إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) مذكرة هربرت صموئيل إلى الحكومة البريطانية بشأن وضع فلسطين بعد الحرب
"ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الارشاد القومى، ج 1، ص 159 - 163"

         فالبلاد التى بحجم مقاطعة ويلز، وتؤلف الجبال الجرداء قسما كبيرامنها، كما تنعدم المياه فى قسم آخر، لا يمكنها استيعاب 9 ملايين نسمة. لكنها قد تستوعب مع الوقت 3 ملايين نسمة. مما يؤدى الى تخفيف الضغط فى روسيا وأماكن غيرها. والأهم من ذلك بكثير هو الاثر الذى يتركه على طبيعة القسم الأكبر من العنصر اليهودى، الذى يتحتم عليه البقاء فى اختلاط مع الشعوب الاخرى، وهل سيكون ذلك قوة أو ضعفا بالنسبة للبلدان. التى يقيمون فيها. فلينشأ مركز يهودى بفلسطين، ولندعه يحقق، كما قد يحقق بالفعل، مقدارا من العظمة الروحية والفكرية، وسوف يؤدى ذلك بصورة غافلة الى رفع معنويات الفرد اليهودى حيثما وجد. ان الترابطات الدنيئة التى لصقت بالاسم اليهودى قد تنسلخ عنه إلى حد ما، وتتعزز قيمة اليهود كعنصر فعال فى مدنية الشعوب الأوروبية.

         ان السبيل الذى ندعو الى اتخاذه سوف يعود على انجلترا بعرفان الجميل بين اليهود فى سائر انحاء العالم. ففى الولايات المتحدة، حيث يبلغ تعدادهم حوالى مليونى نسمة، وفى جميع البلدان الأخرى التى ينتشرون فيها، قد يؤلفون كتلة للرأى يعود تحيزها حيث لا تدخل مصلحة البلد الذى كانوا مواطنين فيه، لخير الامبراطورية البريطانية. وكما استطاعت سياسة انجلترا الحكيمة تجاه اليونان فى القسم الاول من القرن التاسع عشر وحيال ايطاليا فى منتصف القرن التاسع عشر أن تضمن لهذه البلاد النوايا الطيبة لكل من اليونانيين والايطاليين حيثما وجدوا ومنذ ذلك الحين، فإن المساعدة التى يجرى تقديمها الآن فى سبيل تحقيق المنال الذى لم تتوقف أعداد كبيرة من اليهود أبدا على التعلق به خلال قرون عديدة من العذاب لن تفشل، مستقبل بعيد جدا، فى ضمان عرفان الجميل لدى عرق بأكمله كما أن نواياه الطيبة لن تكون عديمة القيمة فى الزمن الآتى.

         ان الامبراطورية البريطانية، باتساعها وازدهارها الحاضر، ليس لديها بعد ما تضيفه الى عظمتها. لكن فلسطين، على صغر مساحتها تنتفخ ضخمة فى مخيلة العالم ، حتى إن كل امبرطورية ، مهما كانت عظيمة، قد ترفع من مكانتها ومركزها بامتلاكها لها. ان ضم فلسطين الى الامبراطورية البريطانية سوف يزيد حتى في لمعان التاج البريطاني. ويشكل جانبا شديد القوة لشعب المملكة المتحدة والممتلكات. المستقلة خصوصا إذا ظهر كوسيلة معلنة لمساعدة اليهود على احتلال البلاد من جديد. هناك عطف واسع الانتشار وعميق الجذور في العالم البروتستانتى على فكرة ارجاع الشعب العبرانى إلى الارض التي أعطيت ميراثا له، وهناك اهتمام شديد بتحقيق النبؤات التى توقعت ذلك مسبقا. إن افتداء الأماكن المقدسة المسيحية أيضا وتخليصها من الابتذال التى تخضع له الآن، وفتح أبواب الأراضى المقدسة بسهولة أكثر من السابق أمام زيارات المسافرين المسيحيين سوف يزيد من إغراء هذه السياسة للشعوب البريطانية. وقد لا تكون هناك على الارجح نتيجة أخرى للحرب تستطيع اعطاء مقدار أكبر من الرضا لقطاعات قوية من الرأى البريطاني.

         فالأهمية التي يعلقها الرأي البريطاني على هذا الضم قد تساعد على تسهيل الوصول إلى حل حكيم لمشكلة أخرى من المشاكل التى سوف تنتج عن الحرب . ومع ان بريطانيا العظمى لم تدخل في النزاع سعيا وراء أي غرض في التوسع الاقليمى، فان، خوضنا الحرب وقيامنا بتضحيات هائلة قد يولد خيبة أمل بعيدة الغور في البلاد

<4>