إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / ثورة 25 يناير في مصر؛ وتداعياتها




مواطن يشعل النار في نفسه
موقعة الجمل
لافتة لا للفقر والغلاء والبطالة والفساد
مبارك وأولاده أثناء المحاكمة
مبارك يزور مركز العمليات
أحمد عز يتقدم باستقالته
ميدان التحرير ليلة جمعة الغضب
ميدان التحرير في جمعة التحدي
مركز تجاري بعد نهبه وحرقه
مشاهد من الفقر والجوع
إعلان عن الثورة
مظاهرات في الإسكندرية
مظاهرة بمشاركة حركة كفاية
اللواء محمد البطران
المجلس الأعلى
الهجرة غير الشرعية
المظاهرات على كوبري قصر النيل
البحث عن الطعام في القمامة
الرئيس مرسي يؤدي اليمين
الشاب خالد سعيد
السياح يغادرون مصر
الصراع على الخبز
الشرطة في مواجهة التظاهرات
العنوان الرئيسي للأهرام 29 يناير
القوات المسلحة تؤمن الطرق
القوات المسلحة تتعاون في حفظ الأمن
القبض على البلطجية
احتفال تسليم السلطة
تأمين مبنى الإذاعة التليفزيون
بدء سريان حظر التجول
جريدة الأهرام 28 يناير
حركة 6 أبريل في المظاهرات
حركة 9 مارس في المظاهرات
حسني مبارك أثناء المحاكمة
شعارات للدعوة للثورة
قوات الأمن تفرق المتظاهرين


المحافظات التي بدأت بها المظاهرات



المقدمة

المبحث السادس

الأحداث لتعويق المسار الديموقراطي للدولة

(أكتوبر ـ ديسمبر 2011)

المحلل للأحداث خلال الثلث الأخير من عام 2011، وهي المرحلة التي تحدد فيها إجراء الانتخابات التشريعية ووضع دستور البلاد والانطلاق في بناء دولة ديموقراطية حديثة، يجد أن أحداث الثورة المضادة باتت تتربص بهذه الإجراءات، وتحاول إفشال الدولة بذريعة إنجاح الثورة، من خلال تدبير صدامات حادة سواء مع جهاز الأمن لإضعافه، بما يسمح للخارجين على القانون بمزاولة مهامهم بحرية أو من خلال إهدار كرامة القوات المسلحة، ومحاولة هدم الثقة بينها وبين الغالبية الصامتة، التي تقدر جهود القوات المسلحة وتؤيدها، هذا علاوة على توجيه النقد الحاد للقضاء وتدبير صدامات بين القضاء وبين قطاع المحاماة وهما يمثلان وجهي العدالة.

في مقابل ذلك، أصدرت قرارات في الثالث من أكتوبر لتفعيل إجراءات قانون الطوارئ منعاً لتصاعد الانفلات الأمني الذي يؤثر على مسار الدولة؛ حيث اتسمت الأحداث في تلك المرحلة بالدموية، وسقوط الكثير من الضحايا وانتشار أعمال قطع الطرق والاعتصامات والمطالب الفئوية وقد تضاعفت هذه الأحداث ثلاث مرات تقريباً عن المرحلة السابقة.

يرجع المحللون أسباب ذلك للآتي:

1. وجود قوى خارجية لاتريد نجاح الثورة نجاحاً مطلقاً، والعمل على حصارها ووضع الدولة في مأزق يؤثر في قدرتها ويجعلها في وضع احتياج للمساعدة بما يؤدي إلى إملاء الشروط عليها، وكانت الولايات المتحدة الأمريكية على قمة تلك القوى، والتي وضعت خطة "خنق مصر اقتصادياً"، موضع التنفيذ واستقطبت العديد من الدول لمساعدتها في تنفيذ خطتها، التى كشفت عنها وزيرة التخطيط والتعاون الدولي فايزة أبو النجا.

2. قلق القوى الداخلية التي سوف ينتهي دورها في أعقاب التحول الديموقراطي حيث عملت على نشر الفوضى بهدف تعطيل التحول الديموقراطي، وقد برزت في ذلك بعض الحركات والائتلافات مثل 6 أبريل، كفاية، الجبهة الوطنية للتغيير، الاشتراكيون الثوريون، كذلك بعض الأحزاب مثل الغد والوسط وغيرها.

3. الخارجون عن القانون الذين ادعوا الثورية من خلال اختلاطهم بالثوار من أجل انتهاز الفرص لتنفيذ جرائمهم تحت ستار التظاهرات.

4. أصحاب المطالب الفئوية الذين اتفقوا على أنه "إن لم يحصلوا على مطالبهم الآن فسوف لا يحصلون عليها أبداً"، وكان سلاحهم هو تعطيل الإنتاج وقطع الطرق والاعتصام.

5. النخبة من السياسيين وبعض رموز المجتمع الذين اتخذوا الفضائيات منابر لهم، وانتهزوا فرصة عدم محاسبتهم أو منعهم من الظهور للتضليل والنقد الجارح وتوجيه الاتهامات –خاصة للقوات المسلحة والأمن– وذلك أضر بالثورة نفسها، وخلق جواً كئيباً لدى  الأغلبية الصامتة.

