إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

           



(تابع) التقرير الذي أقره المؤتمر القطري الثامن لحزب البعث في العراق عن حرب أكتوبر
المصدر: "الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1974، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 10، ط 1، ص 11 - 19"

المستويين التكتيكي والستراتيجي، في توجيه مثل هذه الضربة التي يمكن ان يجد لها ذرائع كثيرة. كما اننا لا نستبعد، اطلاقاً، ان تكون مثل هذه الضربة مرغوبة من بعض الاوساط الرسمية العربية، بهدف تجريح الوضع المعنوي الممتاز الذي بلغته قواتنا اثناء القتال، وما يعنيه ذلك من آثار خطيرة على مجمل الاوضاع القائمة واللاحقة في المنطقة.
         واضافة الى ذلك، فان الاساءة الى عنفوان الجيش العراقي وهيبته تؤثر تأثيراً مباشراً في احتمالات تعرضنا الى عدوان خارجي. فالذين يفكرون في عدوان على قطرنا يضعون في حسابهم تماماً اذا كانوا سيواجهون جيشاً قوياً وذا معنويات وسمعة عاليتين، او جيشا تعرض الى هزيمة شائنة.

         3 - واذا كانت ظروف احتدام القتال ضد العدو الصهيوني تشكل حاجزاً نفسياً وسياسياً قوياً يمنع النظام الايراني من الاعتداء على القطر العراقي، ويحول دون تجاسر العناصر المشبوهة في الحركة الكردية المسلحة والجيوب المشبوهة الاخرى في القطر على القيام بأعمال تخريبية مكشوفة وواسعة النطاق، فان وقف اطلاق النار وما ينشأ عنه من ميوعة وملابسات، لا يشكل حاجزاً من هذا النوع. وفي مثل هذا الوضع، فان بقاء، جزء كبير من قواتنا المسلحة خارج حدود القطر، يشكل حالة خطيرة تهدد امن البلاد والثورة.

         وعلى هذه الاعتبارات التي أقرها المؤتمر القطري لحزب البعث العربي الاشتراكي في جلسته الاستثنائية الثانية في 25/10، اتخذت القيادة قرار سحب قواتنا من الجبهتين الشمالية والغربية.

         وقد حاول النظام السوري ومعه اوساط عربية عديدة، اثارة ضجة وازمة مفتعلة حول هذه المسألة. وكان تقديرنا ان اثارة كل هذا الحرص والاهتمام " المفتعلين" حول هذه المسألة، في الوقت الذي قرر النظامان المصري والسوري فيه وقف اطلاق النار والقبول بالحلول المطروحة، ينطوي على احد احتمالين وربما عليهما معاً:
         الاول: استغلال هذه المسألة للتقليل ما أمكن من الاثر الكبير الذي احدثه اشتراك القوات العراقية في المعركة في الساحة العربية وفي القطر السوري بوجه خاص، واعادة الاجواء السلبية السابقة التي كان يحاط بها الحزب وثورته ومواقفهما قبل الحرب.

         والثاني: هو تمني الانظمة حدوث ما يمكن ان يحدث ضد الحزب والثورة من مخاطر بسبب بقاء الجيش خارج حدود القطر.
         وفي ما يلي استعراض للاستنتاجات والتوقعات الاولية عن الاوضاع في المنطقة واحتمالاتها، وهي مبنية على اساس الدراسة الراهنة للموقف:
         1 - ان العملية العسكرية التي خطط لها وقادها النظامان المصري والسوري، في 6 تشرين الاول [اكتوبر] 1973، وبالشكل الذي سبق الحديث عنه، وبالرغم من كل الآثار الايجابية والنتائج الجديدة التي أسفرت عنها، لم تحقق نتائج عسكرية ذات طبيعة حاسمة على الصعيد الراهن، بالشكل الذي يجبر العدو على الانسحاب الفوري أو السريع من الاراضي المحتلة في 5 حزيران [يونيو]، وتطبيق قرار مجلس الامن رقم 242.
         وان اقصى ما أحدثته من تأثير حتى الآن، هو "تحريك " ما يسمى بـ "أزمة الشرق الاوسط"، وطرحها على البحث بقوة ونشاط ظاهرين من جانب اميركا والاتحاد السوفياتي والامم المتحدة واطراف دولية عديدة، كل من موقعه ونظرته الخاصة، بعد ان كان الموقف قد ساده الركود منذ فشل مشروع روجرز في عام 1970.

         2 - ان الاختراق الاسرائيلي والعبور الى الضفة الغربية لقناة السويس، خلق موقفاً عسكرياً وسياسياً سيئاً جداً بالنسبة للحكومة المصرية، وأدى الى اضعاف موقفها التفاوضي. فبدلا من الشروع بالبحث في المسألة الاساسية في نظر الانظمة (اي الانسحاب من الاراضي المحتلة في حزيران [يونيو] 1967)، جرى بحث طويل جداً، وفي جو مشحون بالتسويف والمناورات والازمات المفتعلة، حول العودة الى خطوط 22 تشرين الاول [ اكتوبر]، وفصل القوات عند الكيلو 101. وقد احيل الموضوع الى مؤتمر جنيف، ثم الى مفاوضات مباشرة مع العدو الصهيوني وتحت مظلة الامبريالية الاميركية وبتوجيه منها.
         ويعني هذا، من الناحية العملية، ان مفاوضات جنيف (وهي من الناحية القانونية مفاوضات مباشرة للصلح مع العدو، وهو امر كان يتمناه منذ ربع قرن من الزمن) قد بدأت بمواضيع ذات طبيعة ثانوية وتفصيلية، حتى بالنسبة للموقف الرسمي للأنظمة، على ما ينطوي عليه هذا الموقف من تنازل خطير عن القضايا الجوهرية.

         3 - ان الأداة الاكثر تأثيراً في الموقف الراهن، هي النفط لما يسببه حالياً من ازمة في اوروبا الغربية واليابان، بالاضافة الى اميركا، ومن ضجة سياسية دولية كبرى. غير ان زمام الجانب النفطي ليس بيد النظامين المصري والسوري، وانما هو، بالدرجة الاولى، بيد النظام السعودي الموالي لاميركا والمرتبط بسياساتها في المنطقة.
         ويعني هذا، من الناحية العملية، إضعاف الموقف التفاوضي للنظامين المصري والسوري، وامتلاك الرجعية العربية فرصاً واسعة للتأثير في هذين النظامين وفي توجيه موقفهما التفاوضي وسياساتهما العامة وفق الاتجاهات الجوهرية للسياسة الامبريالية والرجعية في المنطقة، وان كان ذلك

<7>