إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



( تابع ) الدراسة التي قدمتها الهيئة العربية العليا لفلسطين إلى الملوك والرؤساء العرب حول قرار مجلس الأمن
المصدر: " الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1967، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 3،ص 977 - 980 "

المادة الثانية.

          فالأمم المتحدة، وواضعو المشروع البريطاني، والذين اقروه، يعلمون ان الممرات المائية المقصودة، وهي قناة السويس ومضايق تيران، ليست ممرات مائية دولية، بل هى ممرات مائية اقليمية عربية، وقد اعترفت بهذه الحقيقة بريطانيا نفسها ومعظم الدول البحرية العالمية، ويعلمون ايضا ان حرية الملاحة في الممرات المذكورة كانت مضمونة دائما وقد مارستها الدول البحرية ولا سيما بريطانيا في هذه الممرات زمنا طويلا، فليس ما يبرر اذن اقحام موضوع الملاحة في المشروع البريطاني، الا الرغبة في حصول اليهود على حرية الملاحة في قناة السويس ومضايق تيران.

          وينص المشروع البريطاني في الفقرة ( ب ) من المادة الثانية، على " تحقيق تسوية عادلة لمشكلة اللاجئين ". فهذه الفقرة تنطوي على مراوغة وتضليل، فهي لم تحدد هوية اللاجئين الذين يجب تحقيق تسوية عادلة لمشكلتهم، فلم تقل " اللاجئين الفلسطينيين " بل ذكرت " اللاجئين " بصورة عامة. اذ ان هناك مشكلة لاجئين لدى اليهود انفسهم، وفي فلسطين المحتلة مشكلة لاجئين ايضا، سواء أكانت حقيقة ام مفتعلة، طالما طالب اليهود بتسويتها على اساس مقايضتها بمشكلة اللاجئين الفلسطينيين. فإسرائيل تزعم ان اليهود الذين خرجوا من البلاد العربية ولجئوا إلى فلسطين المحتلة، متساوون في عددهم مع عدد اللاجئين الفلسطينيين، وان اللاجئين اليهود خلفوا وراءهم، في البلاد العربية التي جاؤوا منها، من الأراضي والممتلكات ما يساوي الممتلكات التي خلفها اللاجئون الفلسطينيون وراءهم في فلسطين المحتلة، ان لم يزد عليها! واقترحت اسرائيل حلا لمشكلة اللاجئين ينطوي على توطين اللاجئين الفلسطينيين في البلاد العربية مقابل توطين اللاجئين اليهود في فلسطين المحتلة، وإجراء مقاصة بين اموال هؤلاء وأولئك! ان عدم تحديد المشروع البريطاني لهوية اللاجئين وجنسيتهم، يحمل على الاعتقاد بان المقصود هو حل مشكلة اللاجئين العرب واليهود.

          وعلى فرض ان المشروع البريطاني يعني اللاجئين الفلسطينيين ومشكلتهم فحسب، فما هي " التسوية العادلة " لمشكلتهم التي ينادي بها؟ لقد تغافل المشروع عن القواعد والأسس التي يجب ان تبنى عليها هذه. التسوية العادلة! ولا شك في ان هدف هذه التسوية هو توطين اللاجئين الفلسطينيين في البلاد العربية، وربما مع دفع تعويضات رمزية لهم! فاليهود ما انفكوا يرفضون عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى فلسطين، ويأبون التعويض عليهم. والاعتراف، للدولة اليهودية بالاستقلال والسيادة وفق ما نص عليه المشروع البريطانى، يمنح اليهود حقا دوليا ذا صفة شرعية لرفض اعادة اللاجئين وضمانا لسلامة دولتهم وأمنها.

          اما في شأن ما نصت عليه الفقرة ( ج ) من المادة الثانية للمشروع البريطاني من " ضمان السلامة الإقليمية والاستقلال السياسي لكل دولة في المنطقة عن طريق اجراءات من بينها اقامة مناطق مجردة من السلاح "، فانها تنطوي على تدابير تتخذ لصالح الدولة اليهودية التي كانت، منذ قيامها حتى يومنا هذا، المعتدية على العرب في جميع الحالات.

          وتنص المادة الثالثة من المشروع البريطاني على تعيين ممثل للامين العام للذهاب إلى الشرق الأوسط ليواصل الاتصالات مع الدول المعنية بغية ايجاد تسوية سلمية ومقبولة " وفقا للنصوص والمبادئ الواردة في مشروع هذا القرار ". ومما يدعو إلى الدهشة، مسارعة الأمين العام للأمم المتحدة إلى تعيين هذا الممثل وهو الدكتور غونار يارينغ، قبل ان تحدد الدول العربية بصورة رسمية، موقفها من المشروع البريطاني، الأمر الذي يدل على تواطؤ وعلى رغبة الأمم المتحدة في مواجهة العرب بالأمر الواقع!

          وفي اعتقاد الهيئة العربية ان هذا النص من المشروع البريطاني يرمي إلى تحقيق قيام مشاورات او مفاوضات بين العرب واليهود، عن طريق الممثل الدولي، فتكون مفاوضات عربية - يهودية غير مباشرة، في حين ان النتيجة واحدة.

          فضلا عن هذا فان الممثل الدولي لن يستطيع ان يعمل غير ما يرضي اليهود وأنصارهم المتسلطين على الأمم المتحدة، ولفلسطين تجربة مريرة سابقة في هذا الميدان.

<3>