6. يزاد على ذلك تدفق الأموال الخارجية لدعم القوى المختلفة سواء لإثارة الشغب أو لدعم أحزاب بعينها للانتخابات القادمة، أو لشراء الذمم، وقد كشفت بعض أسرار هذه الأموال في قضية التمويل الخارجي للمنظمات الحقوقية أو من خلال تسريب بعض أرقام تقدر بعشرات أو مئات الملايين ذهبت إلى بعض الجماعات والقوى والحركات.

كان المجلس الأعلى للقوات المسلحة يدرك الحالة التي وصلت إليها الأمور وحجم التدخلات الأجنبية، ومدى ما يقوم به أصحاب الأجندات الداخلية للعمل من أجل مصالحهم وليس مصلحة الوطن، لذلك جاءت كلمة المشير حسين طنطاوي، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة بمناسبة الاحتفال بأعياد أكتوبر معبرة عن ذلك.

حيث وصف الوضع الحالي بدقة بالغة وقال: "أن مصر تمر بمرحلة دقيقة وحاسمة في تاريخها تتطلب من الشعب المصري بمختلف توجهاته التلاحم من أجل تحقيق أهداف الثورة، وأن مصر تشهد تحولاً شاملاً في المسيرة الوطنية لايمكن تجاهل ركائزه ومرجعياته في ظل أزمات باتت تلوح في الأفق.

إن مصر بعد ثورة 25 يناير، اختلفت فيها الآراء وظهرت أصوات التشكيك في النوايا، صاحبها بعض الأزمات والمخاطر على كافة الأصعدة خاصة الأمنية والاقتصادية".

من أجل الحفاظ على الثورة وتحقيق أهدافها، فإن المجلس الأعلى للقوات المسلحة بالتعاون مع الحكومة عالجا الأمور بحكمة وعملا على الحفاظ على المسار الديموقراطي وتأمين العمليات الانتخابية، والتصرف بهدوء في مواجهة الخروج عن الشرعية والانفلات الأمني، وكان تأكيد عدم استخدام العنف وضبط النفس بمنزلة تعليمات يومية لقوات الأمن والقوات المسلحة، (وربما كان ذلك حافزاً على تواصل التظاهرات اطمئناناً من المتظاهرين إلى عدم التعرض لهم).

في نفس السياق لم يستجب المجلس الأعلى للقوات المسلحة لمطالب 22 حزباً بتأجيل الانتخابات البرلمانية لمدة ستة شهور من أجل إتاحة الفرصة لهم للاستعداد واختيار كوادرهم، لأن ذلك من شأنه إطالة الفترة الانتقالية، وهو ما يؤثر على الحياة العامة في مصر، خاصة أن هيئات التمويل الدولية وضعت شروطاً بتولي حكومة مدنية منتخبة السلطة في مصر لكي تتدفق الاستثمارات على مصر، ووافق على مد الفترة لشهرين فقط.

في المقابل، فإن الغالبية العظمي من الشعب كانت تدرك جهود القوات المسلحة، وتثق في إدارة المجلس الأعلى للقوات المسلحة للبلاد، وهذا ما دللت عليه استطلاعات الرأي التي أجريت من خلال مركزين بحثيين:

الأول: معهد كارنجي "karingy" الأمريكي، حيث أشارت إحصائياته إلى أن 89.2% من المصريين يثقون في المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وأنه سوف يسلم السلطة إلى إدارة مدنية في الموعد الذي حدده (30 يونيه 2012).

الثاني: مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، حيث أشارت إحصائياته إلى أن 89.8% من الشعب يثق في المجلس الأعلى للقوات المسلحة. ويثق في مؤسسة القضاء بنسبة 77%، ويؤيد شباب الثورة بنسبة 63.1%، ويثق في جهاز الشرطة بنسبة 39.3%، وجاءت ثقة الشعب في منظمات المجتمع المدني والأحزاب بصفة عامة بنسب منخفضة، وفي مجال تسليم السلطة إلى هيئة مدنية أشار إلى أن 94.1% يثقون في ذلك.

في مجال الانفلات الأمني في سيناء والتغلب على آثار الحادث الحدودي في أغسطس2011 فقد عززت عناصر القوات المسلحة والشرطة المدنية في سيناء بما يحقق الحفاظ على الأمن في سيناء والحفاظ على الإستقرار في أحد أهم الاتجاهات الإستراتيجية لمصر.

أولاَ: الأحداث الهامة خلال هذه المرحلة

1. أحداث كنيسة الماريناب (3 أكتوبر2011)

وهي امتداد لأحداث سابقة للكنيسة التي مقرها مركز أدفو محافظة أسوان، ولكن ومن أجل تصعيد الفتنة الطائفية خاصة مع قرب احتفالات أكتوبر فقد احتشد حوالي 400 مسيحي تدعمهم بعض التيارات السياسية أمام ماسبيرو يوم 4 أكتوبر، وقطعوا طريق الكورنيش وقرروا الاعتصام، وحاولوا اقتحام مبنى الإذاعة والتليفزيون، ما أدى لتدخل الشرطة المدنية والعسكرية لفض هذا الاعتصام.

