إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

           



(تابع) خطاب السيد ياسرعرفات، رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، أمام الجمعية للأمم المتحدة
المصدر: "الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1974، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 10، ط 1، ص 438 - 446"

الاصلية. ان الصهيونية تتابع نشاطها التخريبي هذا على الرغم من ظهور فشل الحل الذي قدمته، وان ظاهرة النزوح من التجمع الاسرائيلي المستمرة منذ قيامه والتي ستقوى مع سقوط قلاع الاستعمار الاستيطاني العنصري في العالم، لدليل على هذا الفشل.
         ب - اننا ندعو جميع الشعوب والحكومات لمجابهة مخططات الصهيونية الرامية الى تهجير مزيد من يهود العالم من اوطانهم ليغتصبوا وطننا. وندعوهم، في الوقت نفسه، للوقوف في وجه اي اضهاد للانسان بسبب دينه او جنسه أو لونه.
         ج - وانني اتساءل، يا سيادة الرئيس، لماذا يتحمل شعبنا ووطننا مسؤولية الهجرة اليهودية اذا كانت لا زالت مثل هذه المشكلة في مخيلة البعض؟ واتساءل لماذا لا يتحمل المتحمسون لهذه المشكة، ان وجدت المسؤولية، فيفتحوا بلادهم الكبيرة الرقعة والقادرة لاستيعاب هؤلاء المهاجرين ومساعدتهم.

         السيد الرئيس،
         ان الذين ينعتون ثورتنا بالارهاب، انما يفعلون ذلك لكي يضللوا الرأي العام العالمي عن رؤية الحقائق، عن رؤية وجهنا الذي يمثل جانب العدل والدفاع عن النفس، ووجههم الذي يمثل جانب الظلم والارهاب.

         ان الجانب الذي يقف فيه حامل السلاح هو الذي يميز بين الثائر والارهابي. فمن يقف في جانب قضية عادلة، ومن يقاتل من اجل حرية وطنه واستقلاله ضد الغزو والاحتلال والاستعمار، لا يمكن ان تنطبق عليه، بأي شكل من الاشكال، صفة ارهابي والا اعتبر الشعب الاميركي، حين حمل السلاح ضد الاستعمار البريطاني، ارهابياً، واعتبرت المقاومة الاورربية ضد النازية ارهابا، واعتبر نضال شعوب آسيا وافريقيا واميركا اللاتينية ارهاباً. لا، يا سيدي الرئيس، ان هذا هو الكفاح العادل والمشروع والذي يكرسه. ميثاق هيئة الامم والاعلان العالمي لحقوق الانسان. اما الذي يحمل السلاح ضد القضايا العادلة، الذي يشن الحرب لاحتلال اوطان الآخرين ونهبهم واستغلالهم واستعمارهم، فذلك هو الارهابي. وأعماله هي التي يجب ان تدان، وينسحب عليه لقب مجرم حرب، ذلك ان عدالة القضية هي التي تقرر عدالة السلاح.

         السيد الرئيس،
         ان الارهاب الصهيوني الذي ارتكب بحق الشعب الفلسطيني لاجلائه عن وطنه واقتلاعه من ارضه، مدون لديكم في وثائق رسمية وزعت في الامم المتحدة. لقد ذبح الآلاف من ابناء شعبنا في قراهم ومدنهم، واجبر عشرات الالوف تحت نار البندقية وقصف المدافع والطائرات ان يتركوا بيوتهم وما زرعوا في ارض اجدادهم. وكم من مسيرة اجبر فيها ابناء شعبنا، نساء واطفالا وشيوخا، على الخروج من دون زاد او ماء، وارغموا على تسلق الجبال والتيه في الصحراء. ان الكوارث التي حلت عام 1948 بأهالي المئات من القرى والمدن في السهل والجبل، في القدس ويافا واللد والرملة والجليل، لم ولن ينساها من عانى اهوالها لحظة لحظة، رغماً عن التعتيم الاعلامي العالمي الذي نجح في إخفاء هذه الاهوال كما أخفى أثر 385 قرية ومدينة فلسطينية، دمرت في حينه، وازيلت من الوجود. ان نسف 19 ألف منزل على مدى السبع سنوات الاخيرة، اي ما يساوي تدمير مائتي قرية فلسطينية اخرى تدميراً كاملا، والأعداد الضخمة من مشوهي الارهاب والتعذيب ومن في السجون، لا يمكن ان يطمسه التعتيم الاعلامي. لقد وصل ارهابهم الى الحقد حتى على شجرة الزيتون في بلادي التي اعتبروها علماً شامخاً يذكرهم بسكان البلاد الاصليين، يصرخ: ان الارض فلسطينية، فراحوا يعملون على اقتلاعها او قتلها بالاهمال والتحطيب. ماذا يمكن ان يسمى تصريح غولدا مئير عندما عبرت عن قلقها من الاطفال الفلسطينيين الذين يولدون كل صباح. انهم يرون في الطفل الفلسطيني والشجرة الفلسطينية عدواً يجب التخلص منه. يا سيادة الرئيس، طيلة عشرات السنين وهم يتعقبون قيادات شعبنا الثقافية والسياسية والاجتماعية والفنية بالارهاب والتقتيل والاغتيال والتشريد. لقد سرقوا تراثنا الحضاري، وفولكلورنا الشعبي وادعوه لهم، ومدوا ارهابهم الى مقدساتنا في مدينة السلام، القدس الحبيبة، وعمدوا الى إفقادها طابعها العربي المسيحي الاسلامي من خلال تهجير سكانها وضمها لدولتهم. ولا حاجة لان نسترسل في ذكر حرق المسجد الاقصى، وسرقة ثروات كنيسة القيامة، والتشويه الذي لحق بعمرانها وطابعها الحضاري. فالقدس، بروعتها، و بالعبق التاريخي المسيطر عليها، تشهد لاجيالنا المتعاقبة التي مرت عليها تاركة في كل ركن من اركانها اثراً خالداً - وبصمة حنون ولمسة حضارية ونبضة انسانية.

         وليس غريباً ان تتعانق في سمائها الرسالات السماوية الثلاث، وتتهادى في ركبها وآفاقها تنير للبشرية طريق جلجلتها، وهي تحمل اشواكها وآلامها لترسم مستقبلها بكل ما فيه من آمال وأمان ومعطيات.

         السيد الرئيس،
         ان العدد القليل من العرب الفلسطينيين الذين لم يستطع العدو تهجيرهم من ارضهم عام 1948، هم الآن لاجئون على ارضهم، وقد عوملوا في القانون الاسرائيلي كمواطنين من الدرجه الثانية، بل والثالثة، باعتبار ان اليهود الشرقيين هم مواطنو الدرجة الثانية. ومورست ضدهم كل اشكال التمييز العنصري والارهاب، وصودرت اراضيهم وممتلكاتهم، وتعرضوا لمذابح دامية كما حدث في قرية كفر قاسم، وهجروا من قراهم، وحرموا من العودة لها، كما حدث لاهالي

<6>