إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / ثورة 25 يناير في مصر؛ وتداعياتها




مواطن يشعل النار في نفسه
موقعة الجمل
لافتة لا للفقر والغلاء والبطالة والفساد
مبارك وأولاده أثناء المحاكمة
مبارك يزور مركز العمليات
أحمد عز يتقدم باستقالته
ميدان التحرير ليلة جمعة الغضب
ميدان التحرير في جمعة التحدي
مركز تجاري بعد نهبه وحرقه
مشاهد من الفقر والجوع
إعلان عن الثورة
مظاهرات في الإسكندرية
مظاهرة بمشاركة حركة كفاية
اللواء محمد البطران
المجلس الأعلى
الهجرة غير الشرعية
المظاهرات على كوبري قصر النيل
البحث عن الطعام في القمامة
الرئيس مرسي يؤدي اليمين
الشاب خالد سعيد
السياح يغادرون مصر
الصراع على الخبز
الشرطة في مواجهة التظاهرات
العنوان الرئيسي للأهرام 29 يناير
القوات المسلحة تؤمن الطرق
القوات المسلحة تتعاون في حفظ الأمن
القبض على البلطجية
احتفال تسليم السلطة
تأمين مبنى الإذاعة التليفزيون
بدء سريان حظر التجول
جريدة الأهرام 28 يناير
حركة 6 أبريل في المظاهرات
حركة 9 مارس في المظاهرات
حسني مبارك أثناء المحاكمة
شعارات للدعوة للثورة
قوات الأمن تفرق المتظاهرين


المحافظات التي بدأت بها المظاهرات



المقدمة

المبحث العاشر

الانتخابات التشريعية والرئاسية وتسليم السلطة

خطط المجلس الأعلى للقوات المسلحة على تحقيق أسس بناء دولة ديموقراطية حديثة، تجرى خلالها انتخابات تشريعية ورئاسية سليمة، يشترك فيها عامة الشعب لكي تتولي سلطات الدولة بعد انتهاء الفترة الانتقالية.

مع تصاعد الخلافات خلال شهري يونيه ويوليه 2011، حول الدستور أولاً أم الانتخابات أولاً، قرر المجلس الأعلى للقوات المسلحة أن تجري الانتخابات أولاً في شهر سبتمبر 2011؛ ما أثار ردود فعل شديدة من 22 حزباً طالبوا إرجاء الانتخابات لمدة ستة شهور حتى يستعدوا للانتخابات ويؤهلوا كوادرهم للدخول في المنافسات الانتخابية.

أدى ذلك إلى قرار المجلس الأعلى للقوات المسلحة، بعد التنسيق مع الأحزاب والقوى السياسية كافة أن تجري الانتخابات في شهر نوفمبر 2011، وصدر قانون تنظيم الانتخابات في أغسطس 2011 والذي يحدد 50% للانتخابات بالقائمة، 50% للقوائم الفردية.

اعترضت بعض الأحزاب على القانون، ما أدى إلى توسيع المناقشات حول القانون حتى تتوافق جميع القوى السياسية، وحدثت مزايدات كثيرة خاصة من الأحزاب التي تمثل التيار الديني، وفي مقدمتها حزب الحرية والعدالة، في الوقت نفسه نبه المجلس الأعلى للقوات المسلحة أن تحقيق المطالب كافة قد يؤدي إلى عدم دستورية القانون الخاص بالانتخابات.

ومع الأخذ برأي بعض الفقهاء الدستوريين تم أصدر قانون الانتخابات لمجلسي الشعب والشورى  في 25 سبتمبر 2011، على أساس تخصيص ثلثي المقاعد بنظام القوائم النسبية التي تشارك فيها الأحزاب من خلال ائتلافات أو بمفردها. ويخصص الثلث لنظام الفردي على أن يسمح للأحزاب بترشيح منتسبيها لقوائم الفردي.(وهو ما نبه المجلس الأعلى للقوات المسلحة إلى عدم دستوريته، ولكن الأحزاب أصرت على ذلك).

تم تحديد 28 نوفمبر 2011 لبدء العملية الانتخابية لمجلس الشعب تليها انتخابات مجلس الشورى  ثم الانتخابات الرئاسية بحيث يكون تسليم السلطة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة إلى الرئيس المنتخب في 30 يونيه 2012.

