إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

           



بعد معاهدة سنة 1936
3 - قطع المفاوضات - تابع (3) خطاب رئيس وفد مصر أمام مجلس الأمن في 28 أغسطس 1947

"وزارة الخارجية المصرية، القضية المصرية 1882 - 1954، المطبعة الأميرية بالقاهرة 1955، ص 579 - 584"

        لقد اتخذت الحكومة المصرية موقفا حازما إزاء هذه الحقائق الثابتة. ولقد تبينت فى مجلس الأمن ميلا إلى عدم تجاهلها، على أننا قد ذهبنا إلى أبعد من ذلك، فقد أدلينا إليكم بالأسباب والأسانيد التى تثبت أن المعاهدة قد أصبحت غير معمول بها. لقد نفذت بعض أحكامها على أن البعض الآخر أصبح غير قابل للتنفيذ. والضمانات التى كانت ضرورية لحماية بلد ضعيف اضطر راغما على أن يتعامل مع مارد جبار. قد ذهبت بددا.

        فالمادتان 15 و 16 من المعاهدة الخاصتان بتسوية المنازعات. نصتا على أن تكون بعض الإجراءات إجبارية وخولتا لهيئة دولية كبرى اختصاصا حتميا يمكن لمصر أن تلجأ إليه بمنفرد إرادتها.

        لقد اختفت اليوم هذه الإجراءات بتبخر هذه الهيئة الدولية التى كانت تستند إليها.

        ونصت المادة 8 من المعاهدة على طريقة إلزامية لتجديد مدة الاحتلال البريطانى. بيد أن الحوادث جعلت من المستحيل الرجوع إلى هذه الطريقة.

        ينبغى عند النظر فى أية وثيقة دولية أن ينظر إليها فى مجموعها. فإنها عبارة عن اتفاق بين طرفين. ينزل فيه كل طرف عن بعض من جانبه للحصول على بعض من الجانب الآخر. ولذلك فإن خرق أى جزء جوهرى منه يمس الاتفاق كله فى مجموعه. فكيف يسوغ لأى إنسان - بعد حوادث الإحدى عشرة سنة الماضية، وبعد انهيار الضمانات الجوهرية لمصر - أن يقول إن معاهدة 1936 لم تزل تنبض بالحياة. لقد وقف دم الحياة فيها عن الجريان.

        أضف إلى ذلك يا سيدى الرئيس. أن معاهدة 1936 تنص على تحالف أبدى، وعلى علاقة غير متكافئة وغير طبيعية تخضع مصر لأطماع بريطانيا ورغباتها وتسعى بريطانيا لإبقاء هذه العلاقة أبدا. بعد أن اعترف العالم أجمع بحق مصر فى المساواة والسيادة وبعد أن التزمت مصر بمقتضى الميثاق بتنفيذ قرارات مجلس الأمن بشأن قمع العدوان فى أى مكان ومن أى إنسان.

<2>