2. جمعة استرداد الثورة (7 أكتوبر 2011)

تظاهرة سبقتها أحداث كثيرة من اعتصامات وإضرابات سواء في الموانئ أو المطارات لتشويه صورة الدولة، ومنع وصول الإحتياجات الإستراتيجية للمواطنين (إضراب عمال مينائي الدخيلة وسفاجا، وإضراب المراقبين في مطار القاهرة، وتواصل إضراب سائقي النقل العام والذي انتهى جزئياً مع دفع سائقين من القوات المسلحة، وتواصل إضراب المعلمين وفئات أخرى)، ثم جاء الإعلان عن هذه التظاهرة لإفساد الاحتفالات بأعياد أكتوبر.

دعت لهذه المليونية 20 حركة وائتلافاً وحزباً من مختلف التيارات ودعمتها جماعة حازم أبو إسماعيل السلفية، بينما قاطعتها معظم التيارات الإسلامية، وأعلنت الأغلبية الصامتة استيائها الشديد لتنظيمها، ولم يشارك فيها معظم المصريين.

رفعت التظاهرة شعار" عودوا إلى ثكناتكم .. شكراً" والمقصود بها القوات المسلحة، كذلك وضع جدول زمني لنقل السلطة وقد قامت الشرطة العسكرية والشرطة المدنية بفض محاولات الاعتصام في ميدان التحرير بعد التظاهرة.

3. أحداث ماسبيرو الدموية (9 أكتوبر 2011)

وهي واحدة من أسوأ الأحداث في هذه المرحلة وجاءت مخططة لتصعيد الفتنة الطائفية من أجل هدم النسيج الوطني للشعب. وبداية لأحداث عنيفة لأجل إفساد احتفالات أكتوبر، وتدارك فشل جمعة استرداد الثورة وفشل الاعتصام أمام ماسبيرو يوم 1 أكتوبر، مع تصاعد الأصوات التي تبث الفتنة على المستويين الداخلي والخارجي.

بدأت الأحداث بعد ظهر الأحد 9 أكتوبر بخروج مسيرات من المسيحيين من عدة مناطق أهمها منطقة شبرا تضم حوالي 7500 متظاهراً متجهة إلى ماسبيرو، في نفس الوقت احتشدت مسيرات مسيحية في معظم ميادين المحافظات وأمام المنطقة الشمالية العسكرية في الإسكندرية.

بوصول المتظاهرين إلى ماسبيرو، انقلبت التظاهرة من سلمية إلى أحداث عنف؛ حيث استهدفت عناصر التأمين من القوات المسلحة التي تتولى حراسة مبنى الإذاعة والتليفزيون مع إطلاق النيران على الجنود ومهاجمة السيارات الخاصة بالحراسة وإحراقها.

وكان ذلك مفاجأة غير متوقعة للقوات المسلحة، وهي التي دأبت على حماية المتظاهرين ولم تطلق طلقة نيران واحدة عليهم، وهم الأن يستخدمون أقصى درجات العنف ضدها.

أمام حالة الفوضى والخوف من اقتحام المتظاهرين لمبني الإذاعة والتلفزيون، استدعيت قوات الشرطة العسكرية، حيث جرت عمليات كر وفر بين المتظاهرين والشرطة المدنية والعسكرية، اندست خلالها عناصر إجرامية تفتح نيران عشوائية على الطرفين، ما أدى إلى ضخامة حجم الخسائر، حيث استشهد ثلاثة أفراد وأصيب حوالي 100 فرد من القوات المسلحة، واستشهد 24 مدنياً وأصيب 107  أخريين وألقي القبض على 25 فرداً من المشتبه فيهم.

في السياق ذاته حدثت صدامات شديدة بين مسلمين ومسيحيين في المحافظات الأخرى، توالت طوال شهر أكتوبر 2011 أهمها:

أ. تظاهرات المسيحيين ومسيرات جنائزية يومي 10 – 13 أكتوبر خاصة في منطقة المستشفي القبطي والكتدارئية بالعباسية وميدان التحرير وأمام مكتبة الإسكندرية  وأمام مبنى جريدة أخبار اليوم.

ب. 14 أكتوبر 2011 نظمت مسيرة الوحدة الوطنية بين ائتلافات وحركات وأحزاب وحركات قبطية تجمعت أمام ماسبيرو وسارت حتى التحرير ترفع شعار "مسلم – مسيحي إيد واحدة"، وتطالب "بإسقاط حكم العسكر".

وكان لابد من تفويت الفرصة على مخططي هذا الحادث الذي أريد به تصعيد الفتنة الطائفية، وقد بذل المجلس الأعلى للقوات المسلحة. جهوداً حثيثة بالتنسيق مع الكنيسة لتخطي هذه الأحداث وعدم تصعيدها، كذلك كان للأزهر الشريف دور رئيسي في القضاء على الفتنة الطائفية.

كما كان لقاء المشير طنطاوي بالبابا شنودة الثالث في 24 أكتوبر تأكيداً على وحدة الأمة، حيث جرى استعراض الأحداث التي تمر بها البلاد والأساليب الملائمة لمواجهتها وإنهاء الموضوعات المتعلقة بالكنائس كافة.