بالرغم من الأحداث الدامية، وفي مناخ مشحون بالتوتر كان يهدف لإفشال العملية الانتخابية، ومع جهود القوات المسلحة في التهدئة، أصر المجلس الأعلى للقوات المسلحة على تحقيق البرنامج الزمني للانتخابات بكل دقة والذي يتحدد في الآتي:

أولاً: تنظيم عمل الهيئة العليا المشرفة على انتخابات مجلسي الشعب والشوري

1. يرأس الهيئة المستشار عبد المعز إبراهيم رئيس محكمة استئناف القاهرة ويعاونه مستشارون من القضاء الإداري والنقض والاستئناف.

2. يتبع اللجنة العليا لجان تابعة لها في المحافظات المختلفة.

3. يشرف القضاء على جميع لجان الانتخابات طبقاً لما حدده الإعلان الدستوري.

4. الانتخابات على مراحل حتى يمكن توفير أعداد القضاة للجان المختلفة، حيث تتطلب كل مرحلة جهود 9 – 10 آلاف قاض.

أ. جرت انتخابات مجلسي الشعب لتتم على ثلاث مراحل.

ب. ثم انتخابات مجلس الشورى على مرحلتين.

ج. جرت مدة كل مرحلة بأسبوعين تجرى خلالها الانتخابات على مدى يومين والإعادة بعدها بأسبوع واحد.

د. الدخول للانتخابات ببطاقة الرقم القومي، مع تنقية جداول الانتخابات.

5. تخصص لجان للرجال وأخرى للسيدات، بما يؤدي إلى توفير أمن المواطنين وراحتهم.

تأمين الانتخابات:

1. أعلن المجلس الأعلى للقوات المسلحة مسؤوليته الكاملة عن تأمين الانتخابات بكل مراحلها بالتنسيق مع وزارة الداخلية والمجلس الأعلى للقضاء.

2. كان تنظيم التأمين على عدة مستوىات:

أ. الأول: تأمين اللجان نفسها بعناصر من القوات المسلحة وقوات الأمن.

ب. الثاني: احتياطيات قريبة للتدخل السريع في حالة وجود أية اضطرابات في اللجان.

ج. احتياطي عام للتصدي لأي أعمال خارجة عن القانون لإفساد العملية الانتخابية.

3. لتحقيق السيطرة فتحت مراكز عمليات على كل المستويات لمراقبة العملية الانتخابية.

4. شارك في التأمين في مراحله المختلفة أكثر من 600 ألف جندي من القوات المسلحة وآلاف المعدات والمركبات بمختلف أنواعها.

5. وضعت خطة رقابية على مسار العملية الانتخابية شاركت فيها منظمات حقوق الإنسان في مصر وبعض دول العالم، كما سمح لجميع وسائل الإعلام المحلي والعالمي بتغطية العملية الانتخابية، هذا إلى جانب رقابة لصيقة من أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة.

ثانياً: انتخابات مجلس الشعب

1. أُعلن عن بدء الترشيح وتقديم الطلبات والقوائم ابتداءً من 15 أكتوبر2011 ولمدة أسبوع (امتدت بعد ذلك لمدة أربعة أيام أخرى لإعطاء فرصة للأحزاب لإعداد قوائمها).

2. يتكون مجلس الشعب من 498 عضواً منتخباً + 10 معينين (الإجمالي 508عضواً).

3. ينتخب 332 عضواً بالقوائم في 46 دائرة انتخابية، وعدد 166عضواً بنظام الانتخاب الفردي في 83 دائرة.

4.  يكون نصف الأعضاء من العمال والفلاحين.

5.  من خلال التنافس الحزبي لإحراز أكبر عدد من المقاعد فقد عقد العديد من التحالفات انفرط عقد بعضها وانتهي الأمر بأن تضم قائمة الانتخابات 15 حزباً وائتلافاً هي التي شاركت في الانتخابات فعلياً وهي: (السلام الديموقراطي – النور – الوفد الجديد – الإصلاح والتنمية – المواطن المصري – الثورة مستمرة – الكتلة المصرية – مصر الثورة – الوسط الجديد  -  الحرية والعدالة – الغد – الوعي – مصر الجديدة – الحرية – مصر القومي).

6. تمت الانتخابات على ثلاث مراحل كالآتي:

أ. المرحلة الأولى: جرت الانتخابات الرئيسة يومي 28 – 29 نوفمبر 2011، والإعادة 4 – 5 ديسمبر 2011. وشملت تسع محافظات (القاهرة – الإسكندرية  – كفر الشيخ – بورسعيد – دمياط – الفيوم – أسيوط – الأقصر – البحر الأحمر).

