إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



المجتمع الدولي، أكثر من رجوعه إلى الفشل المتواصل، من جانب أطراف النزاع، في الالتزام بتعهداتهم، والتعاون مع قوات الحماية، التي فوض إليها مجلس الأمن حفظ السلام.

  1. إن السؤال عمّا إذا كانت قوات الحماية، هي قوات "حفظ السلام"، أو قوات "إرغام، بالقوة"، لا يمكن تجاهله. لذا، فإنني كتبت، غير مرة: "ليس ثمة شيء أكثر خطرا على عملية حفظ السلام، من أن يطُلب منها أن تستخدم القوة، في الوقت الذي لا يُمكِّنها تكوينها، وتسليحها، وإسنادها اللوجستي، ونشرها، أن تنفذ ذلك. إن منطق حفظ السلام، الذي يلي مقدمات، سياسية وعسكرية، يختلف تماماً عن منطق الإرغام، بالقوة. كما أن آليات هذا الإرغام، لا تتوافق مع العملية السياسية، التي تهدف إلى تسهيلها عملية حفظ السلام. وإن غياب الوضوح بين الأمرَين، يمكن أن يقوِّض تحقيق عملية حفظ السلام، ويعرِّض حياة أفراد القوات للخطر... فضلاً عن أن حفظ السلام، واستخدام القوة (في غير الدفاع عن النفس) يجب أن يُنظر إليهما على أنهما أسلوَبين بديلَين، وليس على أنهما إجراءان، يمكن الانتقال من أحدهما إلى الآخر، بسهولة تامة" (الخطاب الرقم S/1995/I، الفقرتان 35 و36).
  2. حقيقة، إن التهديد باستخدام القوة، قد حقَّق نتائج إيجابية، في بعض الأحيان. وإن استعداد حلف شمال الأطلسي لضرب الطائرات المعتدية، قد أدى إلى منع استخدام المجال الجوي للبوسنة والهرسك، في أغراض قتالية. وإن التهديد باستخدام القوة، قد ساعد، كذلك، في فبراير 1994، على إنشاء منطقة سيراييفو، الخالية من الأسلحة الثقيلة. ولكن سرعان ما أدرك صرب البوسنة، أن لديهم القدرة على جعل قوات الحماية، تدفع ثمناً باهظاً لاستخدام القوات الجوية، نيابة عنهم. وقد تجلّت قدرتهم على ذلك، بعد تقديم الإسناد الجوي القريب، في جورازدي، في أبريل 1994، وبعد توجيه الضربات الجوية إلى مطار أودبينا (Udbina)، وإلى مواقع الصواريخ في بيهاتش، في نوفمبر 1994، وكذلك، بعد توجيه الضربات الجوية، بالقرب من بال، في 25 و26 مايو 1995. في جميع هذه المرات، احتُجزت أعداد كبيرة من أفراد الأمم المتحدة، كرهائن، ووضعت قيود أخرى على تحركات قوات الحماية. كما توقفت المفاوضات توقفاً تاماً، باستثناء المفاوضات المطوَّلة المطلوبة، لتأمين إطلاق الرهائن. وقد كشفت هذه الأحداث مدى الخطر، الناجم عن تجاوز الخط من "حفظ السلام" إلى "الإرغام، بالقوة" ، من دون تجهيز القوات، مسبقاً، بالقوة البشرية، والتسليح، والإسناد اللوجستي، وقدرات الاستخبارات، وترتيبات القيادة والسيطرة، الضرورية لإضفاء المصداقية اللازمة لتهديدها باستخدام القوة، من خلال إظهار أن لديها المقدرة على الرد الفعلي الحاسم، على أي تصرف عدائي.

<24>