1 - مقدمة:

          يعتبر التنسيق في مجال التقييس من الأمور الضرورية بين الدول التي تسعى إلى تدعيم التعاون الاقتصادي بينها، وإلى إزالة العقبات الفنية التي تنجم عن وجود مواصفات مختلفة للسلعة الواحدة وكذلك طرق اختبارها، مما يجعلها مقبولة في دولة ومرفوضة في الدولة الأخرى، وكذلك الأمر عند استخدام نظامين مختلفين للقياس في كلتا الدولتين، حيث يؤدى ذلك إلى اختلاف المقاسات المتداولة من السلع في الدولتين وإلى اختلاف أنماطها، وإلى تعذر استخدام قطع غيار واحدة للسلع المتشابهة ذات الاستخدام الواحد، أو إحلال انتاج أي منهما محل إنتاج الأخرى أثناء الصيانة والاستبدال، كما يؤدى ذلك كله بالضرورة إلى اختلافات نوعية وكيفية في الأساليب والأنماط والمنتجات المتداولة في القطاعات الانتاجية والانشائية كالصناعة والزراعة والتشييد والطرقات والمطارات ووسائل المواصلات والاتصال وحتى اللغة الفنية السائدة في القطاعات الفنية كالمصطلحات أو الرموز أو الرسومات الفنية تصبح ذات دلالات مختلفة، وكل ذلك يعكس نفسه في عقبات أمام انسياب التجارة بينهما، والى مصاعب في اتجاهات متعددة أمام أي محاولات للتنسيق أو التكامل الاقتصادي.

          وقد أدت هذه الحقيقة الأولية إلى اتجاه الدول ذات المصالح الاقتصادية المترابطة التي تسعى إلى اقامة تكامل أو تعاون اقتصادي فيما بينها، أن تسعى بالضرورة في نفس الوقت وكاجراء ملازم إلى التنسيق في المواصفات والمقاييس، وإلى محاولة التوحيد بينها عند توحد الظروف البيئية. فنجد ذلك على سبيل المثال ملازما لمحاولة دفع عجلة التعاون بين دول السوق الأوربية المشتركة حيث شكلت فيما بينها اللجنة الأوربية للتقييس.

<2>