ب. المرحلة الثانية: جرت الانتخابات الرئيسة يومي 14 – 15 ديسمبر 2011، والإعادة يومي 21 – 22 ديسمبر 2011 وشملت تسع محافظات (الجيزة – الشرقية – المنوفية – البحيرة – السويس – الإسماعيلية – بني سويف – سوهاج – أسوان).

ج. المرحلة الثالثة: جرت الانتخابات الرئيسة يومي 28 – 29 ديسمبر 2010 وانتخابات الإعادة يومي 3 – 4 يناير، وشملت تسع محافظات (الغربية- الدقهلية – القليوبية – المنيا – قنا – الوادي الجديد – مطروح – شمال سيناء – جنوب سيناء).

7. إجراءات لدعم شفافية الانتخابات:

في 14 نوفمبر 2011 فصلت المحكمة الإدارية العليا في قضيتين هامتين هما:

أ. عدم استخدام الشعارات الدينية في الدعاية الانتخابية (حيث كانت الأحزاب الدينية ترفع شعار الإسلام هو الحل).

ب. أحقية أعضاء الحزب الوطني المنحل في الترشح للانتخابات طالما لم يصدر ضد أحد منهم حكم قضائي يمنع هذا الترشح.

ج. أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة عدة قرارات منها:

(1) إيقاف الجدل حول وثيقة المبادئ الدستورية (وثيقة السلمي)، حيث أن المجلس المنتخب سوف يتولي هذه المهمة.

(2) تنفيذ حكم محكمة القضاء الإداري بمشاركة المصريين في الخارج في الانتخابات وذلك بإضافة تعديل للمادة 39 من الإعلان الدستوري.

(3) إصدار قانون "إفساد الحياة السياسية"، قبل بدء الانتخابات بحوالي أسبوع وهو يوضح أسلوب الطعون والتقاضي الذي تتولاه محكمة الجنايات، وأهميته أنه لايعطي الفرصة للاتهامات الجزافية ولكن من خلال التقاضي وتحقيقات النيابة، وحكم قضائي يستند على وثائق.

8. سلبيات صاحبت الانتخابات:

أ. بدا واضحاً مخالفات بعض الأحزاب لقوانين الدعاية الانتخابية التي تؤكد إيقاف الدعاية قبل الانتخابات بـ48 ساعة، وبما عرض هذه الأحزاب للتحقيق، وكان أبرزها حزب الحرية والعدالة.

ب. تواصل الاعتصام في ميدان التحرير، وتواصل الإنفلات الأمني في محاولة لتقويض مسار العملية الانتخابية، وكان أهمها أحداث 16 ديسمبر في محيط مقر مجلس الوزراء وإحراق المجمع العلمي بهدف تعطيل العملية الانتخابية.

9. إيجابيات العملية الانتخابية:

على المستوى الوطني: تركزت على المستوى الوطني في التظاهرات من الأغلبية الصامتة لنجاح العملية الانتخابية.

على المستوى الدولي: جاءت ردود الفعل من الولايات المتحدة الأمريكية وكل دول العالم تشهد بشفافية الانتخابات ونجاحها، معبرة عن التوجه الديموقراطي الحقيقي في مصر.

10. نتائج انتخابات مجلس الشعب:

أ. أجريت الانتخابات تحت مظلة تأمين كامل وبإقبال منقطع النظير في الانتخابات المصرية وصل إلى نسبة 61.5% من إجمالي المدونين في كشوف الانتخابات، وأكدت توجه المصريين إلى بناء دولة عصرية حديثة، كما أكدت ثقتهم في القوات المسلحة وثقتهم في الإشراف القضائي على الانتخابات بما يبعدها تماماً عن التزوير وقد جاء تفوق الأحزاب الدينية في الانتخابات بإرادة الناخبين أنفسهم ونتيجة للآتي:

(1) شروع الأحزاب الدينية في الإعداد للانتخابات منذ بدايات الإعلان عنها، بينما انشغلت الأحزاب الليبرالية في صراعات وتظاهرات.

(2) وجود العديد من الأحزاب الحديثة التي لم تكن قد كونت قواعد شعبية لها، فدخلت في ائتلافات ولم تحرز أصواتاً تذكر.

