إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



( تابع ) خطاب السيد روحي الخطيب، أمين القدس، حول تغيير معالم القدس
المصدر: " الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1971، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 7، ط 1، ص 810- 814 "

أيلول ( سبتمبر ) 1971.

       حضرة الرئيس،
       اود ان اشير الى الوثيقة التي قدمها المدير العام رقم المؤرخة 18 تشرين الاول ( اكتوبر ) 1971، التي تتضمن مقتطفات من التقرير الذي قدمه البروفيسور رايموند لامير في 7 تشرين الاول ( اكتوبر ) 1971 حول قضية القدس.

       اصبح الوضع في القدس متدهورا الى حد ان المدير العام شعر بخطورته، فعين مستشارا خاصا للحصول على معلومات واقعية عن مدينة القدس ان هذا في حد ذاته مستحسن لأنه حيث يوجد الظلام تجب الاضاءة. ومن المؤسف ان الشعلة التي حملها المستشار الخاص تلقي بعض الظلال الغريبة. لا ادري هل كانت تعليمات المستشار غير كاملة ام انه لكثرة اشغاله لم يجد الوقت لدراسة الاوراق التي يستند اليها هذا الموضوع.

       نلاحظ، مثلا، بعض الافتراضات الغريبة مثل الاشارة الى " أمين المدينة ". ان الامم المتحدة رفضت في اكثر من مناسبة سلطة القوات الاسرائيلية المحتلة على المدينة القديمة والمناطق المحيطة بها كجبل الزيتون والتل الفرنسي واماكن اخرى اشير اليها في هذا التقرير. لذلك، فان اشارات كهذه تظهر في وثيقة للاونيسكو تكون على الاقل مذهلة تقريبا.

       عهد الى المستشار الخاص اعداد تقرير يتناول الوضع الحقيقي في المدينة، وكل المقتطفات المقتبسة قائمة على ملاحظاته على الخطط التي اختارت السلطات المحتلة اطلاعه عليها، وعلى محادثاته معها. لا يجد المرء مرة اي اشارة الى معلومات حصل عليها من المجالس الكنسية في القدس، او من المجلس الاسلامي، او من مقيم غير اسرائيلي واحد في المنطقة.

       ان الشواهد التي تتناول الحي اليهودي في القدس القديمة، تترك في المرء انطباعا مضللا كأنما كان الاسرائيليون يملكون هذا الحي. اود ان اخبرك، حضرة الرئيس، ان هذا الاسم آت من حقيقة بسيطة وهي انه قبل الحرب في 1947 و 1948 كان يسكن هذا الحي بعض اليهود الفلسطينيين في بيوت مستأجرة من مالكين غير يهود.

       ان سجلات ملكية هذه الاملاك المودعة لدى الامم المتحدة، تظهر ان اكثر من 80% من الاراضي والمباني في الحي اليهودي يملكها عرب، وتضم خمسة جوامع وأربع مدارس وزاويتين وثلاث أسواق تجارية شرقية لخدمة الستة آلاف عربي الذين يسكنون هذا الحي.

       ان اهمالات كهذه مؤسفة حقا، كما انها اشارت الى منطقة الحرم الشريف بأنها هيكل هيرودوس او منطقة الهيكل. انه ليذهلني ان تصدر عن شخص بارز كالمستشار الخاص عبارات غير مقبولة ابدا علميا واثريا وتاريخيا.

       يذكر تقرير المستشار الخاص ان مشروع القدس النموذجي لم يوافق عليه، ومع ذلك قيل لنا إن العطاءات قبلت، وان العمل بدأ في بعض الاحياء. بينما نظمت مناقصة لانشاء منطقة تجارية في المدينة القديمة تتفق، بناء على قول المستشار الخاص، اولا مع خطط المشروع النموذجي، وثانيا مع القرار الذي اتخذته لجنة القدس في أول اجتماعاتها كما ورد في القسم الاخير من التقرير. اعجز عن تتبع هذا التعليل. ومع ذلك، يا حضرة الرئيس، وعلى الرغم من هذه النقائص، يؤكد هذا التقرير كل عناصر الشكوى التي قدمتها حكومتي ووردت في الوثيقتين رقم ورقم . انه يؤكد دون اي ظل من الشك ان الحفريات غير القانونية لا تزال سائرة، وان النسف جرى ولا يزال جاريا، وان المواقع والآثار الدينية مهددة بالتداعي؛ ويؤكد أن المشروع النموذجي يجري تنفيذه، وكذلك مصادرة الممتلكات بصورة غير قانونية.

10 - حضرة الرئيس والاعضاء المحترمين:
       يتضح تماما للجميع، أن الحقائق التي سردتها عليكم والدليل الذي قدمته، ان الحفريات التي تقوم بها سلطات الاحتلال الاسرائيلي ليست حبا واخلاصا لتراث الانسان الثقافي وتغذيته كما حاول مندوب اسرائيل ان يصورها لكم في بيانه الاخير المضلل، بل هي في الواقع اجراء هدام يهدف الى ان يمحو من القدس تدريجا كل المواقع الثقافية والدينية المسيحية والاسلامية وغير اليهودية، " من اجل تهويد المدينة ".

       ان هـذه بالنسبـة اليكـم انتم الذين كنتم في طليعـة الصـراع ضد العنصرية، واتخـذتم القـرار ( 8 ) في الجلسة السادسة عشرة، حرب عنصرية، بل اسوأ من ذلك حرب دينية.

       انه لمن السخف ان نعتقد ان هدم ونسف ثلاثين موقعا ثقافيا في جوار الحفريات يؤديان إلى تغذية معرفة الانسان الثقافية. واسخف من ذلك الاعتقاد ان المصادرة القسرية لاملاك الاديرة المسيحية والاوقاف الاسلامية في جبل الزيتون والمنطقة المحيطة به لاقامة مبان ضخمة للمهاجرين اليهود بتصميم يغير طبيعة القدس هي لجعل القدس مدينة حية كما يزعمون. كذلك من المدهش ان الاسماء التاريخية للساحات والشوارع تغير وتطلق عليها اسماء شخصيات اسرائيلية معاصرة.

       لقد حان الوقت، حضرة الرئيس، لتضع، مع مكتبك المحترم، حدا لهذه المزاعم التافهة.

<4>