بعد معاهدة سنة 1936
3 - قطع المفاوضات - (3) خطاب رئيس مجلس وزراء مصر أمام مجلس الأمن في 11 أغسطس 1947
"وزارة الخارجية المصرية، القضية المصرية 1882 - 1954، المطبعة الأميرية بالقاهرة 1955، ص 553 - 573"

(3) خطاب رئيس مجلس وزراء مصر أمام مجلس الأمن
في 11 أغسطس سنة 1947

سيدي الرئيس
        استمعت إلى البيان الذي ألقاه في الأسبوع الماضي ممثل المملكة المتحدة المحترم، فلم يسعني إلا أن أدهش لسماعي مثل الدفاع الجامح عن الاستعمار في القرن التاسع عشر يلقى هنا في مجلس الأمن وفي قلب هيئة الأمم المتحدة.

        وكنت أحسب أننا قد شهدنا آخر مظاهر هذه النزعة حين قضي على النازية والفاشية القضاء الأخير وكنت أحسب أيضا أن التاريخ قد أصدر حكمه الحاسم على الأساليب السياسية والاستعمارية البالية التي كانت سائدة في القرن الماضي، لقد كان من العسير علي أن أصدق أذني إذ سمعت السير ألكسندر كادوجان يصرح بأن بلاده تفاخر اليوم بفعالها في مصر والسودان.

        ولم أدهش حين رأيت ممثل المملكة المتحدة يقول في دفاعه إن تاريخ العلاقات المصرية الإنجليزية منذ عام 1882 لا يمت بسبب إلى المسائل المعروضة عليكم الآن، وإني لأدرك حق الإدراك أن البريطانيين سيعمدون إلى إغفال أصل هذا النزاع جميعا، وأستطيع أيضا أن أدرك لم يرغب البريطانيون في أن يصرفوكم عن الاهتمام بالحقائق الثابتة كضربهم للإسكندرية بالقنابل منذ خمس وستين سنة، وما تلاه من احتلال بلادنا احتلالا عسكريا أعلنوا وأعطوا المواثيق بأنه احتلال موقوت، وما استتبع ذلك من استيلائهم على مقاليد الإدارة جميعا في جزء كبير من الأراضي المصرية تحت ستار ذلك العنوان اللطيف الغامض ألا وهو "الحكم الثنائي".

        الاستعمار يحقق الأهداف الاستغلالية:

        وإني لأعلم كذلك لم يستتر الاستعمار البريطاني وراء ادّعاء الأغراض السامية، ولطالما امتد هذا الاستعمار ومكن لنفسه حيثما استقرت أنظار بريطانيا الطامعة تحت ستار رسالتها التي تدعيها في وقت المذابح وإعادة هيبة الحكم والإدارة والقضاء على الفساد وقلة الكفاية، ومع ذلك فقد عجبت للسير ألكسندر كادوجان يتجاهل الحقائق البارزة في التاريخ المصري متغاضيا عن التوسع البريطاني إلى حد القول بأن الفضل في سيادة مصر واستقلالها يرجع إلى بريطانيا كما نسب كل ما أصابته مصر من تقدم إلى إرشاد بريطانيا وتوجيهها.

<1>