(3) تأثير الأحزاب الدينية على الجماهير، خاصة الفقيرة وفي الريف والعشوائيات، من دون جهد يذكر بذلته الأحزاب الأخرى.

(4) تراجعت أحزاب قديمة في الانتخابات ما دلل على نفاذ رصيدها الشعبي، بينما أحرزت أحزاب جديدة تفوقاً ملحوظاً نتيجة جهد القائمين عليها.

ب. كانت نتيجة القوائم الفردية تعلن بعد كل مرحلة حيث أجريت الإعادة على المقاعد الفردية فقط.

ج. بعد إنتهاء المرحلة الثالثة من الانتخابات أظهرت النتائج الآتي:

(1) فوز حزب الحرية والعدالة (الإخوان المسلمون)، والأحزاب المشاركة في قائمته بأغلبية 47% من الأصوات حيث حصل على عشرة ملايين و138ألفا و134 صوتاً تترجم إلى 127 مقعداً في مجلس الشعب، إضافة إلى فوزه بـ 108 مقعداً للفردي (بإجمالي 235 مقعداً في المجلس).

(2) فوز حزب النور (السلفي) بالمركز الثاني محرزاً سبعة ملايين و534 ألفاً و266 صوتاً تترجم بعدد 96 مقعداً ضمن القائمة إلى جانب 27 مقعداً للفردي (بإجمالي 123 مقعداً في المجلس).

(3) فوز حزب الوفد الجديد، بالمركز الثالث حيث أحرز مليونين و480 ألفا و 591 صوتاً تترجم إلى 36 مقعداً إلى جانب مقعدين في الفردي (بإجمالي 38 مقعداً في المجلس).

(4) فوز تحالف الكتلة المصرية بالمركز الرابع بأصوات مليونين و402 ألف و 232 صوتاً، تترجم إلى 33 مقعداً بالإضافة إلى مقعد في الفردي (بإجمالي 34 مقعداً في المجلس).

(5) حصل العديد من الأحزاب الأخرى على مقاعد سواء في القائمة أو الفردي حيث حصل حزب الوسط على عشرة مقاعد – حزب الإصلاح والتنمية تسعة مقاعد – حزب ائتلاف الثورة مستمرة سبعة مقاعد - حزب مصر القومي على خمسة مقاعد – حزب الحرية أربعة مقاعد - حزب المواطن المصري أربعة مقاعد – حزب الاتحاد مقعدين – حزب مصر على مقعدين - ثم مقعد واحد لكل من أحزاب الاتحاد المصري – العربي – السلام الديموقراطي – المحافظين – العدل.

(6) أعلن فوز 23 نائباً مستقلاً في الانتخابات الفردية.

(7) استبعد 21 حزباً من النتائج على القوائم لعدم حصولها على نسبة 0.5% اللازمة لتمثيلها.

د. عقدت أولى جلسات مجلس الشعب بتشكيله المنتخب في 23 يناير 2011، حيث وجه المشير حسين طنطاوي كلمة إلى المجلس هنأه فيها، وأعلن نقل سلطة التشريع من المجلس الأعلى للقوات المسلحة إلى المجلس المنتخب.

ثالثاً: انتخابات مجلس الشورى

أجريت انتخابات مجلس الشورى  بعد انعقاد مجلس الشعب، وبدأت مرحلتها الأولى يومي 29 – 30 يناير 2012 في 13 محافظة (القاهرة - الإسكندرية – أسيوط – البحر الأحمر – الدقهلية- الغربية – الفيوم – المنوفية – الوادي الجديد – شمال سيناء – جنوب سيناء – دمياط – قنا)، وأجريت انتخابات الإعادة في 7 فبراير للمقاعد الفردية.

أجريت انتخابات المرحلة الثانية في 14 فبراير في 14 محافظة (المنيا – بني سويف – مطروح – بورسعيد – كفر الشيخ – الإسماعيلية – القليوبية – الشرقية – الجيزة – السويس – اسوان – سوهاج – الأقصر – البحيرة).

اتسمت انتخابات مجلس الشورى  بضعف إقبال والتي لم تزد على نسبة 21% من إجمالي المسجلين في القوائم نظراً للآتي:

1. عدم الاقتناع بدور مجلس الشورى  في الحياة السياسية في مصر، حيث إن سلطاته لاتتعدي السلطات الاستشارية، بينما يقوم مجلس الشعب بالأداء البرلماني كاملاً.

