إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

           



(تابع) 3 - نص خطاب الدكتور / محمد صلاح الدين (باشا) وزير الخارجية ورئيس وفد مصر لدى الدورة السادسة
للجمعية العامة للأمم المتحدة الذي ألقاه أمام الجمعية العامة في باريس يوم 16 نوفمبر 1951
"وزارة الخارجية المصرية، القضية المصرية 1882 - 1954، المطبعة الأميرية بالقاهرة 1955، ص 693 - 703"

سيدى الرئيس:

          يمكننا - بل ينبغى لنا - أن نسأل لم تقع جميع هذه الأحداث فى وادى النيل؟ لم ترفض المملكة المتحدة بعناد إجلاء جنودها عن مصر؟ لم تتوسع فى العدوان علينا، وهي التى تزعم أنها لا تزال حليفتنا؟ ألأن مصر قد صممت على أن تعيش حرة بين الأحرار؟ ألأن شعب مصر قد عقد العزم على أن يدفع عار السيطرة الأجنبية؟ ألأنه يطالب بحقه فى الحياة، ويحرص على احترام ميثاق الأمم المتحدة، أم لأن المملكة المتحدة تستميت فى الاستمساك بأساليب الاستعمار وبسط النفوذ ومد السيطرة التى فات أوانها وتداعى بنيانها والتى جربت - كما قال الرئيس روزفلت مرة بعد الأخرى - فكان الفشل نصيبها؟ إن الجواب واضح كالنهار.

          ومع ذلك فقد رأى زميلنا المحترم مندوب نيوزيلندة أن من المناسب أن يلقى اللوم على الطرف المظلوم. أي على مصر - فحدثنا فى التاسع من هذا الشهر عن واجب كل منا في احترام تعهداته الدولية، واتهم مصر بما سماه نبذ الاتفاقات المعقودة بالحرية والاختيار. ثم قال إن إنكار المعاهدات كان من المستطاع أن يبدو مفهوما - وإن لم يكن مبررا - لو كان موجها إلى دولة عارضت بإصرار في إجراء أى تغيير. ولم تصغ قط إلى الحجج الخاصة بإعادة النظر فى هذه المعاهدات على ضوء الظروف.

          واختتم زميلنا المحترم حديثه في هذا الشأن بارتداء مسوح الرهبان، والصلاة من أجل المادة الأولى من الميثاق داعيا الله القدير أن يحفظ هذا العالم من أن يسوده حكم الأدغال.

          ولم يكن من المستغرب بعد هذا الكلام أن يبادر ممثل المملكة المتحدة المحترم إلى الانضمام إلى شريكه النيوزيلندى مكتفيا بالدعوة إلى احترام قدسية المعاهدات باعتبارها ملزمة لجميع الدول صغيرها وكبيرها على السواء.

سيدى الرئيس:

          لم أكن أعتزم أن أتعرض بإسهاب للأسباب التاريخية والسياسية والنفسية التى اضطرت الحكومة المصرية لأن تعلن فى 15 أكتوبر 1951 إنهاء العمل باتفاقي سنة 1899 ومعاهدة 1936. ولكنى بإزاء ما أدلى به زميلاى المحترمان ممثل المملكة المتحدة، وممثل نيوزيلندة لا أجد مناصا من أن أقبل تحديهما.

<6>