إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

           



بعد معاهدة سنة 1936
3 - قطع المفاوضات - تابع (3) خطاب رئيس مجلس وزراء مصر أمام مجلس الأمن في 11 أغسطس 1947

"وزارة الخارجية المصرية، القضية المصرية 1882 - 1954، المطبعة الأميرية بالقاهرة 1955، ص 553 - 573"

        ويبدو عجيبا أن تشعر بريطانيا وحدها بهذا الحافز النبيل، فلقد كان لفرنسا والنمسا وروسيا وألمانيا مصالح ورعايا في مصر أكثر من مصالح إنجلترا ورعاياها، ومع ذلك لم تفكر أية دولة من هذه الدول في القيام بمثل هذا العمل الذي ليس له ما يبرره، وأقوى من هذا دلالة أن تلك الدول اجتمعت مع بريطانيا في الآستانة في الوقت الذي وقعت فيه هذه المذابح المزعومة على المسيحيين والأوروبيين ولما لم تجد أية ذريعة للتدخل وقعت في 25 يونيه سنة 1882 بروتوكولا تعهدت فيه بألا تحاول الحصول على أية امتيازات إقليمية أو تقوم أية وحدة منها بعمل منفرد في مصر، وقد أرسل السير ماليت قنصل بريطانيا العام في ذلك الوقت برقيه إلى اللورد جرانفيل في مايو سنة 1882، تلقى شيئا من الضوء على المهمة التي قرر البريطانيون القيام بها، وإليكم نص تلك البرقية "لن يتسنى لنا أن نسترد تفوقنا إلا إذا حطمنا ما تتمتع به هذه البلاد من تفوق عسكري، وأعتقد أنه لا معدى عن إثارة مشكلة معقدة حادة لكي نتمكن من إيجاد حل مرض للمسألة المصرية، ومن الحكمة أن نثير تلك المشكلة سريعا".

        وقد أثيرت تلك المشكلة المعقدة الحادة عندما اكتشف قائد الأسطول البريطاني فجأة أن هناك إصلاحا يجري في بعض طوابي الإسكندرية، وهكذا بادر إلى ضرب المدينة بالقنابل في يوم 11 يولية سنة 1882، وقد رفض قائد الأسطول الفرنسي أن يشترك في الإنذار الذي أرسله زميله البريطاني، لأنه رأى أن الحجة البريطانية تافهة، ومن ثم انسحب الأسطول الفرنسي من المياه المصرية بناء على أوامر حكومته التي لم تشترك في خرق الاتفاق الدولي الذي وقعته.

        ويزعم السير ألكسندر كادوجان أن القوات البريطانية قد دخلت مصر تنفيذا لوعدها بتأييد الخديو، ووفد مصر يعلم أن مثل هذه المساعدة لم تطلب قط من الإنجليز وكل ما يعلمه هذا الوفد أن الوزارة المصرية التي كان يرأسها وقتذاك الخديو نفسه قدمت احتجاجا شديدا على الإنذار الذي سبق ضرب الإسكندرية بالقنابل.

        وقد تبين أن ما يسميه البريطانيون مساعدة لم يكن إلا أقسى أنواع الإخضاع.

        وجاء في بيان ممثل بريطانيا ادعاء عجيب آخر لا بد أن يكون قد حير سامعيه ممن يعرفون تاريخ الشرق الأدنى.

        فقد قال إن السلطان العثماني وافق على بقاء القوات البريطانية في مصر بمقتضى اتفاق سنة 1885 ولا بد أنه يشير بذلك إلى الاتفاق الذي أبرم في 24 أكتوبر سنة 1885 بين السير هنري درامند وولف نيابة عن حكومة المملكة المتحدة و بين السلطان - وهذا هو الاتفاق الوحيد المعروف الذي تم سنة 1885 - وهو ينص على اتخاذ التدابير للإسراع في إجلاء القوات البريطانية عن مصر. ومع ذلك يبدو اليوم أن سير ألكسندر كادوجان يذهب إلى أن مجرد المفاوضة مع البريطانيين في أمر جلائهم مرادف لقبول احتلالهم.

<3>