2. صدمة الناخبين مع بداية أداء مجلس الشعب المنتخب، حيث ثبت للكثير منهم أن التمثيل البرلماني لم يكن متوازناً، وأن معظم الأعضاء ينقصهم الأداء السياسي الجيد.

3. عزوف الناخبين الليبراليين عن المشاركة في الانتخابات، بينما كثف الإسلاميون مشاركتهم.

4. إرهاق الناخبين من تعدد الانتخابات والوقوف في طوابير طويلة في كل انتخاب.

نتائج انتخابات مجلس الشوري:

أظهرت النتائج النهائية لانتخابات مجلس الشورى  (النظامين الفردي والقوائم) تفوقاً كاسحاً للإسلامين. وقد حققت نتائج الإنتخابات لثلثي مقاعد المجلس المقرر انتخابها بإجمالي 180 مقعداً من 270 مقعداً، حيث يعين رئيس الجمهورية ثلث المجلس. وكانت النتائج كالآتي:

 م                   اسم الحزب               عدد المقاعد

1              حزب الحرية والعدالة               105

2              حزب النور السلفي                 46

3              حزب الوفد                        14

4              تحالفات الكتلة المصرية            8

5              حزب الحرية                       3

6              المستقلين                          3

7              حزب السلام الديموقراطي          1

عقدت أولى جلسات المجلس في 28 فبراير 2012، حيث وجه المشير حسين طنطاوي رسالة إلى المجلس متعهداً بأن تكون الانتخابات الرئاسية القادمة نموذجاً للديموقراطية.

أداء مجلس الشعب:

خلال الفترة من 23 يناير وحتى 14 يونيه 2012، وهي المدة التي ظل مجلس الشعب يزاول فيها إجراءاته التشريعية. لم يكن أداء المجلس على قدر مطامح الجماهير في حياة ديموقراطية سليمة، وأداء تشريعي يصحح الأخطاء وينقي القوانين التي أدت إلى إفساد الحياة السياسية.

بل إن المجلس ارتكب العديد من الأخطاء التي أدت إلى افتقاد الثقة بينه وبين الجماهير، والتي عكست نتائجها في رفع دعاوى عدم دستورية انتخاب مجلس الشعب نفسه، وكانت أهم السلبيات كالآتي:

1. توجه المجلس إلى تصفية الحسابات مع القوى الأخرى من دون النظر إلى مصلحة الدولة العليا.

2. خلط الأوراق بين الشرعية الدستورية (التي جاءت بانتخابات ديموقراطية)، وبين الشرعية الثورية (التي تتبناها القوى في التحرير)، وبما أدى إلى تصاعد صراع مجتمعي.

3. توجه المجلس إلى فرض التشريعات التي تقود إلى "أسلمة الدولة"، دون النظر إلى طبيعة الثقافة المصرية في اعتماد الإسلام المعتدل.

4. قيام المجلس بإصدار قوانين تخالف المبادئ الدستورية، المتعارف عليها ما أدى إلى رفض معظم هذه القوانين سواء من المحكمة الإدارية أو المحكمة الدستورية العليا. وبما أدى بدوره إلى صراع ما بين السلطة التشريعية والسلطة القضائية.

رابعاً: حكم المحكمة الدستورية العليا بحل مجلس الشعب

1. في 14 يونيه 2012، وقبل 48 ساعة من جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية، أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكمها بعدم دستورية انتخابات مجلس الشعب 2011/2012، وأكدت على أن تكوين المجلس بكامله باطل منذ انتخابه وغير قائم بقوة القانون بعد الحكم، دون الحاجة إلى اتخاذ أي إجراءات أخرى.

ويعد هذا الحكم هو الثالث في التاريخ المعاصر الذي تصدره المحكمة الدستورية بحل مجلس الشعب، حيث كان الحكم الأول حل مجلس الشعب عام 1984، والثاني عام 1987، ثم جاء الثالث عام 2012.

2. حيثيات الحكم:

انتهت المحكمة الدستورية في حكمها، إلى أن انتخابات مجلس الشعب قد أجريت بناء على نصوص ثبت عدم دستوريتها، ومؤدى ذلك ولازمه، على ما جرى به قضاء هذه المحكمة، أن تكوين المجلس بكامله يكون باطلاً منذ انتخابه، بما يترتب عليه زوال وجوده بقوة القانون ابتداءً من التاريخ المشار إليه من دون حاجة إلى اتخاذ أي إجراء آخر.

