إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

           



(تابع) التقرير الذي أقره المؤتمر القطري الثامن لحزب البعث في العراق عن حرب أكتوبر
المصدر: "الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1974، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 10، ط 1، ص 11 - 19"

من ضمن مجموعة الدول التي كانت تدعو الى اتخاذ قرار " مخفف " في هذا الشأن، حيث طلبت، بمذكرة رسمية، من الدول العربية العمل على تخفيض الانتاج بنسبة 15% من حصة اميركا و10% من حصة الدول الاوروبية واليابان.

         ان الموقف الجماهيري الرافض لقرار مؤتمر الكويت، واستمرار المعركة حتى بعد خطاب الرئيس السادات، وضع الانظمة في موقف دقيق، وقد بادرت حكومة ابو ظبي الى اتخاذ قرار بقطع النفط عن اميركا كلياً، وتبعتها السعودية (قبل وقف اطلاق النار بيومين)، بعد ان كانت الاخيرة قد قررت تخفيض انتاجها بنسبة 10%، ثم تبعتها الجزائر وليبيا والكويت.

         وهكذا نجد ان هذه المواقف قد تمت في اطار الاستمرار غير المتوقع للمعركة والضغط الشعبي العارم، وفي اطار الشعور بالحرج والخوف من رد فعل الجماهير وما قد تسفر عنه المعركة واحتدامها من مخاطر على المصالح الامبريالية والرجعية وعلى مواقع الانظمة الوسطية.

         وفي الوقت نفسه، وبخاصة بعد وقف اطلاق النار، اتجهت الدول العربية المنتجة للنفط ، وعلى رأسها السعودية، الى استثمار قرارات قطع النفط عن اميركا وتخفيض الانتاج وفقاً للاتجاهات الاساسية الخبيثة لسياستها المتواطئة مع الامبريالية الاميركية:
         1 - ان السعودية تبدو، من خلال سياستها النفطية هذه، بمظهر " المتشدد " مع اميركا، في الوقت الذي يبدو فيه النظامان المصري والسوري متساهلين. ويعني هذا، ان النظام السعودي الرجعي الذي هو وكيل الامبريالية الاميركية " العربي " في المنطقة، هو الذي يقود المعركة السياسية، ويمكنه، عند تأمين ذلك، توجيه الاحداث في ما بعد وفقاً للمخططات الاميركية والرجعية.

         2 - ان انتهاج سبيل تخفيض الانتاج بنسب متزايدة يعني، عملياً، وضع اوروبا الغربية واليابان في موقف حرج جداً. وتدعي الانظمة انها بهذا الموقف تدفع دول اوروبا الغربية واليابان الى اتخاذ مواقف لصالح العرب، او لصالح تسريع التسوية السلمية. ولكن، من الناحية العملية، وبرغم ان لاوروبا واليابان دوراً مهماً في هذا الشأن، فان وضع اوروبا الغربية واليابان، وبدون تمييز دقيق بين دول الاولى، في مثل هذا الوضع الحرج، يدفعهما في النهاية الى الانحياز اكثر الى الموقف الاميركي، سواء في الجوانب السياسية الخاصة بالشرق الاوسط او في الجانب النفطي، وخاصة انه سبق لاميركا ان دعت الى تشكيل جبهة نفطية مواجهة لجبهة الدول المنتجة. ويعني ذلك، في نهاية الامر، مكاسب جديدة للسياسة الاميركية وللنفوذ الاميركي في اوروبا وفي السياسة النفطية العالمية. وقد حذر العراق في مواقف معلنة من هذه السياسة المشبوهة، ورفض القرارات التي اتخذتها الدول العربية على ضوئها.

         وفي الواقع، وكما قلنا في البداية، فان جوهر السياسة النفطية التي اتبعتها الانظمة وغاياتها تتفق تماماً مع جوهر وغايات الاساليب العسكرية والسياسية التي اتبعها منذ 6 تشرين الاول [ اكتوبر] حتى اليوم، والتي تؤدي في النهاية الى تقديم تنازلات اساسية على حساب حركة التحرر العربي، وعلى حساب الحق العربي في فلسطين وفي الاراضي المصرية والسورية المحتلة والخضوع للمخططات الاميركية الرامية الى ترتيب اوضاع المنطقة، وذلك تحت ستار سياسات متشددة من الناحية اللفظية والشكلية، وتساومية من الناحية الواقعية.

         وكما سبق ان عرض على المؤتمر القطري في جلسته الاستثنائية التي انعقدت في 25/10/1973، فان القيادة قررت سحب قواتنا البرية والجوية المتواجدة على الجبهتين الشمالية والغربية فور اعلان الحكومة السورية موافقتها على وقف اطلاق النار وقبولها قرار مجلس الامن رقم 338 المستند على القرار رقم 242 لسنة 1967.

         وقد بنت القيادة قرارها هذا على الاعتبارات التالية:
         1 - ان الجيش العراقي ارسل الى الجبهتين الشمالية والغربية ليشارك في المعركة وفق تصور الثورة والجماهير العربية، اي في اطار معركة تحرير الارض العربية، ورفض الحلول الاستسلامية والتصفوية. وان قبول حكومتي مصر وسورية وقف اطلاق النار، وقبولهما قراري مجلس الامن رقم 242 و 338 وما يتضمنانه من سعي الى التفاوض مع العدو والتنازل له عن ارض عربية سبق له ان اغتصبها قبل الحرب الاخيرة، يعني ايقاف معركة التحرير، والاتجاه الى المساومة على الحقوق والمصالح العربية.
         لذلك، لم يعد هناك اي مبرر مبدئي او سياسي لبقاء، قواتنا المسلحة في تينك الجبهتين. ونحن نرفض ان تكون قواتنا المسلحة حارسة لوقف اطلاق النار، وعنصر ضغط في حلبة المساومة على حقوق أمتنا ومصالحها الجوهرية.

         2 - ان بقاء قواتنا البرية على الجبهة الشمالية، وما يعنيه ذلك من خضوعها عملياً للقيادة العسكرية والسياسية للحكومة السورية، وموقفنا الرافض لوقف اطلاق النار ولقراري مجلس الامن والمطالب باستمرار القتال، يضع هذه القوات في موقف دقيق ومحفوف بالمخاطر.
         وفي جو وقف اطلاق النار والمساومات السياسية، وما يثيره من حالة تراخ وتفكك في عموم الجبهة الشمالية، يمكن للعدو توجيه ضربة انتقامية مباغتة لقواتنا هناك، وقد تكون هذه الضربة مؤثرة دون ان يكون زمام الموقف بأيدينا تماماً، لنرد على ضربة العدو رداً حازماً ونطور المعركة وفق الاتجاه الذي نتصور.
         ان للعدو والامبريالية الاميركية مصلحة اكيدة على

<6>