4. تظاهرة أمناء الشرطة أمام مقر وزارة الداخلية (24 أكتوبر 2011)

تظاهرة نظمها أمناء الشرطة مطالبين بتحسين أحوالهم المعيشية وإيقاف المحاكمات العسكرية لهم، وتوفير سبل العلاج في مستشفيات الشرطة، وقد امتدت هذه التظاهرة إلى العديد من المحافظات الأخرى حيث كان تنظيمها أمام مقار مديريات الأمن. (وقد استجيب لمعظم مطالب أمناء الشرطة).

5. تظاهرات متفرقة ( الجمعة 28 أكتوبر 2011)

أ. في ميدان التحرير نظمتها بعض القوى والائتلافات للمطالبة باستكمال مطالب الثورة وأمهلت المجلس الأعلى للقوات المسلحة أسبوعين لتحقيقها على أن يعودوا للتظاهر في 18 نوفمبر 2011.

ب. تظاهرة من الإعلاميين أمام ماسبيرو مطالبين بتطهير الإعلام من القيادات الفاسدة واتهام وزير الإعلام (أسامة هيكل) بإثارة الفتنة بين المسلمين والأقباط، والمطالبة بمحاكمته.

ج. صدام بين القضاة في ختام جمعيتهم العمومية، وبين جموع المحامين وأعضاء بعض الحركات السياسية المطالبين بتطهير القضاء خاصة من الذين زوروا انتخابات عام2010.

6. تظاهرة لغلق ميناء بورتوفيق (29 أكتوبر 2011)

تظاهرة قام بها أفراد من الشرطة مطالبين بتحسين أحوالهم، حيث تولت وحدات القوات المسلحة فض التظاهرة وعودة نشاط الميناء إلى ما كان عليه.

7. حريق العبارة "بيلا" في خليج العقبة (3 نوفمبر 2011)

نشب الحريق في العبارة التي تعمل بين ميناءي نوبيع والعقبة، وقد تمكنت الأجهزة المختصة من إنقاذ 1047 راكباً قبل غرق العبارة وتعويضهم طبقاً لما تقضي به القوانين البحرية.

8. تظاهرة إحياء ذكرى ضحايا ماسبيرو (11 نوفمبر 2011)

شارك فيها حوالي 2000 فرداً تجمعوا أمام الكاتدرائية بالعباسية حاملين نعشاً يرمز للضحايا، ثم خرجوا في مسيرة إلى ميدان التحرير يرددون هتافات ضد القوات المسلحة.

9. جمعة المطلب الوحيد أو "جمعة حماية الديموقراطية وتسليم السلطة" أو "جمعة الغضب الثالثة" (18 نوفمبر 2011)

تظاهرة جاءت الدعوة إليها في 28 أكتوبر، ثم أكدتها الائتلافات المختلفة خلال النصف الأول من شهر نوفمبر على صفحات التواصل الاجتماعي تحت عنوان "جمعة الاعتصام – المطلب الوحيد".

وضع المنظمون سيناريو للتظاهرة، بأنها تجمعات يعقبها اعتصام مفتوح، إلى جانب التوجه لمحاصرة مبنى الإذاعة والتليفزيون في ماسبيرو.

كذلك التوجه إلى سجن طره للإفراج عن المسجونين المحاكمين عسكرياً والقبض على أعوان مبارك – وغلق ميدان التحرير وغير ذلك من إجراءات تعطيل نظام العمل في الدولة.

مع الإحساس باستياء الشعب من هذه الدعوة، والاستعدادات العسكرية لمواجهتها فقد أصدر المنظمون لها بياناً ينفون فيه البيان المنسوب إليهم، ويحملون القوات المسلحة وقوات الشرطة مسؤولية حماية المنشآت الحيوية.

هذه التظاهرة هدفت إلى تقويض إجراء الانتخابات التشريعية التي تبدأ يوم 28 نوفمبر، لذلك عملت السلطات على تفويت الفرصة على المغرضين والبعد عن حدوث مواجهات عنيفة يمكن استخدامها ذريعة لتصعيد أهدافهم. وأعلن المجلس الأعلى للقوات المسلحة أنه ملتزم بتنفيذ المخطط الزمني لنقل السلطة إلى إدارة مدنية.

تعددت الحركات والقوى المشاركة في التظاهرة، وكانت الأغلبية للتيار الإسلامي بكل توجهاته، كذلك تعددت المنصات في ميدان التحرير ووصلت إلى تسع منصات لكل منها توجه وشعار مخالف للآخر.

اتسمت المظاهرة بالتشتت وعدم الاتفاق على هدف واحد، إلا أن الجميع اتفقوا على أمرين، وهما سرعة تسليم السلطة إلى إدارة مدنية ورحيل المجلس الأعلى للقوات المسلحة، رفض وثيقة المبادئ الدستورية التي أعدتها الحكومة والمعروفة بـ "وثيقة السلمي".