وكأثر للحكم بعدم دستورية النصوص المتقدمة، وانقاذاً لمقتضي الإلزام بالحجية المطلقة للأحكام الصادرة في الدعاوي الدستورية في مواجهة الجميع. إلا أن ذلك لايؤدي البته إلى إسقاط ما أقره المجلس من قوانين وقرارات، وما اتخذه من إجراءات خلال الفترة السابقة، وحتى تاريخ نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية.

بل تظل تلك القوانين والقرارات والإجراءات قائمة على أصلها من الصحة، ومن ثم تبقي صحيحة ونافذة، وذلك ما لم يتقرر إلغاؤها أو تعديلها من الجهة المختصة.

3. تم نشر الحكم في الجريدة الرسمية في نفس اليوم، ومن ثم أصبح نافذ المفعول من اليوم التالي لتاريخ نشره في 14 يونيه 2012، وقد أكد ذلك من خلال إخطار من المجلس الأعلى للقوات المسلحة إلى الأمانة العامة لمجلس الشعب بأن مجلس الشعب تم حله بحكم المحكمة الدستورية وينفذ ذلك بدءاً من 15 يونيه، وليس من حق أي عضو سابق بالمجلس دخوله منذ هذا التاريخ.

4. في محاولة لإظهار الاحتجاج، وإشعال الموقف، فقد أصدر حزب الحرية والعدالة بياناً مساء يوم 16 يونيه، يرفض قرار المحكمة، ويطلب إجراء استفتاء شعبي على حل المجلس، حيث أنه جاء برغبة شعبية ولا يمكن حله إلا بنفس الرغبة.

في نفس السياق تصاعدت ردود الفعل جراء هذا الحكم والذي لقي تأييدأً من الأغلبية الصامتة نظراً لأنها كانت تشعر أن مجلس الشعب لا يعبر عن مصر والمصريين بل يعبر عن تيار واحد يعد أقلية إذا قورن بحجم الشعب المصري وتوجهاته المختلفة.

في السياق نفسه فإن الحكم كان صدمة للتيار الإسلامي الذي كان يريد أن تتسع نفوذه على الساحة المصرية.

خامساً: الانتخابات الرئاسية

بدأت الحملة الانتخابية للرئاسة في مصر مبكراً، ودون إعلان، حيث أطلق على العديد من الشخصيات العامة لفظ "المرشح المحتمل للرئاسة"، وكان من أبرز هذه الشخصيات الدكتور محمد البرادعي – الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح – السيد عمرو موسى – حمدين صباحي – وغيرهم.

مع بداية شهر مارس 2012 بدأت اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية إجراءاتها للإعلان عن مسار الانتخابات الرئاسية. وأعلن المستشار فاروق سلطان رئيس المحكمة الدستورية العليا، ورئيس لجنة الانتخابات الجدول الزمني للانتخابات الرئاسية كالآتي:

1. تلقي طلبات الترشح في الفترة من 10 مارس – 8 أبريل 2012.

2. تبدأ الدعاية الانتخابية إعتباراً من 26 أبريل 2012.

3. تجري المرحلة الرئيسية للانتخابات يومي 23 – 24 مايو 2012.

4. تجري انتخابات الإعادة (بين المرشحين الحاصلين على أعلى الأصوات)، في 16 – 17 يونيه.

5. الإعلان النهائي عن المرشح الفائز في 21 يونيه  2012.

خلال الفترة من 10 مارس وحتى 8 أبريل سحب حوالي 1200 فرداً استمارات الترشح بينما تقدم 25 مترشحاً بأوراقهم إلى اللجنة، وظهرت فيها مفاجآت عديدة، حيث رشحت جماعة الإخوان المسلمين مرشحين من أعضائها (د. محمد مرسي والمهندس خيرت الشاطر)، تقدم اللواء عمر سليمان بالترشح تحت ضغط من أنصاره، وامتنع الدكتور محمد البرادعي عن الترشح في 9 أبريل.

في محاولة من الإخوان المسلمين لمنع ترشح اللواء عمر سليمان والفريق أحمد شفيق تقدم بعض الأعضاء في مجلس الشعب بتعديلات على قانون الانتخابات الرئاسية، وقد تم تمرير هذا القانون في 8 مايو 2012 طبقاً لأغلبية التيار الإسلامي في المجلس، ولكن المحكمة الدستورية أوقفت هذا التعديل لعدم دستوريته في حكمها بتاريخ 14 يونيه 2012.

