إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) مذكرة هربرت صموئيل إلى الحكومة البريطانية بشأن وضع فلسطين بعد الحرب
"ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الارشاد القومي، ج 1، ص 159 - 163"

فمن المشكوك به أن تكون قوية لدرجة تكفيها لحماية نفسها من العدوان الخارجى أو العناصر المشاغبة (الهائجة) المحيطة بها. أن القيام بمحاولة لتحقيق أمنية الدولة اليهودية قبل أن يحين موعدها بقرن من الزمن قد يؤخر تحقيقها الفعلى لقرون عديدة أخرى. هذه الاعتبارات مدركة كليا (تماما) لدى زعماء الحركة الصهيونية.

          هـ - الاحتمال الأخير هو محمية بريطانية

         ان انشاء المحمية ضمان لسلامة مصر. صحيح أن فلسطين بيد البريطانيين قد تكون عرضة للهجوم، والاستيلاء عليها قد يجلب معه مسئوليات عسكرية موسعة، لكن الطبيعة الجبلية للبلاد قد تجعل احتلالها صعبا أمام العدو، و فيما يجرى النزاع حول هذا الموقع الامامى، نكتسب مزيدا من الوقت الذى يسمح لنا بزيادة حامية مصر وتعزيز الدفاع. والحدود المشتركة مع جارة أوروبية فى لبنان هى مخاطرة أقل كثيرا بالمصالح الحيوية للامبراطورية البريطانية من الحدود المشتركة عند العريش.

         ان مرفأى يافا وحيفا هزيلان، لكنهما قابلان للتحسين فيما لو انفقت عليهما مبالغ غير ضخمة كما يمكن تحسين أحدهما للاغراض التجارية. فقد كانت حيفا، الواقعة على خليج عكا، نقطة استراتيجية هامة فى الماضى. والأمر متروك للخبراء لمعرفة ما اذا يمكن تحويلها، فى ظل الاوضاع العصرية الى قاعدة بحرية جيدة. كما أن حيفا هى أبعد من الاسكندرون عن مضيق الدردنيل، وتبعد الاسكندرون عن المضائق أكثر من الاسكندرية، بنفس المسافة التى تبعدها مالطة تقريبا. فاذا كانت القاعدة على الشواطىء الشرقية للمتوسط أمرا مرغوبا فيه على أسس عامة، واذا كانت المصاعب السياسية تحول دون الاستيلاء على الاسكندرون، يجدر بنا الالتفات إلى حيفا علها تفى بالمطلوب.

         ولأجل استرضاء حساسيات الكنيستين الكاثولوكية والارثوذكسية سوف يكون ضروريا دون شك ارفاق السيطرة البريطانية باقامة سلطة خارج اراضى الدولة على الأماكن المقدسة المسيحية ووضع ملكيتها بيد لجنة دولية، يكون فيها لكل من فرنسا (وربما للفاتيكان) نيابة عن الكنيسة الكاثوليكية، وروسيا بالنيابه عن الكنيسة الارثوذكسية الاصوات القوية. ولا شك أن من المرغوب فيه أيضا اعلان حرمة الاماكن المقدسة الاسلامية ، وأن تضم الحكومة المحلية ممثلا أو أكثر عن المسلمين، ليأتي وجود هم بمثابة ضمانة لسلام المصالح الإسلامية والمحافظة عليها.

         أن المحمية البريطانية، حسب تقرير دائرة الاستخبارات فى مصر المشار اليه آنفا ، سوف تلقى ترحيبا لدى نسبة كبيرة من السكان الحاليين، وهناك العديد من الدلائل السابقة على الشعور نفسه. كما أن الصهيونيين واللاصهيونيين يؤكدان لى بأن ذلك يشكل حلا لمشكلة فلسطين يلقي أكثر الترحيب في أوساط اليهود بسائر أنحاء العالم.

         والمأمول أن يمنح الحكم البريطاني تسهيلات للمنظمات اليهودية في شراء الاراضى واقامة المستعمرات وانشاء المؤسسات الدينية والتربوية، والتعاون في التطور الاقتصادى للبلاد، وان تعطى الهجرة اليهودية ، بعد ضبطها بعناية فائقة، الأفضلية حتى يتمكن السكان اليهود من مرور الوقت من أن يصبحوا أكثرية مستوطنة في البلاد وبذلك ينالون مقدارا من الحكم الذاتي وفقا لما تتيحه الظروف القائمة فيما بعد.

         ان النمو التدريجي لمتحد يهودي كبير تحت السيادة البريطانية في فلسطين لن يحل بالواقع المشكلة اليهودية في أوربا.

<3>