آثرت الحركات الليبرالية الانسحاب مبكراً من الميدان تفادياً لمواجهات مع التيارات الإسلامية ومن ثم فقد إنتهت التظاهرة بسلام، وانصرف الجميع عدا حوالي 200 – 250 فرد قرروا الاعتصام بإدعاء أنهم من مصابي الثورة الذين لم تصرف تعويضات لهم وكان موجود هؤلاء المعتصمين ذريعة لتحقيق أهداف التظاهرة في اليوم التالي وإشعال الفوضى التي لم يكن من الممكن إحداثها مع وجود التيارات الإسلامية في الميدان.

10. أحداث شارع محمد محمود (19 نوفمبر 2011)

لما كانت التعليمات لأجهزة الأمن بمنع الاعتصامات في ميدان التحرير، فقد جرت صباح 19 نوفمبر مفاوضات مع المعتصمين الذين نصبوا خياماً في الميدان، لحثهم على الإنصراف على أن يجري بحث أسباب عدم صرف التعويضات لهم، ولكن هذه المفاوضات فشلت، بل أن المعتصمين بدأوا في إجراء اتصالات، تدفق بعدها عناصر جماعة حازم أبو إسماعيل وبعض الائتلافات الأخرى لإحداث مواجهات عنيفة مع قوى الأمن التي نجحت في تفريقهم ثم غادرت الميدان.

بمغادرة قوات الأمن للميدان تدفقت العديد من العناصر سواء من الائتلافات أو جماعة حازم أبو إسماعيل السلفية، ومعهم الكثير من البلطجية وأطفال الشوارع وقاموا بإغلاق ميدان التحرير من جميع الاتجاهات، ولم يرعوا سمعهم نداءات رئيس الوزراء أو الأمن بفتح المحاور المرورية وإخلاء الميدان. وبما يدل على أن هذه الأحداث مبرمجة ولها أهداف محددة في تقليص قدرات الأمن وإحراج القوات المسلحة، والشروع في قيام ثورة دموية تحقق أهدافاً خارجية وتساير أجندات داخلية لعناصر تهدف إلى القفز على السلطة.

مع حلول الظلام تحول الأمر من اعتصام سلمي إلى ميليشيات خطيرة إتجهت إلى مقر وزارة الداخلية لاقتحامه، ما اضطر قوات الأمن للمدافعة عن المقر من استخدام الغازات المدمعة لتفريق المتظاهرين، الذين إزدادت أعدادهم زيارات غير مسبوقة، مستخدمين زجاجات المولوتوف والحجارة وبعض الأسلحة النارية في مهاجمة قوات الأمن. (اُنظر صورة قوات الأمن تفرق المتظاهرين)

انتهت أحداث اليوم بغلق ميدان التحرير ومحاوره ومواصلة أعمال الكر والفر، الذي نتج عنها وفاة شخص وإصابة حوالي 750 فرداً، معظمهم نتيجة اختناق بالغازات.

استمرت الأحداث الدامية في العديد من المحافظات مثل (الإسكندرية والسويس وشمال سيناء) متمثلة في الإصرار على اقتحام مديريات الأمن والأقسام، ما أضطر قوات الأمن لاستخدام الغازات المدمعة بكثافة لتفريقهم.

مع تطور الأحداث في الأيام التالية وتكثيف المتظاهرين مهاجمتهم لوزارة الداخلية، والتي شاركهم فيها الكثير من الخارجين على القانون وأطفال الشوارع فقد تمكنوا من إشعال النيران في مبنى إدارة البحث الجنائي، ونجحت القوات المسلحة في إجراءات لفصل المتظاهرين عن محيط مقر وزارة الداخلية وأنشأت سوراً أسمنتياً يوم 22 نوفمبر لمنع المتظاهرين من الوصول إلى أسوار المقر.

وخصصت عناصر من الشرطة العسكرية لحراسته، وقد حاول المتظاهرون إزالته وتصدت لهم وحدات القوات المسلحة، ولم تهدأ التظاهرات خاصة في محيط وزارة الداخلية في القاهرة ومحيط مديرتي الأمن في الإسكندرية  والسويس إلا بعد أن ألقت قوات الشرطة القبض على عشرات المشاركين في هذه المظاهرات.

أفرزت أحداث شارع محمد محمود وفاة 43 شخصاً (منهم 39 في القاهرة، واثنان في كل من الإسكندرية  والسويس)، وفرد في الإسماعيلية، وإصابة المئات حُجِز 149 منهم في المستشفيات، كذلك استشهد وأصيب 138 شرطياً.

11. جمعة الفرصة الأخيرة (25 نوفمبر 2011)

مع فشل الأحداث السابقة في تحقيق أهدافها من تقليص قدرة الأمن وإحراج القوات المسلحة دعت 47 حركة وائتلافاً سياسياً لمليونية يوم 25 نوفمبر تحت شعار "جمعة الفرصة الأخيرة" بمعنى إعطاء فرصة أخيرة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة لتنفيذ مطالبهم مع تنظيم اعتصام مفتوح حتى تلك المطالب. وذلك دون إدراك منهم أن أغلبية الشعب ترفض تماماً هذه الأحداث التي ستؤدي إلى تدمير الثورة نفسها.