في 14 أبريل أصدرت لجنة الانتخابات الرئاسية قرارها فيمن يحق لهم الترشح – وذلك بعد فرز الأوراق ومطابقتها بشروط الترشح. حيث استبعدت عشرة مترشحين في مقدمتهم المهندس خيرت الشاطر والدكتور أيمن نور (لعدم إنقضاء آثار أحكام صدرت ضدهما – اللواء عمر سليمان لعدم استكمال نصاب أصوات ترشحه) – الشيخ حازم أبو إسماعيل (لحصول والدته على الجنسية الأمريكية).

وقد آثار الإبعاد العديد من ردود الفعل، خاصة من أنصار حازم أبو إسماعيل الذين لجأوا إلى التظاهرات والاعتصامات لمحاولات إعادة ترشحه.

ابتداءً من 26 أبريل بدأت إجراءات الدعاية الانتخابية للتنافس بين 13 مترشحاً للرئاسة هم:

1. الدكتور عبدالله الأشعل             مرشح مستقل

2. خالد علي (محامي)                مرشح مستقل

3. الدكتور محمد مرسي               مرشح حزب الحرية والعدالة

4. أبو العز الحريري                   مرشح حزب التحالف الشعبي الإشتراكي

5. الدكتور محمد فوزي عيسى         مرشح حزب الجيل الديموقراطي

6. عمرو موسي                       مرشح مستقل

7. الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح          مرشح مستقل

8. المستشار هشام البسطويسي         مرشح حزب التجمع

9. محمود حسام جلال                  مرشح مستقل

10. الدكتور محمد سليم العوا          مرشح مستقل

11. الفريق أحمد شفيق                مرشح مستقل

12. حمدين صباحي                   مرشح مستقل

13. ممدوح قطب                     مرشح حزب الحضارة.

تمت الدعاية الانتخابية بواسطة جميع وسائل الإعلام، وخصصت القنوات الإذاعية والتليفزيونية مساحات متساوية للمرشحين للإعلان عن برامجهم الانتخابية، وأجريت مناظرات بين بعض المترشحين.

ووقف المجلس الأعلى للقوات المسلحة على مسافات متساوية من جميع المترشحين.

إجراء الانتخابات الرئاسية (المرحلة الأولى) 23 – 24 مايو:

1. بدأ المصريون في الخارج بالإدلاء بأصواتهم ابتداءً من 11 مايو ولمدة أسبوع. وكان متوسط الإقبال على الإدلاء بالأصوات ما بين 40 – 60%، وشارك حوالي 117 ألف مصري مغترب في هذه الانتخابات. أعلنت نتائج الفرز في السفارات المصرية في الخارج، يوم 18 مايو، حيث انحصرت الأصوات لصالح خمسة مرشحين هم (عبدالمنعم أبو الفتوح – عمرو موسى – محمد مرسي – حمدين صباحي – أحمد شفيق).

2. في 23 و 24 مايو أجريت الانتخابات في جميع أنحاء مصر بإجراءات تأمين كاملة من القوات المسلحة والشرطة، وبين حضور إعلامي عالمي كثيف ورقابة على الانتخابات من جميع المؤسسات المهتمة وفي مقدمتها مؤسسة كارتر (الأمريكية)، حيث شهد الجميع بسلامة الإجراءات سواء في التأمين أو العملية الانتخابية نفسها.

3. في 28 مايو أعلنت النتائج النهائية للانتخابات كالآتي:

أ. المركز الأول: الدكتور محمد مرسي بعدد أصوات 5764952  صوتاً.

ب. المركز الثاني: الفريق أحمد شفيق بعدد أصوات 5505327 صوتاً.

ج. المركز الثالث: حمدين صباحي بعدد أصوات 4403533 صوتاً.

د. المركز الرابع: الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح بعدد أصوات 3978572 صوتاً.

هـ. المركز الخامس: عمرو موسى بعدد أصوات 2440902 صوتاً.

وبالتالي فقد تقررت الإعادة بين الدكتور محمد مرسي (مرشح الإخوان)، والفريق أحمد شفيق (المستقل)، وهو ما أثار بلبلة في الشارع المصري حيث إن المرشح الأول من التيار الديني الذي يتجه إلى بناء دولة دينية والثاني من النظام السابق، طبقاً لزعم الكثير من الناخبين تخوفاً أنه سيتجه إلى إعادة عصر مبارك.

