إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / العلاقات الإسرائيلية ـ الأمريكية









الفصل الثالث

الفصل الثالث

العلاقات الإسرائيلية ـ الأمريكية في المجال الاقتصادي

منذ تأسيس دولة إسرائيل، تكفلت الدول الرأسمالية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، بمهمة تمويل إسرائيل؛ ولهذا يُعَدّ تدفق رأس المال الخارجي إلى إسرائيل أهم أساس لتطوير اقتصادها، بل إن الطابع الرئيسي للاقتصاد الإسرائيلي هو النمو السريع بفضل الاستيراد الموسع لرأس المال، حتى أصبح معدل نصيب الفرد الواحد في إسرائيل من التكوين الرأسمالي أعلى معدل في العالم كلّه، وأصبح الاقتصاد الإسرائيلي برمته بما في ذلك القطاع الخاص يعتمد كلياً على المساعدات الخارجية التي تصل عن طريق قنوات تسيطر عليها الدولة، وتصب عن طريقها من مشروعات الهجرة والتوطين والعمالة، ومن ثم تسهم في تمويل الحياة اليومية للإسرائيليين جميعاً، وهو الأمر الذي أضاف مصدراً آخر لسيطرة الدولة على الاقتصاد الإسرائيلي، ومكن بالتالي من ارتفاع النصيب النسبي لكلّ من الاستثمار والاستهلاك الحكوميَّين.

وفي البداية كان الغرض من الدعم المالي الخارجي هو تشجيع الهجرة إلى إسرائيل واستيعاب المهاجرين إليها وتطوير زراعتها وصناعاتها. وفي مواجهة قرار الجامعة العربية بمقاطعة إسرائيل، وفرض حصار اقتصادي واجتماعي عليها، سارعت الدول الرأسمالية الكبرى بدعم إسرائيل بالتعويضات الألمانية والمعونات الأمريكية والأسلحة الفرنسية، وعقد الاتفاقيات التجارية الثنائية وتقديم القروض والهبات في صورة مبيعات "سندات إسرائيل" وقروض بنك التصدير والاستيراد الأمريكي وقروض فائض الحاصلات الزراعية الأمريكية، وتشجيع الاستثمارات.

وقد بلغت الموارد المستخدمة لإسرائيل فيما بين عامَي 1950 و 1960 في جملتها (29793) مليون دولار، بينما بلغ الناتج القومي الصافي (25046) مليون دولار، ومن ثم فإن الفرق قد مُوِّل فعلياً من موارد خارجية في صورة فائض الاستيراد.

وفي الستينيات، رُكِّز على تطوير الصناعة والخروج إلى أفريقيا وآسيا، وتدفقت الأموال الأجنبية لتطوير اقتصاد إسرائيل وتسليحها. وبعد حروب يونيه 1967، تزايدت التدفقات المالية الأجنبية بسرعة على إسرائيل. وبعد حرب أكتوبر 1973، بدأت واشنطن جدياً في التحرك نحو دعم مستقبل إسرائيل اقتصادياً، بأن تصبح شريكاً للعالم العربي في تأمين البترول والمال ومراكز الصناعة وأسواق المال في العالم.

ويهدف التمويل الخارجي أساساً إلى تمويل التكوين الرأسمالي في الاقتصاد الإسرائيلي، فقد ارتفعت نسبة رأس المال الأجنبي إلى الاستثمارات من 25 % في السنوات الخمس الأولى لنشوء إسرائيل إلى 38% في السنوات الخمس التالية ثم إلى 45% في السنوات الخمس التي بعدها وهكذا.

والواقع أن اعتماد الاقتصاد الإسرائيلي على الخارج اعتماداً مطلقاً، قد أدى دائماً إلى تزايد القدرات الاقتصادية. وهكذا أصبحت إسرائيل ظاهرة فريدة من نوعها، وهي نشوء دولة بأكملها تمثل مشروعاً اقتصادياً تموله الرأسمالية العالمية كلّها.