سبق أحداث هذه الجمعة جهود سياسية من المجلس الأعلى للقوات المسلحة والحكومة، حتى لاتؤثر على مجريات الانتخابات التي ستتم يوم 28 نوفمبر، حيث كانت أحد أهداف التظاهر شغل الشرطة عن مهمة تأمين هذه الانتخابات، وكانت أهم هذه الإجراءات:

أ. إعلان المجلس الأعلى للقوات المسلحة الإصرار على تنفيذ خطة التحول الديموقراطي في مصر على أن تبدأ الانتخابات التشريعية في 28 نوفمبر، وتسليم السلطة في 30 يونيه 2012 وأن القوات المسلحة مسؤولة عن تأمين وإنجاح هذه الانتخابات مهما كان الثمن.

ب. الإعلان عن تشكيل حكومة إنقاذ وطني برئاسة الدكتور كمال الجنزوري المعروف عنه القدرة على إدارة الأحداث بكفاءة ووطنيته غير مشكوك فيها.

ج. توجيه النصح للمتظاهرين بعدم الخروج عن مقتضيات الأمن والإلتزام بسلمية التظاهرات وعدم المساس بالمنشآت الحيوية.

د. مناشدة الأغلبية الصامتة، التي أعلنت عن تنظيم تظاهرة حاشدة في ميدان العباسية لدعم وتأييد القوات المسلحة عدم الخروج في هذه التظاهرة حتى لا تؤدي إلى إنقسام داخل الدولة.

هـ.الأحداث في ميدان التحرير:

كان من الواضح تأثير "صوت الأغلبية الصامتة"، على هذه التظاهرة حيث لم يكن الحضور على المستوى المطلوب.

كان واضحاً دور الدكتور محمد البرادعي في هذه التظاهرة، والذي حضر إلى الميدان بعد صلاة الجمعة بين هتافات الشباب (عيش – حرية – كرامة إنسانية – يسقط حكم العسكر – الشعب يريد إسقاط المشير).

وتحددت مطالب التظاهرة في (رفض تكليف الدكتور الجنزوري بتشكيل حكومة الإنقاذ – التعجيل بمحاكمة قتلة الشهداء – نقل السلطة (فورا) إلى إدارة مدنية – وقف المحاكمات العسكرية للمدنيين – سرعة محاكمة رموز الفساد – تطهير الإعلام.

في نهاية اليوم قرر المتظاهرون الاعتصام في ميدان التحرير، وتنظيم مليونية أخرى في 27 نوفمبر (اليوم السابق للانتخابات التشريعية)، وذلك لإفساد المسار الديموقراطي.

و. الأحداث في العباسية (تظاهرة الأغلبية الصامتة)

أعلنت الأغلبية الصامتة أن الثورة هي ملك للشعب المصري كله، وليست ملكاً لمن يعتصمون في ميدان التحرير، وأن ليس للمعتصمين في ميدان التحرير الحق في فرض آرائهم أو مطالبتهم بتولي مسؤولية إدارة الدولة. وأن كثرة التظاهرات والاعتصامات أدت إلى إضعاف الثورة وتحويلها إلى فوضي وتشتت بين الائتلافات المختلفة.

شارك في هذه التظاهرة مئات الألوف، ورفعوا شعارات تأييد قرارات المجلس الأعلى للقوات المسلحة في إدارة الدولة، ودعم الدكتور الجنزوري في تشكيل حكومته، وأهمية محاسبة رموز الأعلام التي تسببت في إغضاب الجماهير ونشر الفوضي.

12. مليونية الشرعية الدستورية (27 نوفمبر 2011)

وهي التي دعت إليها الائتلافات والحركات المشاركة في مليونية "الفرصة الأخيرة" وتهدف إلى إفشال الانتخابات التشريعية المقررة في اليوم التالي، واشغال قوات الأمن والقوات المسلحة في التصدي للتظاهرات بدلاً من تنظيم تأمين الانتخابات.

شارك في هذه التظاهرة ومشاركة أساسية، الائتلافات المعتصمة في التحرير، بما لايزيد عن 10 آلاف فرد، رددوا الشعارات السابقة نفسها إلى جانب التحريض على مقاطعة الشعب للانتخابات التشريعية.

انقسمت الآراء داخل الميدان، بعد أن شاهد المخططون للتظاهرة ضعف الإقبال عليها، وقرروا الاعتصام أمام مقر رئاسة الوزراء لمنع الدكتور الجنزوري من الوصول إليه ومقاطعة الانتخابات، ولكن أهداف التظاهرة فشلت تماماً وأجريت الانتخابات في توقيتها المحدد وبتأمين كامل.

13. جمعة تكريم شهداء الثورة في التحرير  ـ  جمعة دعم الشرعية في العباسية (2 ديسمبر 2011)

في التحرير قامت تظاهرة دعت إليها بعض الائتلافات والحركات السياسية في محاولة للتغطية على فشلهم في إيقاف المسيرة الديموقراطية التي تمت مرحلتها الأولى بنجاح تام، وأختاروا هذا الشعار للميلونية من أجل تحريك المشاعر الجماهيرية تجاههم، مع محاولة إثبات الوجود وإفساد فرحة الشارع المصري بنجاح المرحلة الأولى للانتخابات.