ومن هنا أثير العديد من الدعايات والعديد من المطالبات بعدم المشاركة في انتخابات الإعادة، وعقدت الكثير من الندوات للمفاضلة بين الاثنين كما تعددت الترابطات خاصة من حزب الحرية والعدالة الذي وقف خلف مرشحه بشدة ومحاولة التأثير على المرشح الأخر لدرجة حرق مقره الانتخابي.

أعلنت معظم دول العالم وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية أنها ستتعامل مع من ينتخبه الشعب المصري.

انتخابات الإعادة:

شهدت مرحلة الاستعداد لانتخابات الإعادة المقررة في 16 – 17 يونيه 2012 العديد من المفارقات، أهمها:

1. محاولات بعض المرشحين المستبعدين (الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح – حمدين صباحي – خالد علي) تكوين تحالف بينهم لاستبعاد الفريق أحمد شفيق من المنافسة من خلال حكم قضائي حتى يحل أحدهم محله.

2. صدور حكم المحكمة الدستورية العليا في 14 يونيه بحل مجلس الشعب وبما أربك الحياة السياسية في مصر، وشكل صدمة للتيارات الإسلامية.

3. اضطرار المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإصدار الإعلان الدستوري المكمل تلافيا لأي فراغ دستوري وتشريعي.

4. حدوث بعض التجاوزات من كلا المتنافسين مما حدا باللجنة المشرفة على الانتخابات، من استبعاد ، صناديق أصوات بعض الدوائر، نتيجة للطعن عليها.

نتائج الانتخابات النهائية:

من خلال نفس إجراءات التأمين التي شارك فيها حوالي 150 ألف من رجال القوات المسلحة إلى جانب قوات الشرطة نفذت إجراءات العملية الانتخابية والتي تأخر إعلان نتائجها حتى 24 يونيه حتى يكتمل التحقيق في المخالفات التي أبداها كلا المرشحين تجاه الآخر، وأفرزت الانتخابات عن الآتي:

المرشح الأول : الدكتور محمد مرسي بنسبة أصوات    51.73 %

المرشح الثاني: الفريق أحمد شفيق بنسبة أصوات        48.27%

نسبة المشاركة في الإدلاء بالأصوات حوالي 51% من إجمالي المقيدة أسماؤهم بالجداول الانتخابية.

تقبل الفريق أحمد شفيق فوز منافسه وأرسل له برقية تهنئة، في نفس الوقت تصاعدت الفرحة من التيار الإسلامي، بينما طالبت جموع الشعب أن يكون الرئيس المنتخب رئيساً لكل المصريين وليس رئيساً للإخوان المسلمين.

تسليم السلطة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة إلى الرئيس المنتخب

1. صدرت التهنئة الأولى للرئيس المنتخب من المجلس الأعلى للقوات المسلحة.

2. أعدت مراسم تسليم السلطة يوم 30 يونيه 2012 طبقاً لما وعد به المجلس الأعلى للقوات المسلحة. (اُنظر صورة احتفال تسليم السلطة)

3. أدى الرئيس المنتخب اليمين الدستورية أمام الجمعية العامة للمحكمة الدستورية يوم 30 يونيه (طبقاً للإعلان الدستوري المكمل)، ثم ألقي خطاباً شعبياً في جامعة القاهرة، ثم حضر مراسم تسليم السلطة من المجلس الأعلى في احتفال عسكري في معسكر الهايكستب. (اُنظر صورة الرئيس مرسي يؤدي اليمين)

ألقى المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة كلمة أعلن فيها تسليم السلطة إلى الرئيس المنتخب أعقبها كلمة من الرئيس محمد مرسي شكر فيها القوات المسلحة على جهودها في إدارة المرحلة الانتقالية والتسليم الآمن للسلطة.

وبدأ عهد جديد في مصر يتسم بميزتين أساسيتين:

الأولى:    وصول تيار إسلامي إلى الحكم لأول مرة في التاريخ المصري، حيث وصل الإخوان المسلمون إلى قمة السلطة بعد حوالي 84 عاماً من محاولاتهم في ذلك.

الثاني:     التطبيق الديموقراطي في الانتخابات الرئاسية بوصول رئيس منتخب بأغلبية محدودة إلى قمة السلطة، وهو أمر لم يتعود عليه المصريون من قبل.

وتبقى التجربة محل تحليل واختبار على المستوى القومي.