إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) رد حزب الاستقلال العربي على بيان المندوب السامي أمام لجنة الانتداب
"ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الإرشاد القومي، ج 1، ص 553 - 562"

عبء هذه التشكيلات الواسعة والمرتبات الضخمة ثم عبء هذا العدد العظيم من موظفي الإنجليز وما تحتاج إليه طبيعة وجودهم من تراجمة ومساعدين وكتبة من عرب ويهود لم يكونوا لولاهم.

        ويظهر لك العبء بصورة واضحة أكثر إذا عرفت أن ميزانية نفقات سوريا الساحلية التي هي مثل فلسطين لا تزيد عن ما معدله مليون جنيه فلسطيني. ونفقات سوريا الداخلية التي هي ضعف فلسطين لا تزيد عن ما معدله مليون وثمانماية ألف جنيه فلسطيني في حين أن ميزانية نفقات فلسطين هي دائما في حدود المليونين ونصف المليون من الجنيهات.

تنزيلات الضرائب وعدم جديتها

4 -

لقد أشار المندوب السامي إلى التنزيلات الكبيرة التي أجريت على ضريبة الإعشار وإنها بلغت نحو 170.000 ج. ف. ويقول المندوب السامي إنه على الرغم من هذه التنزيلات ظل دخل الحكومة محتفظا بمستوى السنة السابقة وأرجع السبب في ذلك إلى زيادة كبرى في رسوم الواردات. ومن المؤسف أن المندوب السامي لم يذكر الزيادة الفاحشة التي أضيفت إلى ضريبة الأملاك. فبينما كانت الضريبة 9 بالماية رفعت إلى 15 بالماية.

الشذوذ القانوني في ضريبة الأملاك

        ومن أغرب الشذوذ القانوني الذي ارتكب في سياق هذه الزيادة أنها جبيت عن ستة أشهر سابقة لصدور القانون بها. وقد كانت هذه الزيادة غريبة جدا ووقعت في وقت اشتدت فيه الأزمة إلى حد أن إيجارات الأملاك كانت هابطة إلى مستوى الثلثين والنصف وأقل من النصف في بعض الأنحاء فجاءت صدمة شديدة جدا شعرت بها أكثر الطبقات وحملتهم على عقد المؤتمرات ورفع الاحتجاجات والاستنكارات فالتنزيلات التي يذكرها المندوب دليلا على رحمة السلطات الإنجليزية للأهالي قد عوضت من الأهالي أنفسهم وبصورة أشد ظلما وأبعد عن المنطق القانوني والحالة الاقتصادية.

سوء حالة فلسطين الاقتصادية:

        أما زيادة رسوم الواردات فليس فيها ما يصح أن يتفاءل به المندوب السامي على ما نعتقد. إذ أنها تنذر بسوء الحالة الاقتصادية العامة في البلاد وفي الحقيقة أن واردات البلاد لإنزال تتراوح سنويا بين ستة وسبعة ملايين جنيه في حين أن صادراتها تنقص دائما عن مليوني جنيه فهذا الفرق العظيم دليل شؤم وباعث خوف كبير وما يقاسيه العرب فلاحهم ومدنيهم من البؤس والأزمة إنما هو راجع في سببه الأكبر إلى كثرة استهلاكه وقلة إنتاجه. وهو الأمر الذي أوقع العرب فلاحهم ومدنيهم على السواء تحت عبء ثقيل جدا من الديون. وقل أن توجد قرية عربية في فلسطين من الألف قرية لم تكن مدينة ببضعة آلاف من الجنيهات ومن القرى العربية ما هو مدين بعشرات الآلاف من الجنيهات. والضيق على الطبقات العربية الوسطى في المدن مشتد اشتدادا كبيرا حتى أن منهم من لا يكسب قوت يومه إلا بشق النفس ومنهم من لا يعيش إلا بالدين. وهو في كل لحظة تحت خطر الإفلاس.

        وكم يستغرب العرب الذين يعانون ما يعانون من البؤس والشدة والديون

<5>