كانت الذريعة التي من أجلها ارتفع الشعار، أنه لولا تضحيات الشهداء لما حدث هذا المشهد الرائع في إقبال الشعب على الانتخابات، واستمرت المطالب السابقة هي السائدة في الميدان يصاحبها مظاهرة بالنعوش لتحريك مشاعر الجماهير، تردد نداءات غير مسؤولة ضد القوات المسلحة ورموزها.

باءت محاولات من الثوار الحقيقيين بالفشل لإقناع المعتصمين بفض اعتصامهم حتى تتم المسيرة الديموقراطية وتواصل الاعتصام ولكن بصورة أقل.

في العباسية: وفي التوقيت نفسه خرجت تظاهرة دعم الشرعية، تشيد بجهود القوات المسلحة في تحقيق أمن الانتخابات، وتؤكد أن من هم في التحرير لا يمثلون إلا أقلية ليست لها الحق في فرض آرائها على الشعب، ورفعت التظاهرة صوراً للإعلاميين الذين أفسدوا الحياة السياسية في مصر مطالبين بالتحقيق معهم.

أدت هذه التظاهرة إلى تشويه صورة المتظاهرين في ميدان التحرير، وأظهرت حجمهم الحقيقي، كما أدت إلى حراك سياسي في الشارع المصري يبحث عن الحقيقة بعد أن ظل لفترة طويلة لايستمع إلا آراء فئة واحدة في التحرير.

14. جمعة العنف وإحراق قلب مصر (16 – 22 ديسمبر 2011)

على مدى عام الثورة، لم يكن أحد في مصر يتصور أن هناك مخططات لحرق رموز مصر الحضارية ومؤسساتها الديموقراطية، خاصة مع نجاح المسيرة التي تقودها القوات المسلحة في وضع اللبنات الأساسية لمصر الحديثة، ونجاح المرحلتين الأولى والثانية من الانتخابات التشريعية لمجلس الشعب، وتشكيل مجلس استشاري من 30 عضوا لدعم جهود المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وتشكيل حكومة الإنقاذ الوطني برئاسة الدكتور الجنزوري.

بدأت شرارة العنف يوم 16 ديسمبر من المعتصمين أمام مقر مجلس الوزراء، والذين يمارسون حياتهم الطبيعية وتأتي لهم الأغذية والمشروبات بصورة طبيعية، ويحيون لياليهم بالسمر والغناء ونهارهم بممارسة ألعاب الكرة دون تدخل من القوات المسلحة التي تؤمن مقرات مجلس الوزراء ومجلسي الشعب والشورى.

في هذا اليوم تجرأ المعتصمون على الإعتداء على الضابط المسؤول عن الخدمات، ما أدى إلى مسارعة الجنود إلى تخليصه من أيدي المعتصمين، الذين سرعان ما نفذوا معدة سلفاً باستدعاء ائتلافات جلبت معها خارجين على القانون وأطفال شوارع مأجورين، لشن هجوم بالمولوتوف وكسر الرخام والأحجار ضد قوات الجيش القائمة بتأمين المقرات، تطلب ذلك تكثيف الوجود العسكري، خاصة مع محاولات المتظاهرين تحطيم كاميرات المراقبة التي سبق أن كشفت عن السيدة التي قدمت طعاماً فاسداً للمعتصمين، والذين كانوا يتهمون القوات المسلحة بتقديمها لهم كذلك قاموا بمحاولات إشعال النيران في مجلس الشعب ومجلس الوزراء.

في الوقت نفسه صدرت الأوامر للقوات بضبط النفس، وعدم إطلاق النيران مهما كان الأمر. في نطاق إدارة هذا العنف المخطط له لإدانة القوات المسلحة يُلاحظ الآتي:

أ. وجود أعداد ضخمة من المصورين (كاميرا وفيديو)، يحاولون التقاط الصور من جميع الاتجاهات.

ب. تنفيذ سيناريو لفتاة ترتدي عباءة مثبتة "بكباسين" رقيقة، ودون ارتداء ملابس داخلية كاملة، تندفع بين الجنود، وتطلق ألفاظ بذيئة، وعندما حاول أحد الجنود إيقافها، انفتحت الكباسين ليظهر جسد الفتاة عارياً، وتتكالب الكاميرات على تصويرها، وعندما حاول الجندي تغطيتها أزاحت الملابس حتى يكتمل التصوير، لكي يستغل ذلك إعلامياً فيما بعد.

ج. شن حملة إعلامية عنيفة من الفضائيات وعلى مواقع التواصل الاجتماعي لتشويه صورة القوات المسلحة، مع تنظيم تظاهرات نسائية باسم "الحرائر" ثم تنظيم "جمعة رد الشرف" بعد ذلك.

ومما يجدر بالذكر، ويدل على أن هذا السيناريو مدبر، أن وزيرة الخارجية الأمريكية أعلنت بعد أقل من ساعة من هذا الحادث (أنه من العار أن يفعل الجنود المصريون ذلك)، ما يعني أن السيناريو قد حقق هدفه. ومع ذلك، فقد أبدت القوات المسلحة على لسان أحد أعضاء المجلس الأعلى أسفه لهذه الحادثة التي تتعارض مع القيم المصرية.

