إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) بلاغ من قيادة الثورة العربية العامة في سورية الجنوبية - فلسطين إلى عموم المجاهدين
"ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الارشاد القومي ، ج 1، ص 573 - 576"

لا تغتنم الحكومة البريطانية فرصة تدخل أصحاب الجلالة والسمو ملوك وأمراء العرب وبعض كبار رجالهم بدافع من حسن النية والحرص على مستقبل علائق الامتين العربية والبريطانية فتصدر ذلك التصريح الرسمي المعقول تبريرا لوساطة اصحاب الجلالة والسمو في نظر الأمة ولدى حكومة الثورة عندما يباشرون دعوتهم الى حل الاضراب أو توقيف أعمال العنف بل إن تفسير الحكومة البريطانية لهذه الوساطة الشريفة كهدية بلا عوض وركوبها مركب التهديد الخشن والتحكم الممقوت وإطالة أمر الفتنة بلا جدوى في هذا الجزء المقدس من بلاد العرب ان دل على شيء فانه لا يدل الا على تقهقر السياسة البريطانية واستسلامها للحكم الصهيوني والاطماع اليهودية استسلاما مطلقا كلما طال امده . زاد في اشتعال نار العداوة والبغضاء وأفقدها ثقة العالمين العربي والاسلامي وهي الثقة القيمة التى ستدفع الامبراطورية ثمنها غاليا في الشرق.

        لقد أمعنت حكومة الثورة العربية نظرها في موقف الحكومة البريطانية من وساطة ملوك وامراء العرب وفي اشادتها على سبيل التهديد برحابة صدر السلطات البريطانية في فلسطين في الوقت الذي تزهق هذه السلطات أرواح الاهلين الآمنين وتنسف مدنهم وبيوتهم وتصادر أموالهم وحرماتهم وتسبى نساءهم وتروع اطفالهم كما امعنت النظر في اقرارها ارسال نجدات عسكرية الى فلسطين ملوحة بالاحكام العرفية وباستعدادها لصب مظالم هذه الاحكام على رأس الشعب الآمن فاقتنعت أن حكومة لندن مازالت فريسة للمطامع الصهيونية التى تزين لها الاستمرار في خطة العسف والظلم ومصادرة الاماني القومية المشروعة بقوتى الحديد والنار توسيعا لشقة الخلاف بين الامة العربية والشعب البريطانى وهي الخطة التى لا تتفق قط مع ما تدعيه الحكومة البريطانية في بلاغها الأخير من ان هدفها الدائم هو تأمين وصيانة العلاقات الودية مع الشعوب الاسلامية. ومن دواعي العجب أن لا تدرك الحكومة البريطانية وهي الحكومة المجربة ان القوة الغاشمة ليست هى الوسيلة الصالحة لاقامة سلم دائم في فلسطين بل هو العدل واحقاق حق الامة . وان الانتداب ليس بعلاقة ابدية بل هو وسيلة من وسائل مساعدة الشعب الى ان يقف وحده متمتعا باستقلاله التام. وإن الشعب العربي الذي خاض غمار الحرب العالمية الى جانب الحلفاء معتمدا على عهودهم وشرف وعودهم لتحقيق حريته واستقلاله لم يعترف قط في سائر البلاد العربية المحررة بمشروعية الانتداب الذى فرض عليه فرضا لاغراض استعمارية مفضوحة بل رفضه ومازال يرفضه باتا بإباء وإن تجارب ثمانية عشر عاما قد أثبتت فشل الانتداب البريطاني في فلسطين كما ثبت من قبل فشله الانتداب في البلاد العربية الاخرى حتى استعاضت عنه بريطانيا نفسها في العراق، وفرنسا في سورية الشمالية بمعاهدة تعترف باستقلال البلاد التام ولم يبق من العدل والمنطق السياسي ان تظل فلسطين وهي جزء لا يتجزأ من البلاد العربية أقل حظا من اخواتهـا في ممارسة حريتها السياسية وحقوقها الاستقلالية المؤيدة بحكم المادة (22) من عهد جمعية الامم ومبادئ الرئيس ولسن والتصريح البريطاني الفرنسي المشترك عام 1918 وعهود ووعود انجلترا الرسمية للعرب.

        واذا كانت الحكومة البريطانية لا تنوي التخلي عن انتدابها كدولة مستعمرة تحاول استبعاد فلسطين واستغلالها باسم الانتداب ووعد بلفور الباطل فإن عرب فلسطين ومن ورائهم العالم العربي بأسره قد اعتزموا ان لا يتخلوا عن بلادهم ووجودهم كأمة تريد الحياة الشريفة مهما كلفها ذلك من تضحيات وضحايا. أما مطالب الثورة

<3>