النظام الدفاع المضاد للصواريخ، كما تمثل إسرائيل ركيزة محورية لشبكة من محاور التعاون العسكري بالمنطقة والتي تمتد من تركيا شمالاً لتأمين المصالح بشرق المتوسط وتطويق منطقة البترول في الشمال، وجنوباً مع دول القرن الأفريقي لحماية المصالح بالبحر الأحمر وتطويق المنطقة لمنع امتداد الإرهاب والمشاركة مستقبلاً بأزمات الخليج. كما أن التعاون الإستراتيجى الإسرائيلي ـ الأمريكي أصبح يستند إلى تبادل المصالح المشتركة، بعد أن باتت تُحركه الدوافع لمواجهة التهديدات الموجهة لكلا البلدَين متمثلة في الإرهاب وأسلحة الدمار الشامل بدلاً من الدوافع السياسية التي كانت تستند إليها في الماضي لمواجهة النفوذ الشيوعي في المنطقة، كذلك اهتمت الإدارات الأمريكية بدعم إسرائيل اقتصادياً، من أجل توسيع نطاق التعاون الاقتصادي الإقليمي، وحتى تكون إسرائيل قوة محورية أساسية في هذا التعاون الشرق أوسطي، بما يخدم المصالح الاقتصادية الأمريكية.