بالرغم من كل الجهود لتهدئة الموقف، إلا أن المخطط تواصل تنفيذه، حيث تجرأ الخارجون على القانون الذين يحتمون في المظاهرة، على إحراق المجمع العلمي الذي يضم 200 ألف كتاب ووثيقة نادرة، وأنشأ في نهاية القرن التاسع عشر، كذلك إحراق أجزاء من مبنى هيئة الطرق والكباري، والذي يحوي جميع الخرائط التفصيلية للبنية الأساسية في مصر.

أما اللافت للنظر في تلك التظاهرة، فهو تسليح بعض الخارجين على القانون بأسلحة كاتمة للصوت من أجل قتل بعض الرموز المشاركة في التظاهرة أو التي تحاول التهدئة، وذلك من أجل ادانة القوات المسلحة بقتل المتظاهرين، وكان أحد الضحايا الشيخ عماد عفت مبعوث دار الإفتاء لتهدئة الموقف.

توالت الأحداث من دون توقف حتى يوم 19 ديسمبر، ما أدى إلى اتخاذ قرار بتفريق المتظاهرين الذين  اتجه بعضهم للاعتصام أمام دار القضاء العالي، كذلك إنشاء جدار عازل في العديد من الشوارع لعزل مقرات مجلس الوزراء ومجلس الشعب والشورى عن ميدان التحرير، وألقي القبض على 182 فرداً من المخربين بينهم 22 طفلاً وتسع فتيات، أفرج عنهم بعد إنتهاء التحقيقات، كما أعلن عن السيدة التي كانت توزع الأغذية الفاسدة على المعتصمين أمام مجلس الوزراء، وأصيبوا بالتسمم من هذه الأغذية.

أظهر الاعتصام الذي نفذه بعض المنتمين لأحزاب أو ائتلافات أمام القضاء العالي يوم 19 ديسمبر، بعد تقديمهم لبلاغ ضد القوات المسلحة والشرطة باستخدام العنف، عن حجم المؤامرة التي لم تنجح، والتي ثبت فيما بعد، أنها كانت تمول من جهات أجنبية بهدف إفشال الثورة وإضعاف مصر في وقت واحد.

وعموماً فإن هذه الأحداث أدت إلى تشويه صورة الثورة في عيون الأغلبية الصامتة، كذلك فقدت الحركات التي كانت تدعو للمليونيات شعبيتها تماماً، وكشف وزير العدل في مؤتمر صحفي أبعاداً جديدة لمخططات التخريب التي شهدتها منطقة ميدان التحرير والمنطقة المحيطة بها، وأكد الوزير أن مبالغ مالية كبيرة حصل عليها الشباب والصبية للقيام بأعمال التخريب. كما كشفت مصادر أمنية عن تمويل أمريكي لأعمال العنف بلغ حوالي 62 مليون دولار.

أسفرت هذه الأحداث عن 42 قتيلاً (بعضهم مصاب بطلقات نيران من مسافات قريبة جداً، وهو ما يؤكد اندساس عناصر لتنفيذ القتل)، كذلك أصيب 830 فرداً حولت 91 حالة منهم إلى المستشفات في هذه المظاهرة، أما خسائر القوات المسلحة فقد وصلت إلى إصابة 84 فرداً بإصابات مختلفة، وخسائر قوات الشرطة المدنية إصابة 133 فرداً.

15. مظاهرة احتجاجية أمام مقر وزارة الدفاع (22 ديسمبر 2011)

تظاهرة محدودة قام بها طلبة كليات جامعة عين شمس (الملاصقة لمقر وزارة الدفاع) للاحتجاج على الأحداث، وقد توقف الطلبة أمام الحواجز الصناعية، وقابلهم أعضاء من المجلس الأعلى للقوات المسلحة لشرح الموقف، وانصرف الطلبة بعد ذلك.

16. جمعة " حرائر مصر" أو "رد الشرف" "وتظاهرة رفض التخريب" (23 ديسمبر 2011)

وهما تظاهرتان متعارضان تماماً:

الأولى: في ميدان التحرير وجامع إبراهيم في الإسكندرية  للإحتجاج على "تعرية الفتاة" دون إدراك لمفهوم السيناريو المعد لذلك، وشاركت فيها مئات السيدات حيث رفعوا شعارات بذيئة في حق القوات المسلحة.

الثانية: في ميدان العباسية، وميدان رأس التين في الإسكندرية  نظمتها الأغلبية الصامتة ترفض تماماً التجاوزات التي حدثت في منطقة ميدان التحرير وتطالب بمحاكمة المتسببين في هذا الانفلات الأمني، وتؤيد قرارات المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وتطالبه بمواصلة المسيرة الديموقراطية.

انتهت المرحلة الأولى من أحداث تعويق المسار الديموقراطي للدولة بنهاية عام2011، ولم تتحقق خلالها أية أهداف للعناصر التي خططت لها، وهي عناصر أجنبية ومحلية في آن واحد، حيث بدأت تتكشف دلائل خطيرة عن الممولين والمحرضين على تلك الأحداث، وهو ما تُنُبه له في أحداث المرحلة الثانية لهذه الفترة المهمة من تاريخ مصر.