إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

           



مؤتمر فلسطين - (تابع) كلمة فارس بك الخوري رئيس وفد الجمهورية السورية) بتاريخ 12 سبتمبر 1946
"ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الإرشاد القومي، ج 1، ص 844 - 847"

          وقد ظلت فلسطين بعد هذا التاريخ خالية من اليهود لعدد كبير من القرون.

          وفى القرن السابع حينما طرد العرب البيزنطيين من سوريا ذكر رئيس أساقفة القدس للخليفة عمر أنه يملك أمرا ينص على منع اليهود من دخول تلك المدينة فأمر الخليفة أن يحترم هذا الأمر ويعمل به على أنه أثناء الحكم العثمانى أغفل أمر هذا المنع وأخذ بعض اليهود فى التسرب الى البلاد.

          من هذا العرض التاريخى الموجز يمكن الخلاص الى أن الحجة التاريخية التى يبنى عليها اليهود دعواهم لا يمكن أن تثبت للأسباب الآتية:

1 -

لم يكن اليهود سكان فلسطين الاصليين ولكن كانوا غزاة حاولوا فرض أنفسهم على البلاد ولاقوا فى هذا السبيل مقاومة شديدة من السكان الاصليين، وان العرب من الناحية الأخرى نسل أولئك السكان الاصليين الذين كانوا يعيشون فى البلاد قبل اليهود وقاوموا الغزو اليهودى واستمروا يعيشون هناك حتى اليوم.

2 -

إن الفتح اليهودى كان فتحا قصير المدى متقطعا ولم يمتد فى أكثر من قطعة صغيرة من البلاد.

3 -

إن وجود اليهود بالعنوة والاقتدار فى جزء من فلسطين فى مطلع التاريخ القديم لا يمنحهم حقا ما فى استئناف هذا الاحتلال المفروض فرضا بعد مضى عشرات القرون. لقد استولوا على الأرض الفلسطينية وقام هؤلاء الفلسطينيون أنفسهم باستردادها ثم لو أمكن لهذه الدعوى أن تثبت لما كان لأمة الحق أن تبقى حيث هى الآن فان العرب يجب أن يطالبوا إذ ذاك بأسبانيا والرومان بانجلترا والانجليز بالولايات المتحدة.

          ولقد كان عدد اليهود فى كل فلسطين يبلغ وقت الانتصار البريطانى العربى في 1917 نحو 50.000 فقط أو أقل من 10 فى المائة من مجموع السكان بينما كان العرب أكثر 600.000 أى أكثر من 90 المائة. ولكن وعد بلفور والانتداب فتحا الباب على مصراعيه لليهود.

      لقد كان فرض الانتداب على فلسطين عملا غير شرعى وليس له سند أخلاقى فإن إنشاء الانتدابات بعد الحرب العالمية الماضية (والوصايات بعد الحرب الحالية) ينطبق على المستعمرات التى لا قدرة لها على حكم نفسها والتى انتزعت من دول معادية ولا ينطبق على أجزاء قائمة بذاتها انتزعت من مثل هذه الدول. ولقد كانت فلسطين جزءا قائما بذاته من الامبراطورية العثمانية ولم تكن مستعمرة تركية كما ارادت "الدول الأربع العظمى" اذ ذاك أن تعتبرها. ولقد شاركت فلسطين مثل بقية الولايات العربية الأخرى فى ادارة شئون الحكومة العثمانية بنفس الطريقة التى كانت تتبع فى الولايات التركية الأخرى كما كانت ممثلة فى البرلمان العثمانى فى استنبول.

      ولم تفرض وصاية ما على الولايات الأوروبية التى اقتطعت من الامبراطوريات العثمانية أو النمسوية أو الروسية ولكن أعلن استقلال هذه البلاد أو ضمت الى دول مجاورة لأسباب عنصرية كما حدث فى تشيكوسلوفاكيا وبولندا وفنلندا والجمهوريات البلطيقية الثلاث وأوكرانيا والتيرول وألبانيا وبلاد الجزيرة العربية واليمن. وقد طبق النظام الانتدابى على المستعمرات الألمانية فى أفريقيا ومنطقة المحيط الهادى.

<2>